قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات
علي عزت بيجوفيتش ( 1925- 2003 ) مفكر إسلامي مرموق ، وأول رئيس لدولة البوسنة والهرسك . له مؤلفات جديرة بالمطالعة والتمعن ، منها ( الإسلام بين الشرق والغرب ) و( الإعلان الإسلامي ) و( هروبي إلى الحرية ) . في 1983 تمت محاكمته و12 من رفاقه بتهم عديدة . وحكم عليه بالسجن ، ثم وأُفرج عنه بعد خمس سنوات ونصف ، نتيجة لتدهور أوضاعه الصحية . وفى سجنه كتب تلك الخواطر والتي جمعها فيما بعد في كتاب ( هروبي إلى الحرية ) ونشره عام 1998 , وهي خواطر ثمينة ، في مقالي هذا أجمع بعضا منها ، مع تعليقات لي عليها .
1ـ الشخص اليقظ بين السكارى مضحك ومثير للسخرية ، ففي مجتمع السكارى يكون السكارى هم الأغلبية التي تُحدد معيار الحالة السوية ، ووسط هؤلاء يبدو اليقظ شاذاً .
ـ قلت : وكذلك حال المصلحين في تحالفهم وشراكتهم مع المفسدين . ومهما تحججوا بأن ذلك سيحجم ولو قليلا من فسادهم ، أو يصلح حالهم ، إلا أن الواقع حتى اليوم يؤكد أن مصيرهم أحد أمرين: ـ إما مجاراتهم في فسادهم ، أو الصمت عن جرائمهم . ثم تحميلهم كل وزر وفساد قام به المفسدون . ـ أو الكيد والمكر بهم ، والنفي والسجن . وذلك هو نهاية المطاف معهم .
2ـ عن الفرق بين رجل الدولة والسياسي ، يجيب تشرشل : رجل الدولة يُفكر في الدولة ، أما السياسي فيفكر في الانتخابات القادمة .
ـ قلت : هذا كان على زمانك يا تشرشل . أما اليوم يفكرون كيف يؤجلون أي انتخابات ، ويلغون أية ديمقراطية ، ويعرقلون كل توافق صادق وتفاهم جاد . فهذا ما يمنحهم مزيدا من الوقت للتكسب الخاص ، وتحقيق الطموح الشخصي ، عبر الثرثرة كذبا بمصالح الشعب ، والتشدق زيفا بسيادة الوطن ، والإدعاء بهتانا بصدق الولاء وتجرد الانتماء . هذا أمر بات واضحا جليا . ولكن الضبابية المحيرة ! كيف مازال لهم في الشعب ممجدون ، وفي وطنيتهم مادحون ؟! .
3 ـ في أوائل الخمسينيات من هذا القرن ، كان رئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي بريطانيا ً، وكان يفصل في النزاع بين بريطانيا وإيران . وفي هذا النزاع صوّت الرجل ضد بلده . غضب الشعب البريطاني لهذا الأمر ، إلا أنهم لم يقولوا أن الرجل خائن لوطنه .
ـ قلت : دع هذا الأمر لسياسيي وناشطي أوطاننا , فالتخوين هو الرائج اليوم في أوساطنا ، دون ميزان عادل , يجعل الحق هو السائد في تقييم الرجال والمسائل ، لا التعصب الأعمى والانتماء الضيق المائل . فعند أدنى خلاف لهم في الرأي والقرار مع غيرهم , يستشيطون غضبا , وينظمون فيه موشحات ومعلقات , من نعوت الخيانة والعمالة , وقبيح الألفاظ ودناءة الأوصاف . وفي الذم بعد المديح ... محمد علي خان الجنوب وباع القضية , وسريعا يلحقون به النوبة ، فباعوم ، فالعطاس ، فالبجيري ، فبن لزرق ، فصالح فريد ، ف ... ويستمر الموال .
4 ـ ليس الوطني الحقيقي هو من يرفع وطنه فوق الأوطان الأخرى ، وإنما هو من يعمل حتى يكون وطنه أهلاً لهذا التمجيد ، كما أنه يحرص على كرامة وطنه أكثر من حرصه على تمجيده .
ـ قلت : فليرحمك الله يا علي بيجوفتش . اليوم كرامة الشعب ومجد الوطن ، هو آخر ما يحرص عليه الوطنيون الجدد . لقد جعلوا أوطاننا منحنية منكسرة ، ليرتقي على ظهرها أجناس ليس لهم في السمو مكان ، ولترتفع على أكتافها دول ليس لها في العلو عنوان . اليوم - عندنا - فرط أدعياء الوطنية في مجد تاريخنا العتيد ، وتخلوا عن كرامة اسم وطننا المجيد . قلنا " نحن يمانيون عزة وكرامة ومجدا وفخرا " ، فقالوا " ليس لنا من صلة ولا وصل بكل ما لليمن من تفضيل وفضل " . العين تدمع والقلب ينزف ! من هكذا ضلال وهكذا تضليل .
5 ـ على سطح التيتانيك وهى تغرق ، كان هناك رجلان يتقامران ، وكان أحدهما يغشُّ الآخر . في الحياة ، كثيرون يشبهون هذين الرجلين .
ـ قلت : هذان يتقامران فيما يخصهم من حرية وفكر ، ويتراهنان بما يتعلق بهم من أملاك وأموال ، ويغش الغشاش منهم مواربة وخفية وتخوفا . واليوم يقامرون مضحين بشعب وأمة ، ويراهنون مفرطين بوطن وسيادة . والغش منهم جهارا عيانا دون خوف من حساب وعقاب ، ودون وازع من ولاء وأخلاق . والعجيب أن الوطن يغرق ، والإنسان يهلك ، وهناك إمعات يتابعون المقامرة بتلذذ وإسفاف ، ورويبضات يؤججون مجرياتها بحماس أممي مزيف ، وهتاف وطني كاذب .
6 ـ عرَّف إريك فروم ( الخلل المُقَنَّن اجتماعياً ) بأنه حالة يُصبح فيها أي انحراف ، أو عمل همجي .. أمراً طبيعياً عادياً . بل ويراه قومٌ جذاباً ومرغوباً فيه ويستحق الإشادة به ، وبقية باقية لا يفكرون حتى في إنكاره ، ناهيك عن التصدي له .
ـ قلت : وذلك راسخ في مجتمعنا اليوم . أما ترى وتسمع ما يحدث يوميا من نهب وسلب ، وقتل واغتيال ، وخطف واعتقال ، وظلم وقهر ، وفساد مسؤول وطغيان حاكم ، دون حساب ولا عقاب ، ثم ينقسم الناس حوله بين ثرثرة التوابع ، التي تخدم مصالح المفسدين وأطماعهم ، وتبرر لهم كل صنعة وطبخة ، وبين صمت البقية وجهد القلة ، والذي لا يدفع مكراً ولا يصد غدراً .
7 ـ وضع الشيوعيون مبدأ التبرير الثوري ( الانتهازية ) في مواجهة حكم القانون والشرعية ، وهو المبدأ الذي تحول إلى مُبرر للفوضى اللانهائية والاستبداد ، لأن ما هو مُبَرر ثورياً في مرحلة ما يكون مقبولاً لدى الزعماء الموجودين في السُلطة . وعند نقطة بعينها يبررون تدمير القضاء وتدبير مُحاكمات هزلية وفرض رقابة على النُخب والثقافة واحتلال الشعوب وإجبار الملايين على النزوح الجماعي .
ـ قلت : هذا هو ما عانيناه في الجنوب منذ 69 م حتى اليوم ، فبهذا المبرر الثوري تم السحل والقتل ، والخطف والتغييب ، والنهب والسطو ، والتأميم وتدمير الوطن ، وتكميم الأفواه وتقييد الحرية ، وترهيب النُخب وإذلال الشعب ، وضيق العيش والفرار لدول الجوار . حتى إذا ما استقر للقادة الأمر كان هذا التبرير الثوري هو السائد فيما بينهم البين ، فبدأت التصفيات الداخلية ، التخوين والقتل والسجن والنفي .. وتستمر حكاية التبرير ، النظرية ، الأيدلوجية ، القومية ، الهوية ... بلا نهاية ولا سوية .
8 ـ عام 1939م وجدت أوروبا نفسها أمام خيارين ، أحلاهما علقم : أن تختار شرا فيه أمل ، ممثلا في ستالين . أو شرا لا أمل فيه ، ممثلا في النازية . وهي في الواقع تدرك أنهما كانا شراً ميئوسا منه .
ـ قلت : ونحن نودع 2019م ، تجمدنا أمام هذا المفترق الوعر . ولتثبت وطنيتك ! يجب أن تختار وتنحاز ! ، رغم ثقتك الكاملة ، أنه لا خير في سالم ولا في مُسَلَّم ، ولا أمل في سلمى ولا في سَلُومة . ويا رب يكون 2020 عام الفرج والخير , يودع فيه الوطن قهره , ويفارق فيه المواطن همومه .