سيدي الرئيس و أنت وحدك
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 22 يوماً
الأحد 29 يناير-كانون الثاني 2012 07:43 م

alboox@gmail.com

فات وقت التدريب على الطاعة،لم يعد في حوزة الموالون لنظام صالح المترنح،غير بقايا نضال،لم يعد في حوزة مداحو القصر وشعرائه،غير بقايا من قرطاس وقلم،لم يعد في حوزة المدافعين عنه وعنك،غير بقايا من سيف ورمح.في هذه الإثناء يمكن للملايين الهادرة ان تصلي في ميدان السبعين بلا رب و حتى بلا زعيم،لأنك لم تعد سادس الخلفاء الراشدين،ولأنهم انفضوا من حولك،كأنهم كانوا في حفلة تنكرية،لم يدافعوا عن الشرعية الدستورية،سوى كونها مشروع استثماري،بطاقة بنكية او دفتر شيكات.سيدي الرئيس أخبرك ان من كان منهم مخلص لك،الآن فتح الدولاب وارتداء الشر اشف السوداء.لم تمت لكنك رحلت. ووحدك تدرك ما الذي يجري في هذه الأيام..يسير الوطن للتعافي.

بعد عقود أجريت تمارينك البشعة على إخضاعه لقوانين الخوف.عام على شاكلة 2011 اقتربنا في لحظاته الأولى بل و النهائية- ليس كما كنت تطمح من سلب للحرية- بل أصبحت تنوي مصادرة الحرية والحياة معا..بداياته عبر التوريث، لنجلك " احمد " ونهايته بالرصاص و القناصة،فقطعت الثورة نسل أحلام شلة القصر الضآلة..من كانوا حولك،تساقطوا،او اسقطوا..كم تخلعت وتداعيت. على مدى عام،لاحظنا في عينيك؛انقباض غير مسبوق. كلها تشرح رغبتك بالتمسك والبقاء فوق "رؤوس الثعابين"كنت تردد اسطوانتك المشروخة بتفاني.ولم تنطلي على هذا الجيل الغاضب.

طلبت المسامحة؛فأتت متأخرة،ثمة مسافة فاصلة،بين خطاباتك بتوصيفاتك العجيبة"قطاع الطرق، الخونة،الانقلابين، تجار المخدرات، والاختلاط.وبين طلبك الصفح وأنت تلقي كلامك الأخير،الذي لايمكن ان نسميه خطابا؛لأننا عهدنا خطاباتك رنانة تخترق مسامعنا مع الرصاص والبارود.

حديثك البائس ذكرك بالله وقوله "يؤتي الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء"تبدو متمسك في ما تبقى من وقت في السلطة،ولا نشك بأنك تتألم،ضريبة قليلة او متوسطة على باهظ أفعالك.بصراحة لمسناك متماسك؛تتسول البقاء.بعد ان كنت الملك والمملوك،فوق شعب مسحوق ووطن شقي..

لاحظتاك أكثر من مرة تتشبث بالبقاء على صدورنا ثقيل كالرعب..أقساها عليك حادثة "جامع النهدين" المشئومة.حينذاك حبوت على ركبتيك،اخترقت الشظايا رئتك والرقبة،أخضعتك" يد الله " للعبرة ولم تعتبر.ولم تعلن التنحي عن مستقبل الشعب.فأنقذتك الحصانة.ثم انك في النهاية تغادر السلطة مكرها والبلد.لم تعد تمتلك ما تسند إليه قامتك المتهالكة.أدوات القمع،أنسلت عن قبضتك.وزعتها طيلة عام، طوقت الساحات والمدن ومارست حقها في الاعتداء،كما لقنتها، للأسف،لقد باءت بالفشل.أخرجها الشعب المقهور بقبضاته العارية..صدقنا لم نكن نعرف أن هؤلاء المجرمين،أوغاد جبناء جدا والي هذا الحد،يخافون من النبض في القلب والتحدي في العين، والنبرة في الحنجرة.

ليلة سفرك إلي مسقط،حضنا اليمن وضمنا هو إلي روحه،مع ان حزننا مسطر –ربما- في كل أسرة يمنية،إلا أننا فرحنا في سفرك القهري،لم نخفي بهجتنا لحظتها، وأخبار التلفزة تتشاطرك"إلي عمان، لا إلي أثيوبيا،فيما ثالث يقول سيعبر هذه الدول إلي أمريكا".

لا شئ أمر على الإنسان من العزلة،لا شئ أثقل من عذابات الضمير سوى المنفى.وكلاهما يلحق بك الآن،أذكرك بأن مهجري الجعاشن ينعمون بسلام،وان الوطن ينتظر عبد الله عبد العالم ومنصور راجح، والمنفيون قسرا جراء حرب صيف أربعة وتسعين.جميعهم هجروا و حرموا من وطنهم وموطنهم الأصلي.

لا شك- تذوقتهم الغربة وصهرهم المنفى لحظة:بلحظة.و لا شك بأنك ستجرب واقعهم،و تتألم:تتعذّب. وتتساءل، أهكذا ينتهي"محقق الوحدة بالسلم وبالحرب" صدقني.لم نكن نرغب بنهاية من هذا النوع،أنت وحدك من اختارها. انتهيت وحيداً،معزولا،مشطورا،مطاردا،لا مدد يأتيك من ألمملكة،ولا عون تتلقاه من أمريكا او أوربا.وجل تبدو،لما إجترحوه القريبون منك والبعاد، وسائلهم سايرت عنادك سنة ويزيد،لتأمين مخرج لائق بمثلك مراوغ،ماكر،و لمن يكون لمثلك.

سيدي الرئيس المنزوع،لم تعد رئيساً..ولو أطلت عمر إقامتك إلى يوم حتف ولايتك؛21 فبراير القادم.ويسرنا ذلك،لأنك لم تبدو حتى كرسياً يجلس على رئيس. في قصر بلا أبواب للدخول ولا صالات للضيوف.حيث تستقبل الوفود الخادعة المخدوعة,أصبحت القائد الأعلى لجيش ليس مطيعاً،وأمن ليس مؤهلاً حتى لما بعدك،وميادين شعبية ضاجة، قطعت وعدا ضدك؛ألزمت نفسها بوعد مع نفسها: ان اليمن لأهلها وليست لك:ليست لمن كان معك عابث:فساد،ولمن كان يقتات من فتات موائدك والولائم.أوهموك بأنك زعيم تأريخي،ورجل التأريخ؛من صنائعك.بعض الظن ليس أثم،بل و أيضا ملخص قبح..التأريخ يصنعه الأقوياء بواسطة الضعفاء.وأنت كنت اضعف من انك ترحل مكرها،اقتادتك فرق من يعرفون بالبلطجية فانقدت.أشاروا إليك بفكرة جمعة الكرامة ففعلت،أخذوك إلي محرقة ساحة الحرية تعز فنفذت.كانت تلك كتائب القتل تقودك إلي حتفك إلي؛ممارسات فرض الطاعة،أطعت فقتلت العزل حتى من الأطفال والنساء..اهده مكافئة الصبر والظلم والجور.

اخترعت مصيبة القاعدة كخير محتوم،للابتزاز والارتزاق،جعلت من القاعدة وحش تنام في فراش النظام،يأكل من موائدنا ويوقع الصفقات باسمنا،يقدم البلد على انه نحن وانه منا، وهي في الحقيقة لم تكن القاعدة البعبع،بل كان نظامك الحاضن للوحش؛البعبع،ليصبغ اليمني في أقصى الأرض،بالإرهابي،المتطرف الوحشي.فحضرت التهمة وغاب اليمن السعيد،وناسه الغلابا الطيبون..غاب الفرح في ملامح اليمني وهيئته،لأنه صار إرهابي محترف،وتجلت الممانعة الكونية بينه والحقيقة بسبب ما لحقت به من سمعة سيئة،لكأن العالم ويا ( للفاجعة) ينظر لهذا الوطن؛عاصمة دولية لتنظيم القاعدة،وهكذا تعامل معنا؛يحاول عزلنا عن المحيط.بسببك أنت.

شاركت في صناعة الوحدة،وما لبثت ان تذبحها في المهد..حرضت أنت ومن معك ضد الحوثيين،تكبدت البلاد ستة حروب خاسرة،مع ان الشعب اليمني ليس كله حوثيين ولا حتى (متحوثثيين)،الحوثيين إخوتنا؛يمنيين والحل معهم بالحوار،وليس بالقمع والاحتراب،متى يتعلم الدكتاتوريون ان الحرب لا يحل المشكلات بل يفاقمها.

وتحت هذه المبررات الطغيانية؛صادرت الاقتصاد باسم التنمية.بعت ألأراض باسم الأمن.سخرت الجهل باسم التعليم و المعرفة.احتكرت القضاء والعدالة باسم الدستور والقانون،قتلتنا باسم الحوار والتسامح..

نتذكر كم خفقت قلوبنا أسى وحزن وانفطرت ألف شهيدا وشهيد ومواجع وجروح.وأنت تحاول ان تسلمنا للخوف. 

وإذا لم تكن كذلك،فكيف كان يمكن لهذا الشعب النبيل المقهور،أن يشعر أن وطنه منفاه ومقبرته طيلة عقود من التخبط والذل.ويستمر غارق في الصمت.

إن أفضل ما يسعى إليه اليمني،هو الحصول على بطاقة هروب،واللجوء إلى مكان ما في هذا العالم،إن لقي ترحيب،ليبيع جهده وينفق عرقه ويصرف أحزانه وحسراته على اليمن الذي كان سعيد.

سيدي المخلوع قصص مختلقة من الترهيب فقط،لا الترغيب والتخيير الحتمي بشخصك؛الزعيم القائد والملهم الواحد.الم تكن الوطن والوطن أنت.لتجعلنا فقط شعب خائف،تشبع بالخوف..أضعفت بل و- كدت- تعدم قوة وعزة هذا الشعب الحر.حاولت ترويضه بأن يكون من سلالة ( بافلوف).

أكثر من مرة تفعل أنت،والشعب يستجيب وفق عملية الاستجابة الشرطية.تذكر انتخابات 2006 قلت لن تترشح صدقناك،فمكرت،وتغاضيينا،قلت:لا توريث،فباشرت عمليات نقل القصر لنجلك..لسنا كلابا يا سيادة الصالح؟

هذا اليمن التاريخي المزور بك أنت..بشخصيتك أنت..بسمعتك أنت وحدك،ها نحن نستعيده؛ هو بنا ومنا ومعنا في محفظة القلب.

صار تأريخنا،الذي يشعر اليمنيون بالانتماء إليه الآن..صنع خيارات سياسية قد تكون الآن مجحفة؛صحيح.لكن الشعب لم يختر ما أقدمت عليه من ارتكابات خاطئة(اللقاء المشترك وشرفاء المؤتمر وأصحاب اليسار واليمين إخوة يمنيين).

التاريخ الحقيقي،هو التاريخ الآتي؛لأنه تاريخ طامس و مضاد لتاريخك.اليمن يصنع أحداثه وتعبيراته،يغير ويتغيير،لغة وثقافة واقتصادا وفنا وإنجازا،وحبا ومودة..اليمنيين يشاركون في بناء لبناته،و عبر نجاحات يحققها في مواجهة التحديات والمخاطر،تركتك الخبيثة.ونعدك ان نتجاوزها وبأي ثمن.

نحن اليمن،نحن الشعب،صناع التاريخ القادم.بكل المعاني الحضارية،التاريخية والثقافية.لا أنت ولا من يشبهك، فنحن اليمنيون أولا،ونحن اليمنيون غداً، بكل ما لدينا من خفة و ثقل ومقام رفيع وموقع.سنكون مانريد.