عيد الفصح واليهود والمسيحيون والمسلمون و...مستقبل أبنائهم
بقلم/ سمير عبيد
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 20 يوماً
الجمعة 06 إبريل-نيسان 2007 08:08 م

مأرب برس – بروكسل - خاص

لقد قيل في الثقافة الدينية والإجتماعية أن في الحركة بركة ،أي أن التقاعس مرفوض ومذموم، مقابل الحركة التي هي مباركة، وبنفس الوقت هناك حديثا ينص على ( ما معناه) إنهض يا عبدي وأعينك، والنهوض يعني الحركة ،وبما أن العالم أصبح قرية صغيرة، فهذا يحتّم على جميع الأطراف العمل بموجب هذا التغيّر، ولا يجوز البقاء خارج العالم، وهذا لا يعني الإنجراف وراء المذموم، بل إن في هذه المتغيرات العالمية الكثير من الأمور المحمودة وا لإيجابية والمفيدة للإنسان.

فعندما نتكلم عن منطقتنا العربية بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص فنجدها تمر بمرحلة مخاض عسير إشاراته مخيفة، وقد لا يسلم احد من الشظايا ، لهذا لابد من تشجيع لغة الحوار، والقفز على الثقافات المتكلسة نحو ثقافات مرنة من أجل إنقاذ المنطقة وشعوبها وثرواتها من الضياع والتدمير، ومن هذا المنطلق أصبح من غير المسموح لرجل الدين وشيخ القبيلة والمسؤول والسياسي والنقابي والقائد العسكري والمدير والوزير والرئيس والسلطان والأمير والملك أن يفكر تفكيرا أنانيا، ولا يجوز له أن يكون أسير ثقافات أصبحت لا تجدي نفعا، أو يجيز لنفسه التفكير بالنيابة عن الكل، لهذا فعلى المسلم والمسيحي واليهودي بشكل عام أن يفكر بالمصلحة العامة، وبالأجيال المشتركة أي بالمستقبل، فمن غير الجائز أن يكون رجل الدين والقائد الإجتماعي و السياسي والمسؤول والحاكم المسلم واليهودي والمسيحي متكلسا ولا يتحرك نحو صنع السلام والوئام، والعمل من أجل مستقبل الأجيال، ومن غير الجائز أن لا يستلم هؤلاء الإشارات الربّانية التي وهبها الله والزمن اليهم والى الناس جميعا.

فلقد قرر الله تعالى والزمن فرصة ذهبية الى المسيحيين، والذين هم الأكثرية في العالم من الناحية الدينية، وكذلك الى المسلمين عندما تصادف العيد الإسلامي ( عيد الأضحى المبارك) مع أعياد الميلاد المسيحية، فكانت فرصة لا تعوض نحو هدم جميع الحواجز من أجل الشروع بالحوار الإسلامي المسيحي العلني والواسع،وليس على طريقة الإجتماعات في الغرف والصالات المغلقة، وتارة في جغرافية سين وتارة في جغرافية صاد، فهذا العمل لا يجدي نفعا أن لم يتطور نحو التوسع، ونحو كافة المستويات الثقافية والفكرية والدينية والشعبية ،خصوصا عندما تتوفر النيّة، ولكن الذي حصل جاءت وذهبت المناسبة، ولم يستثمرها المسيحيون ولا حتى المسلمون من أجل العمل نحو مستقبل أفضل.

وقبلها عندما زرع الله الهداية الرحمانيّة فبادر بابا الفاتيكان مشكورا بجولة موفقة ورائعة على المستوى الديني والأخلاقي والإنساني وحتى السياسي عندما زار تركيا الدولة الإسلامية الكبيرة،وصلّى على الطريقة الإسلامية السنيّة ومع المسلمين وبصلاة الجماعة وخلف رجل دين مسلم، وكان عملا رائعا ،وللعلم لم ينقص منه شيئا بل كبر البابا بنظر معظم شعوب الأرض بمسلميها ومسيحييها ، ونحن نعتقد انه قد نال رضا الله ( الرب) خصوصا وأن النيّة لا يعلم بها إلا الله ولكننا نعتقد انها كانت موجودة وبطرفها الحميد، ومن الجانب الآخر لم ينقص الإسلام والمسلمين، بل نال الإسلام الإعتراف ونال المسلمين تقديرا من بابا الفاتيكان ،وكان الأجدر بالقيادات الدينية الإسلامية، وبجميع مذاهبها ان تجلس وتنتخب وفدا إسلاميا لزيارة الفاتيكان، والمشاركة بصلوات المسيحيين في كنائسهم أو في الحدائق العامة، والهدف هو إنسانيا ألهيا يقود الناس نحو الوئام والحوار، ولكن للأسف لم يحصل هذا الشيء، ولا ندري هل هو تكبّر أم أنه فشل، أم أن قادة المذاهب الإسلامية على فرقة ولم يجتمعوا على هدف واحد ،وإن كان هكذا فمن الضروري مصارحة المسلمين به وبشكل علني، ولا يجوز أن تدفع الجماهير الإسلامية ضريبة هذا الفشل والذي هو فشل قيادي.

وها نحن نعيش هذه الأيام مناسبة عظيمة، وهي إحياء ذكرى ميلاد الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، والذي تصادف مع عيد الفصح المجيد والذي يحتفل به اليهود ايضا، وهكذا يحتفل به قسم كبير من المسيحيين، فلماذا لا تكون هذه المناسبة العظيمة وهي مولد الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مناسبة مد الأيادي نحو اليهود، وهكذا تكون مناسبة عيد الفصح مناسبة طيبة ومادام انها تصادفت مع المولد النبوي نحو مد اليد اليهودية نحو اليد الإسلامية ومن ثم مدهما نحو اليد المسيحية، وتكون نقطة إنطلاق نحو العمل الجماعي من أجل مستقبل الأجيال الإسلامية واليهودية والمسيحية ، ومن أجل نشر ثقافة السلام والمحبة والوئام ، وهل توجد فرص أكثر قدسية وإحتراما من هذه المناسبات العظيمة ، فماذا تريدون من الله ( الرب) أن يمنحكم أكثر من هذا، والسؤال موجه للقيادات الدينية والسياسية بالنسبة لليهود والمسلمين والمسيحيين؟.

لذا فبما أن السيدة ( نانسي) وهي الشخصية الثالثة في الولايات المتحدة، أي رئيسة مجلس النواب الأميركي حملت غصن الزيتون ( السلام) وأعلمت القيادة في إسرائيل، وكذلك أعلمت القيادة في سوريا ،ومن هناك إشارات تريد تحريك عملية السلام من جهة الرياض، فلابد أن تُشجّع هذه السيدة، وتُشجّع الرياض ودمشق وتل أبيب نحو تحريك عملية السلام، مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني صاحب الحق الشرعي ، والإنتباه من قوى إقليمية وعربية لا تريد ذلك كي تبقى تتاجر بالقضية الفلسطينية، وكذلك على القادة في إسرائيل إستثمار الفرصة من خلال الإبتعاد عن المزايدات السياسية فيما بينهم وإتجاه العرب ،فالمستقبل يسير ضدهم مثلما يسير ضد العرب وضد المنطقة.

فبما أن جميع الأطراف لا زالت تراوح في مكانها ولم تبادر، فهذا معناه أن الأجيال الإسلامية والمسيحية واليهودية في المنطقة سوف تعيش الويلات والمحن، لذا فالكرة في ملعب القيادات الدينية والسياسية والإجتماعية الإسلامية واليهودية والمسيحية من أجل بلورة مشروع عمل من أجل مستقبل الشعوب والأبناء والأحفاد في المنطقة والعالم ، والحفر معا نحو طمر ثقافة الكراهية والعداء وللأبد.

وكل عام والجميع بخير.

كاتب ومحلل سياسي

مركز الشرق للبحوث والمعلومات