قراءة توكل في سماء الجارديان
بقلم/ طارق المخلافي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أيام
الخميس 17 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 03:23 م

قرأت في مأرب برس مقالا مترجما إلى العربية للسيدة توكل حفظها الله .. فكونت اطباعا حال قراءتي أحببت أن اعرضه خصوصا أن المقالة هوجمت هجوما شرسا من قبل بعض الذين هم كبقر الجنة لا تنطح ولا ترمح!

أنا شخصيا لم أكن اعلم أن للأخت العزيزة توكل كرمان هذه القوة المصورة العجيبة ! لا سامح الله الغربة !

الثقافة الثورية : لقد نسيت وأنا أقرأ المقالة أني أمام امرأة .. لم يقم بين عيني حينها غير محمد محمود الزبيري .. تشبع بالقضية الوطنية حد الإمتلاء وهي تستنكر هذا الصمت الدولي الذي هو أشبه بصمت الكهوف فكأن الزبيري يتكلم على لسانها أمام الحشود :

ما للدماء التي تجري بساحتنا

هانت فما قام في إنصافنا حكم ؟!!

لماذا ؟ لماذا ؟!

الثقافة الحقوقية وأنا حتى الساعة لا أدري أين وضعتها أمها حال ولادتها لكن الواضح أنها ولدت من رحم الثقافة الحقوقية .. تعرف ماذا تريد .. تعرف ماذا يريد الناس ! لقد لبست روح الثائر جيفارا الذي كان يقول : إن كل صفعة في وجه مظلوم هي صفعة في وجهي !كان لها في مقالها رسالة واضحة أن كل مظلوم في الوطن العربي هو شيء مهم ومؤلم بالنسبة لها !

تحدثت في بداية المقالة عن الثوار في روما , كيف عانوا فترة من حكم الطاغية ( ) ثم أنهم نجحوا في التخلص منه !تخيلوا أنها تكتب وهي مستضافة هناك في الغرب .. كأنها تنطلق من ثقافتهم وتتحدث بلسانهم .. وهذه سنة لا تتغير متى ما تحركت الشعوب .

تحدثت عن الثورة في تونس وفي مصر وأثر ذلك على تهيئة الأسباب في اليمن بمعنى حق الشعوب في تقرير المصير .

بصوت مسموع : النظام يرتكب جرائم إنسانية .. عقلية الحاكم العربي عقلية واحدة .. الحسم العسكري .. الدجل .. توظيف القدرات في الضحك على الناس . أعجبتني وهي تطالب بقلب موجع سرعة التدخل في إنقاذ الناس من الموت والقهر كأن روح الزبيري تنام تحت لسانها :

ما للظلوم الذي اشتدت ضراوته

في ظلمنا نتلقاه فنبتسم ؟!!

إن كان مصطفى كامل رئة يتنفس بها المصريون أنسام الوطنية فإن السيدة توكل كرمان روضة ثرة يتنفس بها اليمنيون عبير الوطنية والحرية !

ماأقوى الشبه بين المناضل مصطفى كامل وبين الثائرة توكل كرمان !

لقد نذر مصطفى كامل عمره في النضال والكفاح عن وطنه ضد الوجود البريطاني في مصر !

لقد نذرت توكل عمرها في النضال عن قضايا شعبها ضد الحاكم الفرد المستبد .

حين طارت الظروف بمصطفى كامل إلى فرنسا وجه الاهتمام الدولي إلى قضايا مصر

هاهي السيدة تقف اليوم في المحافل الدولية موجهة رسالة على لغة بروق تهامة أيقظت العالم من سبات!

يبدو أن العالم عند بعض الناس لا يتغير أبدا فهو محكوم بقانون الحتمية المرأة يجب أن تظل في البيت والرجل ينبغي أن يخدم حاكمه ! أتمنى من كل قلبي أن تترأس توكل كرمان اليمن وليس ذلك منقصة في أحد ولا غض من شأن أحد ! اليمنيون أهل حكمة بذا قضت السنة وأهل سياسة بذا نطق القرآن .

بلقيس التي حكمت قومها في الجاهلية قادت قومها إلى الإسلام وكان اختيارها ملكة اختيارا شعبيا صائبا في محله . وقد صب الله في اليمنيين ماهو أعظم من الجبال قوة ورسوخا وماهو أرحب من السماء سعة ( نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد ) وليست القوة قوة جسمية فحسب بل القوة الحقيقية تكمن في القفز على المتحجر من العادات والمتخلف من الضلالات ! ألم يكن في سبأ من الرجال مايرجح بعقله بلقيس ! لقد علم الرجال الحكماء أن بلقيس شعبا ومؤسسة وليست فردا ولو جاءت برأيي خسيس لما تبعها اليمنيون أبدا (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) أيقول مثل هذا الكلام عقل فارغ ؟! إن الحكمة لا تنضج دون معاناة وألم ! لا بد لها من نار ! والحكمة لا يقولها إنسان مرفه يسبح في النعيم وشعبه يكد عمره لا يجد لقمة عيش كريمة .. الحر في ظل حكمه إما في السجن وإما خارج حدود الزمان ! إن الله حكيم لا يؤتي الحكمة البلهاء من الناس !الذين يعانون نقصا في التركيب وشذوذا في التفكير ولكن (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) ولولا النبوة ما غلب سليمان عليه السلام , فقد سخر له الله الجن والعفاريت والشياطين وهذا مالا طاقة لبلقيس عليه ! لم لا أقارن الأخت الكريمة توكل ببلقيس ؟! تلك تصدر عن شعب وهذه تصدر عن شعب .

تلك تقول : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ..) وهذه تقول لقد دخل عفاش القرية وحكم بالبطش ثلاثين سنة فلا عزيز في اليمن إلا وهو في الساحة أو في السجن أو في الغربة ! لقد تقلدت الأستاذة الفاضلة أمة العليم السوسوة منصبا هاما في الحكومة .. ومثلت اليمن في مؤتمرات دولية عدة .. كان ذلك شرف لنا أيما شرف ! أن تحمل امرأة في ظلمات الصحراء مشعلا تنير للناس الطريق نحو الفجر فهذا مدعاة للفخر . ماكان لله أن يحرم المرأة الذكاء العاطفي فاستغلته أحسن استغلال ونحن في الأدب نرى في العاطفة الصدق والإيمان والوفاء والحب والقوة .. نرى في العاطفة القوة في التعبير السعي نحو الخلود !