الصندوق .. أكبر ساحة للثورة
بقلم/ مجدي محروس
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
الجمعة 17 فبراير-شباط 2012 10:28 م

وحدها الديمقراطية الحقيقة التي تراعي حقك في الحياة الكريمة ، حقك في المواطنة المتساوية ، حقك في الحكم العادل ،و التي تحترم حقك في الفكر المعتقد ؛ تمتلك القدرة الفائقة على إيجاد العدم لأي ثورة في العالم ؛ ذلك أن الثورات لا تحدث نتيجة ترف حقوقي و لا تأتي عن طفرة حرية وأن الشعوب لا تهاجر بيوتها نحو الشارع إلا حين تنتهك حرمة مقدسات عيشها الكريم ويساء إلى دينها ودنياها، عقودها وعقائدها ، ويعتدا على أغراضها و أعراضها، وتسال دمائها ودموعها.

 إن الثورة كانت على اليمنيين كتابا موقوتا،لا يقبل التأجيل ولا يحتمل التأخير ، وزكاة معاناة بلغت النصاب وأكثر .

 إلى الشارع خرج اليمنيون يفترشون ألامهم، ويلتحفون أحلامهم، ويجلسون على قارعة المستقبل ، مطلين من شرفة المعاناة في انتظار مجد أضاعوه عقودا من الزمن. 

لم تكن الثورة لديهم فقط حالة من الغضب الشعبي، أو الجنون الحقوقي العاقل بقدر ما كانت خيمة للوطن ، ومنصة للتنوع والتعدد، ومنتدى للسياسة والفن ،ومبادرة لإنقاذ الوحدة، ومؤتمرا للتصالح والتسامح ، ومستشفىَ للصراعات والنزاعات الصغيرة، كانت الثورة اعتصام للاعتصام، وائتلاف للائتلاف ، كانت كلفة وألفة ، منحة ومحنة ،همم وهموم، كانت ساحة لعرض اليمن الحقيقي لا النسخة المزورة .

أثبتت الثورة أن اليمينين لا زالوا يتمتعون بفائض حكمة ، وبمخزون حضارة مما جعل الانتماء إليها شرف يتباهى الناس به.

علمتنا هذه الثورة أن نتعاطى مع كل ما يخدم نضالنا ويحقق أهدافنا ولعل الانتخابات الرئاسية القادمة أسهل وأسلم وسيلة لتحقيق أول أهداف ثورتنا ؛ذلك أننا وبتأشيرة قلم سنعيد الاعتبار لوطننا وسننتهي من ماض موجع أليم .

إن صندوق الاقتراع بحجمه الصغير قد وسع اليمن بأكملها ليضيق بصالح الفرد، وصالح الثقافة ، هو الصندوق الوحيد الذي لم يصنعه صالح منذ ثلاثة عقود من الزمن ، إنه أكبر ساحة للثورة ، هو الأمر الوحيد الذي كان قادرا على حلحلة قضايا اليمن المتراكمة.

 كم كان النظام السابق سيوفر على اليمن واليمنيين من الدماء والدمار لو أنه استجاب لنداء المعارضة في إصلاح العملية السياسية والانتخابات على وجه التحديد، لكن وبغباء وبلاهة الحاكم العربي راح الرجل يماطل ويراوغ ويبالغ في شراء وتجميع الأسلحة ترتيبا واستعدادا لمعركة لم يدرك بأنه سيكون الخاسر الوحيد فيها .

 إن يوم الثلاثاء القادم هو أعظم فرصة لمن لم يعلن التحاقه بالثورة نتيجة خوفه على وظيفته أو على نفسه أو لأي سبب آخر، فلم يعد ثمة من عذر لأحد بعد اليوم فلا يزال باب الثورة مفتوحا لم يغلق بعد .