زيدوها اولاد ”زايد“
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 3 سنوات و 5 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 12 أكتوبر-تشرين الأول 2020 07:22 م


قام وزيرُ الخارجيةِ الإماراتي عبدُالله بنُ زايد ، بمعية وزير خارجية إسرائيل غابي أشكنازي ، بزيارة نصب ضحايا المحرقة اليهوديةِ في برلين . هناك بكل أسى وجه ابنُ زايد رسالةَ تقديرٍ لأرواح الضحايا ، مؤكداً أنَّ الإبادةَ الجماعيةَ لليهودِ لن تتكررَ مطلقا . وأنَّه فخورٌ بزيارته للنصب الذي يُخلِدُ ذكرى سقوطِ كوكبةٍ من ضحايا دعاة التطرف ، داعيا إلى التعايش والتسامحِ وقبولِ الآخر واحترامِ الأديان كافةً .
وهنا -سعادة الوزير- أتوقفُ حائرا متسائلا ! ، حين زرتَ بأصلِك العربي وانتمائك الإسلامي ، ضريحَ ضحايا محرقةِ النازية لليهود ، هل دارَ بِخُلْدِك ما فعلته أشهرُ عصاباتِهم ( شتيرن والأرجون والهاجاناه ) التي عُرِفَت فيما بعد بجيش الدفاع الإسرائيلي ، من مذابحَ وتطرفٍ وإرهابٍ في حق فلسطين أرضا وشعبا ؟ . وعلى سبيل الذكر لا الحصر ، هل مرَ بخاطرك طيفُ ذكرى مذبحةِ دير ياسين ( 1948 ) وضحاياها ال( 360 ) من الأطفال والكبار والنساء والشبابِ . أو مذبحةِ الطنطورة في العام نفسه و( 90 ) قتيلاً دفنوا في حفرة كبيرة جماعيا ، وأُقِيمَ فوقها لاحقا موقفٌ للسيارات عند شاطئ "دور" جنوبي حيفا . أو مذبحةِ قبية ، التي قادها شارونُ ( 1953 ) واستشهادِ 67 شهيدا من الرجال والنساء والأطفال ، وجرح المئات ، وتدمير 56 منزلاً ، ومسجدِ القرية ومدرستِها وخزانِ المياه الذي يغذيها . أو ذكرى مذبحةِ خان يونس التي نفذها جيشُ الاحتلالِ ( 1956 ) في حق اللاجئين ، وقُتِلَ أكثرُ من 250 فلسطينيا ، وبعد تسعة أيام نُفِذَت مجزرةٌ وحشيةٌ جديدة ، خلفت 275 شهيدا مدنيا في المخيم ذاتِه ، وتزامنا معها قُتل أيضا أكثرُ من 100 من أهل مخيم رفح . أو مذبحةِ القدس حين أمطرت قواتُ الصهاينةِ ( 1967 ) مدينةَ القدسِ وسكانَها بالقنابل المحرقة والرصاص ، وقُتِلَ حوالي 300 مدني . أو مذبحةِ صبرا وشاتيلا ( 1982م ) بعد سيطرة القوات الإسرائيليةِ على القطاع الغربي من بيروتَ ، وضحاياها 1500 شهيدٍ من الفلسطينيين واللبنانيين العُزّلِ ، فضلاً عن اغتصاب النساء . أو مذبحةِ المسجد الأقصى ( 1990 ) قبيلَ صلاةِ الظهر ، حين اشتبك متطرفون يهود بقيادة زعيم " أمناء جبل الهيكل " مع المصلين ، وأخذَ جنودُ حرسِ الحدود الإسرائيلي يطلقون النارَ دون تمييز بين طفلٍ وامرأة وشيخ ، وخلفت 21 شهيدًا ، وجرحَ واعتقالَ المئاتِ . أو ذكرى مذبحةِ الحرمِ الإبراهيمي ( 1994 ) . ونفذها طبيبٌ يهودي ، أطلقَ النارَ على المصلين في صلاة فجرِ الجمعة من شهر رمضانَ ، واستُشهِدَ 29 مصلياً وجُرِحَ 150 . أو مجازر غزة مؤخرا ودك البنيان على ساكنيه ، أو .... ، أو .... .
سعادةَ الوزيرِ العربي المسلمِ / وأنتَ واقفٌ هناك تواسي اليهودَ ، هل طاف بوجدانك شيءٌ من ذلك التطرفِ اليهودي ضد بني أصلِك وأهلِ دينك ؟. ألَمْ يهزك هذا الحقدُ الإسرائيلي ولو قليلا ؟ . حين أبديتَ آلامَك على ما حصلَ لهم ، هل رَفَّ رمشُ عينِك طاردا دمعةً اخترقت جلمودَ مشاعرِك تجاه ضحايانا ؟ . حين أطلقتَ وعدَك لهم أنَّ هذا " لن يتكرر " ، هل شعرتَ بوخزٍ في لسانك وحنجرتك ، يحثُكَ لتقول لهم " كفوا عنا أذاكم " ؟ . هل حدثَ معك شيءٌ من ذلك ؟ . كم أتمنى مجردَ التفكيرِ في حدوثه ، ولكن كيف !، وأنتم قد تلطختم بدم المسلمين كاليهود ، وأنتم من أحزنتم الأمهاتِ والزوجاتِ وقهرتم الآباءَ والأبناءَ ، اعتقالا واغتيالا وظلما في مصر وسوريا واليمن وليبيا و... ، وبما هو أشد نكالا من الصهاينة . وأنتم من حظيت كلُ الأديانِ والمعتقدات بخدماتكم إلا الإسلامَ وأهلَه . كم مدنٍ أمنةٍ دمرتها أطماعُكم ، كم كواكبَ دريةٍ أطفأها قصفُ طيرانِكم ، وعنفُ مليشياتكم وقهرُ مرتزقتكم . فعن أي تطرفٍ وكراهية تتحدثُ ؟ وعن أي تسامح تخطبُ ؟ وعن أي قبول وتعايش تثرثرُ وأنتم لا تتحملون مُعارِضَ جنونِكم ، وكلَ من لم يرضَ أن يكونَ بوقا للسانكم وتابعا لنعالكم ؟ . حاليا زارت أبوظبي نصبَ ضحايا اليهود ، وغدا سيزورُ زعماءُ مسلمون وغيرُهم نصبَ ذكرى ضحايا المسلمين والعرب ، من مكائدِ أبوظبي العربية المسلمة . تلك حقيقتُهم ، إلا أن يأخذَ شركاؤهم على أيديهم ، قبل أن يكونَ مصيرُهم كالضعفاء المجادلين بعد فواتِ الأوان "إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا" .