الحاكمية بالشغادر ..شاهد حيّ على فساد الماضي
بقلم/ جريدة مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 13 يوماً
الإثنين 09 سبتمبر-أيلول 2013 04:20 م
حجة/ علي حسن:
منطقة الحكامية - مديرية الشغادرة بمحافظة حجة - تعيش مرحلة ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وشاهد حيّ على الفساد طوال السنوات الماضية، وكذا الحرمان من أبسط الخدمات الأساسية.. القاهرة زارت المنطقة وخرجت بالحصيلة التالية:
بعد مرور أكثر من خمسين عامًا على قيام الجمهورية لا يزال للحمار دور تفرضه المعاناة، وللمرأة مهمة شاقة تقتضيها المصلحة، فهما من يعول عليهما البحث عن الحياة وتوفير خدمة المياه من غياهب آبار نضبت مياهها وأصبحت هيكلًا بلا فائدة.
في منطقة الحكامية - إحدى مناطق عزل الشغادرة - يعيش المواطن حياة بدائية، يحيط به البؤس والحرمان نتيجة انعدام خدمة المياه وارتفاع تكاليف نقلها من أماكن بعيدة.
المنطقة بها بعض الآبار البدائية، ليس للدولة في حفرها نصيب، فالجمعيات الخيرية كانت أكثر اهتمامًا بحياة المواطن في هذه المنطقة من السلطة المحلية.
المياه في منقطة الحكامية بمديرية الشغادرة وإن توفرت في مواسم الأمطار إلا أنها لا تصلح لأي استخدام، فضلًا عن أنها تُستخدم شربًا للآدميين، لكنهم يشربون ولا يخافون، فقسوة المعاناة عندهم في الحاضر أشد فتكًا بهم من توقعات الألم في المستقبل.
لا يعرف الناس في هذه المناطق من دور السلطة في المديرية سوى لافتة كُتِب عليها: "تم استكمال مشروع المياه"، على قارعة الطريق.. وهو ما يؤكد مستوى الفساد الذي عشعش على قيادة السلطة المحلية في المديرية، وعمّق المعاناة التي يكابدها المواطن منذ عشرات السنين.
المواطنون في المنطقة يقولون إن مشروع المياه المتواضع الذي كلّف الملايين، والذي يفترض أن يُغطي سكان المنطقة لم يستفد منه سوى ما نسبته 5%من إجمالي عدد السكان.
وهي استفادة بصورتها التقليدية للحمار والمرأة جهد كبير في رسم ملامحها ومعالمها.. فإلى متى تستمر معاناة المواطن في هذه المناطق وحرمانه من حق العيش الكريم.. سؤال يضع السلطة تحت المساءلة المستمرة.
الطرق.. والعصر الحجري:
الطريق شريان الحياة ووسيلة التواصل الاجتماعي، وبتعثرها تغيب المصالح ويصبح المواطن معزولًا عن الآخرين، إضافة إلى الأعباء والتكاليف التي يتحمّلها خلال خروجه من منطقته أو عودته إليها.
أبناء منطقة الحكامية بمديرية الشغادرة يعانون من تدهور حاد للطرق وتلفها، بل وعدم وجودها سوى أن هناك آثارًا لطريق تم مسحها يومًا ما، حيث يستخدم الأهالي المرأة والحمير والإبل لنقل الماء والأغراض المنزلية وغير ذلك.
ويتهم الأهالي السلطة المحلية بالمديرية بالإهمال المتعمّد لهم وإهمال المنطقة من الخدمات الأساسية، وعدم مسح الطرق التي خربت جراء السيول لعدة مرات دون أن تقوم السلطات المحلية بدورها ومسح الطرقات التي تعتبر شريانًا رئيسًا لتغذية المنطقة بالخدمات الأساسية والضرورية.
كما يؤكد الأهالي أن الطرق لا تستطيع الحمير أن تمر منها بسبب وعورتها وخرابها، كما أن الزائر لتلك المنطقة يرى أنها خارج إطار الجمهورية اليمنية وليست في عهد الثورة اليمنية.
منذ السبعينيات وحالة الطريق الوعر في المنطقة تزداد وعورة وصعوبة؛ نظرًا لإهمال السلطة المحلية، فعلى الرغم أن طريق المنطقة يربط مديرية الشغادرة بالمديريات المجاورة من جهة الشمال، ويمتد إلى مناطق حدودية لكنه لم يحظ بأي اهتمام ليتجرع المواطن بمفرده وعورة الطريق وبُعد المسافات الشاقة.
قبل سنوات قال الأهالي: إنهم التزموا بتوفير مساهمتهم في عملية رص هذا الطريق بعد وصول الصندوق الاجتماعي للتنمية، لكنهم ما إن استكملوا تجميع المساهمة حتى غاب صندوق الأهالي، وناشدوا صندوق التنمية بالمحافظة البدء في تنفيذ مشروع رص الطريق كون مساهمتهم متوافرة، ولكن دون جدوى.
وعلى امتداد هذا الطرق يحتشد المواطنون المحرومون ليحكوا معاناتهم، ويرفعوا إلى الجهات المختصة مطالبهم التي يتطلعون إليها.
طرق وعرة جرفتها السيول وقضى على صلاحيتها الإهمال تعتبر شاهدًا حيًّا على معاناة المواطن، وتفرض على حكومة الوفاق إيلاء الخدمات الإنسانية جل الاهتمام والرعاية، خاصة تلك المناطق التي لم تنعم بخيرات الثورة والجمهورية.
يقول عبدالكريم الحكمي - أحد مشائخ المنطقة - توجد قطعة وشيول في المجلس المحلي ومع عضو مجلس النواب، لكن لم يشفع لأصحاب المنطقة تدهور طرقهم لمسحها لهم بتلك الأدوات.
ويضيف الحكمي: هناك طرق، مثل: طريق الحكامية وطرق البجالية والمزاوطة وبني سراع وجبل عقاعق والحواصلة، غير موجودة تمامًا، وإن وجدت فهي مقطعة بالسيول وموجودة منذ 30 سنة لم يتم مسحها نهائيَّا.
التعليم.. يعانق الأمية:
يعيش أبناء منطقة الرحى بالحكامية، الواقعة على حدود مديرية بني قيس، حياة الأمية الحقيقية الموروثة عن آبائهم وأجدادهم، فالتعليم لا يمثّل لهم أولوية طالما والسلطة المحلية - بحسب تعبيرهم - لم تجعله في سلّم الأولويات.
على بعد مسافة كبيرة من منطقة الرحى بُنيت مدرسة لم يراعَ في موقعها - كما يبدو - مصلحة الطالب، إذ أن بُعد المسافة وصغر سن الطالب لا يشجع على القضاء على كارثة الأمية بقدر ما يُعزّز من انتشارها، فالطفل "عواد" مثلًا يُعد أحد أطفال المنطقة لم ينجُ من تهديد شبح الأمية، حتى وإن حمل على صدره شعار اليمن الجديد.
وليست منطقة الرحى المحرومة من التعليم إلا أنموذجًا لمناطق أخرى حُرمت من الحصول على المبنى المدرسي لولا تبرع أحد المغتربين بثلاثة فصول بدائية لإجراء العمل فيها، يعتقد أنها تستوعب أبناءهم تعليميًّا.
واقع مؤلم يحكي قصة مأساة مريرة تفرض على الجهات المختصة إعادة النظر في التعامل مع متطلبات هؤلاء المحرومين ومنحهم الحق في التعليم كغيرهم من اليمنيين، خاصة بعد مشاركتهم الفاعلة في إنجاح ثورة التغيير وتلطّعهم لملامح اليمن الجديد.
الكهرباء.. الحرمان سيد الموقف: 
تستوقفك كل لحظة مشاهد الفساد على امتداد طريقك عند زيارتك لمنطقة الحكامية التي يقطنها أكثر من 1000 أسرة عندما ينقلون معاناتهم بمشاهد تكشف منهجية نظام تفنن في تبديد المال العام وتسخيره لمصالح حزبية ضيقة، حيث وضعت للمنطقة أعمدة كهربائية قبل عشر سنوات، وبالتحديد في 2003م من أجل ضمان أصواتهم لصالح المؤتمر الشعبي العام، وبغرض الدعاية الانتخابية، وعلى مقربة منها محولات تالفة فقدت صلاحيتها بحصول المرشح على نتيجة الفوز في مجلس النواب.
هذه المنطقة القريبة من مركز المحافظة تعانق الحرمان ويستخدم أهاليها الفانوس، فيما قلة مَن يعتمدون على مولدات كهربائية صينية يستخدمونها متى وُجِدت لديهم سيولة لتمويل الماطور بالبترول والزيت، ويتركونها أوقاتًا أخرى بسبب الوضع المادي المزري لأبناء تلك المنطقة.
الصحة.. هيكل بلا روح:
وإذا كانت المنطقة محرومة من خدمة الكهرباء، فهي من خدمة الصحة أكثر حرمانًا إذ أنه لا توجد فيها سوى وحدة صحية تمثّل هيكلًا بلا روح لا يحصل المواطن فيها على أبسط متطلبات الصحة.
معاناة المواطنين في هذه المناطق وحرمانهم من مختلف الخدمات الإنسانية طيلة السنوات الماضية أنموذج للمعاناة التي يتجرعها المواطن في مختلف مديريات المحافظة، وشاهد على فساد نظام بائد بدد الثروة وأهدر المال العام واستهان بكرامة الإنسان اليمني.