عن محنة الوطن :السلطة والمعارضة.!
كاتب/رداد السلامي
كاتب/رداد السلامي

ليس رأس الأفعى كما تقول المعارضة في اليمن هي وحدها من يجب أن يستهدف ،ففي المعارضة أيضا رؤوس أفاعي جديرة بالاستهداف هي أيضا،ومن حيث النهج سواء بسواء لا تختلف في شيء عن الحاكم ،سوى أنه حاكم وهي معارضة.

فالحاكم عيوبه مكشوفة ،كونه في موقع مسؤولية فالأنظار تتجه نحوه مباشرة بعمق تاركة ما في المعارضة من عيوب ومثالب ونسخ جاهزة كبديل سيء له ،و إن لم نقل أنها لا ترى لكنها أيضا تغض الطرف عنها.

وكمثقف ،حين تكتب عن عيوب المعارضة ،وتنتقدها فستكون عرضة لنيران لا تنضب من التهم الجاهزة وتلك المعلبة ،وقاموسها "التخويني" ملي بكل ألفاظ الشتيمة والتهم، عندها ستجد ذاتك وحيدا معزولا قلمك محاصر وتفكيرك موءود ،لأن صحف المعارضة أيضا ومنابرها الإعلامية الحزبية والمستقلة ترفض نشر أنتاجك ورؤيتك كونك عميل لا تستحق أن ينشر له..ّ!!

لكنك حين تكتشف أن فساد المعارضة والسلطة متواطئان موضوعيا على تأبيد الخلل الموجود تصاب بالدهشة، فتلك الصحف التي تدعي الاستقلالية مدفوعة الثمن ،تروج لمفاهيم خاوية المضمون ،ونظم حكم منزوعة الجوهر وتتواطأ معه لشرعنه الفساد وبقاء النظام بصيغ أخرى ،بل وتوريثه في قادمات الأيام. من خلال تهيئة الرأي العام وتلك الصيغ الدستورية المزورة.

وفي الوقت ذاته ،تتجه نحو صناعة ونحت رموز لم تعد صالحة لقيادة المجتمع ،وتكرس لها في الذهنية العامة وجودا أسطوريا ،وترد للموتى الذين أماتوا عصب التغيير والمقاومة في المجتمع الجميل، بإعادة إنتاجهم عبر أبنائهم الذين لايقلون سوء عن سابقيهم ،وإن بدو انهم ظاهريا أفضل ،لكن الممارسة تفضحهم،والمواقف تعريهم.

لم أبحث كصحفي عن صحيفة يمنية تمكن لي الكتابة فيها ،أو أحصل منها على بدل إنتاج تافه لايسد قيمة نعل قدم، أو قرصة بطن في ليلة ممطرة باردة، فمادمت تحترم قلمي وحريتك في إبداء رأيك كحق إنساني وديني ودستوري فإنك ستجد ذاتك غير مستقر ،بل لاوطن لك ،وكونك لاتتشبث بنافذين فلن ينفذ إليك أمل تكوين مشروع إعلامي حر ومستقل يؤدي رسالته من أجل الشعب ويعمل بمهنية عالية ورؤى حقيقية واعية ،ولذلك تتجه نحو الفضاء الالكتروني المفتوح على مصراعيه ،وصحافة الانترنت الأكثر اتساعا وتنمية لمواهب التفكير والكتابة السليمة ،والاختلاف المولد لثقافة التغيير الواعي المبني على الاختلاف البناء الواسع.

بالتأكيد ستجوع ،كونها لاتمنحك بدل إنتاج ،لكن ليس بالخبز وحده يحيا الناس كما يقول أحد المفكرين ،فمطلب الحرية شيء متقدم وغذاء آخر يمدك بأمصال العافية ، والمناعة، ولست بخابيء طعام حذاري غدا :إن لكل غد طعامُ-كما يقول الشاعر العربي.

نقابة الصحافيين غير مستعدة لأن تدافع عنك ،ولكنها مستعدة فقط لأن تتجاهل قضيتك في أقل الأحوال ،لأنها خليط حزبي عصبوي مؤدلج بفكر الكراهية والنبذ الفارز، ومزودة بمناطقية الموقف العصبي الضيق، ولا يهمها حرية لأنها تؤدي أدوار حزبية وعصبية .

الوطن،والإنسان وحريته وكرامته مفرغة تماما من الذهنية اليمنية ونخبها وتشكيلاتها الفاعلة ، قتلها الفساد وزواها في أطر عصبوية تلبس أحيانا طابعا مناطقيا ،ولذلك ضمر الشعور بالوطن والإنسان وحريته وكرامته وقيم الاختلاف البناء ،وتضخمت لغة التمايز وسلوكياته فأضحى الوطن أوطان.


في الخميس 15 مايو 2008 08:29:22 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=3736