عاريات على حواجز إسرائيل
بقلم/ أسامة العيسة
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 15 يوماً
السبت 07 يوليو-تموز 2007 09:17 ص

تغطي التجاذبات السياسية بين الفرقاء الفلسطينيين، على واقع يعيشه الفلسطينيون في ظل الاحتلال ويصفونه بالمرير.وفيما يختلف الفرقاء السياسيون على كل شيء بدء من طبيعة الحكومة وشرعيتها، والمجلس التشريعي وتعطيله، وطبيعة التدخلات الدولية سواء كانت أميركية- إسرائيلية بالنسبة لفريق محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية، أو إيرانية- سورية بالنسبة لحركة حماس، يجد الفلسطينيون أنفسهم في واد آخر، كشعب يعاني مما يطلقون عليها ويلات الاحتلال، ويكادون لا يأبهون بما يجري على الساحة السياسية من تجاذبات وا تهامات وشتائم، التي لا تغير ولا تضيف شيئا على معاناتهم المستمرة.

ومن اصعب ما تواجه الفلسطينيات في الضفة الغربية الان هو إجبارهن على التعري على الحواجز العسكرية الإسرائيلية بحجة التفتيش، وهو ما يرن فيه قمة الإهانة الإنسانية.

وتقسم الحواجز العسكرية الإسرائيلية إلى قسمين الأولى حواجز عادية، والأخرى يطلق عليها المعابر والتي تربط القدس والأراضي الإسرائيلية بالمدن الفلسطينية، والتي تشبه الحدود الدولية بين الدول.

وفي هذا القسم الثاني من الحواجز يتم إدخال الفلسطينيات اللواتي يحملن تصاريح مرور مسبقة، حصلن عليها لاسباب شتى وبعد جهد كبير وصلاحياتها محددة بيوم أو يومين، إلى غرفة تفتيش خاصة ويطلب منهن التعري بشكل كامل بحجة التفتيش.

المعبر الاسرائيلي بين القدس وبيت لحم

 وقالت نساء خضعن للتفتيش العاري على المعبر بين مدينتي القدس وبيت لحم، بان هذا النوع من التفتيش لا يستثني أي امرأة مهما كان عمرها.

واشرن إلى أن المجندات الإسرائيليات اللواتي يتولين التفتيش، يتفحصن كل شيء حتى الأمكنة الحساسة في أجساد الفلسطينيات مما يزيد كما قلن من الإحساس بالعار والدونية.

وتضطر نساء فلسطينيات إلى الخضوع للتفتيش العاري اكثر من مرة في اليوم، مثل أمهات وشقيقات وزوجات الأسرى في السجون الإسرائيلية، اللواتي يذهبن في حافلات يخصصها الصليب الأحمر لزيارة رجالهن الأسرى في سجون داخل إسرائيل، ويتم تفتيش الحافلات عند اكثر من نقطة تفتيش إسرائيلية.

وتروي والدة الأسير ساهر محمد خلف شواورة، بان الحافلات يتحركن في الساعة الرابعة فجرا، وبان أهالي الأسرى يعودون في الليل، وتصف مشوار الزيارة إلى السجن بأنه رحلة عذاب حقيقية، ومع ذلك لا يستطيع الأهالي تفويت موعد الزيارة، لان حصول الواحد منهم أو الواحدة منهن على تصريح زيارة ليس سهلا أبدا، وكثيرا من المرات وبعد أن يصل الأهالي إلى السجون يتم إلغاء الزيارة.

وتحدثت عن زيارتها الأخيرة لابنها المعتقل في سجن بئر السبع، قائلة "عندما وصلنا الحاجز العسكري الإسرائيلي قرب بلدة ترقوميا، أجبرتنا المجندات على خلع ملابسنا" ووصفت هذا التفتيش بأنه مذل جداً حيث أن المجندات يتمادين في فحص وكشف كافة أجزاء أجسام النساء، وذلك تحت تهديد السلاح، وبحجج وصفتها بالواهية مثل أن أهالي الأسرى قد يحملون مواد مشبوهة أو ممنوعة.

وقالت أن ما يمارسه الاحتلال على حاجز ترقوميا، هو نفس ما يلاقيه أهالي الأسرى على باقي الحواجز وداخل السجن عند الزيارة "حيث التفتيش العاري والمذل بحقنا دون أية أسباب مقنعة".

ويمكن أن تمثل حالة ابنها الأسير شواورة، نموذجا لما يعانيه باقي الأسرى الذين يحرمون من رؤية أهلهم، مما يجعل هؤلاء لا يجازفون بالتخلي عن أية فرصة تسنح للزيارة رغم الصعاب والتفتيش العاري.

وتقول والدة الأسير شواورة بان ابنها البالغ من العمر 27 عاماً وضع، بعد اعتقاله في العزل الانفرادي لمدة ثلاثة شهور في معتقل المسكوبية بالقدس، وتعرض للتعذيب أثناء التحقيق، ونقل على اثر ذلك إلى مستشفى سجن الرملة للعلاج عدة مرات قبل إصدار الحكم عليه، ومنع أهله من زيارته مدة سنة وثلاثة اشهر وهو في سجن عسقلان، ثم تم نقله بعد ذلك إلى سجن بئر السبع وبعد سنتين ونصف حكم عليه مدة 14عاماً أمضى منها ثلاثة سنوات.

وتضيف "ابني مريض ويعاني من قرحة في المعدة وحصى في الكلى ولديه ضعف نظر نتيجة للإهمال الطبي وعدم تلقيه للعلاج، ولا أستطيع والحالة هذه تفويت أية فرصة لزيارته رغم التفتيش العاري المذل جدا جدا".

وتروي فاطمة احمد عبد الرزاق الحجاجرة والدة الأسير اشرف حجاجرة والمعتقل في سجن نفحة منذ ست سنوات ومحكوم 12 مؤبدا، بان ابنها كان معزولا لمدة ست شهور انفرادياً وأنها منعت من زيارته لمدة سنتين ونصف.

وتقول "كل شيء يهون في رحلة العذاب إلى زيارته، إلا التفتيش العاري على الحواجز وفي السجن قبل الدخول لزيارته، ولكن ماذا نفعل؟ هل أستطيع تفويت فرصة زيارته بعد أن منعت من رؤيته مدة عامين ونصف؟".

وتضيف "عندما التقيت ابني في الزيارة الأخيرة، أكد هو وزملاؤه، رغم القهر والعذاب الذي يعانونه ونعانيه معهم، على ترسيخ الوحدة الوطنية ورص الصفوف في كافة المواقع الفلسطينية وصولاً إلى إعادة الهيبة للقضية الفلسطينية والحفاظ عليها".

وإذا كانت الفلسطينيات يجبرن على التعري لتفتيشهم على ما يسمى بالمعابر، فإنهن يجدن انفسهن ضحية التحرش من قبل الجنود على الحواجز التي تقطع أوصال الأراضي الفلسطينية.

وعادة ما يلجا جنود الاحتلال المسؤولين عن الحواجز، ومعظمهم من الشباب ومن قوات حرس الحدود، إلى إيقاف السيارات التي تقل فتيات لفترات طويلة بدون سبب يوجب ذلك.

واكثر ما يعانين في هذه المجال طالبات جامعة القدس في بلدة أبو ديس، شرق القدس، اللواتي يمرن كل يوم صباحا ومساء عن حاجز يعرف باسم حاجز (الكونتينر).

وتضم وحدات حرس الحدود الإسرائيلية، ما يطلق عليهم أبناء الاقليات مثل الفلاشا والدروز، بالإضافة إلى الأقل تعليما من المجندين الإسرائيليين.

ويتم عادة إنزال ركاب السيارة منها، ووضع الرجال في مكان والنساء في مكان، بينما يأخذ الجنود في إطلاق التعليقات واسماع النساء كلاما بذيئا وخادشا للحياء.

ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، يطلق بعد كل لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية تصريحات تعد بتخفيف القيود على الحواجز، وهو ما فعله أخيرا في قمة شرم الشيخ، إلا أن لا شيء يتغير على الأرض: الفلسطينيات يتعرضن لما يصفنه أقسى ما يمكن أن يحدث لامرأة، بينما اللقاءات بين اولمرت وعباس تواصل ومعها الوعود كذلك، وفي الساحة الفلسطينية لا يتوقف القصف الإعلامي بين الفرقاء الفلسطينيين، في حين انه لا توجد على اجندتهم أي شيء يتعلق بمعاناة الفلسطينيات والفلسطينيين العاديين. 

وبين الفترة والأخرى تخرج أصواتا من العالم تستهجن ما يفعله الجنود الإسرائيليون على الحواجز مثل رابطة الأكاديميين في بريطانيا التي أعلنت مقاطعة الأكاديميين الإسرائيليين، الذين يمضي الكثير منهم فترة خدمته الاحتياط السنوية على الحواجز الإسرائيلية التي تشهد يوميا عمليات تنكيل بالفلسطينيين والفلسطينيات

عن / إيلاف