محرم بلقيس .. توأم المجد
بقلم/ عبدالرحمن السقاف الطهيفي
نشر منذ: 4 سنوات و أسبوعين و 4 أيام
الإثنين 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 10:36 م

زيارة هذا المكان بعد مرور زمن طويل على آخر زيارة تعطيك شعورا متزايدا من الفخر والإعتزاز وهذا الشعور يكون بقدر ماتعرفه عن تاريخ هذا المكان وعن حضارته وشعبه العظيم.

معبد أوام او كما يعرف شعبيا بمعبد الشمس او محرم بلقيس.

حين تقف في وسطه وتدير بصرك في أرجاءه، تستحضر جلال المكان.. فهنا قبل ميلاد المسيح ب700 سنة وقف كرب ايل العظيم آخر مكاربة سبأ وأول ملوكها ... وبجوار صرح هذا المعبد المهيب سار الملكان شمر يهرعش وأبوكرب أسعد بعد ذلك بألف عام، وخلال كل تلك القرون ظل هذا الصرح يطل على عهود من المجد والفخار لهذه الحضارة ولشعبها.

وخلال تلك الحقب المتوالية كان صرحهم هذا لا تزيده القرون إلا بهاءا وجمال .. ولا تزال.

وربما لان لي هواية قديمة بقراءة نقوش المسند (مساند حمير كما يسميها لسان اليمن الحسن الهمداني المتوفي 336 للهجرة) فاول ما يلفت النظر في جنبات المبنى تلك الصخور العملاقة المنحوتة بمهارة، تقف منتصبة وملتفة على الجدران وأمامها، صخور كتبت على وجوهها تلك النقوش التي روت لنا جوانب من تاريخ اليمن القديم.

ولاتدري اي الأمور اكثر إثارة للإعجاب، هل هي الطريقة التي نحتت بها تلك الصخور العملاقة المنضدة والمشذبة وكأنها كانت لينة تحت ادوات النحانتين؟ ام وضع تلك الصخور بشكل متقن ضمن جسم المبنى حتى لكأن الكثير منها بنيت معه رغم انها وضعت لاحقا بحسب تاريخها وشخوصها والاحداث التي ذكرتها تلك النقوش.

ام تعجب أكثر من الكتابة نفسها وخطها البديع المتناسق بجمال يسلب الألباب، إلى الحد الذي يعجز من يحمل قلما وورقا ان يجاري جمال ذلك الخط المنقوش بمزابر الحديد على وجوه جلاميد الصخر...

النقوش التي سجلها الباحثون من هذا الموقع كثيرة جدا، فبعثة ويندل فيلبس لوحدها في الخمسينات سجلت مئات النقوش من هذا الموقع.. وللاسف تجد بعضها مرمية على الأرض فلا تتمالك نفسك من رفعها باحترام مستحق.

كان الجميع يرتادون هذا المكان، ملوك واقيال ومواطنون. كان المكان الأهم في كل البلاد.

ولابد ان نسجل شكرنا للسلطة المحلية ومكتب الاثار بالمحافظة للاهتمام بالمكان لحمايته من عبث الزائرين..

وبالتأكيد فإننا نتمنى ان تكون الفرصة مواتية مستقبلا في ظل استقرار سياسي للاهتمام بالمواقع الاثرية الكثيرة البالغة الاهمية على الصعيدين البحثي التاريخي، والاقتصادي السياحي، واولها هذا الموقع الفريد الذي يعد من أقدم المعالم الحضارية العربية، ان لم يكن أقدمها على الإطلاق.

قبل ان تغادر الموقع تلتفت لتلقي نظرة وداعية على قاعة الأعمدة، وعلى السور الكبير، لان الكاميرات مهما بلغت دقتها، لاتوازي ما تسجلة العين من شموخ وألق يلف هذا المكان..

 ثم تمضي وانت لا تقول لنفسك كانت هنا حضارة سادت ثم بادت.. بل حضارة كانت ثم عادت .. بحول الله تعالى.