خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية ملتقى الموظفين النازحين يتجه لمقاضاة الحكومة في حال عدم إستجابتها لمطالبهم ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟ خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب
في حوار امتد لساعات طويلة مع سهى عرفات، أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تحدثت عن الملابسات التي صاحبت رحيل زوجها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، وسمحت لـ«الشرق الاوسط» بنشر بعضها والاحتفاظ بجزء منها لنشرها في الوقت المناسب، فيما تكتمت على جزء آخر، قالت إنها لن تبوح به ابدا. وقالت سهى لـ«الشرق الاوسط» ان كل ما يشغلها الان هو تربية ابنتها زهوة، وتأمين مستقبلها بعد ان فقدت والدها الرئيس عرفات كما انها لا تريد الدخول فى معارك اعلامية جانبية ساهمت في نشر معظمها صحف اسرائيلية «لأسباب معروفة للجميع».
ومع اقترابنا بخطوات من «قصر السعادة»، وهي دار ضيافة اهداها الرئيس التونسى زين العابدين بن على الى زهوة لتقيم فيه مع والدتها، تشعر كأنك
امام قصر لرئيس دولة من حيث البروتوكول والطقوس والحراسة. وفى حديقة القصر نلاحظ لمسات زهوة وسهى في تشكيلات الورود والديكور الذي تتخلله اضاءة خافتة مع لون القصر الابيض، والابواب الزرقاء التي اختلطت مع زرقة مياه البحر القريبة منه.. منظر بديع وأصيل، وهدوء كامل لا تسمع فيه سوى حفيف الاشجار واصوات الامواج وهمس زهوة بصوتها الناعم وهي تتحدث مع والدتها. وفي بهو القصر حيث انتشرت صور الزعيم الراحل ابو عمار في كل مكان وصور اخرى للرئيس بن علي وحرمه ونجله محمد وزهوة كان لقاؤنا بسهى عرفات.
بدأت سهى الحديث معنا بنبرة حزينة عن ظروف وملابسات مرض الرئيس عرفات وترويج الصحف الاسرائيلية لشائعات كاذبة عن حالة عرفات، ونقلت الصحف العربية منها تلك الشائعات.. وقالت انها فضلت الصمت منذ استشهاد الرئيس ولم ترد على الافتراءات التي رددها البعض ولم تستقبل اي صحافي او اعلامي ولا ترد حتى على التليفونات. وقالت انها لم تسع لعلاج الرئيس في باريس وان ابو احمد قريع ابوعلاء (رئيس الوزراء الفلسطيني السابق) اتفق مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك مسبقا وانها لم تجد امامها مفر من استكمال الاجراءات.
واكدت انها كانت ترغب في علاج الرئيس في تونس والتي تثق في اطبائها واهلها، وذكرت ان صديقة فرنسية ابلغتها بان حالة ابو عمار قابلة للشفاء وان «غيبوبة السكر» التي كان يعاني منها يمكن علاجها حتى وان استمرت اربعين يوما. واضافت سهى «تحدث البعض عن اوراق.. واموال.. لكن الحقيقة ستتضح يوما ما.. دون أي تعقيب مني او دفاع.. ودون الدخول في معارك. ويكفي انني فقدت ابو عمار. (في هذه الاثناء دخلت زهوة وصافحتني، وهي شابة جميلة عمرها 13 عاما، قليلة الكلام. والدتها تقول انها تهتم فقط بدراستها. وبجانب والدتها وجدتها ريموندا الطويل لديها اصدقاء محدودين من عمرها).
* حدثينا عن زهوة قليلا؟
ـ هي مشغولة دائما بصديق معها.. وفي الدراسة.. وعندما تريد الحوار مع الرئيس زين العابدين تذهب بمفردها وتتحدث اليه فيما تريده. وهو يجلس معها على الكومبيوتر ويتحاور معها عن اهتماماتها.
* هل ستذهب زهوة إلى فلسطين؟
ـ أريد ان احافظ عليها يكفي انني فقدت والدها.. وربنا يبارك فيها حتى تنجب لى احفاد للرئيس عرفات.. (ثم صمتت وعادت لتقول) الاجواء صعبة وقاسية في فلسطين المحتلة اكثر من عهد ابو عمار.
* لماذا اخترتى تونس تحديدا للإقامة فيها؟ ـ الرئيس زين العابدين بن علي وضع هذا القصر تحت تصرفي.. وأتذكر انه بعد يومين من جنازة الشهيد ابو عمار افتتح اهم شارع في تونس، واطلق عليه اسم الشهيد الزعيم عرفات، وكان يرغب في التعبير عن حزنه بسرعة من خلال عمل شيء يتصل بعرفات. وعندما كنت في باريس في المستشفى ليلة وفاة الرئيس قام بن علي وزوجته باصطحاب زهوة ومعها اخي واختي، وكانت زهوة تبكي طول الطريق، وقامت حرم الرئيس باحتضانها بينما انشغل الرئيس بالحديث والمزاح معها. وكانت تسأله ماذا يعني الموت واين يذهب ابي، وبدأ الرئيس يشرح لها كل ما يمكن ان تستوعبه ويخفف عنها.
وبعد ذلك عرض الرئيس بن علي عليَّ ان اقيم فى تونس، ليس بصفة ضيفة وانما كمواطنة تونسية وأرملة للزعيم الرمز ياسر عرفات. وأعطوني هذا القصر الذي اسكن فيه وحرس لزهوة وسيارات وكل شيء يخص زوجة رئيس دولة وكأنه موجود. وهذا اعتبرته تقديرا في وقت لا يهتم فيه احد لا بزهوة ولا بتأمين مستقبلها. اما تونس فقد سألتنا ماذا ينقصكم؟ وماذا تحتاجون؟ وان ابو عمار قبل ان يكون رئيس دولة فهو رمز للشعب الفلسطيني وأنت ارملته وزهوة يتيمة. (ثم صمتت لحظة وتابعت بالقول) لكي اكون صريحة معك انا لا اطلب شيئا من احد ولم اجد اي عرض من اي رئيس كما فعل الرئيس بن علي.
* ما ذا عن علاقة زهوة بالرئيس التونسي؟
ـ مهتم جدا بدراستها وبكل امورها وإذا واجهتها اي مشكلة تلتقى به على الفور بمفردها وكثيرا ما تتحدث معه على الهاتف ثم تذهب اليه وتحكي مع حرم الرئيس. وقد شعرت معهما بالراحة فكل طلباتي واحتياجاتي مجابة. والأكثر من هذا فان الرئيس بن علي ارسلنا الى الحج وكنا في ضيافة زوجة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز رحمه الله، ولقينا كل اهتمام وترحاب.
* هل تنوين الإقامة في مكان آخر.. أم تشعرين بالراحة هنا؟
ـ استضافة تونس لنا مريحة للنفس فهي لا تحملنا الجميل.. وكانت تفعل ذلك مع الرئيس عرفات نفسه وكان ابوعمار دائما يقول لي ان القرار الفلسطيني في تونس مستقل. وان سلطات هذا البلد لا تتدخل في اية خلافات فلسطينية. ولم تتصرف تونس على اساس التناقضات الفلسطينية. وعلى سبيل المثال عندما يحدث خلاف بين الرئيس محمود عباس وفاروق قدومي كانت زوجة ابو اللطف تخشى ان يقود الخلاف الى ضغوط على تونس لاخراج قدومي منها. وكانت زوجة قدومي تقول لي اين نذهب وقد عشنا كل عمرنا هنا.
لكن حرم الرئيس بن علي قالت لنا ان الرئيس لن يخرج اي فلسطينى من تونس وانتم ضيوفنا ولكم كل الحقوق مكرمين ومعززين. وعندما يعلم الرئيس بن علي بمشكلة لأي فلسطيني حتى ولو كان هذا في المطار يتدخل على الفور. وعندما كان الرئيس عرفات محاصرا في المقاطعة في رام الله كان الرئيس بن علي يصدر التعليمات لإعطاء اموال لفتح من حزب التجمع الدستوري. ويقول ان اموال الحزب هي اموالكم وذلك كمساهمة من تونس بتخفيف الحصار عن الرئيس عرفات. (ثم عادت الى السؤال وتقول).. اخترنا الاقامة في تونس لاسباب كثيرة، من بينها ما ذكرته لك ويكفي ان اشير إلى ان الرئيس ابو عمار كان له بيت في اليمن والسودان والعراق لكنه كان يرتاح اكثر في تونس.
* هل كانت أوسلو صناعة تونسية كما يتردد؟
ـ لم يبلغني ابو عمار بمباحثات اوسلو وكان يطلب مني ان اترك البيت في توقيت الاجتماعات. ويكتفي بالقول اعدي المكان لضيوف من الرجال والنساء وكنت اسأل نفسي عن السر وراء ذلك الطلب، ولكنني علمت ان الاجتماعات كانت مقتصرة على الرجال. وكان يتم اصطحاب الزوجات، واحيانا الاولاد كنوع من التمويه والتغطية على سرية المباحثات. وبعد ذلك استنتجت بأن مباحثات اوسلو تتم في البيت وكانت تونس على علم بها ولكنهم حافظوا على السرية.
* متى علمت بانها مباحثات اوسلو وهل كان لك اي نوع من المشاركة؟
ـ لم أشارك وعلمت من طبيعة التحرك ونوعية ضيوف ابو عمار وبدأت اتعرف على الأجواء.
* متى تدخلت تونس في مباحثات أوسلو؟ ـ لم تتدخل وانما بعد انتهاء المباحثات استقبل الرئيس بن على الرئيس عرفات وضيوفه النرويجيين كنوع من التتويج لنجاح المباحثات، وكان الرئيس عرفات يبلغ الرئيس بن على بكل شيء ويأخذ بنصيحته ويتشاور معه باستمرار، والعلاقة بينهما كانت ممتازة على كل المستويات حتى عندما كان يمرض كنت اتحدث مع الرئيس وحرمه في اي وقت ويرسلون لي الاطباء. ولذلك عندما نقل ابو عمار للعلاج في فرنسا كانت مفاجأة لي لانني لم اتخذ قرار العلاج، وانما ما حدث هو كالتالي ان ابو علاء وابو مازن اتفقا مع الرئيس جاك شيراك فلم اعارض، واكملت الاجراءات ولكن كانت عيني عليه وبجواره طوال الوقت. وكان يرتاح كثيرا عندما يستمع لاسطوانات القرآن الكريم، والتي حرصت على وضعها بيننا دائما.
* لكن تردد أن قرار علاج الرئيس عرفات في باريس ارتبط بإقامتك بها؟
ـ لا، غير صحيح لانني مقيمة في تونس قبل استشهاد الرئيس ابو عمار بحوالي عام وكنت اعيش في هذا البيت أنا وزهوة وكان قصرا للضيافة، ولانني وجدت صعوبة بالغة للاوضاع في باريس والمناخ كان مشحونا ضد الفلسطينين بسبب الانتفاضة. ومرة اخرى فان الجميع يعرف من هم اصحاب قرار علاج ابو عمار في باريس خاصة ابو مازن وابو علاء.
* هل نزع الاوكسجين من الرئيس عرفات تم في توقيت معين؟
ـ لا أبو عمار لم يمت إكلينيكيا وإنما كان عنده غيبوبة (سكر).
* هل مات مسموما؟
ـ الله اعلم لان ابو عمار استشهد ومعه كل الاسرار.
* ماذا عن نتائج التحقيقات؟
ـ لم يعرف الى الان من المسؤول ولم يستطع احد ان يحكي شيء. (بدت متألمة بشكل واضح).. لا اريد الخوض في هذه التفاصيل ولكن ما اريد توضيحه ان تونس استعدت لعلاجه، وان الرئيس بن علي قال وقتها سنأتي له باطباء من المانيا وايطاليا، وبالفعل اعد له قصرا اكبر من القصر الذي نعيش به الان ليكون مقرا لنقاهته بعد الشفاء. والاكثر من ذلك ان الرئيس بن علي طلب من الجميع الابتعاد عنا وقدم لنا كل شيء، وهو لا يتصرف كنوع من الدعاية وانما كرد فعل على معزته للرئيس عرفات، ولأنه لا يتحدث مع احد عما يفعله لنا. وأنا بدوري لا استقبل احد. وغير معروف حتى بالنسبة للكثيرين اين أقيم. وللحقيقة فان زهوة متعلقة كثيرا بالرئيس بن علي، ويوم عيد ميلادها بدأت تبكي بحرقة ـ لأنها صغيرة ووالدها غير موجود وعلى الفور تحدثت مع حرم الرئيس وابلغتها بحالة زهوة فأخذ الرئيس السماعة وتحدث معها وطلب منها ان تذهب اليه لتجلس معه على الكومبيوتر ثم اعطاها جهازا مثله هدية. كما ان حرم الرئيس، ليلى بن علي، قلبها من دهب ولديها احساس بالناس البسطاء وتساعد دون ان تتحدث، لدرجة انها سألت فتاة ممن يعملن لدى هل عندك بيت، فقالت لها لا.. وبالفعل وعدتها وأعطتها منزل، وهي لا تترك كل ما هو انساني إلا وأنصفته، وفي المقدمة المرأة.
* هل تحصلين على معاش الرئيس الراحل ياسر عرفات لزهوة؟
ـ في البداية تم صرف معاش لزهوة لوقت محدود وبعد ذلك انقطع ولا ادرى لماذا، مع العلم بان هذا المعاش جاء بعد وساطة من بعض القادة العرب مع السلطة الفلسطينية، ومع ذلك اقول كان الله في عون فلسطين وأهلها والحصار الذي يعانون منه ونحن جزء من المشكلة.
* ماذا عما تردد بشأن ملكيتك لقصر في باريس؟
ـ هذا ما روج له البعض ويعد ضمن الافتراءات التي لا اريد التعليق عليها لان المسألة لا تتجاوز الشقة الصغيرة والمقربون منا يعرفون ذلك.
* ما هو طموحك في الدنيا؟
ـ أن أرى كل العالم الاسلامي والعربي بخير وان يتمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وحقه في اقامة دولته الفلسطينية وان اطمأن على ابنتي زهوة وان يعوضني ربنا خيرا بها.
* كيف تقضين وقتك؟
ـ مع زهوة في البيت فهي كل عمري وأنا ملك لها.
* ما هو أكثر ما يعجبك في تونس؟
ـ أنا معجبة جدا بقانون الاحوال الشخصية في تونس وبوضع المرأة، بالنسبة للإرث حيث تعامل معاملة الرجل تماما، كذلك مسألة منع تعدد الزوجات، إضافة الى مزايا كثيرة تجعلني اطمأن على ابنتي كتونسية على الرغم من انني معي جنسية فرنسية.
* لماذا إذن تتهم جمعيات حقوقية تونس بانتهاكات؟ هل المقصود بالحقوق التي تعنيها.. الفوضى؟
ـ للتوضيح وللعلم ان تونس تعيش قانون الالتزام والحرية المسؤولة التي تحافظ بها على التنمية. وهي معروفة لدى الاتحاد الاوروبي. ومعروف ايضا ان التنمية لن تحدث مع قمع الحريات كما يدعي البعض، ولكن الرئيس بن علي كل همه تطوير الانسان والالتزام بقيمة العمل وبناء الشخصية على اسس كريمة ولائقة بانسانيته.