الإصلاح يدفع ثمن مشروعه الوطني
بقلم/ مارب الورد
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 24 يوماً
الإثنين 29 إبريل-نيسان 2013 10:27 م

من نافلة القول أن نعيد التذكير بأن الإصلاح حزب سياسي شعبي مدني, لديه مؤسساته المعروفة المعنية باتخاذ القرار, وبرنامجه السياسي معلن منذ لحظة ميلاده في 13 سبتمبر 1990,وتاريخه الوطني ناصع البياض, يمتد على خارطة جغرافيا البلاد .
يضم في صفوفه كل ألوان الطيف المجتمعي, وبحوزة مشروعه إجابات لجميع اليمنيين في الفكر والتربية والسياسة والاقتصاد, فضلا عن إدارة الدولة والعلاقات الخارجية والفن والحريات, وبإمكان أي باحث منصف يتحرى الحقيقة أن يجد هذا الكلام مثبتا فلسفة وسلوكا في سيرة الحزب .
ولقائل أن يسال: كيف يعرّف الإصلاح وعمره 23 عاما؟ والرد أن هذا الكلام صحيح, والجديد هو إصرار البعض على محاولات الانكار وتصوير الإصلاح كما لو كان ولد للحياة السياسية للتو, وبالتالي فهويته غير واضحة وأهدافه هي الأخرى غريبة تحتاج جهابذة في التفسير والتأويل .
صحيح أن هناك من لا يعرف برنامج الإصلاح لأنه لم يقرأه, وهناك من يختزل وظيفته في تخريج حفاظ القران الكريم والدعاة, وبينهما صنف ثالث يعرف الإصلاح كاسمه لكنه يحاول التغابي ويريد تصويره كفزاعة لأغراض في نفسه وخدمة لأجندته أو تحقيقا لرغبة الجهات التي يمثل وكيلا لبضاعتها .
كان الأستاذ محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا محقا في استغرابه وهو يتساءل عما إن كان معقولا أن هناك من يجهل الإصلاح أو انه غير معروف بما فيه الكفاية رغم مرور عقدين على إعلانه رسميا .
إلى ما قبل الثورة كان الإصلاح لا يواجه أي مشكلة, كما هو الحال بعدها حيث يتعرض لحملات منظمة من جهات مختلفة تستهدف تشويه صورته والنيل من قياداته, وهذا الأمر ليس له علاقة بحق النقد المكفول, إذ أن القائمين على هذه الحملات لم يكن لديهم مشكلة مع الإصلاح, ولا اعتراض حتى على أدائه ومواقفه .
فما الذي تغير؟ إذا ببساطة وباعتراف الجميع نقول إن الثورة أظهرت الإصلاح بحجمه الطبيعي كحزب ذات تنظيم قوي وقاعدة شعبية عريضة, وهو الوحيد الذي كان قادرا على مواجهة النظام السابق .
هذا الحضور القوي في الثورة اثار حنق القريب واندهاش البعيد, الذين كانوا يعتقدون – بعضهم عمدا والبعض الاخر جهلا – أن الإصلاح ليس بهذه القوة وبالتالي فإن مخاوفهم غير المبررة من تأثيره في المستقبل بدأت تظهر على شكل صراخ تارة بسيطرته على الثورة بل وسرقتها وتارة أخرى بأنه يمارس الاقصاء والتهميش وحاليا بدأنا نسمع عن استيراد النغمات المتداولة في بعض دول الربيع العربي كمصطلح أخونة الدولة .
أنا هنا لا أقدم الإصلاح كحزب ملائكة ولا هو أيضا كما يقال عنه حزب شياطين, ولكن أحاول أفند ما قيل ولا يزال عنه ونطرح ذلك على مائدة النقاش الموضوعي, بهدف الاستفادة من الاخطاء إن وجدت وتعرية الأكاذيب الملفقة بحقه, وبيان كيف أنها عارية عن الصحة, وهي أقرب للحقد المذموم والغيرة السياسية .
لمّا أشكك في اسمك, ثم أقول هذا كلام طبيعي وموضوعي, أليس هذا استفزازا هدفه تعمّد التجهيل, لا الحصول على معلومات أكثر عن شخصك, ذلك أن هناك صيغة أخرى إن كنت أريد ذلك فعلا .
هذا الأسلوب هو ما يطرحه البعض في سياق حديثه عن الإصلاح, وتتفاجأ حين يطالبه بالتحول إلى حزب سياسي كما لو كان جمعية أو نادي رياضي, متجاوزا تاريخه الذي شارك فيه في كل مراحل العمل السياسي وفي مقدمته العملية الديمقراطية, وأثبت الواقع انه صاحب الفضل في تجذّير الديمقراطية والعمل السياسي ككل, وعامل توازن في مواجهة النظام السابق انذاك, وبالتالي, فهل هذا الطرح في محله وهل هو نقد يستحق التعاطي معه أم جزء من محاولات تخويف الناس منه حتى لا يكون له دور كبير في المرحلة الانتقالية وما بعدها .
ويمارس البعض ابتزازا غير لائق, إذ مع كل حديث عن الحريات مثلا من قبل أحد المنتمين له أو المحسوبين على التيار الاسلامي, يكون مطالب بتوضيح موقفه من هذه القضية أو تلك, وكأنه لم يجب على كل القضايا في برنامجه من اليوم الأول, ثم هل يحاسب الحزب على مواقف مؤسساته صانعة القرار أو بالمواقف الفردية لأعضائه .
وإذا سلمنا جدلا بصواب من يطلبون منه توضيح موقفه, فهل من المنطقي ان يظل هذا الحال مع كل شاردة أو واردة, أمّا إن كان ضروري من جهة أعضائه, فإن هذا جهل في العمل السياسي, ناهيك عن أن الأحزاب الأخرى ستكون هي الأكثر عرضة لهذا الحرج كونها غير قادرة على ضبط أعضائها تنظيميا ولا محاسبتهم على أقوالهم وأفعالهم ومخالفتهم لمواقف أحزابهم .
بل إن هناك من ذهب أبعد من ذلك, وأصبح يتعامل مع الإصلاح مثل وكالة أنباء وظيفته إصدار بيانات تارة تبين للناس اهتمامه بالفن ورعاية المبدعين لأن أحدهم زعم انه تعرض لتشويه أو تكفير وتارة أخرى يطمئن بأن نظرته للمرأة متقدمة ولا يمكن أن يحجر عليها إن صعد للسلطة لأن إحداهنّ اشتكت من مضايقتها أثناء مرورها بالشارع, أو لأنها منعت من دخول الجامعة لأنها غير محجبة .
في الجنوب يراد حشر الإصلاح في زمرة المسئولين عن ظلمه والحاف الأذى بأبنائه, وكأنه هو من حكم بعد حرب 94 ومارس الإقصاء والتهميش, وحتى قبل الوحدة هل كان مسئولا عن المجازر التي وقعت في فترات مختلفة, وهل قام بتأميم الأراضي لصالح قياداته أو منحها لأعضائه .
في هذا السياق, عندما يقال أن الإصلاح هو من قبل بالتسوية التي منحت صالح حصانه, أليس الاصلاح واحد من إجمالي ستة أحزاب أخرى في المشترك وقعت على المبادرة الخليجية, مع العلم أن الحصانة كانت خيار اضطراري لتجنيب البلاد كارثة الحرب ولم تكن مكافأة لصالح على خروجه من السلطة .
أمّا الحديث عن سيطرته على الثورة, فهل يوجد مؤسسات انتجتها الثورة غير الرئاسة والحكومة, والأولى يتولاها هادي وهو مؤتمري, والثانية نصيب الإصلاح منها أربعة وزراء مثل الاشتراكي مع انه أكبر أحزاب المشترك ويفترض أن ينال أكبر, وهذا الأمر يسري على بقية التعيينات في الجهاز الإداري للدولة التي يصدرها الرئيس بالتساوي بين المؤتمر والمشترك وفي إطار المشترك نفسه يعطى كل حزب نصيبه من القرارات, وبالتالي فأين زادت حصة الإصلاح حتى ندعي انه مسيطر على المواقع الحساسة في الدولة .
وحتى في تعز التي يروج أن الإصلاح يسعى لإحكام قبضته على إدارتها, ويتم تصوير نقد الناس للمحافظ بصفته مسئولا وليس لأنه ينتمي لبيت هائل على انه صراع بينه وبين الإصلاح وهو كلام مردود عليه .
وعلى سبيل المثال فمدير مكتب التربية المعين من قبل رئيس الوزراء أو وزير التربية ينتمي للاشتراكي, كما أن مطلب تغيير المدير السابق مطلب نقابي قبل أن يكون سياسي من طرف المشترك .
وللعلم فقد التزم شوقي هائل عقب تعيينه خلال لقائه بعدد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية في 19 أبريل 2012, بقاعدة التغيير وليس التدوير في التعيينات بالمكاتب التنفيذية وهو التزام منه أيضا بالقبول بالشراكة الذي جاء منها وتطبيق مقتضيات تقاسم المناصب وفقا لآلية المبادرة الخليجية .
وإذا كان تنصل المحافظ عن وعوده وإصرار المشترك على تنفيذ اتفاق الشراكة يعتبر من وجهة نظر البعض صراعا مع شوقي كونه من بيت هائل فهذا يجعلنا نتساءل هل هو مسئول حكومي أم ممثل لأسرته بالمحافظة, وفوق هذا هل الإصلاح شركة تجارية حتى ينافس بيت هائل وما مصلحة الإصلاح في عداء أسرة لها دور وطني مشهود في خدمة البلاد حتى لو كان المقابل الظفر بمنصب المحافظ مع أن هذا ليس موجودا أصلا وإلا لمَا دعم الإصلاح شوقي عند اختياره .
يبقى القول أن حق النقد مكفول لكل شخص والإصلاح يرحب بمن ينتقده ويتناول أدائه مبينا اخطائه وناصحا بتقويم مسيرته, ولكن في نفس الوقت يطالب من الجميع تحري الانصاف وغاية الحقيقة والتجرد إلا من التوجيه والتصويب حتى لا تعلّق كل الأخطاء فيه وهو لم يحكم بعد .
ولو تأمل منصف لما يقال بحق الإصلاح لوجد أن صدره ديمقراطي واسع قياسا بالأحزاب الأخرى التي يضيق صدرها من مقال لكاتب اصلاحي أو ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي, في حين يتعرض الإصلاح لهجوم مستمر من أطراف مختلفة في مناسبة وغير مناسبة, وهذا قدره لأنه يحمل مشروع وطني بحجم البلاد يعلي فيه شأن المصلحة العليا على مصالحة الخاصة ويؤثر الشراكة والتنازل لصالح خصومه(تنازله عن المركز الثاني بانتخابات 93 للاشتراكي الثالث),عدا عن تحمله فاتورة ثمن التمسك بوحدة البلاد مع إنصاف المظلومين بالجنوب, ورفضه مشاريع تمزيق النسيج الاجتماعي سواء كانت مذهبية أو قبلية .