ثورة اليمن بين سلفية الإنكار والإقرار
بقلم/ أحمد الغيثي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 23 يوماً
الإثنين 02 مايو 2011 05:49 م

في أغلب القضايا والنوازل التي تطرأ على الساحة اليمنية تختلف المواقف وتتنوع وجهات النظر بين علماء الدعوة السلفية ومنتسبيها، لاسيما في القضايا التي يكون للرأي فيها مجال والاجتهاد فيها سائغ، ولعل هذا التباين والاختلاف عند السلفيين يرجع إلى عدة عوامل أبرزها :

أولا: الحرية الفكرية التي يتمتع بها السلفيون والتي تخرج أحيانا من الأمر المحمود إلى المذموم، لأنه ليس كل ما يقتنع به الإنسان من رأي وفكر يقوله ويبديه للناس فلابد من مراعاة المصلحة والمفسدة من البوح به وإشهاره ومراعاة الزمان والمكان والأدلة الشرعية تراعي هذا المنهج العظيم في البيان والتبليغ ففي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي يا معاذ أتدري ماحق الله على العباد وماحق العباد على الله قال: الله ورسوله أعلم قال حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشرك بالله شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا، قال أفلا أخبر الناس؟ قال: لا. فيتكلوا.

ثانيا: غياب التنظيم الدقيق عند السلفيين وضعفه، تنظيم الصفوف وترتيبها لدى الدعاة السفليين أخذا حيزا من الجدل والنقاش بين من يرى التنظيم بدعة لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبين المقر به وأنه من الوسائل المباحة إن لم يرتقي إلى المشروع والمندوب، ومع أن هذا الفريق يمثل الشريحة السلفية الكبرى في اليمن إلا أن التنظير والتقعيد لديهم أكثر من التطبيق على أرض الواقع، وهذا الضعف في هذا الجانب يعكس مردودا سلبيا على اتخاذ القرار، والصدور عن رأي موحد يلتزم به جميع الأطراف ويسري على كل الأعضاء.

ثالثا: الخلل الموجود عند بعض السلفيين في كيفية إسقاط الأدلة على أرض الواقع، حيث يهتم البعض بصحة الدليل ويقف عند هذا الحد، وهذا لاشك جزء مهم للغاية في قواعد الاستدلال عند العلماء ولكن هذا وحده لا يكفي، فلابد من إضافة شيء أخر إليه، وهو صحة الاستدلال به وإسقاطه على أرض الواقع مع مراعاة عدم المعارض مما يساويه أو أصح منه، فإذا وجد المساوي أو الأصح مع عدم إمكان الجمع بينهما وجب على العلماء الانتقال إلى الترجيح حسب القواعد المعلومة المشهورة، وعلى سبيل المثال ما حصل من بعض العلماء السلفيين من تسمية الخارجين في هذه المظاهرات والاعتصامات بالخوارج ، أو بالبغاة أو نحو ذلك من الأسماء الشرعية التي عرفها الفقهاء بتعريفات مضبوطة لا تنطبق بتاتا على هذه المظاهرات والاعتصامات، وذلك ظاهر وبين لمن راجع كتب الفقه عند العلماء.

رابعا: ردود الأفعال لدى بعض الدعاة السلفيين تجاه بعض الدعاة المخالفين لهم في الرأي ، عندما يسمع بعض السلفيين الرأي الأخر من الجماعة المخالفة بما فيه من الغلو والمبالغة، بأن المظاهرات واجب عيني على كل مسلم ومسلمة، ومن لم يخرج إليها فهو آثم، وينزلون آية الجهاد والنفور إليه خفافا وثقالا، والزحف والتولي يوم الزحف، وغير ذلك من الآيات والنصوص التي يستدل بها في غير محلها، فيولد ذلك رأيا معاكسا، يصف من يخرج في هذه المظاهرات بالخوارج والبغاة والمحاربين لله ورسوله ويحكم عليهم بالتقتيل وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، وعندما يستمع الإنسان لوسائل الإعلام الرسمية والمعارضة يجد عجبا عجابا لو ترى عيناك، مع أن الواجب على العلماء النظر للنوازل بنظرة شرعية متجردة من التعصب والهوى مع معرفة فقه مقاصد الشريعة والموازنة بين المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك، والرجوع إلى أهل العلم الراسخين الربانين المشهود لهم بالعلم والخشية، دون الصدور عن رأي بعض حدثاء الأسنان والمتعالمين على الفضائيات والقنوات الذين يهرفون بما لا يعرفون .

خامسا: خروج المظاهرات السلمية في بعض تصرفات أفرادها من المظاهرة السلمية إلى غير السلمية من الاعتداء والتخريب وقطع الطرقات، بل وصل الأمر إلى القتل وإزهاق الأرواح، ولا شك أن المظاهرة إذا خرجت عن مسارها السلمي إلى العنف والمواجهة حرمت عند جميع العلماء بما فيهم المجيزون لها.

سادسا: الخوف والقلق الذي يعتري السلفيين من المجهول، لا سيما مع تعدد الرايات، وتنوع الأفكار، بل ممن يصرح بالعداوة للدعوة السلفية علنا قبل التمكين له في الأرض فكيف لو مكن من الحكم، مما يجعل السلفيين يعيدون النظر في تحديد الموقف ودراسته بتأن وروية .

سابعا ضعف وضوح الهدف عند كثير من السلفيين، وعدم تحديده بدقة، مما يجعل الجهد السلفي يتشتت بين عدة أهداف وكثير من الرؤى.

ثامنا: غياب المرجعية السلفية لدى الدعوة السلفية، وإن كنا نستبشر في تأسيس الإتلاف السلفي اليمني الذي يجمع كل التيارات السلفية إلا من شذ ولا عبرة بالشواذ إلا أن هذا الإتلاف الذي يزمعون إقامته خلال هذه الأيام القريبة جاء متأخرا وكون مجيئة متأخرا أفضل من عدم وجوده أصلا .

تاسعا: ضعف الإنصاف لدى المخالفين والسعي لتشويه الدعوة السلفية بكل الوسائل والإمكان، حيث يعممون الرأي لعالم أو مجموعة من العلماء على الدعوة السلفية بكل شرائحها مع أنهم يعرفون كما يعرفون أبناءهم تعدد التيارات السلفية، وأن السواد الأعظم من العلماء وطلبة العلم وشباب الدعوة مناصرون لقضية التغير والقضاء على الفساد وإزالة الظلم والظلمة، وأصدروا بذلك البيانات الواضحة، بل وشباب الدعوة في الميادين والساحات، ومع هذا يتغافلونهم ويتغافلون جهدهم. بينما يروجون لبعض التيارات والأحزاب وأن كان أفرادهم في ربوع اليمن لا يكادون يذكرون .

عاشرا: وجود كثير من التصرفات التي تنافي الآداب والأخلاق والقيم الإسلامية من السب والشتم واللعان، ولقد سمعت كما سمع غيري أحد الأفراد وعبر وسيلة مشهورة من وسائل الإعلام يقول: يقولون إن الله تحاور مع إبليس، نقول نعم. ولكن في نهاية الحوار قال الله له اخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين، ونحن نقول ارحل فإنك رجيم وإن عليك لعنة الشعب لإلى يوم الدين، وهذا واحد من ميئات ، ولا شك أن المسلم ليس بالسباب ولا بالشتام ولا بالعان ولا بالفاحش البذيء، وهذه التصرفات تجعل العلماء السلفيين يحجمون بعض الشيء ويتحفظون في بعض المواقف الأخرى

فهذه عشرة كاملة استنبطتها من خلال استقراء واقع الدعوة والواقع المعاش أدت إلى تباين المواقف واختلاف وجهات النظر لدى العلماء السلفيين .

– خطيب جامع التقوى بأمانة العاصمة صنعاء