الحبيب الجفري: ما يجري في اليمن ثورة للمظلومين أخطر ما فيها الاستهانة بالدم وحرمة النفس الإنسانية
مأرب برس - متابعات
مأرب برس - متابعات
 
 

أكد الداعية الإسلامي الحبيب بن علي الجفري رئيس مؤسسة طابا للدراسات الإسلامية أن الخطاب الإسلامي ظُلم من بعض المنتسبين إليه، وأن المسلمين بحاجة لترسيخ ثقافة الحوار الضائعة، وأن ينطلق الخطاب الحالي من مشكاة الإسلام وفهم الواقع والاتصال بحاجات الناس الأصيلة وليس العارضة، وأوضح حاجة المسلمين إلى الحوار مع الذات ومع الأخر في آن واحد، وحذر الدعاة من تحويل المنبر الدعوي إلى وسيلة للترويج السياسي أو الانتخابي خاصة في ظل الحرية التي يشهدها العالم الإسلامي، ومن محاولات تسييس الدين مرحِّبًا في الوقت ذاته بتديين السياسة لأن الإسلام هو الوعاء الجامع لكل أمور الحياة، وأشار إلى أن الدور الرئيس للدعاة والعلماء يكمن في التوضيح والترشيد، وفي تعليم السياسى ما يفيده من الدين في سياسته، واعتبر أن الثورة اليمنية تحوّلت اليوم إلى صراع مصالح وليس صراع ضد النظام من أجل شعب اليمن، وهناك علامات استفهام كثيرة حول الظهور والاختفاء المفاجئ للقاعدة في الساحة اليمنية، ووصف الوضع الحالي بأنه معقد للغاية خاصة في ظل وجود 60 مليون قطعة سلاح تملكها القبائل اليمنية، وأن أخطر ما في الحالة اليمنية هو الاستهانة بالدم والاستخفاف بحرمة النفس الإنسانية التي عظمها الله سبحانه وتعالى، ودعا إلى التكاتف من أجل إنقاذ الشعب اليمني.

- الخطاب الإسلامي في عمومه يشوبه حاليًا نوع من الجدل والشتات والاختلاف، فهناك من يصنفه خطاب دعاة جدد، وآخرون يشيرون إلى خطاب دعاة، سلفيين.. إلخ، ما هي صورة الخطاب الإسلامي الذي تحتاجه الأمة وبخاصة في ظل الظروف الراهنة؟

أعتقد أن أهم المعالم التي ينبغي أن يكون عليها الخطاب الإسلامي في ظل المرحلة التي تمر بها المنطقة في هذه الآونة، هي أن يكون نابعًا من مشكاة الإسلام الأصيلة القادرة على فهم الواقع وتصويره بشكل صحيح، ثم البلاغ عن الله تعالى. وهذا المعلم الأول ينفي القيام على أساس الإفراط في المواءمة للتوصل إلى هدف ولو كان نبيلًا، والمعلم الثاني للخطاب الإسلامي أن يكون متصلًا بحاجات الناس الأصيلة لا العارضة، ونحن لدينا مشكلة في الخطاب الإسلامي منذ سنوات، إن لم يكن منذ عقود، في التعامل مع العَرَض لا المرض. والمعلم الثالث أن تكون صيغة هذا الخطاب تؤدي إلى التقاء الناس لا إلى تعميق الفرقة فيما بينهم، والمعلم الرابع أن يكون قائمًا على التثبت، ومقصودي من التثبت هنا أن يكون الناطق بالخطاب الإسلامي متثبتًا متيقنًا متبينًا للمعلومة التي بنى على أساسها هذا الخطاب، فلا يسمع خبرًا في نشرة أو يرى منظرًا في وسيلة إعلام فيسارع ويبادر بالقول والفعل قبل أن يتحقق من خلفية ما يتكلم عنه.

- البعض يتحدث عن دور سلبي للإعلام في توجيه الخطاب الإسلامي.. فهل هذا صحيح في رأيك؟

ليس من منهجنا أن نبحث عمّن نحمله مسؤولية المشكلة وأحب دائمًا أن نسلك سبيل نقد الذات، وقد يكون صحيحًا أن الإعلام له دور كبير في تشويه صورة الواقع في كثير من الأحيان، لكن الإشكال يبتدئ من عندنا نحن في بيت الخطاب الإسلامي، لأنه من واجب الداعي إلى الله عز وجل، فضلًا عن العالِم المتمكن، أن يتحقق من الأمر لا أن يكون مجرد ناقلٍ لخبر يراه أو يسمعه في وسيلة إعلام، فصفة التثبت صفة نحتاج إلى إحيائها وتقويتها مرة أخرى في بيت الخطاب الإسلامي.

- إذن من أكثر من ظلم الخطاب الإسلامي؟

أولًا يجب العلم أن الحواجز الضخمة المتوهمة بين التيارات الفكرية الموجودة في مصر وربما تلك الموجودة في المنطقة كلها غير حقيقية، فقد يوجد اختلاف لكنه ما كان ليصل إلى ذلك المستوى من الصراع الذي نعيشه اليوم لولا تدخل عوامل أخرى غير الاختلاف في الساحة الثقافية، ومنها أن هناك ظلمًا كبيرًا وقع على الخطاب الإسلامي من بعض من انتسبوا إليه، عندما لم يحسنوا تمثيله في الحوار، وكذلك الحال مع أصحاب بعض التيارات الأخرى، والفائدة الأهم أننا بحاجة إلى ترسيخ ثقافة الحوار الضائعة عندنا اليوم، إذ أكثر ما نراه اليوم من أشكال الحوار هي أقرب إلى الصراع منها إلى الحوار الحق، أن الاختلافات في الحوار وإن بدا بعضها قويًا وعنيفًا إلا أنه في رحابة ديننا وسعة عقول مثقفينا في المنطقة ما يكفل استيعابها لأن المنطقة تتسع للجميع، لولا أن فينا كثيرين قد ضاق بعضهم ببعض.

- وثقافة الحوار التي قلت أنها ضائعة هل نحن بحاجة إلى الحوار مع أنفسنا قبل أن نتحاور مع الآخر؟

نحن في حاجة إلى الاثنين بشكل متوازي، فلا يتأتى أن نوقف الحوار مع الآخر حتى ننتهي من الحوار مع الذات، لأننا دومًا وفي كل مرحلة نحتاج إلى حوار مع الذات ولأن الآخر لن ينتظرنا حتى نفرغ من حوارنا بعضنا مع بعض ثم يستقبلنا لنحاوره، فالآخر يسير في طريقه وله أجنداته ومصالحه، وإذا لم نفقه كيف نقيم منهجية الحوار مع الآخر بشكل صحيح سيمضي الآخر في تفاعله معنا ضمن تصوراته ولن ينتظر نتائج حوارنا الداخلي.

- كيف تنظر إلى الواقع العربي الراهن؟

القدر الواضح الذي أستطيع أن أتكلم به عن الحالة الراهنة هو أن هناك كمًا من المظالم ألجأت الناس بسبب الضنك الشديد الذي مروا به إلى الخروج مطالبين بحقهم في أن يعيشوا حياة كريمة، وهذا الخروج قابله البعض بسوء تعامل والبعض الآخر بمحاولة استيعاب، لكن مقابل إشكالية تَجبُّر بعض الأنظمة واستكبارها في التعامل مع متطلبات شعوبها هناك محاولة واضحة من البعض لاستغلال آلام شعوبنا وقضاياهم العادلة لمصالحه السياسية الضيقة، وهذا كله يجعل الخارطة مشوشة للغاية، لاسيما مع التشغيب والتشويش الذي تمارسه أكثر وسائل الإعلام اليوم على القضايا بما يتناسب مع أجندة كل منها والجهة التي تدعمها، ومع غياب سنة التثبت في مجتمعاتنا بل حتى في بعض شرائح مثقفينا.

وهذا من أخطر ما تمر به المنطقة، فالبعض يُوَصِّفُ المسألة بأنها مؤامرة خارجية بحتة هدفها الاستيلاء على المنطقة بعد تقسيمها وتفتيتها، والبعض الآخر يقرأ الحالة على أنها ثورات طبيعية نقية تقية صافية لا تشوبها أي شائبة، ولست مع أي من الفريقين، فالمسألة بالفعل انطلاقة صادرة عن حرقة حقيقية وقضايا عادلة وآلام ومعاناة مرت بها الشعوب، وفي الوقت نفسه نحن لا نعيش وحدنا منقطعين عن التأثر والتأثير في العالم، فهناك دول لها مطامع ومصالح في منطقتنا التي يسمونها بالشرق الأوسط ، والفقير - يشير إلى نفسه - يسميها وسط العالم، ففيها مكمن مصالح الدول الكبرى في العالم وصراعاتهم، فلا يوجد عاقل يتوقع أن تحصل كل هذه الأحداث دون محاولات خارجية ضالعة في تفجيرها أو تهدئتها أو توجيهها أو استغلالها، إذن هي خليط بين قضايا ومحاولات استغلال من قبل أصحاب مصالح ضيقة، وما يزيد عن هذا القدر من البيان فالفقير لا ينبغي له الخوض فيه لأنني لست بمختص في السياسة، وإنني أعيب على غير المختصين في الشريعة الذين يتدخلون ويخوضون في أمور الشريعة، فلا ينبغي أن أقع في الشيء الذي أعيبه.

- وكيف ترى الخطاب الإسلامي بعد قيام بعض التيارات الإسلامية بإنشاء أحزاب سياسية؟

القائمون على الخطاب الإسلامي صنفان: صِنف العلماء المراجع الذين يرجع الناس إليهم في الفتوى وفي فهم ما هو الصحيح، وصنف الدعاة والمصلحين الذين يعظون الناس ويحببون فعل الخير إليهم، والصنف الأول أي المراجع لا ينبغي أن يكونوا بحال طرفًا في تنافس أو صراع له طابع سياسي، لأنه عند اختلاف الأطراف السياسية على أمر له علاقة بالدين ينبغي أن يرجعوا إلى العلماء المراجع، فإذا أصبحوا هم طرفًا في التنافس أو الصراع فكيف يمكن الرجوع إليهم؟ أو على الأقل إذا اختار أحد المراجع أن يخوض الصراع أو التنافس السياسي، فلا يصح الرجوع إليه هو في هذا الموضوع، بمعنى أنه إذا رأى أحد العلماء المراجع أن يكون طرفًا في اللعبة السياسية إن صح التعبير، فهو بذلك لم يعد مرجعًا في هذا المجال ولا يجوز اعتبار فتواه صحيحة في مثل هذه الحالة لأنه أصبح طرفًا في التنافس والصراع، وهذا ما حصل مع الشيخ حسن مأمون مفتي مصر الأسبق رحمه الله تعالى حين قرر المشاركة في انتخابات مجلس الأمة زمن الاتحاد بين مصر وسوريا، فاستقال أولًا من وظيفته في دار الفتوى وتخلى عن مسؤولياته بصفته مفتي الديار المصرية ثم نزل إلى الانتخابات، وأكرر أنه لا ينبغي للعلماء المراجع أن يكونوا طرفًا في تنافس سياسي، وإلا فلا يرجع إليهم في الفتوى المتعلقة بهذا التنافس، أما الصنف الثاني وهم الدعاة والمصلحون فأمرهم أقل خطورة من حيث الفصل في الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الشأن، ومن ثمّ إذا أحب أحد منهم أن يشارك في الميدان السياسي فله ذلك وإن كنت لا أقبله لنفسي شريطة ألا يحول منبر الدعوة إلى جزء من الدعاية الانتخابية، فلا يصح أبدًا أن يتحول منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء أكان المنبر الذي في المسجد أم أي منبر من المنابر الدعوية المستحدثة إلى وسيلة ترويج للانتخابات، لكن للدعاة والعلماء الحق الكامل في ترشيد العمل السياسي وتوجيهه من منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون التنافس على السلطة من خلاله فلا تختلط حينئذ المصالح العامة للأمة بالمصالح الشخصية.

- لكن بعض الدعاة يرون استخدام المنبر ضرورة للدعوة إلى تطبيق الشريعة وقيام الدولة الإسلامية، بما يعني من مساندة لتيارات إسلامية دخلت معترك الصراع السياسي فما تعليقك؟

هذا فهمهم ولهم أن يعبروا عنه، كما أن لمن يخالفهم حق التعبير عن فهمه، مع ضرورة التأكيد على الفرق بين قضية الدخول في حلبة التنافس السياسي وبين أن يكون للخطاب الإسلامي دور في ترشيد الخطاب السياسي، لأن الخطاب الإسلامي يخاطب السياسة والاقتصاد والاجتماع، لكن ليس من شأن مخاطبته تلك أن يكون جزءًا من التنافس فيه، فلا يتأتى لداعية إسلامي إذا دخل مجال التجارة وله الحق في ممارسة التجارة دون شك وليس من حقه استغلال المنبر في الدعاية لمنتجه التجاري بأن يقول إنّ هذا المنتج أقرب إلى رضوان الله سبحانه وتعالى أو أن يقول إن هذا وحده متوافق مع الشريعة الإسلامية وغيره من المنتجات التي في السوق مخالفة لها، على اعتبار أنه أصبح جزءًا من التنافس الموجود في الساحة الاقتصادية، وكذلك الحال في الميادين الأخرى، ولكل عالم شرعي بل لكل داعية إذا كان عنده دراية وفهم في موضوع ما وفي رؤية الشرع فيه أن يوجه خطابه في تبيين الصواب من الخطأ وما ينبغي ويحسن مما لا ينبغي ولا يليق، لكن الأمر يختلف عندما يتحول هو إلى جزء من هذا التنافس.

- في رأيك استخدام الدين في الصراع السياسي يضر بالدين أم بالسياسة؟

يضر بالجميع، بالمتدينين وبالساسة والسياسة، والأهم من ذلك يضر بشعوب العالم، أما الدين الذي هو دين الله فلا يضره شىء، ولا يرقى شىء للإضرار به، وانظر اليوم كم من الدماء تسيل تحت لافتة الدين، أو باسم الدين، وقد كان هناك تقرير أعدته مؤسسة غربية عن القتل باسم الدين، فوجدت أن أكبر نسبة قتل تمت في التاريخ كانت على أيدي المسيحيين، يليهم البوذيون، ثم المسلمون، فالهندوس، وكانت الأعداد مهولة، ولذلك فنحن نرفض تسييس الدين ونطالب بتديين السياسة لأن الإسلام هو الوعاء الجامع لكل أمور الحياة وهو القادر على ضبطها وتوجيهها لما يخدم البشرية ويحقق مصالحها في كافة المجالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية إلى آخره، ونكرر: تدين السياسة مطلوب، لكن تسييس الدين هو الخطأ.

- بصفتك داعية أولًا ومواطن يمني ثانيًا كيف تري ما يحدث الآن في اليمن؟

ما أراه في اليمن يحزنني ويؤلمني بصفتي من اليمن، وبصفتي مسلمًا وخادمًا للدعوة، وبصفتي إنسانًا، وهو أمر مقلق للغاية ولا أدري ما بين سؤالك والنشر ما المتغيرات والمآسي التي يمكن أن تحصل في اليمن.. فالشعب في اليمن عانى كثيرًا مثلما عانت بعض الشعوب الأخرى، وله مطالب عادلة ويعيش حالة ضنك وفقر وذل وأذى وآلام في بلد فيها الكثير من الخيرات، كثير من الناس خرجوا يطالبون بحقوقهم، لكن ما جرى بعد ذلك هو أن اختلط كثير من الأمور وكثير من التوازنات، فلم تعد المسألة الآن ثورة تعارك حاكم أو تعارك نظام وإنما أصبحت الآن ثورة مظلومين ضد نظام، وبجانبها أيضًا لعبة سياسية ممن كانوا بالأمس مع النظام، ومنهم من يتهم بالمشاركة في جرائم القتل، ومنهم من يتهم بنهب ثروات الشعب، فإذا بهم اليوم يعلنون أنفسهم ثوريين بل ويتحدثون باسم الثورة ودخلوا في صراع جديد مع النظام الذي كان بعضهم جزءًا أساسيًا منه، وكان البعض الآخر شريكًا له في صراعات دموية سابقة. ومنهم من استغل الخطاب الإسلامي بالأمس لإعطاء مشروعية دينية للنظام في اقتتال على السلطة عام 1994 ذهب ضحيته أكثر من ثلاثين ألف يمني، بل لقد وصفوا القتال في صف النظام بالجهاد في سبيل الله، ولهم خطب تتحدث عن كرامات المجاهدين بزعمهم ضمن مظلة هذا النظام الذي صرنا نسمع من الأشخاص أنفسهم اليوم خطابًا إسلاميًا يعد الثورة عليه أيضًا جهادًا في سبيل الله!

وقد تحمد لهم إن صحت النية أنهم أعلنوا الوقوف في وجه الظلم، فالوضع في اليمن اليوم له خصوصية مختلفة تمامًا عن بقية الدول لكون المعركة أصبحت مزدوجة: فهناك معركة ثورة ضد نظام، وهناك معركة أصحاب مصالح سياسية واقتصادية ضد النظام، أضف إلى ذلك أن اليمن فيه أكثر من ستين مليون قطعة سلاح تمتلكها القبائل، غير أسلحة الجيش والدولة، كما أن الجيش ليست له عقيدة قتالية واحدة كما هو حال الجيش المصري على سبيل المقارنة، بل هو أيضًا متأثر بالصراعات والتنافسات السياسية الموجودة في البلاد، أضف إلى كل هذا الوضع الداخلي المعقد إذ هناك انعكاسات لما يجري في اليمن على دول المنطقة ومصالح متعلقة بدول العالم الكبرى. فاليمن يقوم على أهم ممر بحري في العالم إن شئت من جهة باب المندب وهو الذي يقابل قناة السويس وإن شئت من جهة الممر الكبير الواسع بحر العرب، وهناك الكثير من المصالح المترتبة على هذا الأمر، كما أن هناك مشكلة القاعدة والقاعدة موجودة في اليمن ولا ينكر ذلك إلا جاهل بشؤون اليمن، لكن هناك علامات استفهام كثيرة على ظهورها السريع المفاجئ واختفائها السريع المفاجئ تناغمًا مع التغيرات السياسية التي في اليمن، فالصورة الآن كما ترى معتمة للغاية لكن أخطر ما فيها هو الاستهانة بالدم والاستخفاف بحرمة النفس الإنسانية التي عظمها الله سبحانه وتعالى، وهذا أخطر ما نراه اليوم وهو سهولة القتل ليس فقط عند النظام بل عند العديد من الأطراف السياسية المتصارعة اليوم، وهذا هو القدر الذي أنا متأكد منه، أما ما زاد على هذا فلا أستطيع أن أتكلم به حتى أكون واثقًا من دقة كل كلمة أقولها، لأنها تحتاج إلى متابعة يومية لتطورات الأحداث من داخلها، لا مما ينقل في وسائل الإعلام الموالية أو المعارضة أو القنوات الإخبارية التي تملكها دول لها مصالح في توجيه الأحداث الراهنة.

- أنتم وصفتم الحالة في اليمن.. لكن ما الحل؟

المشكلة في اليمن وغيره لها حل، وحل واضح جدًا، لكن المشكلة أن نفسيات الناس اليوم بسبب شدة وطأة الظلم عليهم وبسبب تسارع الأحداث مع التغطية الإعلامية الموجهة وبسبب تراكمات قديمة ولأسباب عديدة أصبح لدى الناس صعوبة في الإصغاء للحل الذي لا يرون فيه طريق السرعة في الخلاص.. الحل الحقيقي يكمن في تزكية الأنفس وإصلاح القلوب لأن كل المصائب التي ترونها أمامكم إنما حصلت بسبب نفوس لم تتزكَ، وقلوب لم تراقب الله سبحانه، ولم تتعامل معه عز وجل، ولم تحسن صلتها به تعالى، ولم تمتثل أوامره، فالذي يراقب الله عز وجل لا يمكن أن يريق دمًا بغير حق، والذي يراقب الله عز وجل لا يمكن أن يستغل حقوق المظلومين ليسخرها ضمن أطماعه السياسية، المشكلة مشكلة أنفس تحتاج إلى تصفية ومعاملة مع الله بالدرجة الأولى؛ ومن خلال مجال اختصاص الفقير وهو خدمة الدعوة إلى الله، لا يوجد عندي إجابة غير هذه ولو لم تعجبكم أو تعجب الناس الذين يريدون إجابات بحلول فورية، لكن مهمتي أن أبين ما أدين الله به على أنه الحق،ومع ذلك لعل خروج الأطراف السياسية المتصارعة في هذه المرحلة، من الساحة السياسية أو حتى من اليمن، فيه حقن لكثير من الدماء.


في السبت 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 08:52:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=12401