الحقيقة المرة يا سيد جهاد
بقلم/ حسين العجي العواضي
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و يومين
الأربعاء 21 يناير-كانون الثاني 2009 04:30 م

قرأت مقالة الأستاذ جهاد الخازن في صحيفة الحياة (عيون وأذان ) بتاريخ 10\\1\\2009 بعنوان (أريد للسيد إن يعرف الحقيقة)وأنا من القراء المتابعين لكتاباته ومعجب بأسلوبه وتناوله الدائم لكثير من القضايا بما في ذالك المسلية منها إلا انه وفي بعض الأحيان يلوي عنق الحقيقة أو يجهلها وأنا هنا لست بصدد تقييم كتابات الرجل أو الدفاع عن زعيم المقاومة السيد حسن نصر الله والذي سيكتب عنه التاريخ انه أول قائد عربي يهزم ويذل العدو الصهيوني ويسقط أسطورة الجيش الذي لا يقهر ويغير المعادلات ويقلب الصورة .

فبدلا من أن كان العرب يتناصحون بعدم التحرش بإسرائيل لأنها قادرة على فعل ما تريد ومعاقبة من تريد وهزيمة من يتحرش بها أو يتحداها بل أكثر من هذا أنها قادرة على هزيمة العرب مجتمعين حتى صار هذا الفهم حقيقة مسلم بها عند الكثيرين إلا إن الصورة تبدلت بعد انتصار حرب تموز حيث أصبحنا نسمع قادة العدو السياسيين والعسكريين يتناصحون بعدم التحرش بحزب الله وانه عدو خطر لا بل يقولون إن سيف حزب الله مسلط على رقابهم وان إسرائيل لا تتحمل أن تعيش تحت التهديد فذالك يشكل خطر على وجود الكيان ودوره ومستقبله وهم الآن يجرون الأبحاث والدراسات للخروج من هذا المأزق الذي لم يعهدوه طوال تاريخ كيانهم المصطنع .

لأبل إنني أقول إن السيد نصر الله وحزبه غيروا مجرى التاريخ و الأحداث في المنطقة وأعادوا و بقوة مصير ومسار امة كانت تندفع نحو الهاوية والقبول بالهزيمة إلى حالة الصعود والثقة بالنفس والأيمان بالنصر وما يصنعه ثلة من أبطال فلسطين من ملاحم اليوم على تراب غزة الصامدة هو تأكيد على استمرار هذا الصعود برغم الأثمان الباهظة.

باختصار فالسيد ليس بحاجة لمن يدافع عنه فأفعاله تدافع عنه قبل أقواله مع إنني اعتز أن أكون من المدافعين عنه ليس بالقلم والكلمة وإنما بالروح والولد ما أريد الكتابة عنه هو ما فهمته من مقاصد خطابه عند بدء العدوان على غزة وكذا تفنيد بعض النقاط التي جاءت في مقالة الأستاذ جهاد لتبيان الحقيقة لمن يبحث عنها وأنت منهم يا سيد جهاد إن أردت :

أولا - إن السيد لم يركز في خطابه على استنهاض الشعب المصري عبثا أو حقدا على احد أو نكاية بأحد فهو لم يفعل ذالك في حرب تموز وهو تحت ضربات الأعداء وطعنات وتحريض الأخوة والأصدقاء وإنما لان تجربته في المقاومة وقرأته لكل المقاومات جعلته يدرك أن أي مقاومة تحتاج إلى عمق وسند ومدد وهو يشير دائما في خطبه ومقابلاته الى أن سورية الصمود وإيران الثورة شريكتان في كل انتصارات المقاومة وذالك لما قدمتا من دعم ورعاية ومساندة للمقاومة في لبنان وكان يطمح وكلنا نشاركه هذا الطموح أن تقوم مصر بمثل هذا الدور وهو ليس جديد عليها فقد كانت في عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي نحتفي بعيد ميلاده هذه الأيام الحاضنة والراعية لكثير من الثورات والثوار والمقاومين والأحرار من عرب وأفارقة وغيرهم وفي مقدمة ذالك كانت الراعي الأول للثورة الفلسطينية.

ثانيا- إن الرجل بنظرته البعيدة وقرأته الدقيقة للجغرافيا والتاريخ وسير الأحداث مدرك أن معركة غزة محطة هامة ومعركة فاصلة في مسار الصراع مع العدو وإنها بحاجة إلى حشد طاقات وإمكانات الأمة لإسناد أبطال غزة وهذا لا يتأتى إلا من خلال مصر بما تمثله من موقع جغرافي وقيمة إنسانية وتاريخية

فلنتخيل صورة المعركة في ظل هذا الصمود الأسطوري لأبناء غزة البواسل شعب ومقاومة لو كانت الحدود المصرية مفتوحة لوصول الدعم والمدد إلى قطاع غزة.

ثالثا -إن دعوة السيد لشعب مصر لتحمل مسؤولياته و تبوأ موقعه الذي يليق به في القيادة و الريادة كما عهدته أمته العربية والإسلامية دليل محبة وثقة ودليل إن السيد يراهن على مصر ويعول عليها كثيرا عكس ما يدعي ويكتب بعض الخونة والمأجورين وعباد السلاطين وبالتأكيد لست منهم يا سيد جهاد إلا انك تعرفهم.

ذكرت يا أستاذ جهاد إن ما لا يعرفه السيد إن مسئول مصري قال لك إن الأجهزة المصرية تعرف الإنفاق وتغض الطرف عنها وان مصر لا تلاقي على هذا العمل الجبار و العظيم كلمة شكرا بل السباب والشتائم .

وهنا أقول إن هذا المسئول المصري الذي أباح لك بهذا السر الكبير والخطير هو نموذج ساطع للعقلية التي تقود مصر والتي لا تدرك قيمة وأهمية دور مصر ومسؤولياتها التي هي اكبر وأعظم من نفق يحفر هنا أو معبر يفتح هناك .

ومع ذالك إن ما نراه من إصرار على إغلاق المعبر في هذا الظرف الاستثنائي و الإنساني وما نقرأ في الصحافة الغربية والإسرائيلية وما يردده بعض المسئولين الأسرائيلين والغربيين وعلا رأسهم الرئيس ساركوزي إن رأس النظام في مصر يحث الإسرائيليين على الاستمرار في العدوان حتى هزيمة حماس كل هذا لا يتماشى مع ادعاء غض الطرف لهذه العين العمياء أصلا .

وأقول ومن خلالك لهذا المسئول المصري (المغمض )أي شيء أقبح وأوقح من إن نرى زخات من الشاحنات تمر من المعابر التي يسيطر عليها العدو الصهيوني بينما انتم تمنعون وصول المساعدات الإنسانية والأطباء والدواء إلى أطفال ونساء غزة لا بل تمنعون من أراد الفرار والنفاذ بجلده من المحرقة من الخروج عبر معبر رفح أليس هذا مشاركة سافرة في ذبح أبناء غزة .

وأقول له أيضا إن غزة لو كانت على حدود الولايات المتحدة الأمريكية ( مامة إسرائيل وأبوها )في مثل هذه الظروف الإنسانية لفتحت المعبر لدخول المساعدات واستقبلت الفارين ليس حبا في أهل غزة وإنما لان الدول تتعامل بما يليق بها أمام الأمم الأخرى وبما يراعي المصالح العليا لشعوبها ومنها عدم زرع الأحقاد والضغائن على حدودها .

قلت يا أستاذ جهاد أن مصر قادرة أن تحشد لو أرادت 100الف جندي لإحكام السيطرة على حدود غزة وإغلاق كل الإنفاق ومنع الطير من العبور .

وأنت تعرف والمسئول المصري وأنا والشعب المصري يعرف إن سيناء منقوصة السيادة وانه لا يسمح بدخول الجيش المصري إليها إلا بموافقة من إسرائيل حسب الاتفاقات الأمنية حيث إن الجانب الأمني من اتفاقات كامب ديفد يقسم سيناء إلى ثلاث مناطق المنطقة الأولى - والتي تحاذي قناة السويس من بور سعيد حتى مدينة السويس يسمح بالتواجد فيها لرجال الشرطة بعدد محدد و لواءين من الجيش بأسلحة خفيفة ومتوسطة المنطقة الوسطى - يتواجد فيها رجال شرطة بعدد محدد ومحدود بسلاحهم الفردي (كلاشنكوف) ومن الذخائر خط ناري واحد لا غير 120 طلقة للكلاش 16 طلقة للمسدس

المنطقة الثالثة - منطقة محايدة منزوعة السلاح تتواجد فيها قوات أمريكية تدفع مصر من نفقاتها 20 مليون دولار يخصم هذا المبلغ من المساعدات التي تقدمها أمريكا للجيش المصري وحسب الاتفاقيات لا تنسحب هذه القوات إلا بطلب من مصر وإسرائيل معاً أي أن انسحابها من عدمه مرهون بقرار إسرائيل ومقتضيات أمنها

كما انه لا يسمح بأقامت أي مطارات عسكرية أو دخول طيرا ن حربي إلى سيناء أو إنشاء أي منشئات ذات طابع عسكري وليكون في علمك أن كاتب هذه السطور لم يستقي هذه المعلومات من الاتفاقيات المكتوبة فقط بل انه رأى ذلك بأم العين مجسدا على الواقع حيث كان احد ساكني الإسماعيلية لمدة4سنوات وتجول في سيناء بكل مناطقها عشرات المرات وعرف كثير من أبنائها والموظفين فيها بما في ذلك عشائرها

وعليه يا سيدي يجب إن تعرف إذا كنت تجهل إن العدد المسموح به لمصر على حدود غزة كاملة بما فيها معبر رفح وحسب الاتفاقات الأمنية 250 شرطي لا غير رفع هذا العدد بعد تصاعد عمليات المقاومة وبعد نجاح حماس في الانتخابات وبطلب من إسرائيل وبموجب برتوكول امني إلى 750 شرطي لضبط تهريب الأسلحة إلى المقاومة أي أن زيادة العدد من نقصانه مربوط ليس بقرار مصري بل بمقتضيات امن إسرائيل ولله الحمد أما قولك إن مصر لن تفتح المعبر إلا للسلطة الفلسطينية فعن أي سلطة تتحدث هل السلطة هي فقط من تعترف بها إسرائيل وامريكا ومبارك أما من انتخبهم الشعب الفلسطيني فليس لهم سلطة ياللعجب أنا اعرف انك من دعاة الديمقراطية والمنادين بسلطة الشعب والشعب الفلسطيني انتخب حماس أما عباس الذي يعتقل الضفة ويمنعها من المشاركة في المقاومة الى جانب غزة فأنت وأنا والشعب الفلسطيني نعرف كيف أتى إلى السلطة ومن فرضه على أبو عمار والشعب الفلسطيني فإذا كنت ملتزم بمعايير الديمقراطية فعليك أن تعرف وتعترف أن السلطة الشرعية هي حماس.

مع أن الرئيس المصري كان أكثر جرأة وصراحة إذا لم نقل وقاحة حيث قال وعلى شاشات الفضائيات أن المعبر لن يفتح إلا بموافقة إسرائيل ووجودها باعتبار غزة ارض محتلة هل نسي هذا الرئيس المنغمس في ملذاته في منتجعه الدائم بشرم الشيخ أن شارون خرج من غزة ذليلاً مدحوراً بدماء وسواعد أبناء غزة البواسل .

أما أيحاك أو اعتقادك إن مصر ترفض وجود مراقبين دوليين على حدود غزة صوناً للسيادة المهدورة كما أسلفت لك أو لتخفيف الخناق على غزة الذي يتجلى في أبشع صوره هذه الأيام من الجانب المصري فذالك اعتقاد خاطئ فالأمر يتعلق بمصالح الرجل القوي في مصر (عمر سليمان)الذي يعد نفسه ويرتب أوراقه

للانقضاض على السلطة في اللحظة المناسبة وهي حين يصبح أمر توريث ابن الرئيس أمرا واقعا بالوفاة أو الاعتزال حينها وفي ظل رفض شعبي وسياسي ينقض عليها ويتحول إلى بطل قومي أنقذ الوطن من كارثة التوريث والعم سام وأولاد العمومة والإخوة جاهزين لدعمه عليك أن تعرف أن الرفض للمراقبين الدوليين مرتبط بشبكات التهريب التي كان يديرها أتباعه مع بعض الأسرائيلين ومحمد دحلان المستميت سليمان على إعادته إلى غزة بأي وسيلة وأي ثمن بتهديد حماس وحصارها والتآمر عليها أو على ظهر دبابة إسرائيلية ولو على ركام غزة وأشلاء أبنائها دحلان الذي قال وبالحرف في مقابلة مع مجلة (دير شبيجل الألمانية) انه سعيد جدا بهذه الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس ،هل سمعت احد من الأسرائيلين يا سيد جهاد قال انه سعيد بهذه الحرب غير محمد دحلان؟ .

وأنت تعرف وأنا والسيد يعرف والشعب المصري يردد ومنهم الأستاذ هيكل على قناة الجزيرة إن حسني مبارك ارتهن مصر التاريخية والسياسية والدور لدى الأمريكان مقابل استمرار النظام وحمايته وغض الطرف عن ممارساته بحق شعب مصر وقواه الحية ..

(في سجون النظام المصري 86الف معتقل سياسي ولا تحرك أمريكا والغرب ساكناً بينما لو اعتقل في دمشق البني أو الفضي ،الكيلو أو المتر قامت الدنيا ولم تقعد لكل شيء ثمن الارتهان مقابل الاستمرار والحماية) هذا أهم منجزات الرئيس المصري أما المنجزات الأخرى إذا أردت أن تعرفها فارجع إلى مقالة السفير الإسرائيلي السابق في مصر المنشورة في (يدعوت احرنوت) العام قبل الماضي والذي لا اشك انك قرأتها حيث قال أن مصر خلال 25 سنة لم تحقق أي انجاز أو تقدم بل أنها تأكل من لحمها(هكذا قال) في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والعلمية بما في ذالك دورها الإقليمي حيث قال كنا نعتقد إن مصر بعد كامب ديفد سوف تكون جسر السلام والتطبيع مع العرب إلا أنها عجزت عن القيام بهذه الدور .

ثم في الآونة الأخيرة راهنا أن تكون وسيط لانجاز السلام بيننا والفلسطينيين إلا أنها عجزت أيضا عن القيام بذالك وألان هي منشغلة بالتوسط بين الفلسطينيين إلا إني أراها تفشل، ولم يعد مطلوب منها إسرائيلياً

إلا الجانب الأمني والغطاء السياسي وإنني اشك أن تنجح في ذالك....انتهى كلام السفير.

وأنا اتفق مع سفير العدو في كل ما قاله عدا الفقرة الأخيرة فقد اثبت النظام المصري في الحرب الدامية على غزة انه قادر على القيام بهذه الدور إلى درجة أدهشت صحافة وساسة العدو والرئيس بوش مما دفعه إلى مطالبة العالم بما في ذالك أمريكا بعدم القيام بأي دور أو جهد دون التنسيق والرجوع للرئيس مبارك لان ما يقوم به هو الأفضل، هذه هي الحقيقة المرة التي صار يعرفها الجميع مهما داريناها يا سيد جهاد .

رسالة الى الشعوب-

أما الشعوب العربية والإسلامية التي تخرج إلى الشوارع لإدانة العدوان والضغط على الحكام لمساندة إخوانهم في غزة وهو عمل نباركه، فهي أيضا لازم تعرف إن هؤلاء الحكام لو كانوا يصغون لأصواتهم ويهتمون لآلامهم وآمالهم لما وصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه من الذل والهوان، وان عليهم إن يفكروا بوسائل وبدائل وأفعال أخرى لإزالة هذه العروش التي أضحت تمثل مستوطنات لأعداء الأمة وأول هذه الأفعال اقتلاع سفارات العدو الصهيوني وأسياده الأمريكان قد يقول قائل أن قوات السلطة سوف تواجههم بالرصاص الحي ولن تتردد عن قتلهم وهذا صحيح ووارد وقد رأيت بأم عيني طيلة السنوات الماضية وعلى مدار 24ساعة المئات من جنود الأمن المركزي المصري في ناقلاتهم متأهبين بجوار حديقة الحيوانات بالجيزة تحسبا لأي تحرك طلابي قد يحدث في جامعة القاهرة ويتجه إلى سفارة العدو القريبة من الجامعة إلا إنني أرد على هذا القول بسؤال للشعوب وبالذات شعب مصر ماذا لو فتح لكم باب الجهاد والكفاح؟ أليس انتم مستعدون إن تذهبوا أفواجا للاستشهاد على تراب غزة الجريحة الشامخة؟ أنا على ثقة تامة إن الإجابة هي نعم وألف نع.م

إذاً عليكم إن تدركوا إن استشهادكم على أسوار هذه السفارات يساوي استشهادكم على تراب غزة بل ربما أعظم في نتائجه لأنكم بدمائكم سوف تطلقون اسر امة لتنتصر لذاتها وقضاياها وتنصر أخوانكم في غزة ،إن مصيركم ومستقبلكم يصنع اليوم عند أقدام أبطال غزة وأشلاء أطفالها ونسائها وركام منازلها ومساجدها فانظروا ما انتم فاعلون.

أخيرا أرجو المعذرة من الأستاذ جهاد إذا حملت ردي على مقالته أكثر مما تحتمل فذالك يرجع إلى إدراكي لسعة صدره و لأنه و مهما اختلفنا معه في الرأي فهوا مع المقاومة ضد إسرائيل وهذا ما أكده في مقالته، ولذا وجب تنبيهه إلى معرفة بعض الحقائق التي يطالبنا بمعرفتها كي نصل إلى الحقيقة معا.

كما لا اخفي إنني انتهزت فرصة مخاطبته للرد على ادعاءات وكتابات بعض المتصهينين العرب والذي يترفع المرء عن مخاطبتهم بشكل مباشر فجزاه الله عني خيرا الجزاء.