الحركة الإسلامية على مفترق الطرق .. صدق التوجه وجدية المسير
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 11 يناير-كانون الثاني 2011 07:35 م

بدأت في الوطن فعاليات جماهيرية متعددة احتجاجا على تمديد فترة الرئاسة ومحاولة الحزب الحاكم إقصاء شركاء الوطن من العملية الانتخابية إلا وفق رؤيته لتشريع هذه الانتخابات وبما يضمن له البقاء والاستمرار .. وإزاء هذه التقلبات والمواجهات تجد الحركة الإسلامية في اليمن متمثلة في التجمع اليمني للإصلاح نفسها على مفترق طرق متعرج المسارات يتحقق باختيار احدها حاضر الحركة ولون غدها !! فكثير من أبناء الوطن ينظرون إليها ككيان رائد لا يكذب أهله فهي تمثل لهم بشعارها الزاهي الأمل المشرق الذي سيبدد ظلام الفساد والطغيان وهي بهذا ستكون في تحد قوي لذاتها أهي على مستوى هذه الثقة في تحقيق الأمل الوطني اللازم ونصرة حقوق المواطنين ومكتسبات الوطن وخاصة في ظل شك وتخوف من البعض بناء على مواقف سابقة وقديمة كانت فيها سباقة إلى دعم صف الحاكم بما يلزم من الرجال والآمال منذ سبعينيات قرننا الماضي , وبناء على حجم كبير من التنازلات قدمته حفاظا على استقرار البلاد وأرواح العباد .. وإذا كانت قد دشنت قرننا الحالي بفهم جديد في فقه التعامل مع الحاكم متخلصة بذلك من التبعية الخاسرة والشراكة القاصرة مع من لا يقيم لها وزنا ولا قدرا .. فهي تجد نفسها اليوم في تحد لا يضاهيه شي مما سبق ويتمثل في الثبات والاستمرار على نهج المواجهة ووحدة الصف مع شركاء اليوم وبناة الغد .. فإن أي تغيير في هذه المواقف والقناعات سيجعلها عرضة للاهتزاز في عيون كثير من محبيها وسيجد كثيرون مبررا لهم في انعدام الثقة بها والبدء في الإصغاء لكل من سيجدها فرصة لا تعوض للنيل من هذا الكيان الشامخ والحصن المنيع.. وينبع التخوف من اتخاذ موقف مغاير لمسار الوطن والجماهير منطلقا من خلال فقه الواقع والموازنات ومصلحة الدعوة وسلامة أبنائها وهو دائما مدخل يحقق مصلحة للحاكم أكثر مما يحقق خيرا للدعوة ورجالها فقد تحقق به إغلاق المعاهد العلمية وترشيح الرئيس في 98 وكثير غيره خلال المواجهات والأزمات في تاريخ السياسة اليمنية .. فمن خلال تجارب سابقة في ظل نظام نيروني وحاكم فرعوني لا يلقيان بالا لأحد ممن يشاركهم مواطنة البلاد ويتعاملان مع الجميع بعدم اكتراث وقلة احترام يتضح أن هذا الفقه لم يحقق مصلحة ومنفعة تذكر للحركة الإسلامية في بلادنا ولم يستفد منه شباب الحركة كما استفاد منه الحاكم وبطانة السوء والفساد حوله .. وأي خير رآه شبابنا في ظل هذا الحكم الذي دوما ما نقرأ في سفر تاريخ المشاركة معه أنه لا يقيم عهدا لشراكة ولا وفاء لميثاق وقد تعودنا خلال مسيرتنا الرافدة له على اخذ مصلحته منا وتحقيق غايته بنا ثم يسارع عند أول منعطف في خارطة الطريق بالتخلص من الحمل الزائد الذي يعوق انطلاقة رحلته الميمونة ويأخذ بالسير منفردا بالبلاد إلى نفق موحش مظلم .. ولذا فان كثيرا من المتشكيين يراهنون على أنه قريبا سنسمع عن انفصال بين التجمع اليمني وأحزاب اللقاء المشترك لان ذلك هو الوضع الطبيعي من وجهة نظرهم في تعامل الحركة الإسلامية مع الحكام ونسمع أن الفارس الجديد الشيخ حميد الأحمر ليس إلا مرحلة دون كيشوتية سرعان ما ستتبدد عند أول هبة ضخمة من رئيس البلاد .. ويقف في الطرف الأخر شباب الإصلاح ومواليه ومناصريه وكلهم ثقة في كيانهم وأنه لم يعد هناك مجال لأي تنازل أو تقديم أي تساهل يخدم من لا يريد إلا نفسه ومصلحته .. ويثق الاصلاحيون أن فارسهم حميد رجل المرحلة وأنه مع فرسان اللقاء المشترك يمثلون الصف الواحد المتماسك ويجسدون البنيان القوي المرصوص .

لذا فقد آن أوان الجد في موقف لا يقبل التفاوض على مصلحة خاصة أو مكسب مؤقت فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ونحن قد سرى سم أفاعيهم في دمنا عشرات المرات .. فاليوم لا حوار إلا في مصلحة وطنية أبدية ولا تفاوض إلا في ظل دستور ومواثيق كريمة ولا شراكة إلا في دولة نظام وقانون ويد الله مع الجماعة

كفانا سيرا في ظل من لا يرجوا نفعه ولا خيره لنفسه قبل أن يكون لغيره من أهل البلاد .. كفانا تعزيزا لمن بلغت رائحة نتانة فسادهم عنان السماء .. كفى موازنات في موقع (( فلما التقى الجمعان )) حيث لا موازنة ولا مصلحة إلا في الدفاع عن الحق والعدل ودحر الظلم والفساد وطلب الثبات والنصر من العلي القدير

وبغض النظر عن جدية الشركاء وجاهزيتهم للمواجهات وصعوبة الطريق .. وهل سيكونون عند مستوى المهمة والمرحلة أم ليس لهم طاقة اليوم بالحاكم وجنوده فالحركة يجب أن تسطر موقفها التاريخي بنفسها ولو سارت في ميدانها منفردة فإنها هي معنية اليوم بإثبات قدرتها على تحقيق متطلبات الناس وترسيخ شعار الحرية والنظام بعون الله تعالى وهي تثبت بذلك لأبنائها ومحبيها صدق ما تعلموه في حلقاتهم التعليمية عن التضحية والتجرد وعن صدق المنطلق وجدية المسير .. علما أنهم قد بذلوا كل أسباب النصح والمشورة لولي الأمر ليكون حاكما يرعى حقوق الناس ويحكم بالعدل ويقسم بالسوية ولكن دون طائل بل انه مع كل نصح يزداد رعونة وتحديا حتى وصل بنا الحال إلى نضال سلمي للمطالبة بحقوق منهوبة وما زال كل يوم تبزغ علينا شمسه نسمع ونرى مزيدا من سوء الحاكمية والاستخفاف بالأمة .. فهذه شعوب الجزائر وتونس تحقق بانتفاضتها تغييرا وتصحيحا وتسطر لمن أراد العزة مثالا ومنهاجا .. فاليوم هبة شعبية عارمة لا لعبة سياسية عائمة .. ولذا وجب على قيادتنا الرشيدة عدم اتخاذ أي موقف تنازلي بحجة مصلحة الوطن والحفاظ على منجزاتنا وأبنائنا فهي اسطوانة أثبتت عدم جدواها مع من لا يرعاها حق رعايتها .. فالوطن لا يجد خيرا فيما هو يعانيه اليوم ولا يقر لمن أوصله إلى منزلة الحضيض بتمديد حكم عام أخر ناهيك عن حكم ابدي .. ونحن أبناء الحركة نطالب قيادتنا الرشيدة في حدود الشورى والتزاما بركني الطاعة والثقة أن لا تتيح أدنى فرصة للمغرضين والمشككين بالنيل من ثوابتنا وصدق مسيرتنا كما أننا لا نرضى أن نكون شماعة يُعلق عليها كل تنازل أو تخاذل فمصلحتنا مرتبطة باستقرار الوطن وحرية المواطن وأرواحنا مرتبطة بتحقيق الحق والأخوة والأمان في دولة يسودها الحب والعدل والإيمان فلا تراجع ولا انهزام ولا يأس ولا استسلام .