أزمة المشجعات في المملكة
بقلم/ تغريد العلكمي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 23 يوماً
الجمعة 28 سبتمبر-أيلول 2007 09:51 م

أيد 45% من المهتمين بالرياضة في السعودية فكرة تخصيص مدرجات خاصة بالنساء في الملاعب السعودية تكون مجهزة بأفضل الإمكانات التي تحفظ للمرأة خصوصيتها، وتتماشى مع عقيدتنا الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا المميزة.

وفي المقابل عارض 49% من عينة أول استفتاء من نوعه أجرته "الوطن" الفكرة, فيما طالبت النسبة الباقية (6%) بتخصيص مدرجات عائلية أسوة بالمدن الترفيهية.

وشارك في الاستفتاء أكثر من 300 شخص من الجنسين، تراوحت فئاتهم العمرية ما بين 17 - 65 سنة على اختلاف درجاتهم العلمية، مع الأخذ في الاعتبار اختيار أماكن توزيع الاستفتاء بدقة كالجامعات والشركات والبنوك وبعض الدوائر الحكومية والمقاهي والأسواق والأندية الرياضية، بما يضمن بدرجة كبيرة شمولية الطرح، ومحاولة معرفة وجهة نظر غالبية الشرائح الفكرية المكونة للمجتمع السعودي.

وذهب مؤيدو الفكرة إلى أن متابعة كرة القدم لم تعد حكراً على الرجال، ومن المهم أن نعترف بأن الج مهور النسائي في تزايد ملحوظ ولاسيما في المشاركات الخارجية للمنتخب والأندية السعودية، وتسجيل ظاهرة خروج المرأة للتعبير عن الفرح في حالة الفوز أكبر دليل على ذلك.

وحتى يكون الاستفتاء مجسدا للواقع الفعلي، كان لابد من وضع ضوابط مقترحة وخطوط حمراء لهذا النوع من المدرجات، كأن تكون مغطاة بعوازل زجاجية ذات خاصية عاكسة بحيث تسمح بالمشاهدة من جهة واحدة فقط هي داخل المدرجات دون السماح لمن هم خارج المدرجات بمشاهدة المتواجدات بالداخل، مع تخصيص مداخل ومخارج خاصة بالنساء، بما يضمن الخصوصية والفصل المطلوب لإنجاح الفكرة.

45% أيدوا الفكرة

وقد أظهرت نتيجة الاستفتاء نسبة كبيرة من المؤيدين فاقت الـ 45 % بينما عارض الفكرة 49 % من العدد الكلي للمشاركين في الاستفتاء. أما نسبة 6 % فقد طالبوا بتخصيص مدرجات عائلية شأنها شأن المدن الترفيهية الموجودة في شتى أرجاء الوطن.

ومن أهم الأسباب التي ذكرها المؤيدون لفكرة تخصيص المدرجات النسائية أن شريحة كبيرة من النساء في الوقت الحالي أصبحن يمتلكن طاقات كبيرة نتيجة الانفتاح الكبير للمجتمع السعودي، وهذه الطاقات والإمكانات لابد من توجيهها بشكل صحيح، حتى لا تؤدي بهن إلى الانحراف أو الانخراط في دعوات تحرير المرأة المنطلقة ممن هم خارج المجتمع السعودي، وكل همهم إظهار المرأة السعودية ذات الجوهر النفيس بشكل لا يليق بها أبداً.

وطنية وحماس

كما أن المرأة السعودية لديها الوطنية والحماس الذي تستطيع من خلاله المشاركة بكل فعالية وإتمام دورها الكبير في الدفاع عن مثالية وتميز المجتمع السعودي. كذلك فإن تخصيص مدرجات خاصة بالنساء في الملاعب السعودية سيساعد بشكل كبير في القضاء على ظاهرة التجمعات النسائية في الأسواق والمقاهي لمشاهدة مباريات كرة القدم.

وأكد البعض أن التخصيص بهذا الشكل سيكون أفضل من الظهور بصورة قد تسيء للمرأة السعودية، كما حصل من فئة معينة أثناء مشاركات المنتخب السعودي في كأس أمم آسيا الأخيرة في إندونيسيا.

وعلى الجانب الآخر تعددت أسباب الرفض لدى المعارضين للفكرة حيث رأى البعض أنه ربما كان من المعيب على مجتمعنا السعودي الاعتراف بوجود نسبة تشجيع من الجنس اللطيف لكرة القدم وصلت إلى حدود الظاهرة، وعليه فإنه ليس من المنطقي التفكير في حل ما لم يتم الاعتراف بالمشكلة.

كما رأى البعض الآخر أنه ليس من حق المرأة بأي حال من الأحوال متابعة كرة القدم، وذلك الأمر مرفوض تماماً في مجتمعنا السعودي، ولابد من التفكير في حل جذري لإخفاء الظاهرة، بدلاً من حل يؤدي إلى تفاقمها بشكل أكبر.

آراء رافضة

وعلل البعض رفضه بأن اهتمام النساء السعوديات بكرة القدم لا يمت أبدا إلى تلك الرياضة بل بقصد متابعة أخبار لاعب معين والتعمق في حياته الشخصية لأغراض خاصة أن ذلك يعد بداية للانحلال الأخلاقي لدى المتتبعات كما أن التخصيص يعتبر من أكبر أسباب إفشاء المجاهرة بالمعاصي ودعاوى الفسق.

وبنى البعض رفضه للفكرة على كون اللاعب لا يمكنه أن يضمن عدم كشف عورته في حالة سقوطه على أرض الملعب، مما يفتح بابا لإثارة المرأة عاطفياً في حالة كشف عورات اللاعبين، ذاهبين إلى أن ذلك التخصيص سيكون مدعاة علنية للرذيلة. وشددوا على أن المرأة ليس لها دور خارج المنزل ودورها الوحيد والحقيقي هو إدارة شؤون البيت وانتظار عودة الزوج فقط لا غير.

وعزا آخرون رفضهم لفكرة التخصيص للعقلية الاجتماعية لبعض فئات الشباب السعودي من قلة الوعي في الانسجام والتعامل مع العنصر النسائي بشكل عام. وأكد البعض أن التغطيات المتكاملة للقنوات الفضائية الرياضية هي الحل المناسب بدلاً من التفكير في تخصيص مدرجات نسائية وأن الفكرة مخالفة للدين والعرف والمجتمع السعودي غير مهيأ لاتخاذ مثل هذا القرار.

أما أكثر الآراء الرافضة للفكرة تسامحا فقد أوضحت أن التخصيص أمر صعب التطبيق مع عدم تحريم مشاهدة المرأة لمباريات كرة القدم ولكن في بيتها, وأن دور المرأة الأكبر هو رعاية زوجها وأطفالها وقيامها بإدارة شؤون بيتها دون أن نحرمها من حقها في ممارسة هواياتها المختلفة ولكن داخل منزلها وخوفاً من أن يستخدم هذا الأمر ذريعة لأهل المقاصد السيئة للترويج للرذيلة وذلك بالمطالبة بكشف الحجاب وخلافه أو طلب ممارسة كرة القدم من قبل فرق نسائية فيما بعد.

وشاح أزرق

تقول إيمان عسيري (طالبة ثانوية) إنها ترحب بحماس بفكرة تشجيع الفتيات للأندية الرياضية، وخروجهن للتشجيع بما لا يخالف الدين أو العادات والتقاليد، مشيرة إلى أن ناديها المفضل هو الهلال، وحينما يفوز في مباراة معينة تلبس الوشاح الأزرق، وتقوم بالرسم على يديها بذات اللون في اليوم التالي بالمدرسة، وحينما يخسر لا تذهب للمدرسة، لأن ذلك سيكون محل مضايقتها من قبل صديقاتها اللائي يشجعن الفرق الأخرى.

وعن تقبلها لفكرة الخروج للتشجيع من مدرجات الملاعب تقول إيمان إنها تتمنى ذلك، لتكون أقرب من الأحداث، وأكثر تفاعلا معها، وأكثر تأثيرا عليها، أو تأثرا بها، لكنها تعتقد أن ذلك مستحيل في ظل عدم وجود الثقة الكاملة في المرأة لتعبر عن مشاعرها بالطريقة التي تختارها هي.

وتخالفها الرأي هدى القحطاني (طالبة بجامعة الملك خالد) حيث تقول إنها غير مؤيدة لهذه الفكرة على الإطلاق، بل وتعتبر ذلك من التفاهة، وتضييع الوقت فيما لا ينفع.

طبيعة المرأة

وحول تشجيع الفتاه للرياضة من منزلها تقول "الفتاة حينما يكون لديها جزء من الميول الرياضية فإن ذلك مؤشر إيجابي، ولكن عليها استغلال هذه الميول بتسخيرها بما يعود عليها بالنفع والفائدة "، مشيرة إلى أن وجود أنواع متنوعة من الرياضة، يجعل هنالك مساحة كافية لاختيار رياضة معينة، تتواءم وطبيعة المرأة الأنثوية.

وتقول مهرة عبد الله علي (معلمة مرحلة متوسطة) إنه من خلال واقع الطالبات اللائي تلتقي بهن في المدرسة، تلحظ تعصب الكثيرات لنواد معينة، وللاعبين معينين، والتعبير عن مظاهر التشجيع التي تظهر في المدرجات، بالمدرسة، وذلك بارتداء ألوان الفرق أو النوادي المفضلة، والغياب عند خسارة فرق معينة، وكتابة الأحرف الأولى من أسماء اللاعبين على الطاولات، وأغلفة الكتب، وعلى اليدين، ونظام "الشللية" الذي بدأ يستشري فيهن بشكل كبير، تبعا للميول الرياضية بطبيعة الحال.

الخروج عن الروتين

وعن رؤيتها هي للتشجيع تضيف مهرة أن المرأة بشكل عام عاطفية، وتندفع بشدة خلف أي أمر يخرجها من دوامة الروتين والملل، أو التبعية، وذوبان الشخصية، لاسيما الفتيات المراهقات، أو اللائي يعانين من ظروف نفسية، أو ضغوط معينة، فيجدن في التشجيع، ومتابعة لاعبي الكرة، هروبا من واقع اجتماعي معين، أو ضغط نفسي، وخلافه.

وتضيف مهرة أنها لا تمانع فكرة التشجيع من حيث المبدأ، ولكنها ترفض العبثية في ذلك، أو الخروج من المنزل، أو التوشح بوشاح الفريق المفضل، إلا إذا كان المنتخب بطبيعة الحال، ولابد أن يكون ذلك وفقا لضوابط معينة، وفي أطر يحددها الدين والعقل، والعادات والتقاليد الإيجابية على وجه العموم.

هناك أولويات

وتقول نوال خالد (طالبة ثانوي) "بدلا من أن نطالب بحضور المباريات، الأولى أن نطالب بقيادة السيارة، فأنا لا أعتبر حضور المباريات مطلبا أساسيا وضروريا بالوقت الحالي، هناك أولويات وحضور المباريات من الكماليات، هناك سلبيات كثيرة أهمها قلة الوعي الثقافي".

وتضيف أم عبدالله منذر (موظفة بنك) "لابد من وجود مدرجات خاصة وحماية مشددة من قبل رجال الأمن، فإذا لم نكن نسلم من المضايقات في الأسواق فما بالك بالمباريات؟ وإن طبقت هذه الفكرة فأرى أن كل فتاة مسؤولة عن سلوكها، ويجب على الحاضرات الاحتشام في الزي، وعدم وضع الألوان وما هو لافت إلا عند دخول المدرجات النسائية".

الرياضة للجميع

أما نوف فهد (إدارية بمستشفى بالخبر) فتقول "أنا مع التجديد، ولا أجد أي مانع من حضور المباريات، فكما للرجال رغبة في التسلية والتشجيع والتنفيس عن ضغوط الحياة، للمرأة نفس الرغبة،..وسوف يكون ذلك فرصة لحضور المرأة المباراة مع أولادها، مما يزيد من ثقافتهم الرياضية، ويحثهم على التنفيس عن طاقاتهم بشكل صحيح، فالرياضة للجميع".

وتستغرب مها فقيه (مديرة مشاريع بشركة الحمراني) ما حدث ذات مرة حينما عطلت طفلة عمرها 12 عاما مباراة في إطار بطولة كأس الأمير فيصل بن فهد بمنطقة الأحساء، وذلك لجلوسها في المدرجات. واعتبرت ما حدث تعسفا، وترى مها أن كرة القدم رياضة عامة، ومن حق الفتاة التشجيع كالشاب، ومن حقها أيضا أن تمارسها لا أن تشجعها فقط.

أما أختها منى فقيه (موظفة بشركة تأمين) فترفض الفكرة تماما، وترى أن كرة القدم رياضة رجالية بحتة، ولا علاقة للأنثى بها تماما، فهي رياضة خشنة، ولا ترى ضرورة للسماح للمرأة بحضورها، وترى أنه من الأفضل المطالبة بما يفيدها، لا بما يحسب عليها ولا يزيدها شيئا.

حارسات أمن

أم غسان فقيه تقول "لو لي ابن لاعب كرة لحضرت له المباراة، ولكن الحق يقال سأخاف على بناتي إن حضرن مباريات أخرى، ولا أقبل ذلك بسهولة، إلا إذا كان هناك تأمين مشدد وحماية لهن. وأقترح توظيف سيدات أمن في المباريات للحد من البطالة في نفس الوقت..فتعم الفائدة على الجميع".

وتعلق سارة راشد (طالبة جامعية) "قرأت ذات مرة أن هناك مشجعتين متعصبتين لأحد النوادي تطالبان برابطة للتشجيع الكروي للسيدات، وضحكت كثيرا، فهل أصبح ما يشغلنا الآن إنشاء رابطات كروية نسائيه؟"، مشيرة إلى أنها لا تمانع من حضور المباريات مع وجود حواجز آمنة من الرجال كالأسوار العالية، وألا تظهر المرأة للرجال لحمايتها ليس أكثر.

الممنوع مرغوب

وتقول تغريد الناصر(مدرسة ثانوي) "ليس هناك فرق بين حضور المرأة للمباريات الرياضية وعدم حضورها، فأغلب رجالنا يشاهدون المباريات بالمنزل، ولا يذهبون للإستاد الرياضي للتشجيع؟، وكل ما هو ممنوع مرغوب، فإن كان بعض النساء يطالبن بذلك فلأنه ممنوع فقط؟".