مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران
حتى الأنبياء والرسل تعرضوا خلال حياتهم للإساءات والتجريح والهجاء، لا بل للسباب والشتائم أحياناً. ويكفي أن نذكر أن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لاقى الأمرّين على أيدي معارضيه الذين وصل بهم الحد إلى وصفه بـ"الساحر" ونعوت بشعة أخرى. مع ذلك تقبل المرسلون النقد بصدر رحب، ولم يلجأوا إلى محاكمة المسيئين إليهم ولا إلى تذويبهم بالأسيد، أو إخفائهم خلف الشمس.
وقد سار الحكام الديموقراطيون الذين يحترمون أنفسهم في الغرب على هدى المتسامحين في التاريخ، فهم يتقبلون كل الانتقادات وحتى الهجاء الذي يوجه إليهم في وسائل الإعلام بكل أريحية، لا بل إنهم يتعرضون أحياناً للإساءات الجسدية. فذات يوم رمى أحد الشبان رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير بكيس صغير من البودرة الملونة وهو يلقي خطاباً داخل البرلمان البريطاني. وقد شاهد الحاضرون كيف تناثرت البودرة على وجه بلير وملابسه، بحيث بدا لحظتها وكأنه مهرج. ولم يأمر بلير وقتها بتحويل الشاب إلى لحم مفروم ولا إلى الزج بعائلته القريبة والبعيدة في غياهب السجون إلى أبد الآبدين، ولا إلى حرمانه من حقوقه المدنية.
ولطالما شاهدنا المسؤولين الكبار في الغرب يتعرّضون للرشق بالبيض الفاسد والطماطم العفنة والأحذية، وحتى بمواد صلبة مؤذية جداً دون أن يتعرض المهاجمون إلى أي عقاب باستثناء الاقتياد إلى مراكز الشرطة أو الخضوع لمحاكمات مدنية لا تتجاوز العقوبة فيها أكثر من السجن لبضعة أيام أو دفع غرامة مالية بسيطة.
وقبل فترة وجيزة تعرض رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو بيرلسكوني، لهجوم بتمثال إسمنتي صغير من أحد الشبان، مما أدى إلى كسر أسنانه وأنفه وتشويه وجهه. وكلنا شاهد على شاشات التلفزيون ذلك المنظر الدموي لبيرلسكوني. وكل ما في الأمر أن والد المهاجم اعتذر عن فعلة ابنه الذي تتم مقاضاته الآن بطريقة مدنية اعتيادية، ليس لأنه هاجم رأس الدولة، بل لأن القانون الإيطالي كان سيعاقبه بنفس الطريقة حتى لو كان المعتدى عليه شخصاً عادياً.
وحتى جورج بوش الرئيس السابق لأقوى دولة في العالم تعرّض على الهواء مباشرة أمام ملايين المشاهدين في العالم للضرب بحذاء على يدي الصحفي العراقي الشهير منتظر الزيدي. وما كان من بوش سوى أنه علّق ضاحكاً بأن الحذاء الذي استهدفه كان قياسه أربعة وأربعين. وحين سئل بوش عما إذا كان يريد أن يوقع بالزيدي عقوبة من العيار الثقيل سخر من الصحفيين الذين وجهوا له السؤال، معتبراً أن فعلة رامي الحذاء فعل عادي لا يستحق صاحبها أي عقوبة. ولولا أن رئيس الوزراء العراقي وكلاب صيده انهالوا ضرباً على منتظر الزيدي لربما مرّ الحادث بشكل عادي، ولما تكسّرت أضلاع الرامي وأسنانه وتم الزج به في السجن.
أما فيما لو اشتمت كلاب الصيد العربية التي تحمي الزعماء العرب بأن مواطناً ما ألمح بشكل غير مباشر إلى استيائه من رئيس الدولة، فإنها تلفق له على الفور تهماً ما أنزل الله بها من سلطان، كأن تتهمه مثلاً بجناية النيل من هيبة الحاكم أو الدولة، أو الإساءة للوطن وغير ذلك من الاتهامات السخيفة والتافهة التي لا تنطلي حتى على المعتوهين عقلياً. وتكون العقوبة فلكية بكل المقاييس، إذا يقضي المسكين بقية حياته خلف القضبان. وحتى لو خرج من السجن سالماً بعد عشرات السنين فيقضي ما تبقى له من العمر منبوذاً. لماذا؟ لأنه تجرّأ على شخص الزعيم فقط بكلمة أو بكلمتين، أو لأنه كان حاضراً عندما انتقد أحدهم الحاكم ولم يدافع عنه. لاحظوا الفرق بين رد الأنبياء والرسل ورد الحكام العرب على منتقديهم. أيّهما أقدس بربكم البطلجية ومغتصبو السلطة في بلادنا أم الرسل والأنبياء؟ وبالمناسبة فإن بعض القوانين العربية قد تسامحك إذا شتمت الذات الإلهية أو الأنبياء، وتنزلك إلى أسفل السافلين إذا تجرأت حتى على نشر خبر عن صحة الرئيس.
والمضحك في الأمر، أن الزعماء الغربيين متسامحون جداً ويقبلون النقد وحتى الشتم والضرب وهم منتخبون ديموقراطياً. أما الزعماء العرب فهم متجبرون ولا يسمحون بأن يطالهم المواطن حتى لو بكلمة عتاب، مع العلم أن معظمهم لا يتمتع بأي شرعية كانت، فإما أنهم يحكمون بموجب انتخابات مزورة من رأسها حتى أخمص قدميها، أو باستفتاءات ملفقة نتائجها قبل إجرائها بشهور، أو من خلال بيعات ضيقة ومغلقة، أو من خلال شرعيات ثورجية أكل عليها الدهر وشرب. فما أسهل أن تسمي الانقلابات الحقيرة ثورات في عالمنا العربي البائس، ثم يحكم الانقلابيون بموجبها إلى ما شاء الله. ولا عجب في ذلك، فإن اللصوص يلجأون عادة إلى حماية مسروقاتهم بأسنانهم. بعبارة أخرى فإذا كان الحكام المنتخبون ديموقراطياً لا يستحقون الإساءة لأنهم على الأقل مختارون من الشعب، فإن الحكام غير المنتخبين لا يستحقون فقط الهجاء والتجريح، بل... أترك الخيار للقراء كي يختاروا ما يحلو لهم من وسائل.