دعوة لإغلاق معتقلات جوانتانامو، وتجنيب المعتقلين مصيراً أسوأ منها!

* كتب/ إيريك يومانسكاي

كان مفترضا أن يفرح أخيراً بمغادرته خليج غوانتانامو في كوبا. وليد القدسي، رجل يمني في منتصف العشرينات من العمر، كان قد احتجز في السجن هناك قرابة العامين.

اعتقل القدسي للمرة الأولى أواخر عام 2001 من قبل السلطات الإيرانية، التي اعادته بعدها، وسلمته للقوات الأفغانية الحليفة للولايات المتحدة كهبة حكومية سخية.

وبقليل من الأدلة المتوفرة ضده، ودون أية محاكمات لإثبات جرمه أو تبرئته، أُرسل القدسي من جوانتانامو إلى وطنه الأم في أبريل 2004.

في شهادة أُخذت من قبل مركز الحقوق الدستورية، الذي يقود فريقاً من المحامين الذين يمثلون المحجوزين في جوانتانامو ، قال القدسي بأنه تقريباً لا يتذكر شيئاً من التحرك عن تحركه غير المتوقع. فقط يتذكر أنه أعطي حقنة في جوانتانامو ليستيقظ ببساطة في زنزانة أخرى اتضحت له أنها في اليمن.(تحدث محتجزون آخرون أيضاً عن تخديرهم أثناء نقلهم).

سابقاً في اليمن، قال القدسي، أنه تعرض للضرب بصورة منتظمة من قبل الحراس. وفيما يصر المسؤولون اليمنيون أن القدسي محتجز بناءً على طلب الولايات المتحدة، ينكر البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) ذلك التأكيد. وأياً كانت القضية، القدسي ما زال الآن جالسا في ذلك السجن لسنتين دون محامٍ أو فرصة للمحاكمة.

ومع الدعوات التي وُجهت ثانيةً لإغلاق جوانتانامو، والتي كان آخرها ما تضمنه التقرير الأخير للأمم المتحدة من تأكيد على معالجةً «التعذيب»، فإنه من المهم أخذ حالة القدسي بعين الاعتبار. إغلاق السجون الأميريكية على مصاريعها لن يكون فكرة سيئة؛ على أقل التقديرات، قد يساعد ذلك في تحسين صورة الولايات المتحدة. السؤال هو: إلى أين يجب أن يذهب السجناء، والأكثر أهميةً من ذلك، ما هو نوع الحماية التي ستوفَّر لهم لضمان عدم مواجهتهم معاملة أسوأ، حتى من تلك التي تلقوها في جوانتانامو.

القضية ليست نظرية أو أنها ذات علاقة بعدة حالات فقط . لا يوجد سجناء تم إرسالهم إلى خليج جوانتانامو في 18 شهراً. وكما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخراً، تحتجز الولايات المتحدة مئات المشتبه بهم من أعضاء طالبان والقاعدة في ما كان مفترضاً أن يكون سجناً مؤقتاً في أفغانستان. أما بالنسبة للمحجوزين في جوانتانامو، فالولايات المتحدة تنقلهم خارجاً. ثمانون محتجزاً منهم نقلوا إلى بلدانهم الأم للحجز المستمر. المحتجزون الآخرون الـ180 برئوا بطريقة أو بأخرى، بلهجة وزارة الدفاع الأمريكية الحذرة، «نُقلوا لإطلاق سراحهم.»

الجيش يظهر أن وضع القدسي يندرج ضمن الفئة الثانية سالفة الذكر، وفي تلك الزمرة، أخبرني متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، البنتاجون«نحن لا نصر على استمرار احتجاز السجناء،» وبالأحرى، كما وضح، أن الدولة أعيد إليها الشخص المعتقل لـ«التعهد بضمان أن لا يشكل تهديداً على الولايات المتحدة».

تقارير متفرقة -- من محامين وجماعات حقوق إنسان محلية -- أظهرت أن هناك على الأقل أربعة وعشرين محتجزاً سابقاً في جوانتانامو ، بمن فيهم أولئك الذين تمت إعادتهم إلى باكستان والمملكة العربية السعودية واليمن، نقلوا فقط من أجل معاناة أخرى في سجونهم الجديدة، مرة ثانيةً وبدون تهم. لكن من الصعب الحصول على صورة عامة لأن وزارة الدفاع الأمريكية تنشر فقط أرقام النقل إجمالاً، وليس هناك مركز تبادل معلومات آخر. لكن الشيء الواضح، هو أن الأعداد بصدد الزيادة.

الولايات المتحدة تتفاوض مع أفغانستان والسعودية واليمن لإعادة كل المحتجزين تقريباً الذين ينتمون إلى تلك البلدان. وبالنسبة لأفغانستان واليمن، فالمعتقلون العائدون -على ما يقال- سيوضعون في السجون الممولة من قبل الولايات المتحدة. ولا زالت المحادثات مستمرة منذ الصيف الماضي حول النقل المحتمل للمعتقلين بالجملة. من بين نقاط الخلاف الظاهرة: أفغانستان، مثل كثير من البلدان، لها دستورها الذي لا يسمح باحتجاز السجناء بشكل غير محدد دون محاكمة.

في هذه الأثناء، تدفع الإدارة لإزالة التدقيق الوحيد الموجود على عمليات النقل. فمنذ أن حكمت المحكمة العليا قبل سنتين تقريباً بأن محتجزي جوانتاناموا لهم حق الوصول إلى المحاكم الإتحادية(الفيدرالية)، كان السجناء هناك قادرين على تحدي الاعتراض على الخطط الرامية لنقلهم إلى البلدان التي قد يواجهون فيها انتهاكات وسوء معاملة.

وبعد كل ذلك، مثل تلك الإنتقالات تنتهك معاهدة الحد من التعذيب التي وقعت عليها الولايات المتحدة. ولكن من وجهة نظر الإدارة، هذه الوسيلة للاعتراض غير موجودة: تجادل الحكومة أن تعديلات جراهام ليفين التي مررت مؤخراً، والتي تقيد وصول المحتجزين إلى المحاكم، تنطبق على الحالات التي حفظت مسبقاً على حساب كل المحتجزين تقريباً. إذا سادت وجهة النظر تلك، فإنه ستغلق إمكانية استعمال الدعوى للاعتراض على الانتقالات المعلقة أو حتى إشعار محامي المحتجزين عن موكليهم.

بالطبع لا يوجد شيء خاطئ بالضرورة حول إعادة السجناء إلى أوطانهم الأم. قد يبدو الأمر ساخرا أن المحامين ربما يدفعون لموكليهم بالبقاء في خليج غوانتانامو. لكن السؤال ليس عن ارسال المحتجزين الذين أعيدوا إلى أوطانهم؛ السؤال: ما الغرض من إرسالهم وما هي الحماية؟ وإلى أي مدى ستكون متوافرة؟.

وليد القدسي ما زال محتجزاً في السجن في اليمن. إذا جاز لنا التعبير فيما يتعلق بمعاملته، فإنه من الصعب الافصاح عنها. المسؤولون اليمنيون لم يسمحوا للزوار مؤخراً بالوصول إليه. وبالتالي، وبصورة ايجابية، دعونا نغلق خليج جوانتانامو. دعونا أيضاً نبقي على واحدة من بضع عمليات المراقبة على الانتقالات، ونتمنى أن لا يكون هناك المزيد من الحالات مثل حالة وليد القدسي.

  تعليق:

قبل يوم من نشر الواشنطن بوست للتقرير(4 مارس) أعلنت منظمة هود في بلاغ لها أن الأمن السياسي افرج عن وليد القدسي الذي تحدثت عن مأساته في التقرير، وذلك بعد ان قدمت أسرته الضمان التجاري الذي يكفل حضوره وقت طلبه مع مخالفة هذا الضمان للقانون.

وكانت النيابة الجزائية المتخصصة(نيابة أمن الدولة )قد أصدرت في منتصف فبراير قرارا يقضي بن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية ضد وليد .

كما صدر حكم من المحكمة الجزائية المتخصصة (محكمة أمن الدولة )بالاكتفاء بالمدة التي قضاها المعتقلين الآخرين الذين أطلق سراحهم في مايو 2005م من أحد المعتقلات الأمريكية السرية والتي ما زالت مجهولة حتى بالنسبة للمعتقلين أنفسهم .  

كما انه من المقرر ان يصدر الحكم في قضية العائد الثاني من معتقل غوانتانامو الأسبوع بعد المقبل الاثنين 13مارس 2006 .


في الإثنين 20 مارس - آذار 2006 10:37:09 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=120