ايها القائد ايها الشعب اليمني عدونا الفساد الفساد الفساد
بقلم/ أمين بن كده الكثيري
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 24 يوماً
الجمعة 01 يناير-كانون الثاني 2010 04:29 م

لا شك ان هنالك أسئلة تطرح نفسها ، وبإمكان أي كان أن يجيب عنها بكل أريحية!! حتى حميرنا صار بإمكانها أن تشير إلى فاسدين بعينهم، وتنهق في وجوههم ؛ لتخبرهم أنهم تجاوزوا حدود الفساد المتعارف عليها دولياً !!

ثلاثة أسئلة سهلة ،وقاتلة للمجتمع ومستقبله،
أين الفساد ؟ ومن الفاسد ؟ وكيف نحاربهما ؟
من المتعارف عليه ان الفساد موجود في الطبيعة البشرية عموماً، وليس بإمكان أي إنسان أن ينزه نفسه، ويجعلها ملائكية .. فكلنا خطاء.. وكلنا فيه شيء من الفساد ..فالساكت عن مواجهة الفاسد ، ربما يكون أفسد من الفاسد، على الأقل من الناحية المعنوية !! هناك فاسدون جاءوا،ولم يكن في " جيب" الواحد منهم ثمن السجائر ، ثم صاروا الآن من أصحاب الأملاك والملايين؟ !!
وهناك من كان ينتظر الفرصة السانحة ؛ ليكون فاسداً بامتياز ، فالتقى " زيد بعبيد" وصارت الحال كلها تحت مسمى الفساد مايلة !! 

هل هؤلاء أناس مكافحون ، يأكلون من عرق جبينهم؟ !!
لا نعرف أن عرق الجبين يدر الملايين أو حتى الآلاف !! فلو كان العرق قادراً على هذا ، لكان أكثر أبناء اليمن من ذوي الثراء فنحن شعب السواد الاعظم منا يعمل ويكدح للحصول على لقمة عيشه بعرق جبينه

بكل تأكيد ،هناك من استغل الوظيفة في إدارة ما ، أو مركز ما، أو علاقة ما .. فأفسد فيها ومن خلالها ، وصار رمزاً من رموز الفساد ؟! إذن ،لم يقتصر الفساد على احد بعينه ..وإنما وجدنا الفساد يتحول إلى غول ، وصار من الصعب أن تخلع فاسداً أو "كلب" الفاسد من أرضيته النتنة ؛ لتحاكمه !! فالمسألة عند هؤلاء - في المحصلة-طبخة ، وإن يكن بعضهم من خلال الرعب صار يغلف فساده " بكليشيهات" النظافة في الظاهر؟ !
الفساد موجود في أي مجال يمكن أن يحقق فيه الشخص مصلحة ما– دون حق شرعي – مادية أو معنوية !!

إن ما نشاهده يوميا وما نلمسه والشكاوي ،وما كتب في الصحف ، وما يتناقله الناس في مجالسهم ، وما ينشر محلياً وعالمياً، وما يمكن أن يقال في ضوء " من أين لك هذا" ..لهو مؤشر واضح ؛ يعرّفنا على مواقع الفساد ،وحينها لا يمكن لأي كان أن يحجب الشمس بغربال !!
من الفاسد؟ ! من يعتقد أن اصطياد الفاسد مثل اصطياد أرنب أو بطة برية واهم وهماً كبيراً!! الفاسد أذكى مما يمكن أن نتصور!! إنه في حال مواجهته في غير الحقائق،بإمكانه أن يتحول إلى عنكبوت، فينفجر ، ويتحول إلى صاحب شرف وحق، بل صاحب قضية قد تصل إلى هيئة الأمم المتحدة ..!!

إنه لص !! يعرف كيف يجعل من الآخرين الشرفاء لصوصاً ليظهر في لباس الوطن والشر ف .. وأن يطبع على جبهته ختماً ، ليظهر بمظهر أهل اليمين..وفي المحصلة سنجد أنفسنا كحاطبي الليل ، لا نعرف وجهنا من قفانا ، عندما قررنا محاربة هذا الفاسد الأفاق !!
لا يعني هذا الكلام التيئيس من محاربة الفاسدين ..فالمسألة قد تكون أسهل بكثير.. على طريقة " يكاد المريب أن يقول خذوني "!!
لعل المسألة الفعلية هي أن الفاسد ، ما كان بإمكانه أن يكون فاسداً متألقاً بدون خبرات سابقة ، وقدرة عالية على التسلق والانتهازية .. بمعنى أنه حسبها " صح" ، وأنه يتصرف بلا ممسك عليه ، وإن وجد عليه ممسك حقيقي ، فهذا الممسك بيد فاسد آخر أكبر منه .. والفاسدون - كما تعرفون يا سادة يا كرام - بينهم مصالح وبائية مشتركة ، ولا يمكن لأي منهم أن يغرق الآخر، لأن غرق الآخر غرق له ، وللكثيرين من الفاسدين أمثالهما !! الفاسد يا جماعة الخير ، ليس شخصية مرّيخية ، أو شخصية خرافية من شخصيات جداتنا .. إنه يعيش بيننا ، ويمتلك لساناً أفصح من ألسنتنا، ولديه لغة مقنعة، وبإمكانه أن يخرب بلداً كاملاً ، ومن ثم سيعجز ألف شريف معمّر عن تعمير الخراب وراءه !!
هكذا نتوقع أن تكون الحرب لمعرفة الفاسدين معرفة إدانة أهم من الحرب عليهم في الكلام العام؛ لأن الحرب عليهم من خلال التعميم بإمكانها أن تكون حرب إشاعات، أو حرباً في الهواء على طريقة " دون كيشوت" !! كم من الفاسدين الذين قيل عنهم هؤلاء هم فاسدون ، وأنهم يستحقون المحاكمة ! عندما حاورب فسادهم ،صاروا - بحكم سلطاتهم المتفرعة ووساطاتهم المتعنكبة -، فكان أن جددت لهم السلطة الاستمرار في مناصبهم ، وأعطيوا صلاحيات أفضل مما كانت، وربما أصبح من حارب فسادهم ، من أصحاب الملفات السوداء في زمانه ؛ والنتيجة أنهم قالوا كلمة الحق في وجه الفاسد الجائر ، فصار هذا الفاسد المفسد حملاً وديعاً ، وربما صاروا هم – في ملفات جوقته - خنازير أو غربان ؟! ألم أقل لكم إن معرفة الفاسدين في أدنى مستوياتها أهم من محاربتهم ،
كيف نحاربهما؟ !! كيف نحارب الفساد والفاسد؟ في تصوري أن إفشاء الرعب في نفوس الفاسدين من خلال الرقابة، والمتابعة،والمحاسبة الهادئة، ومحاكمة الحالات المرضية المتشبعة بالفساد والإفساد.. يمكن أن تنجز شيئا مهماً في هذا السياق، ولا يوجد أفضل من الإعلام لفضح الفاسدين ، وهنا لا بد من إعطاء فسحة واسعة للإعلام كي يكون صاحب سلطة ديمقراطية في الكتابة أو الإعلان عن الفساد والتصريح بأسماء الفاسدين ،ودعم الجهات التنفيذية والقضائية في مساءلة أو محاكمة هؤلاء !!
ليعلم الجميع ، أن الفاسدين أذكى مئة مرة ممن يحاربون فسادهم !!

يبدو أن محاربة الفساد للاسف الشديد ، لم تنتج إلا المزيد من الفساد والمفسدين والإفساد،
ولكن في المحصله، إن مظاهر الفساد معروفة، يدركها البليد قبل الذكي .. وأصعب من هذه معرفة الفاسدين.. لكنهم - على أية حال - معروفون !! وبإمكاننا أن نعرفهم على حقيقتهم إن شئنا محاربتهم بجدية، وثقة، وإيمان .. وهذه المحاربة هي الفعل الأشد صعوبة ، والحاجة الملحة دوماً ، التي تحتاج منا الصوت العالي والكلمة الجريئة ، خاصة عندما نكون في موضع المسئولية الشريفة مادياً ومعنويا، حينها علينا أن نضع في حساباتنا أهمية القيام بحرب جريئة ، وذكية ... بإمكانها أن تحقق نتائج مرضية ؛ لأن الحرب على الفساد والمفسدين أخطر ، وأصعب من الحرب على المتمردين او الارهابين او الانفصالين !!
أيها القائد وربان السفينه ايها الشعب اليمني العظيم ، عدو الوطن العلني معروف ، لكن عدو الوطن الذي يعيش في أحشاءه، هو الأخطر ، وهو الأكثر إجراماً في حقكم وحق شهدائكم ؛ فأنتم أمنتموهم على الوطن، وهو خانوكم!!وأنتم وثقتم بهم ، وهو باعوكم !! وأنتم وضعتم بين ايديهم ونصب اعينيهم مصالح الناس ، فالتهموها ، وأفسدوا فيها !! وفوق ذلك ستجدون أنهم أحرص الناس على ألا يتركوا أثراً يدينهم ، وأنهم على استعداد أن يتبنّوا شلة من شلل الفساد والفلتان الأمني ، ليدخلوا من خلال تخريبها وفلتانها وتجنياتها على الوطن والمواطن ، الرعب إلى كل نفس مترددة في حربها على الفساد ، ومن ثم يعطل أي شيء يفضح الفساد والمفسدين !!
إن فساد الفاسد لا يقتصر على ذاته أو من هم في معيته !! إنه فاسد مجهز دوماً ليكون على استعداد أن يتحالف مع الشيطان ؛ ليدمر من يسعى إلى النيل منه ،ومن إمبراطورية فساده ؛ لذلك تغدو إشكالية وضع إستراتيجية تنفيذية لمحاربة الفساد والبدء فوراً في تطبيقها، أهم من معرفة بعض مواقع الفساد ، وبعض أسماء الفاسدين، وبعض الأدلة الأولية التي تدينهم ، فتقطع دابرهم بصفتهم أشخاصاً معدودين؛ لا بصفتهم ظاهرة وبائية ، تأكل كالصدأ نظافة المجتمع وخيراته !!