قراصنة في الصومال رجال أعمال باليمن
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
السبت 11 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:55 م

تواجه حركة الملاحة العالمية في البحر العربي تهديدا خطيرا ممثلا بعصابات القراصنة الصوماليون في الذين صاروا يمثلون معضلة عجزت الدول الإقليمية عن حلها وصارت عملياتهم واحتجازهم للسفن تتصدر نشرات الأخبار في كل العالم. 

وقد قرأت بإعجاب تلك القصة المثيرة والرائعة والتي كتبها الصحفي من مؤسسة الأهرام المصرية أيمن السيسي ونشرت على حلقات في الأهرام الدولي وقد خاض الصحفي المصري الأهوال وتعرض للملاحقة وعاين الموت عندما غامر ليكون أول صحفي عربي يقتحم وكر القراصنة ويخرج بكم كبير من المعلومات المثيرة والحقائق الغريبة عن هؤلاء القراصنة الذين صاروا تنظيماً يزيد عدد أفراده عن 11500عضوا مجهزين بأحدث الأجهزة والزوارق البحرية.

من المعلومات الهامة التي أوردها السيسي في قصته المطولة عن القراصنة أن للقراصنة خط سير بحري من ميناء بوصاصو إلي المكلا يتم عبره تهريب أموال القراصنة وكبار التجار لتتوسع عمليات غسيل الأموال في استثمارات عديدة في حضرموت بداية من مراكب الصيد وحتى مصانع الأسماك وإلى مناطق صومالية مثل (علولا) و(بوصاصو‏) حيث يتم تهريب السلاح والزوارق البحرية ومعداتها من اليمن من خلال الحركة في ميناء المكلا أو من جزيرة عبد الكوري إلي رأس عسير وعلولا بالصومال وقد ساهم توفر السيولة المالية وبمبالغ خيالية وبأرقام مرعبة في يد القراصنة في ازدياد قدرتهم علي التنظيم فأصبحوا يمارسون قرصنتهم تحت إطار تنظيم أطلقوا عليه اسم "المؤسسة" يرأسها أشهرهم وأول من مارس القرصنة منهم (أبشر بوياح) وهو في فترة سجنه يمارس دوره الرئاسي علي مجموعات القراصنة مع حفظ نصيبه من متحصلات أي عملية وبمساعدة مسئولين في الحكومة المحلية و تستمد هذه المؤسسة قوتها من عدد الأعضاء فيها من القراصنة والذين قدرت أعدادهم المصادر بحوالي‏1500‏ قرصان وأعداد من تكالبوا من الشباب والرجال علي تقديم أنفسهم كمعاونين وحراس وخدم وسائقين ومراقبون يصل إلي حوالي‏10‏ آلاف يقومون بكل الأعمال الممكنة وغير الممكنة بداية من تنظيف أماكن الإقامة إلي جلب الماء والأغذية والعاهرات‏.‏

والمصيبة الكبرى كما يراها الصحفي أيمن السيسي: هي استفحال أمر المؤسسة وأعضائها وتنامي قوتهم بفعل المال حتى استطاعوا رشوة أعضاء البرلمان البالغ عددهم (66) بمبلغ مليون دولار وزعها عليهم عبد الرحمن فرولي لينتخبونه رئيسا للدولة‏.‏

وللتأكيد على عدم جدية السلطات في شمال الصومال في محاربة القراصنة وزعمها ضعف أجهزتها عن التصدي للقراصنة نشرت الأهرام صورة ضوئية لخطاب موقع من رئيس شمال أرض الصومال بتاريخ‏7‏ نوفمبر‏2009‏ موجه إلي الحكومة اليمنية وتحديدا إلي وزراء الداخلية والثروة السمكية والبحرية وقائد خفر السواحل يعلن فيه سحبه لموافقته السابقة والتي وردت إليهم في خطاب رسمي سابق يوافق السماح لإحدى الشركات (يونيفيش وشركاه) والتي تقدمت بمشروع لحماية سواحل شمال الصومال من القراصنة وإبعادهم عنها‏,‏ وكانت الشركة قد تقدمت بمذكرة إلي الرئيس هناك طالبة الإذن لهم بذلك للضرر الذي أصاب تجارتهم من أعمال القرصنة وذكرت الشركة أنها ستكون حراسة بحرية مسلحة‏ لذلك وأكدت أن باستطاعتها إنهاء هذه الأعمال علي السواحل الصومالية وطلبت إعلام السلطات اليمنية بذلك ضمانا لعدم التعرض لها والتعاون معها‏ وهو ما تم ثم عاد الرئيس ونكث علي عقبيه‏ والسبب في ذلك الأموال والدعم الذي تلقاه والوعود بدعم آخر مستمر وهو ما ينطبق أيضا علي وزير داخليته الذي يحمل الجنسية الأمريكية والمعروف بتورطه مع القراصنة وإمدادهم بالتمويل اللازم للعمليات من أغذية وخمر وقات وإمداد بالسلاح مقابل نسبة معينة من الفديات التي يدفعها أصحاب السفن المختطفة‏,‏ وبحكم تدخله كوسيط في بعض عمليات الإفراج في العلن فانه يعلم تماما المبلغ الذي يدفع كفدية في كل عملية وقد سافر مبعوثا من قبل فرولي إلي اليمن لسحب خطاب الموافقة وتسليم خطاب الرفض.

‏ ولا شك أن تواطؤ المسئولين في شمال الصومال مع القراصنة وعدم قدرة الحكومة اليمنية على التصدي لهم شجع عددا من القراصنة علي التحول إلي ممولين مثل علي السواح الذي مارس المهنة القذرة لعامين حتى وصلت حصيلته فيها إلي أكثر من‏9‏ ملايين دولار فانتقل من أهل الصفة الفقراء إلي خانة الأعيان في مدينته وأصبح يعيش في منزل كبير مجهز وفخم ويمتلك سفينتي صيد تجوبان المحيط لصيد السمك بين اليمن والصومال ـ طبعا في أمن واطمئنان ـ وحصيلتهما من الصيد ومن القرصنة وضعا في مصنع للأسماك في المكلا باليمن حيث يمتلك أكثر من‏60%‏ من أسهمه وإن كانت مصادر أخري تؤكد ملكيته الكاملة له وكانت آخر زيارة له للمكلاء أوائل شهر يونيو الماضي أما شقيقه سعيد والذي يبلع من العمر‏27‏ عاما فبعد عدة عمليات قرصنة وتمويل سافر إلي الولايات المتحدة الأمريكية ونقل معه عدة ملايين من الدولارات‏.‏