هل ينتصر المؤتمر الشعبي العام لمبادئه؟
بقلم/ م/يحيى القحطاني
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 12 يوماً
الخميس 12 يوليو-تموز 2012 07:28 م

بادئ ذي بدء لابد من القول إن إصلاح الأوضاع في اليمن وخروجها الفوري والأمن مما هي عليه من التأخر منذ فترة ليست بالقصيرة ومن ثم انتقالها إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة التي يسود فيها النظام والقانون،لم ولن يحدث ما لم تقوم ألأحزاب السياسية اليمنية بمختلف توجهاتها السياسية ومشاربها الثقافية بدورها الريادي في عملية ممارسة الديمقراطية قولا وعملا لإنشاء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون وفي عملية التداول السلمي للسلطة بواسطة ألانتخابات الحرة والنزيهة،بما في ذلك أن يتحول حزب المؤتمر الشعبي العام الذين ظل يحكم اليمن ومعه التجمع اليمني للإصلاح والحزب ألاشتراكي اليمني منذ ثلاثة عقود من الزمن إلى حزب سياسي ديمقراطي شبه مستقل ومتكامل الأركان،ضمن إستراتيجية وطنية معدة لمثل هذا الغرض مسبقا تهدف إلى إعادة تأهيل الحياة السياسية الحزبية،

 بما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة وما بعدها،في ضوء ما أصبح يمثله هذا الموضوع من نقطة ارتكاز محورية وحاجة وطنية ملحة لا غنى عنها بالمطلق،على خلفية ما نستشفه من مؤشرات ودلالات وأبعاد غاية في الأهمية ضمن متطلبات المرحلة الحالية والقادمة وما بعدها، فرضتها المعطيات الظرفية للبيئتين الداخلية والخارجية،وفي ضوء خارطة الطريق الجديدة التي حددت بعض أهم معالمها الرئيسة المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة،ومما لا شك فيه أن الصورة التي ظهر عليها حزب المؤتمر الشعبي العام من بعد تحقيق الوحدة اليمنية؛ من حيث طبيعة ومستوى وحجم الكفاءة والفاعلية في الأداء والتأثير بما يحيط به من متغيرات رئيسة على المستوى السياسي والحزبي،وصولا إلى المستوى التنظيمي والشعبي،أصبحت مدعاة له لأن يعيد تقييم ومن ثم تقويم كافة سياساته وأوضاعه المادية والمعنوية برمتها، في ضوء استمرار تنامي حالات الضعف الحادة في تأثيره والنكوص في سياساته وتوجهاته ومن ثم الانشقاقات الحادة بين صفوفه والتي حدثت العام الماضي،

ولعل مفتاح الدروس كلها الذي يجب على الحزب البحث عنها والتعامل معها،كي يتسنى له فتح الأبواب المغلقة وعبور الحواجز العالية،هوا ألإسراع في عملية التغيير في كل مفاصل الحزب،وأن يطال التغيير المنشود كل المستويات القيادية والتنظيمية والشعبية بدون استثناء استنادا لطبيعة وخصوصية المرحلة القادمة التي سوف تحتاج أكثر من أية وقت مضى إلى كفاءات وقدرات بشرية من نوع خاص للقيام بما أؤكل لها من المهام على أكمل وجه في اتجاه الوصول بالحزب إلى الدرجة والمستوى الذي تفرضه أو تتطلبه المرحلة الحالية والقادمة،أما عن السبب الجوهري الذي يكمن وراء اختيار حزب المؤتمر الشعبي العام دون غيره من الأحزاب التي تعج بها الساحة السياسية كمحور أساسي في تحمل تبعات مسئولية بهذا الحجم، باعتباره حزبا وسطيا معتدلا وغير متطرف(يمينا أويسارا)،فالمؤتمر الشعبي العام كحزب وأعضاء وقيادة هما الجهة السياسية المؤهلة التي لها وزن يعتد به في الساحة الرسمية وغير الرسمية، والقادرة ليس على وضع اللبنات الفكرية الأولية للتغيير القادم المنشود من واقع ما تمتلكه من خبرات وكفاءات تراكمية وأيضا قادرة على الإسهام في التخطيط والإعداد للتغيير المنشود،ومن نوايا صادقة واستعداد تام عكسته التوجهات الرسمية لقياداته العليا التي ظهرت عليه أمانته العامة ولجانه الدائمة في الأشهر الأخيرة

وصولا إلى توفير الضمانة الأكيدة على استمراره وبقائه ومن ثم قيادته نحو تحقيق المصلحة الوطنية العليا،لأن هناك من القوى الظلامية والتي لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالتعددية السياسية من يتربص بهذا الحزب ويطالب إما بحلة وإلغائه مثلما حصل للحزب الوطني في مصر أوالحزب الدستوري في تونس أو بإجتثاثه من الحياة السياسية مثل حزب البعث العراقي،

ومن ألأهمية بمكان ضرورة تغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن في توجهات الحزب المستقبلية،سيما أن أهم الملامح الرئيسة لمثل هذا الأمر سوف تتضح في ضوء حجم التغييرات الجذرية وشبه الجذرية بأبعادها الفكرية والسياسية والبشرية والتنظيمية،المتوقع حصولها داخل حزب المؤتمر الشعبي العام نفسه،وطبيعة ومدى المصداقية التي يجب أن يتمتع بها الحزب بين عناصره وصولا إلى الشارع السياسي والتي لا بد أن يستعيدها خلال فترة زمنية قصيرة جدا، محصورة بالسنتين القادمتين التي سوف تتوج بإقامة الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية عام 2014م،وحتى بلوغنا هذا اليوم يجب أن نضع صوب أعيننا أن الساحتين الداخلية والخارجية لن تسمح بأية ممارسات غير ديمقراطية قد تلجأ إليها بعض الأحزاب الكبرى في اتجاه فرض هيمنتها شبه المطلقة على مقاعد السلطة التشريعية (النواب/الشورى)على حساب الأحزاب والقوى المجتمعية الأخرى،وجميعنا يعلم علم اليقين بأن الفساد الذي استشرى في اليمن خلال الفترة الماضية لم يكن أثره على المعارضين بمفردهم بل كان أول ما يصيب أولئك البسطاء الذين اعتنقوا فكر ومبادئ حزب المؤتمر الشعبي العام ولم يكن في نيتهم تحويل البلد إلى غنيمة،وفوجئوا كغيرهم بأن من كانوا يمارسون السلطة باسم هذا الحزب أستغلوا هذا التنظيم الشعبي الواسع للحصول على المكاسب والثروات،وكانوا يهيئون لأنفسهم وذويهم حياة أسطورية مغرقة في البذخ والثراء فيما الوطن يدفع ثمن جشعهم فقراً وجوعاً وأزمات لا تنتهي،

ولاشك أن أهم ما استفادة المؤتمر من الأزمة الراهنة هو التخلص من بعض الفاسدين ومن المتذبذبين والمندسين بداخلة،الأمر الذي أدى إلى إعادة توحيد صفوفه واختبار قدرته على الصمود في مواجهة الأزمات، ليثبت للجميع أنه حزب شعبي أصيل ينتمي لهذا الوطن ويستلهم خطاه من آمال وتطلعات الشعب، ويسخر قوته لبناء المجتمع وحماية الوطن، وها هو الآن أمام مرحلة جديدة لاشك أنها ستكون ربيعا للمؤتمر الشعبي العام ليستعيد دورة كشريحة سياسية وأساسية في المجتمع اليمني بدلا من بقاء هذا الحزب مجرد حزب سياسي غير متكامل الأركان الحزبية وتهيمن على توجهاته ومواقفه واهتماماته عقلية حزب الدولة أكثر منه الحزب الديمقراطي،بل وأيضا من مجرد وعاء سياسي- حزبي شكلي يجمع بين جنباته تيارات متعددة فرضته المعطيات الظرفية لمرحلة ما قبل الوحدة،فذات مرة قلت لصديقي القيادي ألإصلاحي لماذا ترسلون إلى حزب المؤتمر الفاسدين والمخربين من حزبكم،فضحك عاليا وقال يا صديقي ألمؤتمري المغلوب على أمرة نحن نقوم في كل عام بعمل هزة لحزب ألإصلاح فيسقط الفاسدون والوصوليين والانتهازيون ومن ثم يذهبون إلى المؤتمر دون أن ينقطع حبل المودة فيما بيننا وبينهم لأن لنا عليهم قسم الولاء والبراءة،واليوم أقول لصديقي ألإصلاحي أنة في العام الماضي حدثت هزة واحدة لحزبنا فسقطوا معظم الفاسدين والانتهازيين والوصوليين وعادوا إلى قواعدهم سالمين غانمين بحكم تسامح حزبنا مع الغير وما تبقى منهم،فالمؤتمر العام الثامن كفيلا بتنظيف حزب المؤتمر منهم ومن أمثالهم،ولن يبقى حزبنا بعد اليوم ملاذا للفاسدين (دار أبى سفيان من دخلة فهوا أمن)كما وصفته بمقال صحفي نشر قبل أعوام.

وختاما لقد آن للمؤتمر الشعبي العام أن يصحو وينتفض على الفساد والمتسللين إلى صفوفه، ويبدأ مرحلة جديدة وثورة تنظيمية لتحقيق أهدافه ومبادئه التي وجد من أجلها قبل نحو ثلاثة عقود،وأن يقوم بالدور الموازي والرافعة للقرار السياسي والنخبة العامة والمجتمع برمته من الركود إلى الحيوية ومن ضيق الحياة السياسية إلى سعتها ومن التخلف إلى التنمية والنمو،خاصة انه يضم في جنابته خيرة كوادر اليمن سياسيا وإداريا وفكريا واجتماعيا ،وهو ما يستوجب على أعضاء المؤتمر المخلصين ممارسة كافة الضغوط على كافة المستويات التنظيمية لتنحية الفاسدين من كل مواقع القرار التنظيمي، واتخاذ كافة الإجراءات المشددة إزاء أي عضو يحاول ممارسة الفساد باسم المؤتمر، وكل من يحاول الإساءة لتاريخه وسمعته الوطنية والتأكيد عملياً على أن المؤتمر الشعبي حزب الشعب ولن يكون مظلة للفاسدين،

وفي هذا السياق ينبغي على المؤتمر البدء فوراً بتقييم المرحلة السابقة وفقاً للمعطيات الجديدة وأعمال الرقابة التنظيمية المشددة على كافة المستويات واتخاذ قرارات حازمة لمحاسبة وفصل أي عضو ثبت تورطه في أعمال فساد مشهودة، وأي أعمال تتعارض مع مبادئ وأهداف المؤتمر،لأن جوهر عملية إعادة بناء المؤتمر هي رؤية الحزب لنفسه كأحد الأحزاب السياسية المنافسة على حكم البلاد،وليس هو الحزب القائد والملهم وربان السفينة لليمن دون غيره من ألأحزاب السياسية كما كان يطلق عليه البعض سابقا،وعدم شخصنه الحزب بالرئيس كما كان يحدث في الفترة السابقة(الرئيس هو المؤتمر والمؤتمر هو الرئيس)ولهذا فإنني أشفق على الدكتور/عبد الكريم ألإرياني نائب رئيس الحزب والذي أوكلا إلية المهمة الكبيرة في هذه المرحلة الصعبة،في عملية إعادة تنظيم المؤتمر والإعداد للمؤتمر العام الثامن رغم ما يعانيه من بعض ألأمراض إضافة إلى كبر سنة وهوا صاحب المقولة (رحم الله رجل عرف قدر عمرة)فالدكتور ألإرياني قد خدم البلاد والعباد والأهل وبعض ألأنساب منذ عام 1971م ولمدة تزيد عن واحد وأربعون عاما وكذلك في قيادة حزب المؤتمر منذ ثلاثة عقود مضت،وباعتقادي أنة قد أن ألأوان لهذا الفارس أن يترجل وأن يستريح وأن يكرم نظير ما قدمه للوطن والمؤتمر وحتى لا يقول الخبثاء ( أن ألإرياني هو المؤتمر والمؤتمر هو ألإرياني)فعلى القيادات الشابة داخل تكوينات المؤتمر استلام الراية ومواصلة المسيرة،وعلينا تطبيق مبادئ وأهداف الميثاق الوطني الدليل النظري لحزب المؤتمر،والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك،ولتحقيق ذلك يجب أن تكون للحزب قناة فضائية واحدة وصحيفة أساسية جيدة ناطقة باسمة ومدافعة عن سياساته وأفكاره وخطواته العملية،حيث أن الثابت أن الصحف الحالية مثل(الميثاق واليمن اليوم)والمواقع ألإلكترونية التابعة للمؤتمر لا تقوم بهذه الوظيفة كما يجب،إضافة إلى ألأخطاء والسلبيات والتي حدثت منذ انعقاد المؤتمر العام السادس والذي أدى إلى صعود بعض قيادة الفروع ومنها قيادة فرع ألأمانة من غير المؤهلين علميا وحزبيا وتنظيميا،وإنما هم من أصحاب التقارير الليلية الكيدية،ومن المتملقين وحملة المباخر في المقايل الذين أضعفوا أداء الحزب داخل منظمات المجتمع المدني والنقابات بصورة أدت إلى حدوث نوعا من الالتباس والغموض والضبابية غير المفيدة لمصداقية الحزب،وعلى ضوء ما سبق فإن المطلوب من حزب المؤتمر الشعبي العام القيام بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب سواء في القيادات العليا أو الوسطية وفي الوسائل ألإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة،بحيث تكون للمؤتمر أدواته وموارده الخاصة الذي يستطيع المنافسة فيها مع ألأحزاب ألأخرى والتي تملك مئات المليارات من الريالات ولها استثمارات كبيرة في جميع المجالات الصحية والتعليمية والتجارية والعقارية والبنوك والجامعات والباصات والمطاعم ومحلات بيع العسل البلدي والحبة السوداء حتى الجوامع يحتكرونها لأنفسهم دون غيرهم ،وعلى المؤتمر الشعبي العام أن يستفيق من نومه العميق وقبل أن يقع الفأس بالرأس وأن يستفيد من الفترة ألانتقالية ومن قيادته الجديدة التي سوف تنتخب في المؤتمر العام الثامن ،اللهم هل بلغت فا شهد .والله من وراء القصد والسبيل.