موعد مع الشوكولاتا!
بقلم/ جلال الشرعبي
نشر منذ: 17 سنة و 4 أسابيع و يوم واحد
الخميس 25 أكتوبر-تشرين الأول 2007 12:55 م

مئات الآلاف من اللاجئين الصوماليين جاهزون حتى يصبحوا مسدسات للإيجار في الدولة الغائبة.. وربما أن أوجه تشابه بين اليمن والصومال تقدم إغراء إضافياً لجيل صومالي لا يعرف الدولة و بداخله احقاد بسبب تعامل عنصري يلقاه هنا ويتسع حجمه يوماً بعد آخر.

إن 80٪ من الصوماليين المتواجدين في اليمن من جيل الشباب غادر مقديشو وهو الآن يمضي في عقده الثاني هنا ربما في وضعية مشابهة، كمحروم من التعليم والصحة وتحاصره النظرة الدونية.

والأولى بالحكومة التي تذهب «بالسلاح» الى مقديشو ان تمد كسرة خبز لأفواه تجاوزت البحر لتستلقي في البر بحساب مكشوف.

تأخذ المساعدات الدولية للاجئ الصومالي طريقاً خلفياً، بالمقابل أطلقت السلطات اليمنية العنان للاجئين دون ان يكون في همها ما يتعرضون له من متاعب على الأرض.. فيما تحكي مئات القصص مآسي يومية لصوماليين تاهت خطواتهم بين المفوضية السامية والحكومة اليمنية اللتين تبديان إتفاقاً غير مسبوق على إلحاق القهر والضيم باللاجئين الصوماليين.

ان الحكومة المجنونة تعمل على تهيئة الواقع المتغلف من قبضة القانون الى حلبة لصراع الثيران وقد يبدو مشوقاً رؤية بائعيه في جولات العاصمة صنعاء وهم يقدمون بخمسمائة ريال سيوفاً حادة وادوات قتل لكن هذا المشهد المثير غالباً ما ينتهي بزئير ملؤه نقم.

والأطفال الذين يلقون اليوم في قنابل الموت نظير عشرة دولارات يستطيعون تكرار المشهد هنا.

إن ممارسات ظالمة وعنصرية تطال الصوماليين الذين يعيشون هنا «بالبركة» وتغمض الدولة عيونها المكحلة بالسهر بملاحقة الصحفيين ويوماً إثر آخر تتضاعف الأحقاد في نفوس الصوماليين عادتهم حمل احقادهم دونما توقف.

ربما تعيد مشاهد «البلا هوك» قصة الصومالي الذي يتحسس الموت في الظلام بالقنابل الذكية في أزقة «مقديشو». ولا تجاوز كرامته عندما أراد القناص الأمريكي النيل من «فرح عيديد».

لقد ضلت الملايين من الدولارات طريقها في الصندوق الفاسد وذهبت وثيقة اللجوء إلى درج مغلَّق بالنسيان وراح الصوماليون يتوالدون بالمعاناة طالما ظلت الحقوق غائبة وسلكت المساعدات الدولية طريقها إلى جيوب الفاسدين.

قد يذكر اللون الأسمر بالشوكولاتا غير ان المعنى ان تشكيلها حسب الطلب سهل وممكن وقد جاء جيل لا يعرف الدولة، هارباً من الموت بالبارود والجوع وهو هنا يواصل العيش في غياب الدولة أيضاً: يحرم من التعليم والصحة وحتى في «الصافية» يمكن بسهولة معرفة كيف يعيش هؤلاء: في غرفة واحدة تعيش اسرة من عشرة اشخاص مع مطابخ معلقة.

و«البساتين» بعدن تعرف أطفالاً لا يرون الشمس لأشهر محرومين من التعليم فيما تذهب امهاتهم صباح كل يوم الى أعمالهن.

وقد ادمنت الحكومة اليمنية امتهان الصوماليين لتجعل منهم مجرمين في اقسام الشرطة أو مسجونين بنسيانها المطبق.

وفي الحالتين يصبح المستقبل غضباً يتسلل عندما تحين ساعة الفوضى.

تضبط السلطة ساعة الفوضى المؤجلة وبين كل ثانية زمن يكون مئات من الألاف من الصوماليين عقارب في الملعب يستطيع تاجر لديه سلة مال أن يصبح مدرباً ماهراً للسواعد السمر التي تنتظر من يشد على زندها.

ويتحركون باثقال الكراهية المكتنزة بسبب نظرة الإحتقار والعنصرية التي تمارس ضدهم.

لدينا رئيس يتحدث اكثر من عبدالله يوسف وشيخ شريف عن الصومال ويذهب بالتأييد والدعم الكامل لكنه لم يقم يوماً بالحديث عن معاناة صوماليين هنا كواجب اثرته التشريعات الدولية التي وقعت عليها اليمن، قدر حرصه المسنود بالكتاب والسنة ولو 1٪ عن ضرورة دفع الزكاة للدولة!!

 المهم أن هناك كارثة يجب تلافيها: جيش من الصوماليين جاهز لأن يكون مسدسات إيجار بيد من يدفع!

وعندما تزداد الأجنحة ومراكز النفوذ يصبح من السهل استغلال حاجة صومالي يقاتل اليوم في أريتريا ضد اثيوبيا والعكس ومع القاعدة ضد امريكا والضد أمر يسير بل وممكن ويسيل له اللعاب.

نحن على موعد مع الشوكولاتا.. لكن بأي مذاق؟!