السعودية ودعم السنة
بقلم/ فيصل علي
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 29 يوماً
السبت 27 إبريل-نيسان 2013 08:09 م

يخطئ من يظن ان السعودية دولة داعمة للمذاهب السنية الاربعة او لاحدها، خارج حدود اراضيها السعودية تدعم مصالحها فقط، منذ ثورة سبتمبر 1962 الى ما بعد حصار صنعاء كانت تدعم الملكيين الذين يدعون الحق الإلهي في حكم اليمن، وهم من الزيود الشيعة وليسوا من السنة، وهي تعلم علم اليقين ان المستفيد من سقوط الامامة والمذهب الزيدي هم غالبية اهل اليمن وهم  من اهل المذهب الشافعي السني.

عند سقوط بغداد 2003 كانت السعودية تدعم هذا السقوط، وكانت تعرف ان من سيرث صدام حسين هي ايران والتيارات الاثني عشرية المتفرعة عن احزاب ايرانية كحزب الدعوة وغيره. سيقول قائل كانت السعودية ومازالت في لبنان تدعم تيار الحريري وهو من السنة ! لكننا نقول ان من يديرون الشرق الاوسط يعملون في مناطق النزاع الدولي على ايجاد توازنات تساهم في الاستقرار النسبي، كما ان تيار الحريري ليبرالي غير مهتم اية مسميات دينية اصلا، كما ان السعودية لم تدعم أيا من تيارات السنة الاخرى في لبنان، ولذا لا يصح القياس على لبنان.

لم يسبق لاحد ان سمع بان السعودية مثلا دعمت السنة العرب في الاهواز العربية المحتلة من قبل ايران، او انها دعمت السنة في ايران، لكن الكثير سمعوا عن دعم ايران للتيارات الشيعية في شمال وجنوب السعودية، فما الذي يمنعها عن القيام بعمل مماثل يا ترى؟ الاجابة ندعها للأيام تكشفها.

دعمت السعودية نظام حسني مبارك في مصر الى نهاية حكمة ومازالت تدعم انصاره سرا وعلانية، كما انها تدعم كل من يريد اسقاط الديمقراطية التي اتت بتيار سني الى الحكم، وهي مازالت تدفع التيار الاسلامي الحاكم نحو الموقف الخطأ ليكون ضمن محور ايران بل وضيقت عليه الخيارات، ودعمها للتيارات المتطرفة التي تكسر وتحرق المقرات الحكومية والشوارع لا يعني دعمها للسنة مطلقا.

من نافلة القول ان السعودية كدولة تدعم مصالحها ولا علاقة لها بغير تلك المصالح، حتى عندما دعمت نظام صالح في اليمن ضد الحوثيين لم تقطع العلاقات مع هؤلاء الاخرين، وهناك ما يدار من خلف الكواليس معهم وربما يعلن عنه قريبا.

نجحت السعودية في ترسيخ فكرة سنيتها عند العامة، واقنعت الكثير من البسطاء انها دولة الاسلام برعايتها للحج المبرور الذي حولته الى مجرد طقوس بلا روح، ولا اعتقد ان الاسلام العظيم عندما وضع اركانه صلى الله عليه وسلم بناء على اوامر الله قد وضع الركن الخامس عبثا، بحيث يلتقي الحجيج من كل بقاع الدنيا، ويتزاحمون ويدهس بعضهم بعضا احيانا وقت الزحام، ومن ثم يعودون بلا اية فكرة عن وحدة الامة وروح الاسلام، ويغيب عن البسطاء ان الحج هو مؤتمر عالمي اسلامي لعامة المسلمين وقادتهم للالتقاء والحوار والتناصح وتجديد الولاء لله ورسوله والمؤمنين، واقامة العلاقات بين المسلمين اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية.

المذهب المعلن داخل السعودية هو مذهب امام الدعوة محمد بن عبد الوهاب، لكن هل فعلا هذا هو المذهب الحاكم في السعودية؟ المذهب الوهابي ان صحت تسميته هو ليس الا امتدادا للمذهب الحنبلي، ومع الاسف كل مذاهب اهل السنة الاربعة من شافعي وحنفي وحنبلي ومالكي لا علاقة لها بالسياسة والحكم، وقد نشأت هذه المذاهب كمدارس فقهية تهتم بالحلال والحرام والعبادات وقليلا من المعاملات العامة، ولم تركز على مسألة الحكم الا في نقطة طاعة ولي الامر المسيطر الفعلي على كل الدول التي مرت منذ نشأت تلك المذاهب الى الان.

لا احد يستطيع ان يجزم بان الوهابية هي المذهب الحاكم بقدر انها مذهب يتدثر به الحاكم لا اكثر ولا اقل، صحيح ان بعض الجمعيات هناك بإيعاز من دائرة ضيقة داخل الاسرة وهي دائرة امنية كان يديرها الامير نائف بن عبد العزيز هي من كانت تدير الدعم للحركات السلفية في العالم وتصدر لهم نور على الدرب وفتاوى هيئة كبار العلماء، وقد حقق ذلك الدعم مبتغاه في وجود انصار للسلفية، لكن من اتى من الانصار الى الاراضي السعودية بغرض طلب الرزق او العلم يكتشف بنفسه بدون ان يخبره احد ان السعودية لا تدعم الا مصالحها، ولا تهتم بالرابطة المذهبية ولا بالرابطة الاسلامية كما نسجت مخيلته عنها.

الكثير من الحركات السلفية انفصلت عن تلك الدائرة الضيقة بعد ان فهمت اللعبة، لقد ظلت تلك الدائرة الامنية تروج لتحريم العمل السياسي والحزبي، وشنت حربا كلامية على الاخوان الذين ابتدعوا العمل السياسي والحزبي في القرن الماضي، بحجة ان الحزبية حرام وقد افتي الشيخ فلان بحرمتها، لقد نصح الشيخ مقبل الوادعي رحمة الله عليه الاصلاحيين يوما ما في اليمن بالتبول على بطائقهم الحزبية.

 السلفيين في الربيع العربي ابهرونا بخروجهم عن المألوف وإنشائهم لأحزاب سياسية في اليمن ومصر، وينبغي على من سبق للعمل السياسي والحزبي ان يدعم هذه الاحزاب حتى لا تستطيع تلك الدائرة الضيقة ان تعيد استقطابها وتوظيفها لصالحها واخص هنا الاخوان المسلمين بالعمل مع تلك الاحزاب حتى تصل الى مرحلة الاستعصاء على ان تكون تابعة لاحد الا لمنهجها الذي ترسمه لنفسها وفقا لمصالح بلدانها لا غير.