نصرة الرسول بكف الأذى عن أهالي ( الجعاشن ), والترصد لدودة النغف
بقلم/ محمد العلائي
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الخميس 28 فبراير-شباط 2008 05:54 م

مأرب برس - خاص


نحن امة مهزومة, لا مراء في ذلك, اقله حتى كتابة هذه العبارة. فأنى_ والحال هذه_ ننتصر لرموزنا, ايا تكن هذه الرموز؟

صباح الاثنين ألفى رئيس تحرير المصدر نفسه ماثلاً أمام مسؤول رفيع في وزارة الإعلام. ولقد بدا الرجل(المسؤول)، في أول الأمر مكفهر الوجه، لكنه ما لبث أن تحدث بأسلوب درامي بارع, تمتزج فيه الخشونة بالقليل من الليونة.

إنها لطريقة ملائمة جداً لتسريب قدر كافٍ من القلق إلى نفس الماثل في حضرته.

- "المصدر" تسيء لرئيسنا –قال الرجل وقد بدا عابساً- وهي تخالف قانون الصحافة والمطبوعات، وبالتالي سنتخذ إجراءات عقابية ضدها... انتهى المشهد، بيد أن الستار لما يسدل.

فأسوأ من ذلك تم بعد هنيهة فقط: أصدرت وزارة الإعلام أمراً يقضي بمنع طباعة صحيفة الشارع في مطابع الثورة.

في مملكة الدنمارك ليس ثمة محمد شاهر، بتاتاً. كلما هنالك، أن الصحفيين في ذلك البلد الذي يرفل في النعيم لا يمتثلون إلا لمشيئة الأمور التي يعتقدون أنها سديدة، مهما كانت هذه الأمور في نظر الآخر/ين حمقاء وبذيئة وخاطئة.

درجت العادة على أن المرء يستمرأ دوماً خوض المعارك الأكثر تجريدية. (وهي معارك ذات طابع ذهني عاطفي "متخيل" ولا ترتب أية التزامات مادية آنية بالضرورة).

عندما أعادت نحو 17 صحيفة دنماركية قبل بضعة أسابيع الرسوم الكاريكاتورية التي تنال من شخصية الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، تقاطر "العلماء" بقضهم وقضيضهم للذب عن عرض النبي الكريم. الحكومة بدورها لم تدخر جهداً حيال الرسوم.

كان الأمر ليبدو جيداً لو لم نكن، نحن أمة محمد في اليمن، لدينا ما يمكن أن نستميت من أجله قبل أي شيء آخر.

إن أمةً لا يكون الإنسان في رأس سلم أولوياتها لن تجد -في صيرورتها- للسؤدد سبيلاً. الإنسان بما هو قيمة وكينونة فائقة القداسة عند الله.

والحق أنه ما من عيب في الرسول كي نستبسل في الذود عنه. ليس من شك في أن الرسوم مؤذية, ولا تتم مطلقاً عن سوية أخلاقية، لكنها في نهاية الأمر ليست أكثر إيذاءاً من دودة النغف المقززة والمثيرة للهلع والاشمئزاز التي تأكل البشر في محافظة حجة بشراهة مخيفة، فضلاً عن الحيوانات.

في وقت متأخر، وبأقل مستوى من الحماسة، هرعت وزارتا الصحة والزراعة لإغاثة المنكوبين.

وإذ ما تزال تؤدي الدودة مهامها على أكمل وجه، يرفع العلماء عقيرتهم بالصراخ في صنعاء دفاعاً عن الله. لا بد أنها معادلة مكتنزة بالغموض وفوق قدرتنا على الفهم. أليس كذلك؟!

صباح الأحد الفائت زج شيخ مملكة الجعاشن بالأخوين: عبد الرقيب، ومحمد عبدالله أحمد صالح في زنزانته. ففي حين عجزا عن دفع شيء اسمه "العُشر"، وهي مبالغ تتراوح بين 60، 80 ألف ريال، لم يجدا محيصاً من الوقوع في شرك الشيخ، الشرك الجهنمي.

ولقد نزح عقب ذلك أبناء عزلة العنسيين تفادياً لفتك الشيخ وهمجية عساكره.

على أن المفارقة تختبئ في هذا الخبر: الإعلان في صنعاء عن تشكيل هيئة يمنية للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم تقوم برصد الإساءات والرد عليها. وجامعة الإيمان تسعى لإنشاء قناة فضائية ناطقة باللغتين العربية والإنجليزية موجهة إلى أعداء الأمة لتعريفهم بالدين الإسلامي والرد على الشبهات.

قبل كل شيء يتوجب علينا التأكيد على أن مسعى جامعة الإيمان لا تشوبه شائبة. وعليه لا يجدر الإزدراء به أو التقليل من شأنه.

لكن وبالموازاة، لا يستطيع المرء تفادي وساوس من هذا القبيل: إلى أي حد كان سيبدو دور جامعة الإيمان فاعلاً ومجدياً لو أنها نظمت مؤتمرات للذب عن كرامة "ناس الجعاشن"، وأسهمت في منح العزاء المناسب للمسلمين في تهامة الذين يقفون في مجابهة شرسة وغير متكافئة مع دودة شريرة ونهمة وليس مع مجرد رسم كاريكاتوري أخرق.

ولئن أوعزنا لجامعة الإيمان بهاتيك الاستدراكات، فإن الأمر نفسه ينطبق على رئيس الوزراء علي محمد مجور, الذي أنبرى في ملتقى نصرة الرسول يدعو نيابة عن الرئيس إلى: "ضرورة إصدار قانون عالمي يمنع الإساءة للأديان السماوية والرموز الدينية".

المؤكد أن ما يحصل في الجعاشن من أعمق الإساءات للأديان. ولا ريب أن خذلان البشر الذين تتآكلهم الدودة الحلزونية هو خذلان للنبي الذي أرسله الله رحمة للعالمين.

لا أسهل من القتال بالعاطفة. والراجح أنه ما من أحد إلا ويتحلى بجهوزية عالية للانخراط في خضم المعارك النظرية.

لا شيء يحسن صورة الإسلام مثل سد رمق الجوعى الرازحين تحت وطأة المرض والعاهات والمخاوف المستديمة.

مطلع هذا الأسبوع قال وزير الصحة إن ما يفوق الـ3 مليون شخص في اليمن مصابون بالبلهارسيا. إنها لمصيبة أفدح من أي مصيبة..

وعلى الجملة فالطريقة المثلى للرد على الدنماركيين (الأوغاد) هي أن نعكف جميعاً لرسم لوحة فاتنة من الحرية والعدالة والمساواة والتكافل الاجتماعي على وجوه البشر المغموسين قسراً في الجحيم.

وكم سنحب الرسول صلى الله عليه وسلم لو أننا افقنا ذات يوم على وزارة إعلام خالية من محمد شاهر.

وكم سيكون مثمراً لو انتصرنا فعلا للمسلمين في مملكة الجعاشن, عوضاً عن منازلة (الكفار) في مملكة الدنمارك.

alalaiy@yahoo.com