مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات اليمن تسجل أول حالة إصابة بـ ''جدري الماء''.. ماذا نعرف عن هذا المرض؟ نبات يعمل على إزالة السموم من الكبد وتعالجك من السعال والزكام في دقائق وتعتبر الحل الأمثل للروماتيزم!
حكم الرئيس مبارك يعود الى مصر بسرعة غير متوقعة، والشيء الوحيد الناقص، لإكمال الصورة، وتأكيد هذه الحقيقة، هو إعلان حالة الطوارئ، وتطبيق الأحكام العرفية، وان كانت ممارسات الحكم العسكري الذي يقبض على زمام الأمور في مصر الآن، يطبق هذه الأحكام عملياً.
إعادة تأسيس الشرطة السياسية لمراقبة الأحزاب والجماعات الدينية، حسبما أعلن وزير الداخلية يوم أمس، واعتقال السيد ابو علا ماضي زعيم حزب الوسط ونائبه عصام سلطان، واستمرار اعتقال الرئيس المنتخب محمد مرسي ومجموعة من رموز حركة الإخوان، وإطلاق النار على معتصمين سلميين في ميدان رابعة العدوية، كلها نسخة طبق الأصل من ممارسات نظام الحكم السابق التي ثار الشعب برمته من اجل اسقاطه يوم 25 يناير.
وإذا كان حكم الرئيس مرسي الذي لم يستمر غير اشهر قليلة قد فشل في منظور جبهة الإنقاذ المصرية ومكوناتها الليبرالية واليسارية من حيث حل مشاكل البلاد الاقتصادية المتفاقمة، فان الشيء نفسه يقال ايضا عن حكم العسكر، وما هو أكثر من ذلك، فبينما لم يسقط قتلى في عهد الرئيس مرسي، وان سقطوا فمعظمهم من انصار حركة الإخوان المسلمين أمام قصر الاتحادية، فان عدد الشهداء وصل الى 400 علاوة على آلاف الجرحى منذ الانقلاب العسكري.
في كل مرة تفتح فيها قوات الأمن النار على المتظاهرين المسالمين العزل، فان فرص عودة الأمن والنظام والسلم الاجتماعي في البلاد تتراجع لحساب الفوضى والمزيد من القتل والدمار، واتساع فجوة الانقسام الراهن، وتبخر الآمال في إمكانية التوصل الى حلول ومخارج سلمية لهذه الأزمة عبر الحوار.
حركة الإخوان المسلمين دعت اليوم أنصارها لتنظيم "مظاهرات نعوش" تتجه الى مديريات الأمن في مختلف المحافظات كرد على مطالب قيادة الانقلاب بعدم الاقتراب من مقرات المؤسسات الحكومية، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا لهذه المطالب، ويؤكد الإصرار على المضي قدما في الاحتجاجات.
***
حمل النعوش في مظاهرات يعني الرغبة بل العزم على الشهادة، وتلقي الرصاص بالصدور العامرة بالإيمان، وعدم الخوف من تهديدات قوات الأمن ورصاصها الحي، فماذا يمكن ان تفعل هذه القوات في مواجهة اناس يتطلعون الى الموت، الخلد حسب صرخاتهم المدوية؟
تخطئ المؤسسة الأمنية وقياداتها، مثلما تخطئ المؤسسة العسكرية التي قامت بالانقلاب الأخير، اذا اعتقدنا انهما تستطيعان تحقيق الشرعية فوق جثث الشهداء، فالشرعية تتحقق عبر صناديق الاقتراع، والانتخاب الديمقراطي الحر والنزيه.
سقوط الشهداء برصاص قوات الأمن في مجزرة ميدان رابعة العدوية الحي، لم يرهب المعتصمين ويفت من عضدهم، بل زادهم اصرارا على المضي قدما في الاعتصام وباعداد اكبر، وما مظاهرة النعوش مساء اليوم إلا المثل الأبرز على هذا التصعيد.
الرئيس محمد مرسي اعترف بأخطائه، وندم على إصدار الإعلان الدستوري الذي وضع كل الصلاحيات في يده، وأعرب عن استعداده للتراجع عن الدستور وسياسات الإقصاء، ولكن هذا الاعتراف جاء متأخرا، وفي محاولة يائسة لمنع الانقلاب العسكري، ومن المفترض ان يتعلم الحاكم العسكري لمصر من هذه التجربة وان يتجنب الوقوع في الخطأ نفسه، وإجراء مراجعة شاملة ومعمقة لكل أخطائه، وعلى وجه السرعة، قبل ان تغرق البلاد في حمامات الدم والحرب الأهلية بالتالي.
الخطيئة الكبرى التي ارتكبها المجلس العسكري المصري تتمثل في الانحياز الى طرف ضد آخر في المعادلة السياسية المصرية، والتعامل مع الاسلاميين، والاخوان بالدرجة الاولى، كأعداء وخطر على الامة، يجب الاطاحة بحكمهم، وتجريمهم، وازالتهم بالقوة من الخريطة السياسية المصرية، وبصورة اكثر شراسة من نظام الرئيس حسني مبارك المخلوع.
الجيش المصري تصرف دائما وكأنه دولة داخل الدولة، له مؤسساته وهياكله الاقتصادية المستقلة، وهذا يفسر سر اتفاقه غير المعلن مع النظام السابق الذي استمر ثلاثين عاما، ولكن الثورة المصرية جبّت كل ما قبلها، او من المفترض حدوث ذلك، ويسجل للرئيس مرسي انه حاول الحفاظ على هذه الوضعية حرصا على المؤسسة العسكرية وحفاظا على صورتها الناصعة في اذهان المصريين ولكن هذه الخطوة لم تشفع له، ووجد نفسه خلف المعتقل مكافأة له على هذا الموقف.
***
جون كيري وزير خارجية امريكا زعيمة "العالم الحر" ابدى قلقه من تدهور الاوضاع في مصر، وهذا القلق ليس بسبب خوفه على الشعب المصري وامنه واقتصاده، وانما على اسرائيل وامن مستوطنيها، ولو كان يمثل دولة تدعم الديمقراطية والحريات، مثلما تدعي، لسمى الانقلاب انقلابا ولتصرف مثل الاتحاد الافريقي "المتخلف" حديث العهد بالديمقراطية، الذي لم يتردد لحظة في القول ان ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري على رئيس منتخب، وبادر اي الاتحاد الافريقي الى تجميد عضوية مصر فيه.
انه النفاق الامريكي الذي نعرفه جيدا، وخبرناه دمارا وقتلا (مليون شهيد) في العراق وحده، يتجلى في ابشع صوره في مصر حاليا.
نحن مع الحفاظ على المؤسسة العسكرية المصرية، وضد اي انقسام فيهان لانها درع لمصر والامة العربية باسرها، ولكننا لسنا مع تدخلها في الحياة السياسية المصرية، وانحيازها الى طرف ضد آخر، والعودة بالبلاد الى نظام مبارك الذي لفظه الشعب.
نحن مع الحوار، والحل السلمي السياسي الحتمي للخروج من هذه الازمة، ولكن هذا الحوار لا يمكن ان ينجح في ظل عملية الاقصاء الحالية للاسلاميين وانصار الشرعية، وفي ظل بقاء الرئيس مرسي خلف القضبان بتهم ملفقة.
الحوار لا يمكن ان ينجح، ويعطي ثماره الايجابية، في ظل تواجد الدبابات في الشوارع، والطائرات العمودية تحوم فوق رؤوس المعتصمين المسالمين العزل.
لا حل سياسي بدون الاسلاميين ولا حوار مثمر بلغة الرصاص الحي، ولا مصالحة حقيقية والرئيس المنتخب خلف القضبان.