المحافظات وإثبات الذات !
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 18 يوماً
الأربعاء 05 أكتوبر-تشرين الأول 2011 06:27 م

شبوة في اليمن .. أشهر من نار على علم .. بترول وغاز هما فيها الأهم .. سابقا في المواجهات السياسية كالفراش نحو النار كانت تندفع مقاتلة بدون تفكير ولا روية .. مناصرة هذا على ذاك وتدفع الثمن غاليا من خيرة أبنائها ما بين فدية وأضحية .. ولكنها اليوم في خضم الأحداث الجارية في البلاد تسطر نموذجا رائعا بما تحلت به من الحكمة والتعقل في مواجهة كثير من التحديات وبما جسدته من فهم وتوافق في التعامل مع الأحداث المتتاليات مما حقق لأبنائها وبنيتها سلامة وحفظا .. فمنذ اليوم الأول لمخيم التغيير بالعاصمة عتق كنا نعيش هاجس الهجوم الخارجي على المدينة وهو أمر يروج له كثيرون من أهل القيل والقال .. وكان ذلك يتمثل في ثلاث جهات : الحراك وأهل الفيد والقاعدة .. وأما الحراك فقد غيَّر إستراتيجيته منذ الأسبوع الثاني بعد أن رأى العقلاء الأذكياء من أهله أن لا مجال لرفع شعار الانفصال أو فك الارتباط اليوم وإن أي تصرف تحت هذا البند إنما يخدم الحاكم وأجندته التعسفية .. وتراجع أصحاب النهب عن مشروعهم نتيجة لوجود المخيم الذي احتضن بين جنباته شبابا من كل قبائل المحافظة كما ساعد على إبعادهم تشكيل اللجان الشعبية من أبتاء مديرية عتق وسكانها بما فيهم الأخوة من المناطق الشمالية .. وهم لا يشكلون تكتلا قبليا واحدا وإنما هم تجمعات عديدة من سواحل بئر علي إلى عين بيحان ومن جبال صبر غُسيل إلى صحارى جردان سكنت العاصمة فأصبحت قبيلتها الأبية وهم كذلك من انتماءات سياسية متعددة أصبحوا أعضاء في حزب الدفاع عن المدينة وحمايتها من كل عدوان .. إضافة إلى قيام قوات الأمن بدورها دون انحياز .. وبقي هاجس وصول القاعدة يتردد بين الفينة والأخرى وعما يحققونه من تأمين للطريق وأمان ويخالط ذلك تخوف الناس أن تكون عتق كزنجبار وما لحق بها من تشريد ودمار .. وكان أكثر ما يقلقنا أن يتخلى رجال الأمن والجيش عن واجبهم ويسمحون للآخرين بالدخول خلسة أو يقومون على حين غفلة بتسليم مواقعهم العسكرية بناء على توجيهات عليا أو باتفاقيات مشبوهة بثمن معلوم .. وحينما تم تناقل مثل هذه الأقاويل تحمل محافظ المحافظة مسئوليته وأكد على حماية المدينة من أي اقتحام وأن رجال الجيش والأمن يشاركونه هذا التحمل ولن يتم تسليم أي موقع عسكري ولو صدرت له أوامر بذلك .. وهو موقف يسجله التاريخ للدكتور علي حسن الأحمدي كرجل قدم مصلحة محافظته على أي انتماء سياسي أخر .. وقريبا بدأت شخصيات اجتماعية وسياسية وعسكرية في المحافظة اجتماعات لتشكيل مجلس يقوم بحماية شبوة كاملة وتأمينها امنيا وغذائيا وصحيا عند سقوط النظام وما يلحقه من تفلت وتخريب وسرقات .. وهذه الدعوة وفي هذا التوقيت لتدل دلالة قوية على قرب سقوط النظام أو دخول البلاد في دوامة الحروب طويلة الأمد , فهناك من الداعين للمجلس من يتمتع بعلاقة بالنظام فيرى بخبرته بوادر هذا التفلت والانهيار فيستبق الحدث بحلول تكفل الخير للمجتمع , فمرحبا بكل من يريد أن يتحمل مسئوليته في الدفاع عن أهله ووطنه وبنيته التحتية والخدمية , ولكننا نؤكد على أهمية دراسة المشروع بجدية وبمشاركة جماعية بصدق وتجرد مع استعراض واضح تماما لكل المخاطر التي ستواكب هذا العمل عند البدء في تنفيذه فعليا والتعامل مع العاصمة كأساس فكل المديريات الأخرى تهوي إليها وتنقاد , لأني أراه أمرا متشعبا صعبا عندما يشمل المحافظة كاملة منذ بداياته .. فالكل يعلم أن الحكومة اليوم هي العاصمة فقط أما المديريات فلم يعد للدولة فيها من وجود وهي بيد أبنائها يتكفلون بحمايتها بكل مسئولية أو بيد جهات أخرى كالقاعدة في عزان .. وهذا أمر نأمل تحقيقه ليسطر أبناء شبوة هذه المرة لهم ولغيرهم في المحافظات الأخرى منهاجا حكيما يؤكد استقلاليتهم في تقرير مصيرهم وحماية مناطقهم بعيدا عن أي تبعية أو عصبية قبلية حاليا .. وبعدها فليحكم من يختاره الناس ويرتضونه .. كما نأمل نعاون المحافظات المتجاورة حدوديا فيما بينها بما يحقق النجاح لمثل هذه المشاريع الطيبة من خلال التنسيق في المهام وتغطية النواقص وتبادل الخبرات والمشورة .. وبقراءة بسيطة لواقعنا في ظل حاكم يتشبث بالسلطة بكل وسيلة نرى بلادنا تتجه نحو المواجهة المسلحة والصراع الدامي أو إلى التفلت وانعدام النظام والقانون وفيه ستكون مناطقنا وعواصم المحافظات خاصة هي فطيرة العسل لكل طالب مغنم سياسي أو نهب تجاري .. وبرغم تشكك البعض في مقاصد مثل هذه المجالس وانتماءاتها مسابقا ولاحقا .. ولماذا الآن ؟ فلنتلاحم جميعا لصد أي تخريب وعدوان ولا علاقة لنا هنا بالنيات والمقاصد فعلمها عند الله .. ولئن اهتزت يوما كل الجهات المسئولة اللجان والمجالس وتوارت بالحجاب فحتما سيأتي الله بالبديل الصامد عن كل شارد والسد المنيع لكل طارد .. وما التقليد كالأصلي .. وشتان بين الصبح الرمادي والفجر الجلي .