نجوم الكرة اليمنية في الهند (2)
بقلم/ د.عبدالمنعم الشيباني
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
السبت 24 مايو 2008 02:05 م

مأرب برس – خاص

أواصل إهداء الحلقة إلى روح الفقيد علي محسن المريسي أسطورة الكرة اليمنية في القرن العشرين ونجم الزمالك المصري في الستينيات.

أرجو أن يكون الجمهور العزيز قد استمتع بالحلقة الأولى من نجوم الكرة اليمنية في الهند (نجوم ميسور الحرير) ولا أدعي أنني كاتبٌ مشوقٌ أو قلمٌ مثيرٌ بيد أني مسكونٌ بشيطان الشعر يوجهني تارةً صوب القصي دة وتارةً صوب المقالة على إيقاع ٍ نصفه شيطانيٌ ونصفه من تعبير الإنس.

 لا بد لي فرضاً وواجباً أن أشكر الأستاذ النبيل أحمد عائض رئيس تحرير هذا المنبر الحر الذي رحب بي كاتباً على صفحات مجلته الفضائية البديعة ولولا أنني مشغولٌ بهاجس البحث وقلق الدراسة لرأى مني ابن عائض في كل أسبوعِ مقالتين من أطايب ما تقدمه مطاعم بني شيبة للزبائن ثم لا بد لي أن أشكر جمهور القراء بشقيه الوديع والمشاكس مع كل ماكتبته سواءً القصاصات الخبرية عن انجازات طلاب اليمن بالهند في صفحة "طلابنا" والحلقات التعريفية الصغيرة الخاصة بشعراء اللغة الإنجليزية أو الحلقتين السابقتين في "وحي القلم" عن الأدب اليمني النسائي ونجوم الكرة اليمنية الجزء الأول. وهذه تحية لأقلام ٍ محترمةٍ في الوسط الرياضي شاركتنا حلقتنا الأولى وشكر خاص لمداخلاتٍ لطيفةٍ ودراميةٍ محترقةٍ بلغة الدموع والحزن النبيل من الشاعر "لوركا- شاهر الله يرزقه" روى لنا المآل الحزين للكاتب الرياضي شكري عبد الحميد وآخرين من ممن آووا إلى جزر الصقيع ومدن الخريف وانتهى بهم المطاف عند أول فصلِ من رواية "يشيبون عند الفجر".

كنا في الحلقة السابقة مع نجوم اليمن في ميسور وهم قائمةٌ أوسع مما أبرزتهم الصورة، كنا مع عارف جمال ووليد الماوري وعمار علي صالح والشقيقين محمد وأحمد عبده وعماد ثابت وعمر الشرعبي وسعد السكري ومنير مطهر وأخيراً الكابتن سلطان وكنا في الشوط الأول مع مع النجم الطائر منير مطهر هداف الفريق ولم نقصد بالطبع أنه هو عينه هنري نجم منتخب فرنسا وبرشلونة بل تعمدنا رمزية الإيحاء بإمكانية النجومية وليس استحالتها إذا توافرت لها شروط التشجيع لا التثبيط والدعم والبناء لا التحطيم والتكسير والنظر الى الموهبة بدلاً من المحسوبية والشللية وإعطاء المزيد من الحرية والثقة بدلاً من الإفراط في النقد والتوبيخ، كلنا يتذكر حارس منتخب فرنسا الى مونديال كأس العالم 1998 في مرسيليا بفرنسا نفسها الحارس العملاق بارتيس الذي كان وراء تتويج بلاده بالكأس وبعد ذلك احترف بارتيس في نادي مانشيستر الإنجليزي وتحت وطأة إفراط المدرب الجديد في النقد صار بارتيس لا يقدر على صد أسهل الكرات وهو العملاق فانظروا كيف يصنع الإفراط في النقد " لماذا تسرف في لومي هكذا؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة؟ لا تنس أني بشر" قال بارتيس للمدرب.

والآن دعوني أنتقل بكم من عاصمة الحرير ميسور إلى عاصمة اللؤلؤ حيدر آباد ومن ولاية كارناتكا في الجنوب إلى ولاية آنذرا براديش في الوسط تعالوا معنا إذاً نصل الجنوب با لوسط وننتبع ضوء النجوم من كارناتكا إلى أنذرا براديش " نجوم على الأرض" ولكن كما قلنا في الحلقة الأولى "هيهات أن تراها عيونٌ تخصصت إما لقتل الموهبة أو إطفاء النجوم". تعالوا نعش لحظات مع نجوم منتخب الجالية اليمنية في حيدر آباد ممن يسطرون لليمن ملاحم خالدة بتعبير الشعب لا بتعبير الإعلام الرسمي وهنا تتجلى ملحمة النجوم في البحث والدراسة والجامعة والعلم وملحمة التألق اليماني عبر تعبير الحيوية المكملة للشخصية في ميدان الكرة كمرآة أخرى للشخصية اليمنية الناجحة في ميدان العلم. تعالوا إلى نجوم كروية يمانية من طراز جديد أزعم أنهم أقوى إعداداً وعدةً من نجوم منتخب اليمن في ميسور وفي صنعاء أيضاً وأظن أنهم ألمع نجوميةً وأقدر على الإنجاز والتهديف بل دعني أقول أنهم الافضل جاهزيةً واستعداداً والأقوى هجوماً والأطول نفساً والأعلى لياقةً والأبرز والأجمل أداءً وهم نجومٌ برازيلية ٌٌ بقمصان يمانية وبإيقاعات السامبا البرازيلية تارةً وتارةً على إيقاع البرع اليمني "يا فرح يا سلا" وهم أفضل من زملائهم في مدينة الحرير من حيث الأداء الجماعي والتعاون في الملعب وصولاً إلى هز الشباك ولستُ أخص الكابتن توفيق الشرعبي بالنجومية وحده فالصورةُ جماعيةٌ والأداء تكامليٌ والإيقاعات مشتركةٌ بدءاً من حارس المرمى إبراهيم تاج وانتهاءً برأس الحربة أحمد السباعي ولا أقول أن الكابتن علي شحرة هو النجم الأوفر في منتخب نجوم اليمن بل أقول كلهم نجومٌ وبالرغم من ذلك ربما يجوز لنا تسليط المزيد من الضوء على أداء الرائع سمير الشرعبي بما يمتلكه من طاقات كروية أكثر إدهاشاً في الملعب وأبلغ إثارةً استقطبت صيحات الجمهور على المدرجات كلما أمسك بالكرة وكلما لا مست قدماه الذهبيتان المستديرة هنا يبدأ سحر الساحر أوهنا ينقلب أداء الساحر على الجماهير هتافاً وتصفيقاً وتصديةً ومثله بدرجةٍ مختلفةٍ ربما أحمد السباعي وعلاء الغيثي وحميد الإرياني. ثم دعوني أقف قليلاً عند الحالم الصغير مراد عبدالرزاق الموهبة الكروية الواعدة القادم من نادي الرشيد بتعز. لا أظن أن وزارة الشباب والرياضة أو المسؤولين في إتحاد كرة القدم يعرفون من هو مراد عبدالرزاق لأننا لسنا في البرازيل يفتشون عن المواهب في الأزقة والحواري. هل تعلمون أن نجوم البرازيل هذه التي شغلت العالم من لدن سقراط وزيكو إلى اليوم هم من اكتشفهم الخبراء في الحواري يفتشون عن العباقرة والمواهب في كل "زغط وحارة" أما فيما تبقى من دويلات بني يعرب فيفتشون عنهم إما ليحسدوهم أو ليحطموهم أو ليعقدوهم أو ليجننوهم في أغلب الأحوال.

نجوم منتخب اليمن الشباب في حيدر آباد حقيقةٌ موجودةٌ على أرضية الملعب وليس من نسج خيال شاعر أو تكهنات هذيان وليس نشوة "تخزينة قات" أواستحقاق "عزومة لحم برياني" كما قد يظن البعض من أحبتنا المشاكسين. دعونا نرى انتصاراتنا في روح جديدة كروح سمير و السباعي والغيثي ومراد، الروح المتمردة على رتابة الخذلان العربي المهزوم في كل المحافل رسالةٌ للمتفننين والمتخصصين في قمع العبقرية اليمنية والشخصية اليمنية من الساعين إلى إطفاء جذوة انتصاراتنا.


 ومضة شعرية:-

ليت لي قصب السبق ِ في مهرجان القصيدة ِكي أتسنم وجدانها وأفوز بكأس ِ البطولة ِ في كل قافيةٍ إن لي شغفاً بالسباق وبالمونديال، وقد كنتُ يوماً من المعجبين، وقد كنتُ يوماً من المولعين، وقد كنتُ يوماً ألاحق كل البطولات ِ خلف النجوم ِ بقمصان أحلامنا العربيةِ مجتهداً بين عشقي وبين الدروس ِ، وكانوا يقولون معجزةٌ يحفظ الدرس عن ظهر قلبٍ، وهم يحفظون الهزائم كم دولةً أحبطتنا، وكم أهدر العُرب من فرص ٍ في الهواء، بطولاتنا، وفدنا للرياضةِ والقفز ِ أم جيشنا للسياحةِ والحب ِ والتمشيات، وهم هزمونا وهم أخرجونا من الضوء ِ من قبل أن تبدأ التصفياتْ.


 شاعر يمني وباحث في الأدب الإنجليزي الرواية.