السعودية وثورات الربيع العربي
بقلم/ ابو الطيب احمد
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 28 يوماً
الجمعة 23 سبتمبر-أيلول 2011 04:36 م

لقد تفاجأت القوي الامبريالية بالثورة التونسية والمصرية وبسرعة نجاحها فأسرعت بحجز مقاعد لها قبل فوات الأوان فباركت تلك الثورات وطالبت من حكام تلك الشعوب التنحي عن السلطة في اللحظات الأخيرة مما اغضب السعودية لأنها ترى في ذلك تشجيعا للثورة في السعودية وخذلانا لحليفها الاستراتيجي في المنطقة حسني مبارك، فوقفت بحزم وقوة أمام الولايات الأمريكية وبادرت بتوبيخ الرئيس باراك اوباما بنبرة قوية غير معهودة، فأدركت الإدارة الأمريكية أن هذا التغير في لهجة المملكة العربية السعودية غير المعهود لم يأتي من فراغ وأنه بإمكانها إلحاق أذى كبيرا هذه المرة بأمريكا إن لم تراعي مصالحها في اتخاذ قراراتها كما أدركت أن السر وراء ذلك يكمن في تحكمها وتوجيهها للتيار السلفي أو ما يسمى بجماعة السنة أو الوهابية في كل دول العالم وانه بإمكانها تحويل ذلك التيار (الذي طالما سخرته لخدمة السياسة الأمريكية أحيانا مقابل التغاضي عن انتشاره) إلى قاعدة تضرب المصالح الأمريكية في كل بقعة من بقاع العالم مما قد يستنزف الولايات المتحدة عسكريا واقتصاديا و يسرع في انهيارها اقتصاديا فأدركت أمريكا فجأة أن السعودية لم تعد تلك الدولة الوديعة التابعة التي تتلقي التوجيهات وتنفذ السياسات في صمت، فقد أصبحت دولة يعمل لها ألف حساب، ولهذا رضخت الولايات المتحدة وسلمت كل ملفات ثورات الربيع العربي للسعودية بل وعملت معها على إتباع إستراتيجية جديدة في التعامل مع الثورات العربية تتمثل في إجهاضها إن أمكن أو على الأقل إعاقتها حتى تستجدي ومن ثم مساومتها ووضع الشروط والضمانات المطلوبة لإنجاحها، ومن جهة أخرى جعل تلك الثورات أكثر كلفة بغرض تثبيط الثورات وحتى تكون تلك الشعوب الثائرة عبرة لكل من يفكر في القيام بثورة في المملكة أو دول الخليج.

لذا نلاحظ أن التيار السلفي الذي استهوى الأنظمة الدكتاتورية بتحريمه الخروج على \\\"ولي الأمر\\\" قد خرج عن صمته وأصبح له موقفا سياسيا يتغير من دولة إلى أخرى. فمثلا في الأنظمة الموالية للنظام السعودي أو ما يسمى بدول الاعتدال نجد التيار السلفي يحرم المظاهرات والخروج على ولي الأمر \\\"ولو جلد ظهرك ولو أكل مالك و ...\\\" كما في اليمن والبحرين، أما في الأنظمة التي لا تدور في فلك النظام السعودي أو ما يسمى بدول الممانعة فنجد التيار السلفي يحلل الخروج على الحاكم بل ويفتي بوجوبه فنراه يحلل المظاهرات ويقود الثورات بل ويحمل السلاح كما في سوريا وليبيا، وعلى الرغم من أن النظام في المملكة بشكل عام لا يريد الثورات ولا يطيق حتى الحديث عنها إلا أن لديه رغبة جامحة لا يمكن مقاومتها في الإطاحة ببعض الأنظمة المشاغبة، ولذا فان وجود الثورات في تلك الدول يعد فرصة لا يمكن إضاعتها ولكن فالتكن الفاتورة كبيرة جدا في المقابل، وبهذا تضرب المملكة عصفورين بحجر الأول الإطاحة بالأنظمة المغضوب عليها والثاني تثبيط الثورات القادمة وإعطاء العظة والعبرة للشعب السعودي حتى لا يفكر يوما من الأيام في أن يثور