عدالة محاكم أنصار الشريعة ومماطلة محاكم وزارة العدل
بقلم/ وليد تاج الدين
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 6 أيام
السبت 24 مارس - آذار 2012 08:12 م

الفصل بين نزاعات المواطنين في جعار التي يسميها أنصار الشريعة ( وقار ) اخذ طريقا جديدا مع وجود محاكم أنصار الشريعة وقضاتها الذين بحسب الأهالي يبدو أنهم مهتمون إلى حد كبير بالفصل بين النزاعات وإنهاء الخصومات بأسرع وقت ممكن بين الناس دون أي مقابل وهو ما لم تستطيع محاكم الدولة تحقيقه لهم منذ عشرات السنين.

في جعار لا مكان للخصام الطويل ولا داعي للمشارعة والابتزاز والرشوة وحق العسكري وأجرة القاضي وتكاليف النزول ورسوم البلاغ وحق البترول أو قيمة القات, لا يحتاج منك الأمر للمطالبة بحق أو عرض مظلمتك سوى لأن تبلغ محكمة أنصار الشريعة المتواجدة في احد المباني والتي كانت محكمة روادها باقون منذ سنوات لنفس الخصومات التي لم يراد لها أن تنتهي إلا مع مجيء هذه المحاكم الجديدة.

ومهما يشاع عن هذه المحاكم من مساوئ إلا أننا هنا بصدد الحديث عن إمكانية الفصل المستعجل في القضايا وذلك بجمع أطراف النزاع وفك النزاع بحسب ما يتوفر من الأدلة والشهود والوثائق وغيرها حيث أن في الشرع ما يكفي من الوسائل لحل أي نزاع.

وكأن القائمون على تلك المحاكم يدركون تمام الإدراك أن ما لا يحل اليوم لن تأتي الأيام إلا بمزيد من التعقيدات وهذا المفهوم هو المفهوم العملي المعاكس تماما لمفهوم محاكم الدولة وقضاتها.

نعود لإجراءات التقاضي في محاكم أنصار الشريعة في جعار والتي تبدأ بالإبلاغ لدى المحكمة بكل تلقائية ودون عناء او تكاليف حيث بعدها يتم إرسال شخص قد يكون فتى صغير أحيانا بدراجته إلى الخصم لإبلاغه بموعد الحضور الذي لا يزيد عن يوم واحد في الغالب وفيه يستعد هذا المطلوب لإثبات ما يمكن إثباته أو نفي ما يمكن نفيه حيث لا وقت للمماطلة أو الوعود أو المناورة ويجري البت في القضية عبر قاضي يقوم بمناقشة الأطراف وعمل الصلح أو إصدار الحكم بحسب مقتضى القضية ويتم التنفيذ الفوري مع مراعاة حق الدفاع.

لم يحدث هذا ولو مرة واحدة في أروقة قضاء الحكومة ولم نجد إلا قضاة يزيدون في الأخذ والرد وتأجيل الجلسات تلو الجلسات التي تمتد لسنوات وفي النهاية إن كتب لها أن تصدر أحكاما فإنها لا تجد من ينفذها ربما لأنها لا تمتلك الثقة اللازمة والمصداقية الكافية لفرض تنفيذها وأحيانا يأتي قضاة جدد وينقضون الأحكام الباتة بأحكام جديدة وحدث هذا بالفعل , وفي نهاية المطاف نجد شكاوى القضاة من كثرة القضايا, التراكم هو عقدة القضاء وهو ما لم يغفله حتى عامل النظافة الذي يدرك أن تراكم المخلفات والقمامة سيصعب تنظيفها وهذا ما هو حاصل في أروقة القضاء من تراكم لقضايا فيها حقوق للناس وبالتالي يصعب حل القضايا الجديدة بسبب تراكم القضايا القديمة.

احد مواطني جعار يحمد لأنصار الشريعة هذا الأمر ويقول لقد شعرنا بالأمان فلم يعد للصوص مكان بيننا بعد تنفيذ الحد في عدة لصوص بقطع اليد فنحن في أمان على أموالنا, يقول ولم يعد يعكر صفو حياتنا سوى أزيز تلك الطائرات وهجماتها بين الحين والآخر.

والآخر يقول نشعر وكأننا في مكان مقدس فالمساجد تمتلئ بالمصلون والأسواق تخلو وقت الصلاة من الناس ولم يعد هناك مكان للمناطقية وأصبح الجميع يدرك أن هناك حدود لا يمكن تجاوزها وهو ما يكفل للجميع الحياة بكرامة وفق قواعد واضحة وعادلة.

ولم يعد مستغربا أن ينصحك احدهم لاختصار منازعاتك بالتوجه إلى محاكم جعار للحصول على حقك دون خسارة مزيد من الوقت والجهد والمال ولم يعد يمنع الناس من الاستفادة من عدالة هذه المحاكم إلا بعد المسافات عن جعار وصعوبة المواصلات إليها, لكن يقول آخر نتمنى أن يفتحوا فروعا في كل المدن والمحافظات.

هناك شعور يتولد لدى الناس أن هناك من هو احرص على خدمتهم من مكاتب الدولة التي ظلت تبتزهم في كل مكان ولا تزال حتى يومنا هذا تبتز الناس ومع كل نشاط قد يتصوره عقل ولا يوجد مواطن إلا وقد عانى من هذا الابتزاز نظير حقوق من حقه الحصول عليها دون أي مقابل وبالتالي فإن الشعوب لم تعد تبحث سوى عن مصالحها وان كان مع الشيطان فإنها ستتحالف معه حالما تلمس منه مراعاة مصالحها وتيسير سبل معيشتها وتصبح الحكومات اليوم أمام تحديات لا تقل وصفا عن صراع البقاء فإما النجاح في كسب ثقة الناس وهذا لن يتأتى إلا بمزيد من العمل وإما الرحيل وهذا هو الإفراز الجديد الذي على الحكومات وضعه في قائمة الأولويات والنظر إليه بعين الاعتبار.

وبغض النظر عن شرعية هذه المحاكم من عدمها إذ أن البعض ينظر إليها على أنها خروج عن دائرة النظام والقانون الذي لا وجود له إلا كمسمى, ويتهمها البعض الآخر بالقيام بتجاوزات وإصدار أحكام قاسية , ولكن ما هو واضح أنها استطاعت أن توجد لها قبولا في أوساط الناس لأن الناس لا تريد أكثر من عدالة تطال الجميع وحلول سريعة لمشكلاتهم دون ابتزاز أو انتهازية أو تمييز, ونحن هنا لسنا بصدد الترويج لجماعة أنصار الشريعة أو لتلك المحاكم التابعة لهم فهي ليست منتظرة ذلك من احد, ولكنا نروج لفكرة العدالة والحسم المستعجل لقضايا الناس وتسهيل معاملاتهم والرقابة لمنع الابتزاز باسم العدالة.

tajwalid@gmail.com