الرئيس اليمني ونائبه وخطة الأمم المتحدة
بقلم/ د . محمد صالح المسفر
نشر منذ: 7 سنوات و 8 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 14 مارس - آذار 2017 03:36 ميقوم المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بجولة جديدة في المنطقة بدأها بالكويت ثم المملكة العربية السعودية. وتقول المعلومات إنه يحمل في حقائبه صيغة معدلة لمهمته في اليمن من أجل تحقيق السلم الاجتماعي والأمن في ربوع اليمن.
(2)
لا جدال بأننا جميعا ننشد الأمن والاستقرار في اليمن، وعودة السيادة إلى أصحابها، السلطة الشرعية، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور. ودحر الانقلابيين على الشرعية الذين اختطفوا اليمن بكامله. إن استعادة اليمن من هؤلاء البغاة ضرورة وطنية يمنية، وضرورة أمنية خليجية، سواء بالطرق السلمية أم عن طريق القوة المسلحة. والحق أن القوى الوطنية اليمنية بكل مكوناتها لن تستطيع استرداد شرعيتها، واستعادة اليمن من خاطفيه، حتى بدعم ومشاركة قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية إلا بوحدة هذه القوى، وتوحيد كلمتها، والسيطرة الفعلية والحاسمة على جميع المنافذ البحرية اليمنية وتحصينها. وكذلك تحرير محافظة تعز والاقتراب من تخوم العاصمة صنعاء ولا أقول بدخول السلطة الشرعية صنعاء بالقوة، لأن سقوطها لصالح الشرعية تحصيل حاصل، إذ تمت السيطرة الكاملة على الجوف ومأرب والحديدة وتم تحرير تعز العزة والكبرياء. إن تعدد الأهداف للأحزاب اليمنية الرافضة للانقلابيين والميل نحو جهات بهدف نصرة جماعة على أخرى لتحقيق مصالح ذاتية أو جهوية أمر سيقود اليمن إلى ما آل إليه الوضع في سوريا الحبيبة، حرب لن تنتهي، ولن يكون فيها منتصر، والكل مهزوم.
(3)
يؤسفني القول إن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المندوب الأممي في اليمن ليس بريئًا فيما يفعل هناك، إنه في تقديري أحد معوقات إنهاء مأساة الشعب اليمني بأطروحاته ومقترحاته غير البناءة.
في جولته الأخيرة التي قطعها وعودته إلى لندن لحضور اجتماع اللجنة الرباعية المكلفة بالشأن اليمني، دون لقاء الرئيس اليمني رغم أنه كان من المقرر أن يجتمع به قبل مغادرته الرياض، المقر المؤقت للقيادة اليمنية- أمر يثير الريبة من إدارته ونواياه. تقول المصادر اليمنية إن ولد الشيخ أجرى تعديلات على مبادرته السابقة التي رفضتها السلطة الشرعية اليمنية، والتي مؤداها رئيس بلا صلاحيات، وإقالة نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر، وتعيين نائب توافقي، تعطى له كامل الصلاحيات، إلى آخر المسلسل المعروف.
الصيغة الجديدة التي أتى بها ولد الشيخ، حسب التسريبات، تنص على إبقاء الرئيس عبد ربه منصور بمنصبه وبكامل الصلاحيات التي منحها له الدستور، حتى إجراء انتخابات رئاسية. وتنص الصيغة على إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية، الأمر الذي يؤدي إلى إقالة نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن، وعدم تعيين أي بديل له، وتعيين رئيس وزراء توافقي يعطى كامل الصلاحيات. وفي تقدير الكاتب أن هذه المبادرة تعتبر من غرائب عصر السياسة منذ مؤتمر وست فاليا 1648، الذي أقر، إلى جانب أمور أخرى، مفهوم السيادة، وهذه المبادرة هي إخلال بمبدأ السيادة. صحيح أن مفهوم السيادة قد جرى عليه الكثير من العبث خاصة بعد احتلال العراق عام 2003. لكن يظل المفهوم قائما رغم المحن. وسؤالي للسيد ولد الشيخ: أليست هذه التعديلات هي كل ما يطلبه الحلف الثنائي صالح والحوثي؟
(4)
السؤال الذي يثيره الكثيرون: لماذا تدور كل جهود المندوب الأممي حول الاستجابة لمطالب خاطفي الدولة اليمنية بقوة السلاح الحوثي وعلي صالح؟ الرئيس اليمني عبد ربه، بموجب المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية هو الرئيس الشرعي للدولة اليمنية، ومهمة المندوب الأممي ولد الشيخ إسماعيل تقتصر على العمل لتنفيذ القرارات الدولية، ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الذي شاركت فيه كل القوى اليمنية. إن من أهم واجبات المندوب الأممي إسماعيل ولد الشيخ في اليمن إجراء استطلاع عام عن المشكلة والاتصال بأطراف أصحاب السيادة وتدارس الخروج من الأزمة معهم، وتحديد المعتدي. أما بالنسبة لمغتصبي السيادة اليمنية بقوة السلاح فلا حوار معهم، وعلى المندوب الأممي إن كان نزيها مطالبة مجلس الأمن بتطبيق القرارات الأممية ذات الصلة ضد المعتدين طبقا للفصل السابع من الميثاق. أما مهمة قوى التحالف العربي فهي مساعدة الحكومة الشرعية اليمنية لا استرداد شرعيتها من مختطفيها، وإنهاء التواجد والنفوذ الإيراني في خاصرة المملكة العربية السعودية. فلماذا تدور جهود المبعوث الدولي حول الرئيس ونائبه الفريق علي محسن، والمطالبة بتعيين رئيس وزراء توافقي له كل الصلاحيات؟ مع من يكون التوافق؟ حتما مع الانقلابيين حسب نوايا ولد الشيخ. هنا يكون التناقض: تارة تقول مبادرة ولد الشيخ بقاء الرئيس بكل صلاحياته، ثم يعود باقتراح صلاحيات كاملة لرئيس الوزراء المقترح. إنه أمر عجيب!
(5)
نؤكد القول بأنه ليس من حق أي طرف من الأطراف المنشغلة بالشأن اليمني التدخل في أي أمر سيادي يمني، فالمناصب العليا في الدولة يحددها رئيس الجمهورية طبقا لقواعد الدستور اليمني. ولكن في ظل الظروف المضطربة فإن من حق دول التحالف العربي أن تعرف بخطط القيادة السياسية اليمنية في هذا الشأن مسبقا، ولكن ليس لهم حق الفيتو على أي منصب يقترحه الرئيس لأن المثل العربي يقول "أهل مكة أدرى بشعابها".
خشيتي كبرى على مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي، إذا قبلوا لأنفسهم التدخل في شؤون اليمن الداخلية وفرض إرادتهم على السلطة اليمنية بتعيين أفراد محددين سلفا في المناصب العليا لا تقبل بهم تلك السلطة، وقبول دول المجلس بتطبيق نظام المحاصصة هناك. إنهم بذلك يسجلون على أنفسهم سابقة، وقد يأتي اليوم الذي يفرض المجتمع الدولي على نظمنا السياسية نظام المحاصصة، خاصة في ظروف تقدم اليمين المتطرف لتولي القيادة في الكثير من الدول الغربية. إذا قبل قادتنا الميامين في الخليج العربي بمشاركة أحزاب سياسية مسلحة في الحكم، أو مدعومة بقوى خارجية تدين لها بالولاء فإن الأمر سيصبح في غاية الخطورة على وحدة دولنا، وهذا النموذج يدرس الآن في المؤسسات الديمقراطية الغربية في الشأن البحريني والحبل على الجرار. أما آن لكم أن تعتبروا يا قادتنا الميامين بما يجري في العراق ولبنان اليوم؟!
آخر القول: حصنوا اليمن بعدم التدخل في شؤونه الداخلية. أعينوه على استرداد شرعيته، وإعادة إعماره، وبناء دولته على أسس وحدوية شاملة. ارفضوا نظام المحاصصة في أي قطر عربي فإنه الشر المستطير في مجتمعاتنا. أسرعوا في تحرير الموانئ البحرية خاصة الحديدة وميدي. وإن الله معكم.