18شهيدا بغزة والاحتلال ينسف منازل بشمال القطاع وجنوبه ندوة حقوقية في مأرب تسلط الضوء على أوضاع المرأة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين تحقيق 42 ألف مستفيد من خدمات الوحدة الصحية في القطاع العاشر بمخيم الجفينة تفاصيل حصيلة 3 أيام من الحرب و الاشتباكات في سوريا الكشف عن أكبر منجم جديد للذهب في العالم قد يقلب الموازين ويغير التاريخ عاجل: المليشيات الحوثية وتهدد بإعتقال مشائخ ووجهاء محافظة إب المعتصمين بدار سلم وتفرض حصارا بالاطقم المسلحة على مخيمات المعتصمين الباحث اليمني نجيب الشايع يحصل على درجة الدكتوراه بامتياز في مجال جراحة المخ والأعصاب الرئيس العليمي يصل الإمارات مليشيات الحوثي تواصل إرهاب الأهالي بمحافظة إب وتلجأ الى فرض الجبايات بالقوة والاكراه ومن يرفض يتم الاعتداء عليه نادي فريق السد بطلاٌ لبطولة مأرب الثانية وفريق حريب بالمركز الثاني
في مقاله المنشور في موقع (مأرب برس) يوم الخميس الماضي كتب (الشيخ) محمد بن ناصر الحزمي مقالاً أقرب ما يكون فيه إلى الخطبة عنونه بـ( إلى دعاة تحريم الزواج المبكر.. من قتل نسيبة؟)، وقد جاء هذا المقال ليؤكد بما لا يدع مجال للشك أن محمد الحزمي والتيار الفكري الذي يوافقه لا يزالون مصرين على الإقامة الطويلة في سراديب وأنفاق الماضي وعدم الالتفاتة إلى الحاضر والواقع.
واللافت أن الحزمي بدأ خطبته العصماء بمهاجمة كل الجهود المدنية التي تدعو لتحديد سن الزواج ووصفهم جهاراً نهاراً بأنهم (دعاة الإباحة الجنسية) في حين وصف جريمة تزويج الصغيرات بـ(العفة المبكرة) واصفاً الآباء الذين ذهبت بناتهن للشكوى بهم إلى المحاكم نتيجة تزويجهن وهن لم يتجاوزن العاشرة من العمر برجال في الثلاثينات من أعمارهم بأنهم آباء أرادوا عفة أبنائهم وبناتهم.
ولقد حاول الحزمي في مقاله آنف الذكر التلبيس على القارئ من خلال وضع تساؤل غريب حول ما إذا كان تحديد سن الزواج مطلب شعبي أو غربي, ثم أمعن في استعراض ذكائه بقوله: "إن قلتم أنه مطلب شعبي فمقررات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية تكذبكم" .. وكأن الاتفاقيات الدولية شرط عليها أن لا تتفق مع مطالب وطموحات الشعوب.. والمضحك المبكي أن الحزمي حاول الاستدلال على كون تحديد سن الزواج توجه غربي من خلال استعراض وثيقة (عالم جدير بالطفل) في حين نسي الحزمي أو تناسى أو أنه ربما لا يعلم بتاتاً أن هذه الاتفاقية التي أوردها قد عارضتها الكثير من المنظمات الغربية أثناء الجلسة التحضيرية لمناقشة الاتفاقية ولعل أشهرها منظمة ( Pro – Family ) الكاثوليكية واتفقت هذه المنظمات الغربية في تحفظها مع العديد من المنظمات العربية والإسلامية كالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، والندوة العالمية للشباب الإسلام والمجلس العالمي للعالمات المسلمات، واللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل.
كما أن النائب الحزمي يحاول جاهداً التذرع بالدين وبثوابت الأمة في قضية مثل تزويج الصغيرات رغم علمه أن هناك من يعارضون تحديد سن الزواج ويدعون إلى إباحة تزويج الصغيرات من شتى الملل والنحل.. بل إن الرفيق الشيوعي الماركسي الاشتراكي (ماوتسي تاونغ) كان من أشد أنصار الزواج من الصغيرات رغم أن عمره كان فوق السبعين عاماً كما كشفت ذلك مذكرات طبيبه ، رغم أنه غربياً لا يدين بالإسلام ديناً.
وليس من الغريب أن يحاول الحزمي إيهام القارئ بعدم ايجابية تحديد سن الزواج لا لشيء إلا لأن دولاً غربية ومنظمات دولية تطالب به، وكأن شعوب العالم مهما بلغ اختلاف ثقافاتها لا يمكن أن تتقاطع في مصالح وأهداف معينة، وكأنه يجب علينا رفض أي شيء إيجابي طالما جاء من الغرب ناسياً أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه بعد أن رأى اليهود في المدينة يصومونه, وقال قولته المشهورة– صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بموسى منهم– أي اليهود".
لكن الأغرب من هذا هو محاولة الحزمي إظهار تزويج الصغيرات كأمر مستحب ومندوب ولم يتبقَ له في خطبته المسماة مقالاً إلا أن يرفعه إلى مرتبة الفريضة تحت ذريعة (العفاف) وزاد في غلوه حين حاول ربط جريمة قتل الطفلة نسيبة بتعز بمنع تزويج الصغيرات حين حاول تبرير هذه الجريمة بالقول إن القاتل والطفلة المغدورة هما ضحيتان للثقافة الجنسية المبكرة– حسب زعمه– متناسياً أن الدعوة إلى تزويج الصغيرات هي أساس ومنبع الثقافة الجنسية المبكرة التي يدعي الحزمي محاربتها.. ولم يتوقف عند هذا الحد بل أضاف كذبة أخرى إلى سلسلة الأكاذيب التي حفل بها المقال بزعمه أن القاتل كان قاصراً وعمره 17 عاماً في حين تحدث تقرير الطبيب الشرعي الذي نشرته العديد من وسائل الإعلام أن القاتل بين سن (18 – 19) عاماً.
ويواصل الحزمي تدليسه على القراء حين يزعم أن الطلاب الذين يخرجون في مظاهرات مستمرة عبر المدرسة الديمقراطية للمطالبة بتحديد سن الزواج هم أطفال لا يفقهون معنى الزواج ويمعن في تدليسه حين يتحدى أن يخرج طلاب من سن أربعة عشر سنة وما فوق بينما هو يعلم أن الطلاب المشاركين في برلمان الأطفال التابع للمدرسة الديمقراطية هم بين سن (16 – 18 سنة).
لا أظن أن منظر الطفلة ريم وهي تجهش بالبكاء أثناء جلسة المحكمة للبت في قضيتها وتقول للقاضي "استحلفك بالله روحني عند أمي ولا أريد الزواج" قد غادرت ذهن النائب محمد الحزمي.. ولا أتصور أن صرخات الطفلة ريم في المحكمة مهددة بالانتحار إذا لم يتم تنفيذ طلبها على الفور قد غادرت آذانه، علماً بأن هذه المأساة واحدة من عشرات المآسي التي تعاني منها الطفولة البريئة في اليمن وما زلنا نتذكر قضية تطليق الطفلة نجود ذات الثماني سنوات من زوجها البالغ من العمر ثلاثين عاماً بعد موافقة زوجها.. والتي أجابت على سؤال القاضي عندما سألها عما تطلبه من زوجها فقالت: أريد دمية وشوكولاتة!!!.
قصة الطفلة (ريم) ومن قبلها الطفلة (نجود) ومثلهما عشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون نفس المأساة، هي قصة جريمة بشعة وانتهاك صارخ لحقوق الطفولة البريئة.. لكن ما يميز هذه الجريمة في اليمن عن غيرها من بلدان العالم أنها محمية بقانون يجيز لولي أمر الطفلة تزويج ابنته متى يشاء ولو كان عمرها يوماً واحداً.
لا شك أن هناك العديد من الطفلات الصغيرات اللاتي يعشن المأساة نفسها لكنهن لم يستطعن التوجه إلى المحاكم لكونهن في مناطق ريفية بعيدة.. والمأساة الكبرى أن الطفلة حتى لو تمكنت من الوصول إلى المحكمة فإن ذلك لا يعد لها أملاً بالنجاة كما حدث مع الطفلة ريم التي رفض القاضي فسخ نكاحها بحجة أنها قاصر كما أن قانون الأحوال الشخصية- النافذ في الجمهورية اليمنية- يجيز مثل هذه الزيجات ويمنح الحق لولي الأمر في تزويج ابنته دون تحديد سن معين ولو كانت ابنة يوم واحد.
ومن نافل القول التذكير بأن الجمهورية اليمنية بعد قيام الوحدة المباركة عرفت قانون الأحوال الشخصية عام 1992م وكان هذا القانون يمنع زواج الأنثى قبل سن (15 سنة) والذكر قبل سن (18سنة) والجميع يعرف أن هذا القانون لقي معارضة شديدة من تجمع (الإصلاح)- الذي يعد الحزمي أحد أبرز نوابه المتشددين- واعتبروا أن منع تزويج الأنثى قبل سن (15 عاماً) يعتبر عملاً (علمانياً) لا يجوز في بلاد الإسلام، واستمر هذا القانون نافذاً إلى أن جاءت حرب صيف 1994م- سيئة الصيت- والتي كان من أبرز إفرازاتها صعود حزب (الإصلاح) إلى الحكم في تحالف ائتلافي وهناك بذلوا كل جهدهم إلى أن عدلوا قانون الأحوال الشخصية عام 1996م ليصبح بمقدور الأب بموجب القانون تزويج ابنته متى يشاء ولو كانت ابنة يوم واحد، بعدما كان الزواج ممنوعاً للأنثى قبل سن (15 عاماً) وقد تسبب هذا التعديل لقانون الأحوال الشخصية في مآسٍ وجرائم بحق الطفولة ما زالت مئات الآلاف من الأسر تكتوي بنارها والسبب في ذلك هم كتلة حزب (الإصلاح) الذين أصروا على تعديل القانون ليصبح مشرعاً لانتهاكات صارخة لحقوق الأطفال مثل قضيتي الطفلتين ريم ونجود.
واللافت أن محمد الحزمي عبر عن خوفه في ختام مقاله من أن هناك قوانين أخرى تسعى القوى المدنية إلى تعديلها لكنه زعم كذباً وزوراً وبهتاناً أن هذه التعديلات تأتي في سبيل تخليص المنظومة القانونية من الشريعة الإسلامية، وحتى يكون القارئ على بينة من الأمر بعيداً عن الكذب والتدليس فلا بد من الإيضاح من أن الحزمي ومن يسبح في تياره حريصون على عدم تفعيل وتعديل بعض القوانين منها على سبيل المثال لا الحصر قانون تطبيق منع حمل وحيازة السلاح الذي سبق أن اعترض عليه عدد من رجال الدين الحزبيين بحجة أنه ذريعة لسلب السلاح من المؤمنين وتعطيل الجهاد!! وكذا قانون الجرائم والعقوبات التي احتالت عليه لجنة تقنين الشريعة في البرلمان وأضافت فيه إضافات لا تصلح للتطبيق في اليمن بل في قندهار وجبال تورا بورا.
يا (شيخ) محمد الحزمي أنت تعلم أن عنوسة الفتيات البالغات تزداد بينما أنتم تطالبون بتزويج الفتيات القاصرات.. إن إباحة تزويج الصغيرات جريمة وظلم بحق الطفولة وليست عفة مبكرة.. يا حضرة النائب إن الفكر الحيواني والغريزة الهائجة التي تسعون لتكريسها باكراً عبر الزواج المبكر تؤسس لظهور ذئاب بشرية في المجتمع قد تسبب آثاراً كارثية كقتل الطفلة نسيبة التي قتلها التفكير الحيواني في الأنثى وليس منع الزواج المبكر الذي اتهمته بقتلها يا (شيخنا) العلامة.
abdulrahmananis@yahoo.com