شتاء صالح الأخير وحكمة علي بن زايد
بقلم/ عبد السلام الكبسي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 23 يوماً
الإثنين 21 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 05:01 م
 
 

يقول علي بن زايد "البرد مفتاح العلل" ، هكذا حفظها اليمنيون قديما، واليوم يؤكد الثائرون أن "علي عبد الله صالح" مفتاح العلل، ولعل في ذلك ما يجعلنا نجزم أن هذا الشتاء سيشهد زوال كل العلل، إذ أنه شتاء صالح الأخير..

ولو قرأ علي صالح في أمثال علي بن زايد، جيدا، لعلم أنه " ما تكسر الحجر إلا اختها " ولفهم " أن الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي" ولأدرك صواب ما قاله أجدادنا أنه " إذا غرتك الأصول دلتك افعالها " ، ولكن " الجمالي " وما هو كذلك، لم يتعظ ولم يعتبر، ولم يقرأ إلا في كتاب هواه وسطور شهوته، ولأجل ذلك فقد غاب عنه أن " حبل الكذب قصير" فاستمر يكذب ويكذب ويتحرى الكذب، وهو مع ذلك يتمنى أن يصدقه الناس، وما علم أنه:

" ومهما تكن عند امرؤ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم "

ولم يكن من أمر علي صالح أيضاً أن اكتفى بالكذب والتدليس بل إنه سلك سبيل المجرمين فأصبح كما قال الله عن أمثاله " الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد "

وبالنظر في حكمة علي بن زايد و جهل علي عبد الله صالح، يدرك العظماء أن من مقتضيات العقل الراشد، بصيرة نافذة وضميراً حياً، وذلك ما كان عليه حال "علي بن زايد" حكيم اليمن المختبئ في ذاكرة الأجيال، وبعيدا عن أقوال بن زايد وحكمته فإن اليمنيين اليوم يقفون مدهوشين أمام جرأة "علي صالح" على البطش بشعبه والتنكيل بهم، بينما نجده لا يكف عن التلميح بحكمته والتصريح بعظمته ليتسلق الناس بتلك التصريحات على ظهره تزلفاً ونفاقاً، ولم يكن لصالح من وراء ذلك شيء، فحظه من الحكمة لا يزيد عن كونه يعلم أن الناس يعلمون حقيقة أمره، وفي ذلك، ما يكفي ليكذب بين يديه أكثر الناس معرفة به أنه "حكيم اليمن وباني نهضتها" ، لكن هذا يصطدم بقوة مع حقائق الشريعة وميزان العقل وقانون الفطرة الصارم.

فمن أحسن القول فلن يسيء العمل و "علي صالح" أساء القول ولم يحسن العمل، بل إنه وفي اللحظة التي لم يكترث فيها عن إلقاء خطاباته بسياق مضطرب، أفاق الناس من حوله على أمرين عظيمين، الأول هو مجيء الشتاء القارس، سارقا الدفء والعافية من الأجسام، في ظل غياب كامل للبنية التحتية للدولة، والكهرباء أسوأ مثال.

والثاني هو إصرار "صالح" على إكمال مشواره الذي بدأه بسرقة الأمن والسكينة من قلوب الناس، وختمه بانتزاع الحياة من قلوب الثائرين، على النحو الذي لا نزال نراه، في اللحظة التي نسارع فيها إلى الحوقلة والحسبلة وأعيننا لما تبارح بعد أشد لحظات الفتك بالثائرين والثائرات على شاشات التلفاز.

وقد كان من أمر صالح ما رأيناه، فلا يزال يصر على الظهور على التلفاز، نافخاً الكير، مزبدا مرعدا، ومنظر القذافي لم يبرح مخيلته بعد، وعلى الرغم من ذلك فلا تزال كلمات صالح تنضح بالغرور وإيماءاته تهمس بالكبر.

ولم يكن ما رآه الناس وقرءوه على قسمات وجه "علي عبد الله صالح" إلا أن الرجل عاد من أرض نجد بشيراً بمستقبل لن يصل هو إليه، ونذيراً بين يدي ساعة حرب ضروس، ممنيا نفسه بنزول برد شديد "يفتح كل العلل" لدى المعتصمين في خيامهم بساحات التغيير، لكنه يعلم أن حالنا اليوم ليس كحال أجدادنا الأوائل الذين عرفوا البرد جيداً لكنهم لم يعرفوا "علي عبد الله صالح " بالقدر الذي يكفي ليقول عنه علي بن زايد " أن من تغدى بكذبه ما تعشى بها " ولعل في ذلك القول الحكيم ما يردع ذلك المغرور عن بعض الجنون الذي هو فيه.

ولو كان " لعلي صالح " بقية إيمان مقترناً بصحوة ضمير ممتزجاً بشهامة رجل، ما كان له أن يقع في مزالق كلامية وإيحاءات لفظية وهمز ولمز ورجم بالغيب مفسراً المستقبل على مراده ونيته وعزمه على إقحام البلاد في دوامة من العنف الممنهج والحرب المدروسة.

لكن المشكلة أن "علي صالح" يعاند الأقدار ويغالب الله في ملكه، وباللهجة العامية يشار إليه على أنه شخصٌ "عديم " ، بل إنه من خلال أقواله وأفعاله يعتقد أن عجلة التاريخ، إن توقفت فلن تتوقف إلا له، وأنه يستطيع بدهائه ومكره أن يحكم ما أبقى الله روحه في جوفه، وحاله في ذلك كمن قال " جنان يخارجك ولا عقل يحنبك " معتقداً أ ن سلوك " الدعممة " ومقولة " كُب إلى شعوب " أفضل ما يمكن أن يواجه به شعبه الثائر وهو مع كل ذلك غير عابئ بالمواقف الإقليمية طالما أن " الجيب دافئ ومؤخرة الحمار " بمثابة " مفرج " ، مع الاعتذار لكل الأحرار عن الوصول بهم إلى مؤخرة الحمار، لكن الحقيقة أنني قد هذبت الكلام كثيرا، بينما واقع "علي صالح" ومن معه بلا تهذيب، وفي هذا ما يكفي لأتجرأ وأقول نيابة عن "علي بن زايد " أن من غره إمهال الله له، فاجأته صوارم الأقدار " وقد قيل أنه " ما من مقدر حذر وما من الموت حيلة " وحينئذٍ لن تكون حيلة صالح بأزيد مما كانت عليه حيلة سلفه المزنوق في أنابيب الصرف الصحي، عافانا الله وإياكم من كل ذلك.