الحكومة اليمنية توقع اتفاقية مع جامعة الدول العربية لتنظيم نقل البضائع برا قرارات في القبض على مساعدي اللواء شلال شايع بأوامر قهرية من الينابة العامة في عدن قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا
في أيام الهزائم، وعندما يسيطر الإحباط على المهزومين، يقبل بعضهم على بعض يتلاومون!
فليس خافياً على أحد أن القوى الوطنية الآن داهمتها حالة إحباط حادة بعد التعديلات الدستورية، وكأنها كانت تتوقع إحباط هذه الجريمة، بمجرد الكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدون فعل حقيقي على الأرض؛ هو الهدف من استخدام هذه الوسيلة، لكن الوسيلة صارت هدفاً.. وعندما لم تحقق المطلوب، أصيب الناس بالإحباط، وبشكل ربما لم تمر بمثله القوى الوطنية، إلا بعد انتخابات البرلمان في سنة 2013، فذهبوا يتحدون الملل ببرلمان الظل، الذي علق عليه مبارك بقوله: "خليهم يتسلوا"!
وإذ استولى الإحباط على القوم، فقد عادوا من جديد يرجعون المشكلة إلى جماعة الإخوان المسلمين، فبوجودها أصبح الانقلاب العسكري مقبولاً دولياً، وصار الاستبداد يجد ما يبرره، فلم يصدر من العواصم الغربية مجرد بيان إدانة لسعي قائد الانقلاب العسكري للاستمرار في السلطة مدى الحياة. وفي موجات إحباط سابقة، كان هناك من يرجع أزمة التيار الديني، وتجاهل الغرب لمبدأ سيادة الشعوب، إلى وجود إسرائيل، وما يمثله التيار الديني من خطر على وجودها. وربما راودت البعض فكرة البحث عن مخرج لذلك، وربما فكروا مع أنفسهم بصوت غير مسموع، فرأوا أنه من الأفضل البحث عن وسيلة تعايش مع إسرائيل، والتخلص من حالة العداء، ما دام العداء التاريخي الذي يحمله المتدينون لدولة الكيان؛ سبباً في تعطيل الديمقراطية في مصر، ما يمثل دعماً للحكام المستبدين!
الحلقة المفرغة:
إنهم يدورون في حلقة مفرغة، تنتهي بعملية التوصيف الخاطئ لحالة المريض، إلى اختيار دواء خاطئ، لا يعالج مرضا ولا يشفي سقما!
هل صحيح أن مشكلة مصر في وجود جماعة الإخوان المسلمين؟!
والسؤال بصيغة أخرى:
هل لو اختفت الجماعة بالحل أو بالتصفية، سيفقد الاستبداد مبرر وجوده؟!
وقد تكون هذه الصيغة أكثر وضوحا:
هل إذا حلت جماعة الإخوان نفسها، سيُمكن الشعب المصري من اختيار حاكمه، وأن يحكم نفسه بنفسه مثل شعوب العالم المتحضر؟ وأن وجود الإخوان سيحول دون ذلك، باعتبارهم حزب الأغلبية في مصر؟
وهل لو لم يكن الإخوان في المشهد، كان ترامب (مثلا) سيمنع السيسي من تعديل الدستور بما يمكنه من البقاء، وكانت العواصم الغربية لن تغض الطرف عن هذه الجريمة؟!
المؤكد أن الإجابة على هذا السؤال بصياغته المختلفة ستكون بالإيجاب، وعليه كانت الدعوة لجماعة الإخوان بأن تحل نفسها، وهو المطلب الذي أنتجته حالة الإحباط بعد إقرار التعديلات الدستورية، وكأن الإحباط ليس له قناة للتصريف إلا حيث يوجد الإخوان!
في أول انتخابات في ليبيا، لم يفز الإخوان أو الإسلاميون بالأغلبية، ومع هذا فتش الأمريكان في دفاترهم القديمة، فعثروا على عميل الاستخبارات الأمريكية ضابط الجيش المتمرد في نظام القذافي خليفة حفتر، فاستدعوه وقذفوا به إلى هناك. دعك من الإمارات ودعمها له، فالإماراتيون هم أداة في خدمة المشروع الاستعماري، قد يجتهدون هنا أو هناك، لكنهم في اجتهادهم لم يخرجوا عن المهمة التي كلفوا أنفسهم بها!
كان الهدف هو هزيمة الثورة الليبية، وتخريب ليبيا، ولو فاز "الكفار" في الانتخابات!
أغلبية الإخوان:
في مصر لم يتمكن الإخوان في الحصول على الأغلبية المريحة في انتخابات البرلمان، فلم يكن لهم أن يشكلوا هيئة مكتبه إلا بتحالفات مع حزبي "النور" و"الوفد" ليتمكنوا من قيادة البرلمان!
وفي الانتخابات الرئاسية، فاز الدكتور محمد مرسي على مرشح الدولة العميقة بصعوبة، وبفارق 800 ألف صوت فقط!
وهذه هي أول انتخابات بعد الثورة، وربما لم يفوزوا بالرئاسة إلا بعد القرار الأحمق والأرعن بحل البرلمان، والذي أصدره المجلس العسكري استناداً لحكم قضائي تخلق في رحم البطلان!
والقصد، أن هذا الفوز الصعب كان بعد الثورة، والمعنى أنه ليس مقطوعاً به أن يفوز مرشح الإخوان في الانتخابات التالية. فالحكم يسحب من شعبية أي حزب حاكم، وإذا كان لم يفز بأصوات الإخوان فقط، فكثير ممن انتخبوه كان يمكن ألا يفعلوا في الانتخابات التالية، ولهذا كان الرئيس مرسي ضد الانتخابات الرئاسية المبكرة!
وبعيداً عن هذه التجربة، فالإخوان كانوا جزءاً من معادلة الثورة في سنة 1952، وكان رجالهم جزءاً أصيلا في تنظيم الضباط الأحرار، والذي حظي بمباركة المرشد العام للجماعة المستشار حسن الهصيبي، ومع ذلك كان الاستبداد، الذي لم يجد إدانة من القوى العالمية؛ لأن الضحية في هذه المرة كان حزب الوفد!
فالانحياز الدولي للاستبداد، والتأييد لتغيب الديمقراطية، ليس لأن تمكين الشعب المصري من اختيار حكامه هو لأن هذه الإرادة ستفرز الإخوان، بل إنهم يرفضون أن تكون شعوب المنطقة مثل شعوبهم!
فعقب الانقلاب الأول، كان الوفد هو حزب الأغلبية، ولم يكن الإسلاميون أو الإخوان المسلمون، الذين كانوا دائرة من دوائر هذا الانقلاب، وكان انقلاب العسكر هو لقطع الطريق على الوفد. وبحسب خالد محمد خالد، الذي لا يمكن اتهامه بالعداء لعبد الناصر، فإن حركة الضباط كانت انقلابا على ثورة حقيقية أنهت الاستعمار البريطاني، ودخلت في معركة مع بقاياه في الإسماعيلية، من أجل تحقيق الاستقلال الكامل في ظل حكم نيابي يتطور مع الوقت!
فتش عن فرنسا:
إن الأزمة هي في حالة عدم الوعي، التي كانت سببا في تصورنا أن ضباط يوليو هم من قوى التحرر الوطني، ولم يكن هذا صحيحاً، ولكنهم كانوا نتاج صفحة جديدة من صفحات الاحتلال الأجنبي، يتجاوز فكرة الغزو العسكري، وبناء القواعد العسكرية، والسيطرة المباشرة على حكم المستعمرات. فهذه مرحلة كانت قد بدأت في الأفول، بغض النظر عن جنسية المستعمر، فالاستعمار الفرنسي رحل من المغرب العربي، وها هو الربيع العربي يثبت أنه لم يرحل!
ومن تونس إلى الجزائر إلى ليبيا، فتش عن فرنسا، التي تمارس تخريب الثورات، وتمنع إقرار حق الشعوب في اختيار حاكمها، وما فعلت هذا إلا باعتبارها قوى استعمار، تتصرف في مستعمراتها!
في الحالة المصرية، كانت الإمبراطورية البريطانية قد بدأت في التلاشي وصار وجودها رمزيا، وبحسب معاهدة سنة 1936، اعترفت بريطانيا باستقلال مصر، وهذا الوجود العسكري هو وجود لحماية قناة السويس باعتبارها قناة مصرية. وكان النص أنها ليست قوات احتلال، ولكنها قوات صديقة إلى حين تأهيل الجيش المصري للقيام بهذه المهمة، لكن النحاس باشا في سنة 1951 أعلن: باسم الشعب المصري وقعت معاهدة 36 وباسم الشعب المصري أعلن إلغاءها. وكان الأمر لقوات الشرطة والمصريين بمواجهة القوات البريطانية!
فماذا بقي لبريطانيا العظمى في مصر؟ وقد بدأ ظهور الإمبراطورية الأمريكية، وكانت السمعة التي تعمل على تكريسها؛ أنها زعيمة العالم الحر، بما لا ينفع معه أن تقدم نفسها باعتبارها قوات احتلال معلن، ونوعية الاستعمار الجديد الذي وجد أن الأصلح لهذه المرحلة هم العسكر الذين يحكمون بقوة السلاح، وليس بإرادة الشعوب!
حاول عبد الناصر أن يتمرد قليلاً على الراعي الأمريكي، وأن يناور بالارتماء في أحضان الاتحاد السوفييتي، لكن الاستبداد لم يكن أبدا مشكلة بينه وبين الأمريكان، ولم يشغله أن يقيم حكماً ديمقراطيا؛ لأنه يدرك أن إرادة الشعب لن تمكنه من الاستمرار، رغم الظاهر بفعل البروباغندا!
لقد جعلت حركة ضباط الجيش على رأس أهدافها؛ القضاء على الاستعمار وأعوانه، فإذا بنا نكتشف أنهم "أعوانه"، الذين حالوا دون أن ينال الشعب المصري استقلاله في اختيار من يحكمه، وعندما خرج الربيع العربي على "أعوانه"، كان التدخل الاستعماري الذي بدا واضحاً في هذه الأيام في مواجهة ربيع الجزائر وليبيا.
الاستعمار وأعوانه هو المشكلة وليس الإخوان، وعندما ندرك هذا ستكون بداية المواجهة الصريحة، بدلا من خلق أزمة ليست حقيقية؛ وإضاعة الوقت في حلها.
ولو حلت الجماعة نفسها، واتجهت إرادة الشعب لاختيار حزب معادٍ لهم، فلن يبلغ البنيان يوما تمامه؛ ما دمت تبنيه وغيرك يهدم.. غيرك هم أعوانه!
فالحل في مواجهة المرض وليس أعراضه.