لا عزاء لنا وللوحدويين.. الانفصال وقع وعمد بالدم!
بقلم/ احمد طه خليفة
نشر منذ: 15 سنة و 3 أشهر و 25 يوماً
الجمعة 31 يوليو-تموز 2009 03:17 م

بكم القارورة الماء .. بستين ريال .. بخمسين مش بستين.. بستين شليت وإلا خليت .. بخمسن يا دحباشي ياحبشي .. بستين يا صومالي ياهندي .. بخمسين يا .. بستين يا.. بخمسن بستين..... واشتبكت الأيدي وليس فيها شخص اسمر أو يتحدث بلهجة غير لهجة أبناء عدن.. لكن الذي حدث أن الشرخ قد اتسع والانفصال قد وقع..

لقد كنا أنا وغيري من الكتاب والمدونين وعلى صفحات الصحف والمواقع والمنتديات نتوقع اتساع هذا الشرخ ونؤرخ له ست سنين أو أكثر لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم لكن أصحاب القرار ظلوا على طريقتهم في ترديد اسطوانات مشروخة زادت الشرخ وأدت إلى هذه الكارثة والتي لا يمكن تجاوزها إلا بقرارات صعبة تبدو في ظل العقليات القائمة مستحيلة وغير ممكنة.. وما كنا نخشى حدوثه بعد سنوات حدث بسرعة كبيرة لعبت فيه أطراف تحاول جعل البلد يعيش الأزمة تلو الأزمة حتى تبدو المهمة عسيرة بغير وجودهم ولقد كان هذا واضحا جليا في كل طرق التعامل مع القضية الجنوبية..

ومع كوني من المؤمنين بأن القضية الجنوبية ليست وليدة حرب 1994م وليست وليدة الوحدة ولكنها نتاج لظلم الأخ لأخيه منذ قيام الثورة والانتصار لفكرة القبيلة والمنطقة على فكرة الدولة.. لذلك كان يندر أن تجد ضابطا كبيرا من عدن أو حضرموت وكذلك بالنسبة للمسؤولين في المناصب العليا إلا من أجاد لعبة اللعب على الحبال وعقد التحالفات وتوقع الانقلابات ومغادرة البلد قبل حدوثها ثم العودة لجني ثمار الانقلاب.. ولقد كان التشريد العظيم لأبناء الجنوب بعد الجلاء وبالذات لذوي الكفاءات العليا والتخصصات الأكاديمية النادرة فاستقبلتهم مدن الشمال وعاشوا هناك مكرمين معززين مع بعض الخوف والقلق من الاعتقال والاتهام في فترات وجبات الاعتقالات في عام 1978م و1982 م و 1986م .. لقد كانت المشكلة الحقيقة عندما كان هؤلاء وهؤلاء ينصبون أنفسهم أوصياء على الثورة والدولة الجديدة بعد الاستقلال ويخرجون غيرهم بتهم حزبية لكنها في الأساس مناطقية .. واستمرت هذه العقلية هي التي تدير وهي التي تتحكم حتى الآن فعندما طالت حالة خليك في البيت أناس من المحافظات الجنوبية بعد الحرب لم يهتم هؤلاء كثيرا ولكن عندما بدأت تطالهم بدأ تفكيرهم بالظلم الواقع عليهم ولعل الفضلي منهم وليس آخرهم.. والمدعو الفضلي كما تصفه وسائل الإعلام الرسمية هو من القيادات التي شاركت في حرب 1994م مع الحكومة ثم دخل في مصاهرة مع الآسرة الحاكمة وكان عضوا في المجلس الاستشاري واللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم حتى مارس 2009م.. ولقد مارس هو وأقاربه مستغلاعلاقة المصاهرة مع النظام كل وسائل الفساد الممكنة من نهب أ راضي إلى التعدي على المواطنين ولم تحرك الدولة والنظام ساكنا للرد عليه أو إيقافه عند حده ولقد كان هو شخصيا يصف الحراكيين بالصعاليك .. وفجأة قلب الفضلي للنظام ظهر المجن وطفقت الحكومة تواري سوءاتها باتهامه بكل ما سكتت عنه في الماضي.. فلا كان الفضلي صادقا معنا أبناء المحافظات الجنوبية ولا النظام كان صادقا معنا نحن أبناء اليمن..

كنت أشتري غرضا في عدن ورأيت المشهد التالي أمام عيني جاء أحدهم لشراء قارورة ماء حدة.. قال بكم القارورة الماء .. بستين ريال .. بخمسين مش بستين.. بستين شليت وإلا خليت .. بخمسن يا دحباشي ياحبشي .. بستين يا صومالي يا هندي.. بخمسين يا .. بستين يا.. بخمسن بستين..... واشتبكت الأيدي وليس فيها شخص اسمر أو يتحدث بلهجة غير لهجة أبناء عدن.. وتجمع العدد الغفير من الناس بين متفرج ومشارك ولولا ستر الله لنتج عدد من القتلى أكثر من قتلى زنجبار.. نفس الموقف حدث معي أنا شخصيا عندما حاول أحدهم الدخول بسيارته أمام سيارتي بطريقة خاطئة فلم اسمح له فأخرج راسه من السيارة وقال بطلوا حركات الدحابشة واصحاب تعز وأنا سيارتي رقمها فاصل 3 يعني محافظة عدن وقبل أنا ارد عليه تذكرت الواقعة التي ذكرتها سابقا فآثرت الصمت وكلي حزن على ما يجري في وطني وكيف قدر لي أن أكون شماليا في عدن جنوبيا في صنعاء رغم افتخاري بتكوين الذي يجمع بين الطرفين منذ القدم..

ولقد زاد الطين بلا بعد جريمة قتل المواطنين من القبيطة في حبيل جبر ومجزرة زنجبار .. ففي الأولى حاولت السلطة ربطها بالحراك منذ الوهلة الأولى وشجعت أبناء القبيطة على التظاهر وعندما خرجت اللعبة عن سيطرة السلطة كالعادة وقع شهيد رابع لأبناء القبيطة في نقطة العند هذه المرة ببنادق السلطة والتي لم تعر الحادثة أي اهتمام.. ثم كانت مجزرة زنجبار وقتل المتظاهرين دون أي استخدام لوسائل الردع المعروفة من خراطيم مياه ومسيلات الدموع والرصاص المطاطي وسقط العشرات بين قتلى وجرحى.. ووصفت الدولة المتظاهرين بالمخربين وبالتالي سيكون تفسير مخرب = يستأهل ما يحصل له.. وهذا هو تأكيد لحلة التشظي في النسيج الاجتماعي اليمني..

لقد كنا نتحدث عن شطرين وشعب وبراميل في الشريجة وكرش يمكن ضربها بالقدم ليلتق أبناء الشعب لكن التشطير الآن في العقول والانفصال في القلوب ولا يصلح العطار ما أفسده الدهر والساسة العباقرة الأذكياء.. والحل هو في ظني في مقترحات الحل القادمة من لجنة الحوار ومقترحات أحزاب المشترك..

أعرف أن هناك من سيرفض طرحي وله الحق فيما يظن ويعتقد ولكن المشكلة كانت صغيرة منذ ثلاث سنوات وكان يمكن حلها لو تم الاعتراف بها وتحولت من مشكلة حقوق إلى مشكلة شراكة دفعها إلى السطح السطو على كل شيء في المحافظات الجنوبية ولعل تقارير الصحوة والوطني وغيرها من الصحف كشفت للعلن غيضا من فيض تلك الممارسات التي تشبه ممارسات المحتلين للأسف - مع كراهيتي الشديدة لهذه الكلمات - وأنا عندما أقول أن القرارات المطلوبة صعبة لكنها ستصبح مستحيلة لأن هذا معناه أن ينقلب النظام على نفسه وينزع من كل رموزه والمتشبثين به كل ما نهبوه واستلوا عليه من المحافظات الجنوبية .. وهذا مستحيل لأن النظام يعيش على إيقاع كون هؤلاء صمام أمانه وفي الحقيقة هم وقود سيفجره ما لم يدرك ويستدرك ..

نسأل الله السلامة..

asseraat.maktoobblog.com

asseraat.marebblog.com

asseraat.blogspot.com