في الذكرى العاشرة للانقلاب.. مشّاط الحوثيين يعلن تخلي جماعته عن مسؤولية صرف رواتب الموظفين ويلمح لخيار الحرب المليشيات تعتقل عضوا في اللجنة الدائمة الرئيسية لحزب المؤتمر والشرعية توجه طلباً للمجتمع الدولي بالتدخل حملة حوثية مسلحة تقتحم إحدى المديريات في مناطق سيطرتها وتعتقل العشرات من المواطنين - أسماء تركيا تكشف عن سلاح الطاقة الفتاك الذي يعمل بالليزر المليشيات تعتقل صحفي في صنعاء نشر مقالاً أغضب زعيمها..ماذا شاهد في ميدان السبعين ؟ توكل كرمان تقود معركه شرشة دفاعا عن غزة امام القمة العالمية 19 للحائزين على جائزة نوبل موسكو تحذر الغرب من عواقب كارثية أشهر الجامعات في جمهورية المكسيك تكرم الناشطة الدولية توكل كرمان محافظ تعز يكشف عن فعاليات ثقافية ووطنية متنوعة لمواجهة الإمامة ورفض مشروعها المحافظات المتوقع ان تشهد هطول أمطار متفاوتة الشدة خلال الساعات القادمة
وفرت الاضطرابات السياسية في اليمن فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة لتوسيع أنشطته وتقوية شوكته.
وجدير بالذكر أن نشاطات التنظيم تصاعدت بشكل ملحوظ عقب دمج الفرعين اليمني والسعودي من القاعدة في فرع واحد يدعى " تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" في يناير/ كانون الثاني عام 2009.
فبنية التنظيم وإيديولوجيته ساعدته على تخطي الأزمات التي أعقبت وفاة قادته البارزين. كما عزز عدم الاستقرار السياسي حضور التنظيم وتغلله بين صفوف الساخطين على نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وشهدت فترة الربيع اليمني حرص التنظيم على كسب تعاطف الجمهور الثائر، حين أعلن المسؤل الشرعي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، عادل بن عبد الله بن ثابت العباب في الثاني والعشرين من أبريل/ نيسان عام 2011 عن تأسيس "أنصار الشريعة".
لقد استخدم "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" نفس الاستراتيجيات التي اتبعها فرع تنظيم القاعدة في العراق، فكلا التنظيمين استغلا الفراغ الأمني والمناكفات السياسية بين السلطة وقوى المعارضة. ولجأ معظم المقاتلين إلى المناطق النائية وذات التضاريس الجبلبة الوعرة التي لا تقع تحت سيطرة الحكومة، كما شكلت الطبيعة الجغرافية عاملاً مسانداً للكر والفر. ومثلما نجحت "دولة العراق الإسلامية" في جذب واستدراج العشرات من الشباب العراقيين السنة إلى القاعدة، نجح "أنصار الشريعة" في إعلان إمارتين إسلاميتين حتى الآن في كل من أبين وشبوة.
وعمل أنصار الشريعة على تقوية شوكتهم محلياً وإقليمياً. فعلى الصعيد المحلى، استقطب التنظيم الوجهاء وشيوخ القبائل في أبين والمحافظات المجاورة، كذلك جند التنظيم عشرات الشباب من صغار السن والعاطلين عن العمل، مستغلاً شعورهم بالغبن وتردي أوضاعهم الاقتصادية. ووفقاً للعميد ركن محمد الصوملي قائد اللواء 25 ميكا التابع للجيش اليمني فأن "أعداداً كبيرة (من المقاتلين) تأتي من حضرموت ومأرب وريمة والبيضاء ورداع ومن صعدة، وعناصر من مصر والسعودية والصومال". كما ذكر العميد الصوملي أن "الكثير من عناصر القاعدة أطفال، دون سن الثامنة عشرة، مدفوعون بحماس للقتال، وبعضهم تم شراؤهم بالمال".
أما على الصعيد الإقليمي، سهلت الحدود اليمنيية الجبلية والبحرية للعديد من الجماعات المؤيدة للقاعدة التسلل لدعم نشاطاتها. وتشير أحدث التقارير الأمنية إلى توافد مئات المجاهدين من تنظيم الشباب الصومالي إلى اليمن لمساندة أنصار الشريعة. ولقد أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، "أن تنظيم الشباب المتشدد في الصومال، أرسل قرابة 300 مسلحا إلى اليمن للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة، ضد القوات الحكومية في محافظة أبين الجنوبية." كما ذكرت التقارير الإعلامية سعي التنظيم إلى كسب ولاء بعض قادة الحراك الجنوبي المناهضة للحكومة والساعية للانفصال عن صنعاء على الرغم من الاختلاف العقائدي بين التنظيمين، فالغاية تبرر الوسيلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كشفت السلطات اليمنية عن إلقاء القبض على العديد من المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا جنب إلى جنب مع تنظيم القاعدة، وحمل هؤلاء المقاتلين الأجانب جنسيات من السعودية وباكستان ومصر والأردن وتونس وداغستان.
وعقب الثورة الشبابية في اليمن، وانتقال السلطة إلى الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي، سعت القاعدة إلى مضاعفة أنشطتها في جنوب اليمن وشرقه، وتصاعدت ضراوة المواجهات بينها وبين القوات اليمنية. ومرة أخرى، استغل التنظيم الظروف السياسية والأمنية الهشة للحكومة الجديدة. وحرص على التعاون والتحالف مع العديد من القوى، سواء الجماعات المتشددة، أو الفئات المقموعة من قبل الحكومة،أو تجار السلاح، أو بعض القادة العسكريين المتواطئين، أو شيوخ القبائل المتنفذين.
ولاريب أن تنظيم القاعدة في اليمن اعتمد على عدة أساليب لاحتواء الدعم البشري، وكسب القوة الاجتماعية، منها على سبيل المثال لا الحصر، تبادل المنافع مع القبائل الموالية، واستخدام السلوك المناصر للمجتمع، وإعطاء الهبات والمنح للمؤيديين، وإجبار الآخرين على الرضوخ والإذعان، والاعتماد على النفوذ والقوة، وخلق الالتزامات. وغني عن الذكر أن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها اليمنيون كالفقر والبطالة والفساد وانخفاض المستوى التعليمي، سهلت هذا الاحتواء وأعطت زخماً مضاعفاً لقوة التنظيم. فضلاً عن وجود عوامل أخرى مساهمة نسبياً كوجود الحوثيين في الشمال والانفصاليين في الجنوب.
أما الدعم المالي فتوفر لعناصر القاعدة بسهولة بعد نجاحهم في مداهمة العديد من البنوك والمصارف الحكومية والأهلية، والاستيلاء على محتوياتها من الودائع والأرصدة المالية، فضلاً عن الدعم المالي المتدفق من الجماعات المؤيدة لأيديولوجية التنظيم وأهدافه المزعومة في تطبيق الشريعة الإسلامية وصولاً الى إقامة إمارة إسلامية. كذلك تمكن التنظيم من الاستيلاء على مختلف الأسلحة والعتاد العسكري، سواء من مخازن الذخيرة أو من القواعد العسكرية بعد انسحاب القوات الحكومية منها. واستغل التنظيم الجنود الأسرى لتدريب أفراده.
غير أن تنظيم القاعدة في اليمن كرر نفس الأخطاء التي ارتكبها عناصر القاعدة في العراق وفي مناطق أخرى، حيث ذبح أفراد التنظيم الكثير من المسلمين الأبرياء، ومثلوا بجثث الجنود، وشردوا آلاف العوائل اليمنية من بيوتهم وديارهم، وحولوا المدن اليمينية إلى مناطق مهجورة.
وتشير الإحصائيات أن القتال الطاحن بين عناصر القاعدة والقوات اليمنية أدى إلى نزوح ما يقارب مائة ألف من السكان إلى محافظتي عدن ولحج والمحافظات المجاورة. أما من بقى من السكان فعليهم الالتزام بالأحكام المتشددة "لأنصار الشريعة"، ومن يخالف تلك الأحكام يتعرض للعقوبات الرادعة التي تتضمن الإعدام.
ورغم أخطائه، حقق تنظيم القاعدة تقدماً نوعياً على الصعيد الميداني في الساحة اليمنية، وعزز نفوذه وسط تبادل الاتهامات بين موالي السلطة السابقة وأحزاب المعارضة بالتواطأ مع المجاهدين وأنصار الشريعة. ويعد هجوم التنظيم الأخير في منطقة دوفس بضواحي مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين ــ حيث قتل نحو مائة وخمسون جندي ووقع خمسون آخرون في الأسر ــ مؤشراً خطيراً على قدرة التنظيم العسكرية في تنفيذ أول هجوم عسكري وفق خطة مدروسة مشابهة لما لدى الجيوش النظامية. كما مثل الهجوم تحولاً نوعياً عن النمط التقليدي للقاعدة والمعتمد على الهجمات الانتحارية، والسيارات والطرود المفخخة، والقذائف المتفجرة.
وفي الآونة الأخيرة، تداولت وكالات الأنباء تقارير حول إعادة تشغيل البرنامج الأميركي ــ المثير للجدل ــ لمكافحة القاعدة في اليمن، وسط تصاعد هجمات أنصار الشريعة في جنوب اليمن. لكن تأثير هذا البرنامج سيكون محدوداً، وقد يؤدي لنتائج عكسية تتمثل في تحالف القبائل المتضررة من الهجمات الصاروخية الأمريكية مع أنصار الشريعة. وقد يشكل هذا التدخل الأمريكي ذريعة أخرى للقاعدة لكسب التعاطف والتأييد "لمواجهة التدخل الصليبي" والجهاد ضد الكفار وأصحاب الطاغوت، ومما يسهل ذلك الفتاوى الجهادية لبعض كبار علماء الدين اليمنيين والتي تخدم رسالة القاعدة في محاربة التدخل الأجنبي.
وسعت الحكونة اليمنية منذ تولي الرئيس عبد ربه منصور هادي مقاليد السلطة إلى دك أوكار القاعدة وحلفائها من أنصار الشريعة، وتحجيم انتصاراتها في مناطق تمركزها مستخدمةً عدة استراتيجيات تراوحت بين الهجوم المضاد واستراتيجية الردع فضلاً عن اتباعه استراتيجية التفاوض حين الحاجة مستعيناً بالقبائل المحلية واللجان الشعبية.
ونجحت تلك الاستراتيجيات في تحقيق تقدم للقوات اليمنية أمام القاعدة مكنتها تمكنت القوات اليمنية –ولو بشكل مؤقت على الأقل– من استعادة السيطرة على محافظة أبين من قبضة تنظيم القاعدة في شهر يونيو الماضي بعملية سميت بـ"بتحرير زنجبار"، والتي كانت تحت سيطرتهم لأكثر من عام. وتوالت عمليات تحرير المناطق بشكل سريع وحررت القوات اليمنية مدينة عزان في محافظة شبوة الجنوبية الشرقية من سيطرة عناصر تنظيم القاعدة، وقامت القوات اليمنية بتكثيف عمليات تعقب مقاتلي القاعدة بالإضافة لتحذير السكان من إيواء أو التستر على أو مساعدة أعضاء القاعدة الهاربين واعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون اليمني.
لكن ما لايمكن إغفاله أن الحكومة اليمنية لن تستطيع وحدها مواجهة هذا الخطر المتنامي، فقاعدة الجهاد في جزيرة العرب لم تعد مصدر تهديد لليمن فحسب، بل أصبحت تهديداً إقليمياً ودولياً يستدعي تعاون الجميع، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، لعزل التنظيم عن البیئات الحاضنة له، والقضاء على سرطانه الإرهابي الذي استهدف الجسد اليمني، ولن يلبث أن يمتد ليشمل المنطقة بأسرها.