من أبكاك يا هدهد اليمن ؟!
ابو الحسنين محسن معيض
ابو الحسنين محسن معيض

اورد الله عز وجل في كتابه الكريم قصة الهدهد اللبيب الداعي الى الخير حينما وجد قوم سباء يسجدون للشمس من دون الله .. فتعجب منهم ولعبادتهم التي لم تنصرف لله سبحانه فتنازعته مشاعر شتى ماذا سافعل ؟! انا طائر مسكين لا حول لي ولا قوة !! وبعد لحظة من التردد اليسير قرر ان يقوم بدوره الايجابي كفرد في المجتمع يشهد ان لا اله الا الله .. قرر ان ينفذ واجبه نحو من يراهم بحاجة اليه دون تردد او استصغار لامره .. فاسلمت سباء مع سليمان لله رب العالمين

هذا الهدهد الذي انقذ الله به امة من النار .. كان لي معه لقاء .. وجدته يوما يبكي على غصن شجرة جرداء! فاقتربت منه قائلا مرحبا بهدهدنا فنظر الي متعجبا : هدهدكم .. قلت : نعم ..أنا من اليمن .. من أهل سباء .. واسمك صار مرتبطا بنا .. فانتظرت منه ابتسامة .. فزاد في البكاء !! فاقتربت منه : وما يبكيك يا هدهد اليمن ؟! رد بحسرة : لا تسلني ! .. قلت : ومن ابكاك ؟ فلم يرد .. قلت في نفسي لعله ظنني من رجال الأمن السياسي او القومي أو ... او ... فقد كثرت مسمياتهم وقل انجازهم !! والسلامة في عدم القرب منهم ناهيك عن التحدث معهم !!

ياهدهد اليمن لعله أبكاك الإمام الظالم الذي حكمنا سابقا ! فقال : لا .. لا .. حقا كان طاغية ولكنه كان رجلا عربيا مسلما وطنيا .. حينما تحارب مع آل سعود .. جاءه البرتغاليون وربما غيرهم ليمدوه بالمعونة والرجال ليتغلب على من يحاربهم مقابل امتيازات بحرية وتواجد في مواقع استراتيجية .. فقال لهم مالكم ولي ولأبناء عمومتي دعونا حتى يقضي الله فينا امره .. والله لن استعين بكم عليهم ابدا ,فربما خسر المعركة ولكنه ختما لم يخسر السمعة والموقف المشرف .قلت والله انه في هذه لنعم الرجل وان كان طاغية .. فالابواب اليوم مفتوحة ومشرعة لمن هب ودب .. والتحالفات المشبوهة جمة وكثيرة .. سرية وعلانية .. في ظل حكومة ديمقراطية شعبية !!

قلت فمن المؤكد انه ابكاك الاستعمار البغيض الذي استعبد شعبنا .. فتنهد وقال : لا .. لا .. صحيح انه كان مستعمرا وليست له حجة ولا عذر في استعمارنا أبدا ولكنه قدم لنا شيئا من التطور في اداراتنا واعمالنا المؤسسية وكانت لدينا حرية في الرأي فلا صحف مصادرة ولا صحفيين مسجونون !! فقلت عجبا اتراه كان يعرف قدرنا ويحافظ على حرية كلمتنا أكثر من بني جلدتنا !!

فقلت: عرفت ابكاك حكم الاشتراكي الذي اخذ بفكر الماركسية والزمنا بها الزاما .. قال : لا .. لا .. نعم والله لقد المتني تلك التجربة وخاصة في بداياتها الدموية والتأميمية .. ولكن فيما بعد اذاقهم الله بأسهم فيما بينهم فرد لهم الصاع صاعين والنفس باكثر منها .. وبرغم قسوتهم الا انهم وفروا للناس شيئا من المساواة وقوة في الأمن وهيبة النظام .. فالقاتل يقتل بعينه وليس لأبناء قبيلته علاقة بجريمته .. والدولة تتحكم في معظم الاشياء .. كالاسعار وعدم الاحتكار وغيرها ..فاستقر حال الناس على امر فيه دخن وغبش !! قلت لكأنك تقول عن كل من سبق أنهم برغم ما فيهم من السوء الا أن لهم اعمالا يذكرها الناس لهم اليوم بالمحمدة والحسن .. قال : نعم .. قلت لقد اتعبتني .. فهل تبكي لحالنا ام لما سيؤل اليه امرنا .. هل أبكاك رجال قبائلنا الواقفين على الطرقات تقطعا وترويعا ؟!! ام أبكاك رجال أمننا المحصلين للجبايات على مداخل مدننا .. ام ابكاك رصاصهم وقذائهم المتناثرة على الأبرياء بلا تمييز بين طفل يحمل مصاصته وملتحي يحمل بندقيته .. ام أبكاك قضاتنا وعدلهم !! ام وزرائنا وزهدهم ؟! أم ابكاك حال مجلس نوابنا وما فيه من الصراخ والعويل ؟! ( قال : أما هذا فيضحكني ولا يبكيني !! )أم أبكاك الشعب التائه الضائع المتردد بين الرايات المتعددة ..وكلها تدعي حبه والعمل على خلاصه واستقراره .. فصار سلبيا عاجزا في اتخاذ قراره وتحقيق استقراره .. ام أبكاك مستعمر جديد يتربص بنا .. وبداء يعد العدة الدولية للسيطرة علينا بحجة تواجد قواعد قاعدية .. تحركهم أياد خفية !! لتحقيق اغراض قد سبق التخطيط لها مع الاصرار وسوء النية ويدعمهم ضوء اخضر من لاة أمرنا وجامعتنا العربية !!

قال والله انته الذي أتعبتني .. يا يماني يا سليل العز .. يا ابن صنعاء وعدن .. وحضرموت وتعز : كل ذلك يؤلمني ويجرح كبريائي وديني !! ولكن ما هذا اليوم يبكيني .. قلت : هيجني بكائك !! فمن أبكاك يا هدهد اليمن ؟!!

ابكاني .. أبكاني .. أبعد كل هذا وذاك تسألني من ابكاني ؟!

يا سائلي : لقد اسند الأمر الى غير أهله !! وزاد نحيبه وانهمرت دموعه .. وشاركته البكاء الطروب ..

لقد ابكيتنا يا رأس الهرم المقلوب !


في السبت 02 يناير-كانون الثاني 2010 05:12:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=6273