الخيواني .. وتناقض مرحلتين..
بقلم/ سامي نعمان
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 12 يوماً
الأحد 15 يوليو-تموز 2007 04:16 م

مأرب برس - خاص

عندما حوكم الاستاذ عبدالكريم الخيواني عام 2004، على خلفية احداث صعده، كان السياق مختلفا تماماً عما هو عليه الآن، كانت التهم متعلقة بالنشر وإن كان لها خلفياتها، كان يحس بمتعة نشر التحقيقات التي كان يحرص على نشرها في صحيفته، ويشعر بان نقابة حيوية تقف خلفه، ويحس بزملاء مهنة كثر يتحمسون لقضيته ويشعر بقربهم ويتدلل عليهم "لا زلت وحدي"، كانت السوسوة وزيرة حقوق الانسان وكان اتحاد الادباء والكتاب -وهو أحد اعضاءه- قائما بلا صورة تذكارية مع الرئيس.

 

الليلة لا تشبه البارحة عدا بعض التفاصيل، فالتهم وان ارتبطت بالنشر الا انها فبركت الى الارهاب، والنقابة تعيش اسوأ مراحلها ولم تف بالالتزام الذي قطعته على نفسها في بيان الايوم الاول، الخيواني بلا صحيفة ولا موقع ولا منصب حزبي ولا وظيفي، تضامن زملائه وإن كان وجه الشبه الوحيد تقريبا في المرحلتين الا انهم لم يبلغوا ذات المستوى الذى كانوا عليه سابقاً، وفيما ذهبت السوسوة واستقال محبوب علي وانتهت فترة مجلس اتحاد الادباء السابق، جاءت قيادات جديدة قصيرة النظر لا تبالي – ان لم تكن تفرمل- قضايا الحقوق والحريات..

 

القضية السابقة تلقى بموجبها الخيواني حكما بالسجن لعام في محاكمة ماراثونية شابها عديد من العيوب والقصور، غير ان التهم الحالية، ان تبتت الادانة تستحق –طبقا للمحامي الآنسي- حكم الاعدام، وهو الحكم المعروف اقراره سلفا عندما تكون المحاكمة في محكمة امن الدولة المطعون في دستوريتها، بحسب خبرة وتجربة منظمة هود الحقوقية..

 

صحياً، يعاني الخيواني من تدهور حالته الصحية وسط ظروف سجن سيئة، وإن كان بريقها الظاهر أنه في جناح كبار النزلاء، ويحرم وفقا لها القراءة والاطلاع والاتصال الهاتفي الا وفقا لرؤية عُلْوية.

 

السوسوة، امة العليم، ابان توليها حقيبة حقوق الانسان، بعثت برسالة الى رئيس الجمهورية تطالب بالافراج عن الخيواني، وتنتقد الانتهاكات الممارسة بحقه، غير ان صمت الوزارة بوزيرتها البان المطبق على هذه القضية وقضايا أخرى بات باعثا على القلق من رضا الوزارة بالانتهاكات التي تحدث على الواقع. اتحاد الادباء كان اصدر بيانا طالب باطلاق الخيواني يوم كان دماج رئيسا وهيثم أمينا عاماً.. صمت اليوم عنوان المرحلة..

 

ربما اسقاطا للواجب اصدر اتحاد القوى الشعبية بيان ادانة ومطالبة بالافراج عن الخيواني، الذي جاء اعتقاله قبل ان يجف حبر الاستغناء ورسالة الشكر الشبيهة برسالة الرئيس لباجمال عند تعيين مجور، ولاذ الصمت ايضاً مع الاكتفاء بنشر بعض الأخبار عن المعتقل في الموقع.. هو لم يعد رقما صعبا بالنسبة لهم اليوم، فلا هو عضو في الامانة العامة كما كان سابقاً رغم أنه لم يستلم يوما مكافأة هذا المنصب من الحزب اسوة بأقرانه، ولا رئيسا لتحرير وسيلة اعلامية تابعة للحزب تلزمه الدفاع عنه كالتزام اخلاقي..

 

وعدا تصريحات باتت سمة بارزة للتكتل المعارض الابرز في البلاد، غاب عن اللقاء المشترك اصدار بيان رسمي يوضح موقفه من اعتقال الخيواني والتهم الموجهة ضده، وصمتوا في حضرة الرئيس في اجتماع ضمه بقادة الاحزاب الممثلة في البرلمان بعد اتهامه للخيواني بالتآمر لقلب نظام الحكم استنادا لمكالمة هاتفية تطوع وزير الداخلية باسماعها اياهم، عدا اعتراض الدكتور ياسين على اعتبارها دليلا على التهمة "فالذي يسعى لقلب نظام الحكم لا يتحدث بالتلفون"، وأعاد الحزب الاشتراكي صورة الخيواني ممهمورة بعبارة"الحرية للخيواني" على ترويسة صحيفته كما كانت في فترة اعتقاله الاولى.. واحجمت دائرة الاصلاح الاعلامية عن اصدار موقف رسمي كما هو عادتها في بعض القضايا وهو ما يضع علامات استفهام على معايير تعامل الحزب مع الانتهاكات الاعلامية، أم ان الشمس لا تمر بغرناطة.

 

كان الخيواني يبدي ارتياحا بالغا وهو يقرأ تصريحات الدكتور ياسين وقحطان والصبري والعزب وغيرهم من قادة المشترك بسبب تقدم مواقفهم المعارضة، كان كثيرا من يتحدث عنهم اعجاباً، لكنهم على ما يبدو لم يأخذوا القضية بمحمل الجد حتى اللحظة.

 

اما قبيلة الخيواني كما سماها سلفا فلها "حدّوْتة" أخرى بعد تغيرات مبكرة طرات عليها قبل ان تبلغ سن الرشد، وبعد أن كانت الطرف الاكثر فعالية في قضية الخيواني عامي 2004- 2005.

 

حافظت النقابة في بيانها الصادر عقب الحادثة على الحد الادني من مستوى الواجب المحتوم عليها ازاء قضية كهذه، رغم أنه لم يرق الى مستوى البيانات التي كانت تصدر عنها قديما، في حقبة محبوب علي.

 

كان البيان حصيفا بما فيه الكفاية، اكتفى بتوثيق واقعة الاعتقال وملابساتها وانتهى بالادانة والمطالبة بالافراج..

 

كانت كثير من بيانات النقابة ورسائلها شديدة اللهجة تاتي ممهورة باسم وتوقيع محبوب علي النقيب السابق(قدس الله سره)، الذي لم يكن بمعزل عن اتهامات بالتبعية للسلطة، وغمز ولمز اعضاء النقابة من الحسوبين على الطرفين..

 

استقال محبوب لمبررات صحية ربما ورثتها حالة عدم الانسجام التي كانت سائدة بينه وبين المجلس- إن لم تكن الحالة ذاتها هي السبب- ليأتي نصر طه مصطفى برديف علاقة متميزة تربطه بالرئيس، وواجه الخيواني الذي كان ينافسه على المنصب قبل الانسحاب بأن النقابة بحاجة الى قائد نقابي وليس الى زعيم سياسي.

 

في السجن الاحتياطي قال الخيواني ان نصر اتصل بأحد قيادات النقابة وعبر عن استيائه للحادثة، غير انه اغلق تلفونه وقد ادى الواجب من المهجر، وواصل اكمال مهمته براحة بال دون صداع دوشة القضية..

 

عاد نصر وانضم الى زفة الصمت المريب، بل ربما عاد محتجا او معتذرا عن بيان النقابة المتهور الذي صدر في غيابه، والذي خلا من تعابير الحكمة والاشادة بالمنجزات كما البيانات التي تصدر بتوقيعه، ولم تف النقابة بالالتزمات التي قطعها بعض اعضاءها بأنها ستواصل الاعتصامات حتى الافراج عن الزميل، وخرج الوكيل بعد زيارة الخيواني باستجداء الرئيس والمسؤولين تفهم الحالة الصحية للخيواني واعادته الى السجن الاحتياطي مراعاة لذلك حتى تقر محكمة الارهاب الحكم ضده..

 

يبدو مجلس النقابة في وضعه الحالي اشبه بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ورئيس السلطة محمود عباس، غير انها تراعي مساحة الود، وتغلب التواءم بين الطرفين على حساب الحقوق، والا فلا شيء يبرر فتور موقف النقيب والنقابة عموما من القضية وقضية نائف حسان رئيس تحرير الشارع الذي اخطاته نيابة الصحافة ايضا في مؤشر على تحول قضايا النشر الى قضايا من اختصاص أمن الدولة، ويلاحظ أن لجنة حماية الصحفيين من نيويورك اكثر متابعة للقضية من مشايخ القبيلة، أم أنهم باتوا يعولون على منظمة صحفيات بلا قيود للعب الدور نيابة عنهم، بأنشطتها الحيوية..

 

نصر أول ناطق رسمي للحكومة كان شاهدا على كثير من الانتهاكات التي طالت الخيواني منذ توليه المنصب الاول في النقابة، فهو يعرف خفايا ارجاعه من المطار حينما كان عازما السفر الى المغرب اواخر العام الماضي، ولولا تواصله المستمر بزملاءه لحظة بلحظة منذ ساعة المنع لكان هناك تطبيقا اوسع لبروفة اعتقال علي حسين الديلمي اثناء محاولةسفره للدنمارك، وهو ذاته الذي كان حلقة الوصل بين المسؤولين والخيواني حينما كان عازما السفر الى تركيا للدراسة، غير ان الرسالة الواضحة التي فهمها الخيواني من الوسيط هي انه سيلاقي مصيراً ليس بالهين استيعابه..

 

تبدو العلاقة بين النقيب والرئيس التي عُوّل كثيرا على استثمارها لمعالجة كثير من مشاكل الصحفيين وازماتهم والانتهاكات التي تطالهم قد ذهبت ادراج الوعود الانتخابية، وتحول النقيب الى مبرر لسياسات القمع التي تطال الصحفيين وحرية الصحافة والا فماذا يعني السكوت المخزي للنقابة حيال قضية كهذه..

 

معروف عن نصر نزعته التحرريه من الايديولوجيا وقيود العصبية مذ كان قياديا في حزب الاصلاح قبل انضمامه للمؤتمر، حين كان يخالف حزبه في كثير من قضاياه السيادية، وليس معقولا ان يكون اسر المنصب والعلاقة الاسترتيجية هي السر وراء التقصير في قضية الخيواني، ووراء الفتور ورسائل الاستجداء التي غلبت على النقابة بعد عودته من مصر، ناهيك عن الحديث عن مبادرة تاريخية يقوم بها فخامة النقيب بزيارة الخيواني لسجنه تيمنا بسيرة محبوب علي الذي فعلها ذات مرة رغم كل ما كان يروج عنه من تهم بسبب القضية..

 

الخيواني يعاني من ظروف صحية سيئة والتقرير الطبي يقول انه من اللازم ان يخضع للعناية المستمرة باشراف اخصائي، لذا فليس على النقابة انتظار المؤمل من الجهات الرسمية تقديره واستيعابه، ويجدر بالنقيب القفز ولو مرة واحدة على استراتيجية العلاقة للمطالبة باحترام النظام والقانون والقيام بمهامه كنقيب يراعي مصالح رعيته وفقا لنظرية الشيخ والرعوي، دون اعتبار لمنصب الوكالة، والا فالمنصب مجردا عن النقابة يعفيه من المسرولية ووجع الدماغ وهو أجدى له من فقدان ثقته لدى رعيته.

 

شهر اجازة قضائية قادم، وشهر رمضان يليه وما بين العيدين مهزلة دوام وترتيب اجراءات حج ليعود المسؤولون والقضاة، كيوم ولدتهم امهاتهم، و النقيب لم يقرر بعد متى يناقش القضية المتروكة للتفاهم بينه وبين وزير الداخلية ان لم يتحرك عكسيا ليعتبر القضية خارجة عن كون الرجل صحفياً، ويبقى الخيواني وحيدا في ظل اجواء من الاحباط السياسي والمهني، والتنصل اللا أخلاقي من الالتزامات..

 

بقي الاشارة لصحيفة طازجة، ضجت الاسماع بالحديث عن خط مهني راق للصحافة وامل مشرق بالمستقبل تصنعه ولم تذكر على مدى اربعة اعداد صدرت منذ اعتقال الخيواني حتى لقطة في اقصى الصفحات الداخلية على استحياء، وحتى ان ارادوا توجيه الخبر لدعم الادانة، لكن ادعاء المهنية دون التطرق حتى بخبر مهني -موجه رسميا- لقضية كانت الاولى في معظم الصحف (المستقلة) امر مناقض للاعاءات.

 

ليس من مصلحة أحد ان تسير القضية بهذه الوتيرة، وان تتضامن المنظمات المعنية بحرية الصحافة والحقوقية من للخارج وسط تخاذل مثيلاتها في الداخل ، واستجداء الحقوق لم يكن يوما خلاصا وحلا لاي انتهاكات طالت اي قضية. تصريحات قيادات المشترك لا تغني ولا تسمن من جوع، خصوصا ان احدا من قياداتهم لم يز الخيواني في معتقلة، ولم تدخل القضية حيز الاهتمام اللازم في حوار الاحزاب او في البرلمان اما الاكتفاء بالتصريحات فـ"لو صمتوا كان افضل" طبقا للخيواني، و ليعلنوا عجزهم وليوكلوا المهمة ايضا لتوكل كرمان والنائب فؤاد دحابة الذين لم يملوا الاعتصام في ساحة الحرية التي سماها الصبري كذلك، تضامنوا من أجل اليمن والا فالاولى نعي الديمقراطية وحرية الصحافة وحقوق الانسان والنضال السلمي في بيان مشترك، وليبحث الشعب عن وطن بديل..

 

* saminsw@gmail.com

 
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
سيف الحاضري
خارطة الطريق: الجريمة السياسية.. من يجرؤ على ارتكابها ؟
سيف الحاضري
كتابات
كاتب صحفي/محمد الغباريالقليل من الدمار يكفي
كاتب صحفي/محمد الغباري
مهدي احمد بحيبحالإرهاب لخدمة من؟
مهدي احمد بحيبح
أحمد أمين المساوىمحاكمة عقل الإرهاب الحديث
أحمد أمين المساوى
مشاهدة المزيد