لا للغش وخداع العقول
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 14 سنة و 5 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 23 يونيو-حزيران 2010 08:03 م

بدأت هذا الأسبوع في عموم محافظات الجمهورية, بما فيها أمانة العاصمة, امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية, وهي ما تسمى بـ"الامتحانات الوزارية" أي التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم مباشرة .

إذ يتقدم لأدائها 526 ألف و154 طالبا وطالبة موزعين على 4 ألف و293 مركزا امتحانياً, منهم 320 ألف و649 طالبا وطالبة في الشهادة الأساسية في 2902 مراكز امتحانية، فيما يؤدي 205 ألف و505 طالبا وطالبة للشهادة الثانوية بقسميها العلمي والأدبي موزعين على 1391 مركزا امتحانياً .

إلى ذلك, وبحسب ما نقلته أسبوعية "الغد", فقد أكد تقرير (رسمي), صادر عن المجلس الأعلى لتخطيط التعليم, أن مخرجات التعليم بشكل عام والجامعي بصفة خاصة تعاني من تدني مستوياتها, وأصبحت مصدراً أساسياً لمشكلة البطالة بين خريجي الجامعات الذين بلغ عددهم أكثر من (99) ألف متخرج بحسب بيانات وزارة الخدمة المدنية والتأمينات .

وبيت القصيد أن مئات الآلف سيتجهون إلى المراكز الامتحانية وقل من تجد برأسه معلومة يستطيع أن يدونها في دفتر الإجابة؛ لأن الامتحانات الوزارية لن ينجح فيها أي طالب إلا بفيتامين ش, الشهير بفيتامين "الغش", ولا أستبعد أن يكون أبناء (الهاي هاي) قد تمكنوا من حل الامتحانات الوزارية مسبقا نتيجة للتسريب, ولله الحمد .

ولعل ما فجعني حقا, وأذهلني هو أنني رأيت فعليا أن هذه الآفة قد وصلت مدينة كـ"عدن", بل وتغلغلت في مرأى ومسمع الجميع, وإذا أردت أن تنجح وبعلامة مشرفة فاذهب إلى "عدن", ويا عيني عليك يا عدن ..

والعجيب أن هذا الأمر يتم في ظل سكون وصمت الجميع, سواء (المناضلين) أو العقلاء والمثقفين وطليعة الأمة, أو حتى الصحفيين ..

وإن سلمنا قطعا أن نظام صنعاء يريد مخرجات تعليمية سيئة, وطلابا فاشلين, وتعليما هشا وضعيفا, في جميع أنحاء البلاد, فأين الشعب وقواه الحية.. وأين دور الأسرة ودور قادة الرأي.. وأين الذين يناضلون من أجل أهداف سياسية ويتناسون أن أسمى نضال هو أن توجد شبابا متعلما ومثقفا عارفا بما له وما عليه؟؟ أم أنهم هم الآخرون يريدون شبابا "حاضر يا سيدي"؟.. وأين الشباب والطلاب من برامج الأحزاب السياسية, ومنظمات المجتمع المدني؟, وأين الشباب من قوى المجتمع؟ ..

أنتم اليوم يا سادة ويا قادة تنظرون إلى مسألة التعليم على الهامش, إذ لا يهمكم طالبا تعلم أو تلميذا تلقى تعليمه وفق ما ينبغي, وكل ما تريدوه هو الاستغلال البشع سواء كنتم في معارضة أو في سلطة أو في حركات التحرر من الظلم والفساد.. وعجبي على الأخيرة من صمتها المطبق, بل والمريب, فهي تناضل وتقدم حتى الدماء ولا تلتفت إلى مسألة مهمة كالتعليم.. لأن كل شيء سيكون على ما يرام على سفح جزيرة "طوبا ".

إن الغش فيروس ينخر المجتمع بسرعة فائقة, ويسبب عاهات مستديمة في حياة الشعوب.. ومن البوادر المفزعة جراء ذلك مشكلة البطالة بين خريجي التعليم العام وخصوصا الجامعات, وقلة الوعي, وغيرها؛ نتيجة التعليم السيئ والقائم على الغش.. وبعد ذلك نأتي لنصرخ ونقدم التحليلات والتفسيرات والكلام الممجوج عن شاب انتحر أو فجر نفسه أو قام بعلمية إرهابية أو قال إنه يريد كيت وكيت ..

ولقد بلينا بأعظم بلاء تبتلى به الشعوب.. حيث نجد حملة الماجستير وربما الدكتوراه وقبلهم الدبلوم والبكالوريوس لا يجيدون صياغة رسالة خالية من الأخطاء (الإملائي) ولا أشير لغيرها.. تخيلوا أن هذا حاصل بعد 48 عاما من الثورة, و20 عاما من الوحدة.. ونظامنا السياسي أزعجنا ليل نهار أنه أوجد مدارس وجامعات لم يوجدها الإمام أحمد ولا أبيه يحيى, بل وتجرأ أن يقول ولا أوجدتها بريطانيا ..

يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ..

فلا غرابة أن يفعل الشباب ما عنّ له أن يفعل؛ لأن الجزاء من نفس العمل ..

ولا أريد أن أناقش هنا تبريرات الطلاب في أنهم لا يتلقون تعليما جيدا حتى يعتمدون على ذواتهم في حل الامتحان؛ لأني أشير هنا إلى معالجة هذه المأساة معالجة جذرية متكاملة تشترك فيها الأسرة والمدرسة .

وليس لي هنا إلا أن أتوجه إلى قوى المجتمع الحية والضمائر اليقظة بأن ينظروا إلى هذا الجانب بعين الاعتبار, فلا ترتقي الشعوب وشبابها قائمون على خداع العقول.. فيكفي أجيال مارست الغش, فلنبدأ حياة جديدة غير مغشوشة ..

ولنرفع شعار: لا للغش وخداع العقول ....

nashwanalothmani@hotmail.com

*نقلا عن صحيفة "أخبار عدن".