حراس الفضيلة وسلطان الاستبداد المعصوم
بقلم/ الدكتور عبدالشكور المغني
نشر منذ: 16 سنة و 3 أشهر و 16 يوماً
الخميس 14 أغسطس-آب 2008 05:23 م

كم هو شقى ومظلوم هذا الشعب اليمني استبد به اللائمة واستبد به الجمهوريون والاشتراكيون واستبد به دعاة الديمقراطية واصحاب الشعارات القومية والدينية واستبد به المشائخ والتجار ، هذا هو الاستبداد يتجدد بصورة متكررة نلمسها نحن في واقعنا اليوم ليصبح استبدادا جمهوريا ديمقراطيا قبليا اسريا ماليا وقد تولد هذا النتاج بمساهمة الجميع وعبر مراحل العقود السابقة في تعزيز فساد وطغيان الحكم كنسيج واحد يمارس العبث والعبثية والحيلة والخداع والظلم والطغيان ويجد له اسناد ديني يصنعه فقهاء السلطان .

ابنا الشعب وقواته المسلحة و الامن يصبحون قطيعا من الاغنام تذبح حين يحتاج الى ذبحها الزعيم واعوانه يقدمونهم قرابين حماية لاسوار القصر من الطامعين فكيف وصل هذا الحال الى هذا المستوى من الامر لقد اعانوه دعاة الدين والوطنية والقومية والمذهبية والثورية والبرجوازية والقبلية واسواء الجميع اولئك الذين يدعون انه علماء وولاة امر كونهم يعلمون العقيدة والشريعة وفرضية العدل والشورى والحرية وانهم ورثة الانبياء والمرسلين وحماة الفضيلة والشريعة وآمري المعروف ومنهيى المنكر هولاء الذين نعتقد عنهم انهم اكثر فهما وادراكا لدين العدل والحرية والمساوات والتنمية ومقاومة الظلم والفساد والبغي .

لقد كثر الفساد وطغى الاستبداد فانهارت القيم وسقطت الفضيلة بسقوط العمائم البيضاء النقية وقامت بدلا عنها عمائم فقهاء السلطان والاستبداد الذين يؤمنون بعصمة السلطان واعتباره ظل الله في الارض ، وانتشر الفقر حتى باع الناس أعراضهم وكرامة بناتهم وأطفالهم حيث حولوهم تجارة للتسول في الداخل والخارج لتنتهك كرامتهم وانسانيتهم ، وتحرق اجساد الجوعى والمحرومين من ابناء البلد في القمائم في بلاد احرق بها أهل الأخدود في زمن بعيد ، ونهبت اراضي المزارعين في تهامة من قبل رجال السلطة ومشائخ وقادة السلطان وتجاره ظلما وعدونا ونهبت اراضي الدولة واراضي في الجنوب وفي كل محافظات البلاد .

ازداد طيش الاستبداد لينتشر الموت والمرض والهلاك والجهل والامية في البلاد ودمرت البيوت على ساكنيها بصواريخ وقاذفات الجيش واحرقت المزارع وشرد الناس من هول دمار لعبة الحرب المتكررة في صعدة ومناطق عديدة وقتل المواطنين والعسكر دون وجه حق سوا متعة اللاعبين واصحاب القرار وتجار الحرب وقتل الناس كي يبقى الاستبداد هائجا طائشا لاضمير له ولا اخلاق ويبقى المستبدين والفاسدين وعيالهم واعوانهم يعيثون فسادا لاهم لهم الا الحكم والسلطان هولاء . (الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد) فافقروا الناس وباعوا البلاد وأراضيها وثرواتها هكذا يحدث في البلاد وأصحاب العمائم حراس العقيدة والشريعة والفضيلة لايرون ذلك منكراحتى ينكروه ويمنعوه فعقيدتهم تقوم على الطاعة للسلطان وان ضربك وسرق حقك وانتهك عرضك وكرامتك وان مارس الظلم وظواهر الكفر فله الطاعة والانقياد له مادام يصلي ولو نفاقا .

وعندما ينكر الناس والصحفيون منكرات الواقع وفساد الدولة والمتنفذين ويدعون للمعروف الحق ومواجهة الظلم بكلمة الحق ويستنكرون على بعض دعاة الفضيلة التي اعتبرها البعض بان دعوتهم لإقامة مايسمى بهيئة الفضيلة بانها دعوة ضرار انما يستهدف استخدامها المستبد الاكبر كسيف مصلت باسم الدين على الناس وعلى أصحاب الراي والفكر ويقف وراءها النظام فرجال الهيئة اصدر بعضهم وقبل نشؤها اصدر فتوى تكفير ضد اصحاب الراي والكلمة الذين يدافعون عن الحق بكلمة الحق عند سلطان الجور لانتقادهم هذه الدعوة واباح دماءهم المعصومة لانهم انتقدوها وانتقدوا اصحابها ، فاي فضيلة تلك التي تدعون الى حمايتها وانتم احوج الناس الى تثبيتها في ضمائركم كي تعرفون الحق ومسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي انتم صامتون عنه فلم يسمع منكم موقفا ضد مايدور في البلاد من فساد السلطة وافقار الناس وجعلهم يبيعون اعراضهم وفلذات أكبادهم بعد ان جعلتهم الحاجة والحرمان بلا كرامة .

لم تشعروا بحقيقة واجب العقيدة والشريعة والأخلاق يوما بقيامكم بواجباتكم التي يفرضها الإسلام مادمتم تدعون انكم ولاة أمر الأمة وحراس العقيدة والفضيلة كما تصنفون انفسكم واين انتم عندما تشتد الاوضاع الاجتماعية الناتجة عن فساد السلطة وزعامتها وتكثر القلاقل والمآزق وتتعالى السلطة المستبدة على المجتمع وتمارس الظلم وانتهاك الحرمات بعد ان أصبحت السلطة هكذا بلا شرعية ولاتحكم بشرع الاسلام العادل ولا بشرع الدستور فاين انتم لاتقفون مع احتجاجات الناس وعدم رضاهم للفساد والظلم , وتملا اصواتهم الفضاء وترتفع الى عنان السماء يعلنون الانتصار للحق والحقوق ولم يجدوا منكم مناصرة لا بالكلمة ولا بالمواقف رغم انها واجبا شرعيا سلميا تقوم على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كنتم مع الناس لكنتم قادته وولاة امره الذين يمنعون الظلم والجور عليهم .

فلماذا لم تدركوا ايها العلماء واجبكم الشرعي والقيام بمسئوليتكم تجاه الشعب الذي يكن لكم كل الولاء والاحترام ويعتبركم بمثابة ولاة الأمر الأمرين بالمعروف والناهيين عن المنكر لكونكم اكثر ادراكا لقيم الدين في العدل ومحاربة الظلم والفساد والاستبداد لما تنتجه من فساد الأخلاق والضمائر والمعاملات .فلماذا تسكتون وتبتعدون عن هذه الفريضة والمسئولية التي يلزمكم بها الشرع ، اليس الاستبداد والظلم والفساد ونهب الاموال وانتهاك الحرمات هي اعلى مراتب المنكر ، فكيف تطلبون اليوم من الناس ان يقبلوا منكم الاستجابة لدعم إنشاء هيئة الفضيلة والامر بالمعروف والنهى عن المنكر لاهم لكم الا مناصر المستبد المتسبب في كل مايحدث من انهيار الاخلاق وانتشار الرذيلة فانتم تريدون محاسبة الضحية ولاتحاسبون المتسبب بها .

وكيف يصدقوكم الناس وانتم قد حشدتم مؤسسين في الهيئة ممن يمثلون المنكر من ناهبي حقوق الناس والدولة ومحسوبين على النظام المستبد ومن اقرباء السلطان وحواريه .

الم تدركوا انكم تتحولون ادات لدعم الاستبداد والفساد الذي حول البلاد الى ساحة دمار وقلاقل وانتهاك الحرمات ومصادرة الحريات ونهب الأموال وافقار الشعب وتحويلكم الى وسيلة لمواجهة الناس الرافضين للظلم والاستبداد بعد ان رفعوا شعار الدفاع عن الفضيلة الحقة ورفضهم لمنكر الاستبداد وطغيانه .

لقد وضعتم انفسكم عندما افتيم بتكفير منتقديكم واباحة دمائهم في موضع القداسة كحالة رجال الدين المسيحيين في العصور الوسطى عندما كانوا يضعون انفسهم في موضع القداسة وممثلي الرب وكان اي انتقاد لهم كانه انتقاد للرب فيبحون دماء منتقديهم فهل تريدون ان يدعوا الناس الى التحرر من سلطانكم الذي تدعون به كانه سلطان الله في الأرض الحامي لفساد الاستبداد ويدعون الى دولة تفصل بين اعتقاداتكم تلك وبين الدولة حتى يتمثل الواقع لحقيقي للاسلام الرباني ..

لقد صار الصحفيون والكتاب اكثر غيرة على القيم والفضيلة وكرامة الوطن عندما يقدمون على انتقاد فساد النظام والاستبداد واكثر عملا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولقد تحمل العديد منهم الأذى والسجن والإرهاب .

لماذا عندما يضج الناس ويرفعون صراخهم واحتجاجاتهم ضد واقع الظلم والفساد ولا يتراجعون ويهنز عرش الاستبداد فيلتجي الى فقهاء الدين لعلهم يحيطونهم بسياج الحماية الدينية كالحاكم المسيحي في العصور الوسطى الذي كان يعتمد على رجال الدين للاستقواء على الناس وحقوقهم وعلى معارضيه وعلى دعاة الحق والحرية ليغطي عجزه بالالتجاء الى فقهائه ويدفعهم الى مواجهة الناس تحت مبرر حماية الاخلاق والفضيلة والدين ليعكس له اولئك الفقهاء انه حامي حمى الملة والدين ويندفع بجيشه وقوته وادواته بالانتقام من الناس بعد ان يغطيه رجال الدين الذين يعتمدون على الدين في تغطيه ظلمه واستبداه .

اليس من الواجب الشرعي ان تكون كلمتكم انتم ياعلماء الاسلام كلمة الفصل في الانتصار للناس ولقيم الإسلام التي تامر بالعدل والاحسان اليس الله اولى ان تخشوه وافضل لكم وأزكى ان تواجهوا الظلم والطغيان والفساد الذي انتشر بالبلاد بسبب فساد ولاة الأمر فأين انتم من تاريخ علماء الامة الذين جاهدوا الظلم والظالمين وانتصروا لعقيدة العدل .

الشيخ الزنداني والذارحي والريمي وغيرهم من نجلهم ونحترمهم هل ستقفون يوم القيامة امام خالقكم كعلماء عرفتم الحق وعرفتم كتابه وتناسيتم واجبكم في الدعوة الى تحقيقه واكتفيتم باثار موروثات الاستبداد التي غلفها فقهاء السلطان قديما وحديثا وجعلوا منه يعبد من دون الله لاشرط عليه الا اداءه للصلاة ومالم يظهر كفرا بواح فاي دين هذا الذي يقبل بطاعة الظالم المستبد الفاسد المعتدي على شعبه وحقوقه وكرامته فماهو الكفر البواح ان لم يكن الظلم والفساد والاستبداد هو الكفر البواح وهو اعلى منه وبمقام الشرك اليس الاستبداد والفساد والظلم والطغيان هو الذي ينتج الكفر والشرك فيصبح فارضا على الناس طاعته بالقوة والاكراه وانتم تقولون بطاعته واذا كان الله قد حرم الايمان بالاكرام (لااكراه بالدين ) فكيف باكراه الظلم والطغيان الذي يشكل اساس منبت الشرك والكفر .ولماذا سبحانه وتعالى ارسل الرسل والكتب والرسالات الا لتحرير الناس من ظلم العباد للعباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ، ام ان السلطان الجائر له موجبات الطاعة مادمتم انتم والسلطان على رضى متبادل تلقون منه النعمة ومن حقه ممارسة الظلم والفساد على الشعب وحينما يضج عليه تتصدرون انتم لمواجهتم باسم حماية الفضيلة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر .

ان العلماء الذين يفقدون روح المسئولية والضمير وقول الحق ليسوا عدولا فممارسة الصمت وعدم الاحتجاج امام فداحة الفساد والمنكر الذي انتشر في البلاد والوقوف مع الناس ضد الظلم لايجعلهم في مقام الاحترام والولاء فهم يوالون الاستبداد دون الله ورسوله الذي قال افضل الجهاد قول الحق عند الحاكم الجائر فسكوتكم ودعمكم له بفتاوي الطاعة تكونون قد ساهمتم بان يصل بالشعب الى حالة الفقر والهوان وبيع الاعراض وبيع االاطفال مقابل لقمة العيش القذرة واكتفيتم بنعم الثراء ومعيشة النبلاء مقابل انزالكم للشرع منزلة الخداع وتبرير المصالح فمثل هولاء لا يدركون ان الفضيلة وشرع الله يتجسدان ويعلوان عندما يتحقق العدل والمساوات ويمنع الظلم والبغي والاستبداد (والذين اذا اصابهم البغي هم ينتصرون ) فاين هو انتصارهم للحق ضد البغي والفساد .

لقد انضم هولاء الى فساد الحكم والمعارضة واصبحوا طرفا مدلسا باسم الشرع والعقيدة ومارسوا غض البصر والبصيرة على كل مايدور في البلاد من مظالم وفساد ودمار للاخلاق والضمائر ونهب البلاد وكأن فهمهم العلمي للدين قد تركز في فهم للاية القرانية (( قل للمومنيين يغضوا من ابصارهم )) وبان المقصود ان يغضوا عن الفساد والظلم والطغيان ونهب ثروات البلاد من قبل حفنة من اللصوص والحرامية واعداء الدين والوطن والفضيلة الذين هم في نظرهم اهل الفضيلة والنبل والوطنية والدين وان الفقراء والمحرومين وضحايا الاستبداد واصحاب الاقلام الشريفة هم منتهكي الفضيلة والرذيلة الذين يستحقون الجلد والقتل مقتدين بذلك ببني اسرائيل الذين كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه واذا سوق الفقير اقاموا عليه الحد واذا سرق القوي تركوه .

ماذا جري في البلاد من قتل وتشريد ونهب الحقوق وانتهاك الكرامات وباي مبرر يحدث ذلك وكيف وصل الأمر بالبلاد الى ماهي عليه ومن هو المتسبب في الفتن والقلاقل والحروب ؟؟ اليس الزعيم واعوانه هم من كان وراء وراء ذلك عندما زرعو الشوك اليس هذا نتاج للاستبداد الذي اتبعه النظام بسياسة فرق تسود وها هي الفتنة تدق ابواب العاصمة وتهدد اسوار الرئاسة اليس انتفاضة الجنوب ورفضهم للوحدة انما هي نتاج ونتيجة لفساد المستبد ونظامه بعد ان نشروا رذيلة الظلم والفساد ونهبوا الثروات والاراضي وافقروا الناس فتسببوا في دمار الاخلاق والأنفس وانتشار الرذيلة .

من يتحمل جريمة قتل الناس الأبرياء وتدمير ممتلكاتهم ومزارعهم واين انتم ياحراس العقيدة والفضيلة ودعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اليس سكوتكم تعبيرا على انكم تخافون الزعيم اكثر من خوفكم لله كيف تقبلون بالقتل وتدعون اليه بدوام الحرب وانتم تعلمون ان النظام هو السبب .

لقد تشابك الجميع مع فساد الاستبداد وتشابكت العلاقات الفاسدة وبما يدفع بالبلاد نحو التهلكة والدمار ، فطامة التحولات ستدمر الجميع فوحدة البلاد في خطر كبير والدولة في خطر والشعب في خطر والنظام ودار الرئاسة في خطر والمعارضة في خطر والعلماء في خطر والجيران ايضا في خطر ولن يغنى الحاكم المعصوم جيشه في دفع الخطر والضرر ولن يسعفه جيش القبائل في حماية نظامه وبقاءه على كرسي الحكم وداخل اسوار القصر فقد فشل قبله الشاهنشاه وشواسكوف الروماني وبري الصومالي وغيرهم وهاهي الفتن تتسع في البلاد فالظلم والفساد ان زادا وسكت الناس عنه سلط الله الفتنة عليهم وضرب الظالم بظالم غيره ولا راد لقضاء الله فاعتبروا ياولي الالباب قبل ان ينتهي بكم الحال الى مزابل التاريخ .( الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبي المرصاد).