آخر الاخبار

مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل اسطورة البلوجرانا وبطل العالم ميسي يفاجأ محبيه عبر العالم بتحديد موعد اعتزاله شاهد ماذا يحدث في جزيرة سقطرى اليمنية؟.. مهبط جديد للطائرات وعبارات داعمة للإمارات السفن الحربية الروسية تمر عبر باب المندب وتبدأ استعراضها المسلح في البحر الأحمر ...

اختراق قطاع التعليم في العالم العربي

الأحد 06 مايو 2018 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - سوسن أبو حمدة
عدد القراءات 3908

 

للاستعمار أوجه متعددة ولعل من أخطرها الاستعمار الثقافي الذي يضرب قطاع التعليم في العالم العربي، ولكن هل يمكن أن يصبح هذا النوع من الاستعمار شرعياً ومرحباً به؟

يغزو العالم العربي ظاهرة التعليم الأجنبي أو المدارس العالمية، وهي ظاهرة من أخطر ما يهدد الطفل العربي ويشكل إعتداء سافراً على فكره وهويته وثقافته. قبل عامين قامت دول عربية من بينها الإمارات والسعودية والبحرين والأردن بإتخاذ إجراءات قانونية بحق إحدى المدارس الأجنبية وسحب كتاب «التكنولوجيا والحرب والإستقلال» للصف التاسع بعد شكوى الأهالي لما يتضمنه الكتاب من وصف للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب.

المفاجأة كانت بالتبريرات التي قدمتها وزارات التعليم في تلك الدول أن الكتاب طبع في جامعة أكسفورد في بريطانيا ولم يحصل على الإعتماد من الوزارات المحلية. إنطلاقاً من هذه الحالة نتساءل عن الرقابة التي تفرضها الوزارات التعليمية العربية على هذه المدارس؟ وهل فعلاً تعمل هذه المدارس وفق اللوائح والقوانين السيادية للدول العربية؟

خطر التعليم في هذه المدارس لا يتوقف عند التأثير على الاتجاهات الفكرية والثقافية للطلبة ولكن الخطر الأخطر هو إطلاق هذه المدارس سهمها عمداً نحو اللغة العربية ومحاولة قتلها في موطنها ليبدو أنه إقصاء متعمد للعربية. وحقيقةً لا يمكن إعفاء وزارات التعليم في الدول العربية من الاشتراك في هذا القتل إما عن قصد بسسب مصالح أصحاب النفوذ الاقتصادي في قطاع التعليم أو نتيجة تنازلها طواعية عن دورها القومي في الرقابة الحقيقية على مناهج المدارس العالمية وفي النهاية النتيجة واحدة وتؤدي وظيفة القتل.

الغالبية العظمى من خريجي المدارس الأجنبية في العالم العربي والتي شكلت بديلاً عن المدارس الحكومية يعانون من مشكلات في اللغة العربية تتعلق بالعجز اللغوي في التعبير الشفهي والكتابة و لفظ الحروف ودخول اللكنة الأجنبية على عربيتهم.إذاً اللغة الإنكليزية تسطو على اللغة العربية في هذه المدارس لتصبح هي اللغة الأم، فالمواد المختلفة تدرس باللغة الإنجليزية والتواصل بين الطلاب يتم بالإنجليزية ومنطقياً أن تقتحم هذه اللغة البيت العربي عليها الأمان والسلام.

لا بد أن المال أفسد التعليم في العالم العربي ولم يُسَخر لخدمته، فمصالح أصحاب النفوذ الاقتصادي في هذا القطاع هي من تفرض معايير التعليم في هذه المدارس وليست الوزارات الحكومية. فما الذي يعنيه أن تُدرس كل المواد باللغة الإنكليزية حسب المنهج البريطاني أو الأمريكي، فهل تم بيع قطاع التعليم وطلابه وأهلِه في الدول العربية لهؤلاء المستثمرين الذين لا يفكرون إلا بعوائد الربح ثمناً لصفقة قومية؟

واضح جداً أن المدارس التي تُدرس المناهج الأجنبية بعيدة عن هيمنة الوزارة التعليمية وسلطتها ومن يتحدث عن رقابة فهي رقابة صورية لذر الرماد في العيون. لا نعلم من نخاطب وكيف لنا أن نُفهم أصحاب القرار السياسي أنهم يرتكبون جريمة كبرى بحق الأجيال العربية القادمة، إنهم يغربون أجيالا كاملة داخل مجتمعاتهم ويربطون طموحاتهم وآمالهم وثقافتهم بهويات مجتمعات أخرى. للاستعمار أوجه قبيحة لعل أخبثها الاستعمار الثقافي، ما نشهده اليوم هو شرعنة عربية رسمية لهذا النوع من الاستعمار عن جهل أو قصد والنتيجة واحدة فالجهل يجلب الاستعمار أيضا.

في الدول المتقدمة، التعليم يعتبر أحد أهم مرتكزات الأمن القومي ويعتبر من الأهداف الكبرى والاستراتيجية لمؤسسة القرار السياسي، فالتعليم هو الوسيلة الأهم لخدمة رؤية الدولة الاستراتيجية. ماليزيا عندما قررت أن تصبح دولة صناعية غيّرت المناهج على أساس هذا التوجه وتغيرت على أساسه البعثات الدراسية خدمةً لهذا الهدف. في الدول العربية التعليم قضية ثانوية جداً ومعظم المشرفين على العملية التعليمة ليسوا من رجالات التعليم وأهلهِ. وهذا انعكس سلباً على قطاع التعليم الحكومي فغاب الجانب التربوي وغدا المعلم الأقل حظاً بين طبقات المجتمع من حيث الدخل والتقدير على عكس تلك المجتمعات التي يكمن سر نجاحها بمعلميها ومعلميها فقط.

نحن أمام ظاهرة قومية خطيرة تتمثل بتراجع اللغة العربية وتآكلها في مهدها وحتى بين العرب المهاجرين الذين فقدوا أوطانهم وقررت الغالبية منهم معاقبة اللغة العربية وكأنها المسوؤولة عن شقائهم فتنكروا لها وغرّبوا أبناءهم عنها.

ولعل الأكثر ألماً وحزناً للمتنبي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وبدر شاكر السياب في مرقدهم هو قهرهم من الظلم والتقزيم الذي تتعرض له العربية في عيون أبنائها وتلك النظرة الدُونية القاسية لها وكأنها لغة عقيمة لا تتسع لمتطلبات العصر وهي من اتسعت لكتاب الله. وهنا تكمن القصة كيف لناشئ أن يحترم ذاته ومجتمعه مادام لا يحترم لغته! الأُمم لا تنهض بغير لغتها ولم نسمع عبر قصص التاريخ أن أُمة نهضت بغير لغتها وثقافتها. فما هي الهوية التي تريد أن تصنعها الدول العربية لأجيالها القادمة؟ وما هي الرؤية التي تريد أن تحققها عبر عزل اللغة العربية في قطاع التعليم؟

وليم شكسبير يسحب المقعد من تحت أبو الطيب المتنبي ويجعله غريباً مغترباً بين المقاعد والسطور، الطلبة هنا يعلمون من هو شكسبير لكنهم لم يتعرفوا على أعظم شعراء العرب، ينهض المتنبي عائداً إلى قبره محني الظهر لكنه سرعان ما يتدارك نفسه وعنفوانه ويخطو نحو قبره مختالاً فخوراً قابضاً على كتبه وأشعاره لصدره مرددا:

أنا صخرة الوادي إذا ما زُوحِمَتْ… وإذا نَطَقتُ فإنّني الجوزاء

إنّما الناس بالملوك وما… تُفلح عُربٌ ملوكها عجمٌ.

اكثر خبر قراءة طلابنا