إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
لا شك أن كلمة مقاومة في المخيال الإنساني كلمة جميلة لأنها تحمل كل معاني التحدي والكرامة والشرف، لكنها، كما نرى، في العالم العربي أصبحت مفردة قميئة رديئة إن لم نقل بذيئة لا تثير في نفوس سامعيها سوى القرف والاشمئزاز، لأن رافعي شعار «المقاومة» دنسوا هذا المفهوم بكل القاذورات. دلوني على بلد عربي رفع شعار المقاومة ولم يسقط إلى أسفل السافلين ولم يصبح مثالاً للفشل والانهيار. لا شك أن البعض قد يتهمك وأنت تحاول تشريح الوضع فيما يسمى ببلدان المقاومة والممانعة بأنك تخدم المشروع الصهيوني، مع العلم أنه ليس هناك من خدم الصهاينة وإسرائيل أكثر من «بتوع» المقاومة والممانعة أو بالأحرى «بتوع» المقاولة والممانعة، فقد أدى هؤلاء أدوارهم لصالح الأعداء الذين تظاهروا بالتصدي لهم على أكمل وجه. مفارقة رهيبة فعلاً. لقد صار «المقاومون» المزعومون بأفعالهم الشائنة أكبر نصير لكل من يضمر الشر لبلادنا وشعوبنا.
تعالوا أولاً نعاين وضع لبنان «المقاوم» بين قوسين وأين أصبح بعد شعارات وبطولات المقاومة المزعومة. لقد خرج المحتلون الإسرائيليون من جنوب لبنان قبل أكثر من عشرين عاماً، ثم تصدت لهم «المقاومة» المزعومة مرة أخرى في عام ألفين وستة. ومنذ تحرير الجنوب المزعوم ومن بعده الانتصارات الإلهية الكوميدية ولبنان ينزلق من كارثة إلى أخرى على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والدينية، ليصبح لبنان الآن مضرباً للمثل في العالم كدولة فاشلة منهارة في كل المجالات، مع أنه لم يمر بحروب أهلية واضطرابات اجتماعية منذ آخر حرب أهلية انتهت في نهاية تسعينيات القرن الماضي، مع ذلك فهو يعاني الآن أكثر من سوريا واليمن وليبيا والسودان وتونس التي مرت بمخاض الثورات الأليم. ماذا استفاد اللبنانيون من انتصارات وبطولات المقاومة المزعومة؟ هذا السؤال ليس لصالح العدو أبداً، بل هو سؤال بسيط وواقعي. هل يكفي أن تتفاخر بعنتريات التصدي للعدو الصهيوني، أم كان على المقاومة المزعومة أن ترفق ذلك بمشروع تنموي نهضوي حقيقي وليس الاكتفاء بخطابات نارية تملأ الشاشات بالبصاق فقط، ولم تجلب للبلد والشعب سوى المآسي والكوارث.
ماذا يريد «العدو الصهيوني» الذي تتشدق المقاومة في لبنان وسوريا بمواجهته والتصدي له أكثر مما حققه له المقاومجيون من خراب ودمار وانهيار في بلدانهم؟ هل كان الصهيوني ليفعل بسوريا ولبنان لو احتله أكثر مما فعله «بتوع» المقاولة والممانعة؟ استبعد كثيراً، فقد كان التدمير والتخريب في سوريا ولبنان ممنهجاً ووحشياً أكثر بكثير مما يريده العدو لجيرانه. لقد تفوق المقاومجيون على عدوهم المزعوم بمراحل في عملية الهدم والتدميروالتخريب. لهذا أمرت تل أبيب واشنطن بضرورة بقاء الرئيس السوري في السلطة، لأنها لا تستطيع أن تفعل بسوريا لو أرادت عشرة بالمائة مما فعله النظام «المقاول».
أليس من الملفت أن كل البلدان التي احتلتها إيران تحولت إلى خراب؟ بغداد وحسب وصف الأمم المتحدة صارت «أوسخ عاصمة في العالم»؟ وبيروت الجميلة صارت أكبر «مزبلة في الشرق الأوسط». ودمشق صارت مرادفاً للقهر والفقر والجوع والظلام
مستحيل. ومن الواضح أن النظام حسب الرؤية الإسرائيلية لم ينه مهمته بعد، لهذا بدأوا بإعادة تدوير النفايات كي يستأنف عملية تخريب ما لم يخربه ويدمره ويهجره بعد. هل تستطيع إسرائيل أن تفعل ما فعله من أجلها «المقاوم» المزعوم؟ طبعاً سيقول البعض إن مأساة لبنان لا تقع على عاتق «المقاومة» بل على عاتق الطبقة السياسية الفاسدة. والرد هنا: ومن يدير لبنان عسكرياً وأمنياً وسياسياً وحتى اقتصادياً؟ أليست المقاومة المزعومة التي تتحكم بكل مفاتيح الحرب والسلم؟ لماذا لم تضع حداً للفاسدين والمخربين الذين أوصلوا لبنان إلى تحت التحت؟ أم إنها كانت راضية بالمسار والمصير الذي كان يسير باتجاهه لبنان؟
ليس هناك أدنى شك أن هناك جهات خارجية كإسرائيل وأمريكا وبعض حلفائهما العرب تآمروا على لبنان، لكن ماذا فعلت المقاومة المزعومة للتصدي للمتآمرين سوى المشاركة في المؤامرة على لبنان واللبنانيين؟ لبنان الآن بلا دواء ولا كهرباء ولا ماء كاف، وصارت ليرته برخص التراب، وصار الجوع يلاحق ملايين اللبنانيين الذي كانوا يصفون بلدهم في الماضي بسويسرا الشرق. وأصبح حلم كل لبناني الهروب من الجحيم في أقرب فرصة. ماذا تريد إسرائيل أكثر من ذلك؟ من الذي دمر «سويسرا الشرق» وجعلها الآن نموذجاً للمآسي والفشل السياسي والاقتصادي الذي يسوقه البنك الدولي في كل مرة يريد أن يستشهد بنموذج فاشل؟
أليس من الملفت أن كل البلدان التي احتلتها إيران تحولت إلى خراب؟ بغداد وحسب وصف الأمم المتحدة صارت «أوسخ عاصمة في العالم»؟ وبيروت الجميلة صارت أكبر «مزبلة في الشرق الأوسط». ودمشق صارت مرادفاً للقهر والفقر والجوع والظلام. وصنعاء تئن تحت وطأة كل أنواع الموبقات، ثم يخرج عليك محتلوها ليرفعوا شعار المقاومة كما يفعل أقرانهم في بيروت ودمشق وبغداد. قال مقاومة قال، وهم لا يقاومون سوى كرامة الإنسان ولقمة عيشه وحريته وأبسط احتياجاته الإنسانية ويمنعونها عنه. هل يمكن أن تقاوموا إسرائيل بشعوب مسحوقة مذبوحة جائعة تحلم ليل نهار بالهروب من جحيم بلدانها، أم إنكم تقدمون هذه البلدان وشعوبها فريسة سهلة لعدوكم المزعوم على طبق من ذهب؟ هل فعلاً تقاومون العدو، أم تذبحون شعوبكم لصالح العدو؟ يا للهول! بربكم: هل تحتاج إسرائيل إلى أصدقاء في بلدان المقاومة المزعومة بوجود هؤلاء الأعداء المزعومين؟
كاتب واعلامي سوري