الحكومة اليمنية توقع اتفاقية مع جامعة الدول العربية لتنظيم نقل البضائع برا قرارات في القبض على مساعدي اللواء شلال شايع بأوامر قهرية من الينابة العامة في عدن قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا
لماذا تقدم الكثير من الأمم بينما تتراجع الدول العربية وبعض الدول الإسلامية؟ سؤال يتكرر منذ عشرات السنين. وقد دأب المفكرون والباحثون على سرد مئات الأسباب، لكن برأيي الشخصي، هناك سبب وحيد لا شريك له، وهو أننا كدول عربية ما زلنا تحت الاستعمار، لكن بطريقة غير مباشرة، ولا أبالغ إذا قلت إن الاستعمار التقليدي الذي نحتفل كل عام بجلائه عن بلادنا كان أفضل بكثير من الاستعمار المحلي الذي تركه المستعمر الغربي وراءه كي يقول للشعوب: «ها نحن تركنا دياركم، لكن ستترحمون علينا بعد أن وضعنا لكم وكلاء أقذر وأحقر منا بعشرات المرات. سنجعلكم تحنون إلى أيام الاستعمار الخوالي بعد أن تجربوا العيش تحت أحذية وكلائنا المحليين».
لقد تحدث الرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي في كتابه الشهير «الاستقلال الثاني» عن هذه النقطة تحديداً، واعتبر أننا لم نصبح دولاً مستقلة بمجرد جلاء القوت الاستعمارية عن أراضينا، لأن المستعمر غادر بقواته، لكنه قبل أن يغادر كان قد درب عملاءه ووكلاءه كي يحلوا محله وينفذوا كل ما يريد وأكثر. بعبارة أخرى، لقد غادر المستعمر لكنه ترك كلاب صيده يصطادون له في بلادنا. لا عجب إذاً أن منصف المرزوقي طالب في كتابه أعلاه بتحقيق الاستقلال الثاني الذي يحقق لنا الاستقلال الحقيقي ويجعل من بلداننا دولاً حرة مستقلة صاحبة قرار وليست مجرد مستعمرات تدار عن بعد بواسطة المستعمر وكلاب صيده المحليين.
غالباً ما يصب العرب مثلاً جام غضبهم على أنظمتهم وحكامهم ويتهمونها بأنها من أبشع الأنظمة عبر التاريخ في القمع والإرهاب والاضطهاد. لكن هناك الكثير من التضليل في هذا الاتهام للأنظمة العربية التي تعمل بوظيفة كلاب صيد. من الخطأ الشديد إعطاء هذا النظام أو غيره أكثر مما يستحق من قيمة. صدقوني، فهو وغيره من الأنظمة المشابهة ليس فاشياً وإرهابياً ووحشياً بإرادته الذاتية، بل هو ككل كلاب الصيد مدرب على أداء هذه الوظيفة خدمة لأسياده الذين سلطوه على الشعب من أجل مصالحهم الخاصة بالدرجة الأولى.
مشكلتنا كشعوب إذاً ليست في الكلاب المسعورة التي تحكمنا، بل في الذين دربوا تلك الكلاب وسلطوها علينا كي تنهش في لحومنا… وعندما أرى السجان يفعل الأفاعيل بالمعتقلين في سجوننا ويمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب، لا ألوم السجان، بل ألوم النظام والحاكم الذي درب السجان وزرع فيه كل هذه الوحشية والحقد والهمجية كي يمارسها على المعتقلين.. وعندما أرى هذا الحاكم يترك الحبل على الغارب لأجهزة الامن كي تفعل فعلها بالشعب، لا ألوم الحاكم، بل ألوم القوى الكبرى التي دربته وأعطته الضوء الاخضر كي يفعل ما يحلو له بشعبه خدمة لمصالحها في بلدنا… وعندما ترى أجهزة الأمن تمنعك من إقامة حفل زفاف من دون إذن المخابرات كما في سوريا الأسد، أو تمنعك من دفن أهلك في القبر من دون رقابة أمنية، فاعلم أن هذه الأجهزة تعمل لصالح كل من يريدك أن تبقى متخلفاً ووضيعاً وضعيفاً…صدقوني مشكلتنا ليست مع كلاب الصيد الذين نسميهم حكاماً وأجهزة أمنية بل مع أصحاب الكلاب…خارج بلادنا.
هل يا ترى فعل هذا النظام أو ذاك كل ما فعله بالشعب على مدى سنوات بإرادة ذاتية، أم إنه كان مجرد أداة حصلت على الضوء الأخضر ففعلت ما فعلت. لا يمكن أن نصدق مطلقاً أن هذا الحاكم أو ذاك قرر استخدام سلاح الطيران ليدمر المدن فوق رؤوس سكانها وكي يشرد نصف الشعب خارج البلاد. مستحيل. هذا الفعل لا يمكن أن يمر مطلقاً من دون إيعاز وحماية خارجية، خاصة وأن سادة العالم قادرون على معاقبة أي نظام على قتل بضعة أشخاص إذا أرادوا، وفي أحيان كثيرة يقومون بتلفيق التهم لهذا الحاكم أو ذاك كي يستهدفوه إذا لم يجدوا الحجج الكافية. فكيف إذاً استطاع بعض الطواغيت العرب أن يدمروا بلدانهم ويهجروا شعوبهم دون أن يتعرضوا لأي عقاب حقيقي من العالم؟ الجواب بسيط.
هل شاهدت يوماً كلب صيد يتعرض للعقاب من صاحبه وسيده إذا اصطاد له مئات الطيور والحيوانات؟ بالطبع لا، لا بل إن السيد سيكرم الكلب وسيشكره على صيده العظيم. وكذلك الأمر بالنسبة للكثير من الحكام العرب الذين يعملون بوظيفة كلاب صيد معتمدين. وطالما أن إسرائيل راضية عما يفعله هذا الحاكم في هذه الدولة المجاورة أو تلك بشعبه وبلده، فاعلم أنه تحت حمايتها ورعايتها، وبالتالي فهو كلبها الوفي. إذاً ليست المشكلة بالكلب، بل براعي الكلاب.
وبالعودة إلى السؤال أعلاه: لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا نحن، نستطيع أن نقول إن الوكلاء وكلاب الصيد لا يمكن أن يبنوا أوطاناً أو يصنعوا شعوباً، بل هم قادرون فقط على التدمير ووضع العصي في عجلات أي مشروع وطني. كيف نتقدم بالوكلاء والعملاء الذين يخدمون أسيادهم في الخارج الذين عينوهم حكاماً علينا؟ دلوني على حاكم انتخبه شعبه؟ القليل القليل، بينما الغالبية العظمى يختارهم الخارج لتنفيذ مشاريع الخارج. لا تتوقعوا أن تنهض أوطاننا وتتقدم شعوبنا إلا عندما يكون لدينا حكام وأنظمة وطنية وليست أنظمة وزعماء وأجهزة مخابرات مصنوعون في واشنطن أو تل أبيب أو باريس أو لندن أو موسكو أو طهران ومهمتهم الأساسية تنفيذ المشاريع الاستعمارية في بلادنا بالوكالة.