عيب يا مصر ..
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 19 يوماً
الأربعاء 06 يناير-كانون الثاني 2010 05:37 م

( إن مصر اليوم تعتذر بالجدار الفولاذي لخط بارليف )

لكاتب موريتاني ...

إذا كان التاريخ سيحفظ للرئيس عبد الناصر صنيع أنه من أمم القناة وبنا السد العائلي ، وسيحفظ للسادات أنه في عهده كان انتصار العاشر من رمضان وتدمير خط بارليف .

فإنه ذاته سيحفظ للرئيس الحالي حسني مبارك أنه الوحيد عبر التاريخ كله من اقتحم مثل هذه العقبة ،وجاء بأعجوبة الجدار هذه ، كخارقة في الزمان ، وحديث العصر والأوان ، جدار فولاذي ، وبقربه بحيرة صناعية تمر بالتوازي ، لم يأت بمثل ذلك أحد في الأولين ،ولن يكونه غيره في الآخرين .

بقصد خنق شعب وإبادة أمة من الناس ، جريمتهم أنهم بقوا على ارض فلسطين وطهروا منها ما وسعهم الجهد من دنس اليهود.

إنه تفرد معجز تحوطه العين الأمريكية والعناية الصهيوني ، وفي ظل رغبة نفسية جامحة للنظام المصري في تدمير كل ما كان شعاره إسلامي قومي ذاتي لسبب قد يكون التحسس المزمن من بعبع الإخوان المسلمين في مصر الذي يقض مضاجعه ، أو لحالة نفسية تلقائية افرزها بالتقادم كسيكلوجية مستمرة نمط الاستبداد والفرعنة ، أو لقرب الدفيء والحميمية مع إسرائيل ،وقد تكون وهذا الراجح لكل تلك الأسباب .

عن الجدار

(تعريف)

جدار فولاذي تحت الأرض بين رفح المصرية وقطاع غزة يصل إلى عمق 30 مترًاوطول 10 كم

الموقع

أن مصر تعتزم بناء جدار فولاذي تحت الأرض بين رفح المصرية وقطاع غزة يصل إلى عمق 30 مترًاوطول 10 كم ، من أجل وقف تسلل الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، ووقف تهريب البضائع المصرية والسلاح والمواد المخدره بمختلف أنواعها للأراضي المحتلة.

الهدف

حيث إن الهدف من إنشاء هذا الجدار العازل هو القضاء على الأنفاق التي تصل بين مصر وغزة، وحيث إن هذه الانفاق هي المدخل الوحيد الآن لكل احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة بعد أن فرضت مصر الحصار على معبر رفح وهو المنفذ الوحيد لغزة على العالم، وضيقت الخناق على أهل غزة،

الزمان

مشروع انشاء الجدار الفولاذي تم البدء فيه منذ ستة أشهر، ويتم بناؤه على مرحلتين: الأولى يتم فيها وضع أجهزة وكاميرات لرصد الأنفاق، والثاني وضع ألواح الجدار الفولاذي وهي ألواح حديدية صنعت في المصانع الأمريكية ووصلت إلى مصر عن طريق ميناء بورسعيد البحري، ونقلت في شاحنات مغطاة إلى منطقة الحدود برفح وشاهدها المواطنون في العريش والشيخ زويد ورفح أثناء مرورها على الطريق الدولي الجدار على مراحل

التنفيذ

وشملت المرحلة الأولى تركيب أجهزة للكشف عن الأنفاق وهي أجهزة جيولوجية ذات تقنيات عالية في الكشف عن الصوت والحركة في باطن الأرض وعلى أعماق كبيرة، وقد بدأ العمل فيها منذ عام تقريبا وأوشكت على الانتهاء. أما المرحلة الثانية من المشروع الأمريكي فكانت عملية بناء جدار فولاذي بطول المنطقة الحدودية لعرقلة حفر الأنفاق عند نقطة معينة تم دراستها بعناية وهي عبارة عن منظومة الكشف عن الأنفاق وهو مشروع مصرى) منقول

يقول المختصون أن إمكانات الجدار الفولاذي تتفوق بكثير من حيث الجودة والإمكانات والقوة عن خط بارليف ، ويضيف المحللون أنه ينفذ بإمكانات وتمويل مصري صرف ، وهي بطبيعة الحال نفقات باهظة سترهق كثير ا كاهل الشعب المصري الذي يعيش حالة حرجة من الاختناقات وزيادات عالية في الطلب الكلي مع فقر شديد في الموارد وتراجع كبير لمستويات النمو العام .

ولعل هذا الجدار قد كشف الحقيقة كاملة لطبيعة النظام المصري ، وأبان الصورة على حقيقتها دون رتوش أو دبلجة لأكذوبة الاسطوانة المخروقة التي صكنا بها إعلام النظام المصري منذ حين عن مكانته المحورية ودوره القومي والإسلامي والرائد الذي يجب التسليم له والإتباع بطواعية في كل ما يتعلق بالمنطقة .

- كانت حركة حماس متيقظة تماما ومستعدة لساعة الصفر للاحتدام مع إسرائيل وخصوصا بعد إعلان رئيسة وزراء العدو الحرب على غزة من مصر ، غير أن النظام المصري فضل أن تأتي الضربة وتكون ماحقة في لحظة تكون فيها حماس على حالة من الاسترخاء أو الانشغال في شان آخر ، فاتصل بقيادة حماس وطمأنهم أن إسرائيل لن تغامر وتضرب ، ولأن حماس تعوًل على وشائج الأخوة والجوار والمسئولية الأخلاقية للوسيط المصري فقد غفلت ، ونجح النظام المصري في التمكين لإسرائيل من رقاب كتيبة كاملة للأمن الفلسطيني كانوا في فعالية التخرج كوجبة أولى ، في سابقة لم يصل إليها الشيطان نفسه .

- فشلت إسرائيل تماما وباءت بالذلة والهوان في حربها على غزة وتمرير أهدافها ، كهزيمتها في حرب لبنان ، في الوقت الذي اسقط في يد الأمريكان فلم يجدوا أي سبيل آخر ، غير أن الفتية مصر مبارك انبرت في الحال يحدوها شعار الموت ولا العار فاتجهت لاستكمال المعركة وتحقيق ما فشل فيه الحلف الصهيو أمريكي ، فافتعلت خلية حزب الله مع نصر الله وصنعت منها معركة قومية وقصة طويلة للأمن القومي وشابكت المعركة إعلاميا مع إيران ، لكنها باءت ، وهي تدرك ذلك وتعيه من قبل فنصر الله أقوى وأقدر بكل سبل المواجهة بسبب تحصنه بممكنات وسياجات عدة ، فارتدت على غزة بكل ما أوتيت ، لعلمها تماما نقطة الضعف القاصمة لغزة والمتمثلة بالمعبر المتنفس الوحيد ، فصارت مصر مبارك العاجز الظالم تعبث بأهل غزة كما تشاء في غيبة لأي دور عربي أو إسلامي أو إنساني .

المبكي والمخزي والباعث للدهشة هو أن وقاحة وبشاعة وهوان الدور المصري تجاه فلسطين يفوق بكثير الدور الصهيوني اليهودي .

- فالسجون الإسرائيلية تعد ألف خمسة نجوم بالنسبة للفلسطينيين إذا ما وجدوا أنفسهم في السجون المصرية .

في إسرائيل يلتقي الفلسطينيون ببعضهم ويقيمون فعاليات وينظمون اعتصامات ويزورهم أهاليهم ،ويشاهدون التلفاز ، بل إن بعضهم يحصل تعليمه العالي من هناك ، أما في مصر فإن ما لا يخطر على الشيطان ولا في عقول عتاولة أبي غريب أو جونتناموا أو محاكم التفتيش تجده في السجون المصرية تجاه الشعب المصري أو الفلسطيني أو العربي ، ففي سجن ما يسمى برج العرب( وكأنهم أعدوه خصيصا لاستقبال إخوانهم العرب ) خرج من بقي حيا من معتقلي حماس بقصص معاناة لم نسمع عنها في الكوابيس أو نشاهدها في أفلام الرعب والتي يظن رجال هوليود أن بها أقصى ما تفتق عنه الذهن في هذا المجال .

وتحس بالخزي أيضا عندما تجد أفواجا من اليهود والنصارى يضحون براحتهم بل ويخاطرون بأنفسهم وهم يأتون ومعهم قوافل الإغاثة للتفريج بالممكن عن معانات الفلسطينيين ، فيتلقفها النظام المصري ليتلفها أو يعرقلها أو يستولي عليها أويمنعهم من دخول مصر ابتداء .

يستطيع الزعيم حسني مبارك في آخر أيامه أن يقدم مفخرة لشعبه وأعجوبة جديدة للبشرية يضمها إلى جوار الأهرام من خلال جداره الفولاذي ، وتستطيع السياحة المصرية أن تهتبل فرص سياحية كثيرة ومواسم عدة من خلال تفويج السواح لمشاهدة هذه المعجزة التاريخية والمعلم الإنساني .

فكما استطاعت الإرادة المصرية شق القناة وبناء الأهرامات هاهي اليوم تبني أعجوبة ثامنة ولكنها تحت الأرض ، غير أن العقل المصري يستطيع أن يتفتق عن حيلة لبناء جسور وأنفاق سياحية توصل السواح والباحثين لمشاهدة هذا المعلم التاريخي الفولاذي من الجهة المقابلة لمد الاقتصاد القومي بموارد جديدة .

وليت الثقافة أو السياحة في مصر تسارع الى بناء تماثيل فولاذية مواكبة للحدث للسيد الرئيس مبارك تكون في وسط وطرفي السور ، ليتم في النهاية تسمية السور باسم مبارك كما سميت الأهرام بأسماء أصحابها ، هذا حق للزعيم المصري يجب من الآن أن يخلد فيه لا بقرار رسمي وإنما شعبي عربي إنساني .

كما أن المصريين أمامهم فرصة أخرى بجعل صورة الجدار على طابعهم البريدي ، أو عملتهم الرسمية كترويج للسياحة والاستثمار وكطابع ثقافي ايضا .

- ما عدت استغرب هذا النمو المطرد من الكراهية في الشارعين العربي والإسلامي لمصر في مشهد مع الأسف ما عاد يفرق بين الشعب العظيم ومكانته التاريخية ونظامه الذي تفلت من كل شيء .

ولعل الكثيرين وجدوا ارتياحا كبيرا عندما ضرب الجزائريون الفريق الرياضي المصري ومشجعيه ، حتى أولئك الذين لا تستهويهم الرياضة ، وكأن الأخوة الجزائريين ومن أيدهم قد حسبوا أنفسهم يمرغون الدور المصري الرسمي في التراب .

رغم أننا جميعا نرفض هذا السلوك في التعاطي مع الرياضة ونشجب ونندد إلا أن هاتفا في دواخلنا يهتف بما هتف به في قلوب وخواطر الإخوة الجزائريين .

رغبة كامنة لدى الشارع العربي في تنكيس كبرياء وصلف وظلم النظام المصري .

مع أن الجميع يحاول التفرقة بين مصر ونظامها إلا أن السنة الإلهية هي الغالبة والتي تمضي ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ...)

إن تساهل أو تفريط أو تواطؤ الدول العربية بشأن فلسطين ستكون نتيجته نوازل وقواصم على أنظمة وشعوب هذه الدول ، ولعلها الآن تتبدى بل ونحسها ، منها ما تمشي ومنها ما تقترب ومنها ما باتت على رؤوسنا ، وهي سنة إلهية لا تتبدل أو تحابي.

الفلسطينيون يموتون ونحن في هذه الدول نموت أضعاف أضعافهم وبصور لا تقل عن البشاعة ، هم يجوعون ونحن نجوع وسنجوع وهكذا ، الفرق بيننا وبينهم أنهم في حقيقتهم أحرار ونحن أسرى لأنفسنا من الداخل .

أقسم بالله الذي لا راد لحكمه بأن الله سينزل على مصر القواصم والنوازل ، وعلى غيرها من الدول العربية ، لا استثناء لأحد إلا بمقدار ما تنهض به هذه أو تلك من واجب تجاه القضية الفلسطينية ، ولعل الخازوق والطاحونة في اقتراب الآن من اليمن والسعودية ، وهو تجاه أخرى في صباح آخر ، ولا عاصم لنا جميعا إلا بصدقنا مع الله أولا بشأن فلسطين قبل غيرها .

الشارع العربي والإسلامي

إن من الواجب عليه اليوم ثورة من الغضب لا تقل عن ثورته تجاه نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم بشأن تلك الرسوم .

وأن تكون وجهته المطالبة بطرد وإغلاق السفارات المصرية .

صدقوني مع مصر اليوم فرطنا وخسرنا الكثير ، وبدونها سنبقي على ما تبقى ولن نخسر شيء بقدرما نكسب.

Alhager@gawab.com