مع الرئيس .. ما كل مرّة تسلم الجرّة !!
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 30 يوماً
الجمعة 21 سبتمبر-أيلول 2007 03:03 ص

مأرب برس - خاص

العالم كله يدق ناقوس الخطر .. فكيف يسمعها الرئيس معزوفة انتصار ؟! أجراس الإنذار تدق بقوة .. فكيف تستحيل عنده إلى أنشودة فوز وسيمفونية نجاح ؟! هناك إجماع عالمي على أننا دولة فاشلة ، عقلاء العالم وأغبياءه يقولون أنها على وشك الانهيار ، الداخل والخارج لديهم قناعة مشتركة بأن الأمور في اليمن السعيد قد خرجت عن السيطرة .. فكيف تراها يا صاحب الفخامة شهادات على حسن الجودة والسيرة والسلوك ؟ وكيف علينا أن نجاريك بالقول بأن اليمن تعيش نعمة الحكم الصالح في ظل الرئيس الصالح؟!

الأرض تغلي في كل شبر لا يعدم أن يمر عليه مواطن جائع .. وكل مواطنيك جوعى ، وكلهم دون حد الكفاف ، وسيادتك ما انفكيت عن قولك احمدوني على النعمة واشكروني أزدكم !

 الناس جوعى يا صاحب الفخامة .. وأنت تقولهؤلاءجاحدون منكرون للنعمة !، الناس على وشك أن يخرجوا شاهري سيوفهم ، وقد علموا أنه لم يعد يجدي الانتظار وأن لا بد مما ليس منه بد .. وأنت تقول سحابة صيف وزوبعة في فنجان ! وتتحدث عن الأمن والأمان وشعبك الذي يمحضك الحب والولاء ! لم الحب وعلام الولاء ؟ أرجوك أن تسأل نفسك ولو لمرة واحدة هذا السؤال ؟ لعل التأمل في الإجابة يجلب لنا شيئا من الرحمة ، الناس يقولون أن الثورة لم تحقق أهدافها .. وأن الوحدة لم تلبي طموحاتهم .. ولو كنت قريبا منهم لسمعتهم يترحمون على الإمام ، ولسمعت الجنوبيين غاضبين على البيض لم زج بهم في وحدة غير متكافئة؟

 سياساتك أوصلت الجميع إلى هذه القناعة وهناك طوابير متزايدة من المطالبين بثورة جديدة ووحدة عادلة ، فما الذي ستغنيه ملصقاتك التي كتب عليها" انتخبوني إن أردتم الحفاظ على الثورة والوحدة " إن كانت أعلام جمهورية اليمن الديمقراطية ترفع بعواصم المحافظات الجنوبية وهي التي كانت تعيش الوحدة حلما جميل وغاية نبيلة قبل عقود من تحقيقها ؟!!

الشعب يعيش حالة مجاعة غير معلنة ..والناس جاهزون للثورة تحت أي راية .. أكانت بيد شحتور أبين أو حوثي صعدة، وهم مستعدون للتضحية إن في نضال سلمي يواجهون فيه الرصاص بصدور عارية ، وإن بانتفاضة مسلحة يقارعون فيها السلاح بالسلاح فيقتلون ويقتلون !!

سيدي دعنا نذكرك أن وصفة "هيئة مكافحة الفساد" اعتراف صريح ونهائي منك بأن اليمن الديمقراطي الموحد لم يتحقق حسب ما اتفق عليه الأطراف و بناء على ما أراده المتحدون !

" لا ترموا بيوت الناس بالحجارة وبيوتكم من زجاج " وردت في خطابك قبل أيام ولطالما تكررت حتى مللناها ما الذي تريده من العبارة ؟ وما المقصود منها؟ هل علينا أن نفهم منها أن المعارضين ومن يوجهون إليك النقد والتهمة بالفساد كلهم مشتركون بالفساد ؟ وحين أشركتهم في الفساد ومنحتهم ما ليس لهم بحق .. هل كنت تنتظر اليوم الذي ستقول لهم فيه من كان منكم نزيها فليرمني بحجر؟ وهل هذا المنطق يجري على الواحد وعشرين مليونا من أبناء هذا الوطن ؟ هل تعتقد انك بهذا قدمت براءة ذمة .. وهل هذا نظام دولة الوحدة التي اتفقت مع البيض عليه؟!

يا رئيس اليمن الموحد .. لماذا تصم أذنيك أمام كل دعوة للإصلاح مهما كانت متواضعة ؟ ولماذا هذا التمنع والاستعصاء على التغيير ؟ بماذا تخوفنا ولماذا علينا أن نخشاك .. نحن نعلم أنك لا تأوي إلى ركن شديد من المؤسساتية العسكرية والأمنية ؟ الفساد الذي ينخر مؤسسة الجيش جعلها محرومة العدد والعدة .. فاقدة الحماس معدومة الجاهزية ، الفقر والجوع الذي يعانيه أبناء الجيش والأمن جعلهم ينتظرون لحظة الخلاص كسائر الناس سواء بسواء وماهم إلا رجال من قومهم.

 لم علينا أن نخشاك وأنت لا تركن إلى بنية اقتصادية ضخمة وانجازات عملاقة تجعل الناس وقوى المجتمع وقياداته يخافون من القادم الأسوأ وأن يكونوا ممن بطروا النعمة ، لكن لم يعد لديهم ما يخافون عليه ولسان حالهم " أنا الغريق فما خوفي من البلل" .

لا اعتقد انك تعول على رصيد كبير لك لدى قطاع واسع في الداخل كما قلت ذات خطاب في إحدى مهرجاناتك قبل عام ، لأسباب كثيرة معظمها ليست معقولة كنت مشغولا خلال العشر السنوات الأخيرة بكيفية إضعاف الحلفاء وكيف يتسنى إقصاء أولئك الذين طالما حسبوا أنفسهم شركاء لك ، في عملية ممنهجة لم تكاد تستثني أحد .

لا أعتقد أيضا أنك تعول على احتياطات ضخمة من العلاقات والمواقف الخارجية ، نحن بحمد الله الأهون والأقل شأناً بين شعوب الأرض ، تلك حقيقة نلمسها ما إن نضع أقدامنا على مدرجات مطارات العالم ودوله ، ونحن الضيف غير المرغوب فيه أينما حط بنا الترحال!

لا جدال بأن لا أصدقاء حقيقيين لنظامك وباستثناء رئيس الصومال وربما أثيوبيا.. فليس هناك شركاء صادقون، وما ثمة مواقف ومصالح تستدعي رد الجميل من الجار القريب ودعك من البعيد خذ مثلا مستقبل علاقتك مع دول الخليج ، كل ما لديك لتقدمه لدول التعاون الخليجي هو تخويفهم من القادم المجهول في حال انهار نظامك حين يكون المقعد شاغرا لشبكات الإرهاب وتجار المخدرات .. وتظن أن ذلك سيشفع لك لتكن سابع سبعة في مجلسهم الموقر في حين لا تزال تجربة مجلس التعاون العربي مع "صدام" وما تلاها حاضرة في الشعور واللا شعور لديهم شعوب وحكومات !

ويعود السؤال مجددا لم تبدي كل هذا التمنع إزاء دعوات الإصلاح والتغيير، ولم أنت على غير عادتك لم تعد تبدي أي قدر من الانحناء أمام العاصفة ؟ وعلام تراهن ؟

سمعناك تقول أن لا خوف من هذه الزوبعة ، وان تعليق قرار إيقاف خدمة الدفاع كان حلا لمشكلة البطالة، وليس استعدادا للمواجهة أو شعورا بأن ساعة الصفر قد أزفت ، قلت أيضا .." لطالما واجهنا الكثير من المحن والصعاب" اكبر بكثير من زوبعة المتقاعدين والعاطلين وحاملي دبب الماء وقرص الخبز الذي يشبع منه اليمني يوما ويجوع ايام!!

أنت إذاً تعول على الحظ .. وعلى طوق النجاة الذي اعتدت أن يأتيك من حيث لا تحتسب في كل مرة ضاقت عليك اليمن بما رحبت وبلغت القلوب الحناجر وظننت فيها أن عليك أن تحزم حقائب السفر !! لكن سرعان ما تكسب الجولة بغير عناء .. وبغير تدبير منك ولا قوة !

هذا ما تراهن عليه ومع معاونيك تذهبون بعيدا في الأمنية ، سننتصر كالعادة حتى وإن تمرد الشمال وانتفض الوسط وثار الجنوب فالفوز حليفنا برغم دعاوي الانفصال ودعاة النظام البائد وعند العوبلي الخبر اليقين !!.

ما كل مرة تسلم الجرة .. أنا على يقين آن هذا ما ستتذكره مع معاونيك لكن بعد فوات الأوان وحين لا تنفع الذكرى ! .

tawkkol@yahoo.com