إسماعيل هنية يصدر بيانا هاما حول مفاوضات التوصل إلى اتفاق بشأن غزة إسرائيل تقرر إغلاق قناة الجزيرة الرئيس العليمي يعزي في وفاة شخصية جنوبية بارزة ويشيد بمناقبه النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي فوز تاريخي وغير مسبوق .. أول عمدة مسلم في لندن يفوز بولاية ثالثة وانتكاسة كبيرة للمحافظين بالانتخابات حرب المظاهرات الجامعية يشتعل وبقوة وجامعات جديدة حول العالم تنضم إلى الحراك الطلابي المناصر لغزة روسيا تقلب موازين المعارك وتعلن التقدم والسيطرة وقرية أوكرانية تتحول لأنقاض مع فرار سكانها من التقدم الروسي تفاصيل فضيحة ثانية تهز ألمانيا في اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للجيش حرب ومعارك طاحنة في السودان والجيش يشعل مواجهات غير مسبوقة شمال الخرطوم لقطع إمدادات الدعم
من أظرف القصص التي تتحدث عن مفهوم العبودية والحرية، تلك التي حدثت في مطار الرياض، عندما مر أخ سوداني من أمام ضابط مطار سعودي، وهو حامل حقيبة صغيرة في يده، فإذا به يسمع صوتاً منادياً: "يا عبد! يا عبد! تعال هنا!". وقف الأخ السوداني دون أن يلتفت إلى الضابط، ونظر حوله فتيقن أنه الوحيد ذو البشرة الداكنة، وبالتالي فإنه الشخص المقصود بالنداء. وضع الحقيبة جانباً وصرخ: "لعنة الله عليك يا عبدالرحمن سوار الذهب (الرئيس السوداني آنذاك)"، ورددها أكثر من مرة، ثم التفت وتوجه إلى الضابط ونظر في عينيه وقال: "أتجرؤ أن تتكلم على ملك بلدك بهذه الطريقة؟". صُعق الضابط، ومن حوله وساد صمت ثقيل، ثم ابتسم الأخ السوداني قائلاً: "من منا العبد يا هذا!!؟"، وحمل حقيبته وغادر بعد أن بعث رسالة قيمة تستحق الاحترام، مفادها أن العبودية هي إحساس داخلي ليس له علاقة بأمور خارجية، وكذا هي الحرية التي عبر عنها موقفة بأن حرية الرأي والتعبير والحديث عن إشكاليات المجتمع وكشف قضايا مسكوت عنها وفضح الأشخاص ممن يعيثون في الأرض فساداً هو جوهر الحرية، التي هي في حقيقة الأمر احتياج جماعي؛ مهما اختلفت تعريفاتها وتعددت الأهداف من وراء المطالبة بها.
ما دفعني لكتابة هذه الأسطر هي الازدواجية العجيبة في التعاطي مع مفهوم الحرية، والتي يعيشها الكثيرون، من مختلف التوجهات، إسلاميين ولبراليين ومثقفين، والتعصب في الوقت ذاته، ورفض الآخر تماماً برغم ما قد يضيفه هذا الآخر من معرفة بعيداً عن مسألة الإقناع...
لقد ارتبط مفهوم الحرية منذ الأزل بحقيقة مطلقة، وهي "الإنسانية المجردة"، فأصبحت بذلك حقا لكل شخص في هذا العالم، باختلاف جنسه أو لونه أودينه... وعلى رأس قائمة الحريات تأتي حرية التعبير، والتي لا أقصد بها حرية الحديث والكتابة فحسب، بل الحرية في الكيفية التي يريد أن يعبر بها الشخص عن نفسه وبناءً على مفهومه وبالصورة التي تريحه. فالمظهر الخارجي وطريقة اللبس وأسلوب الحديث وحرية الحركة والإفصاح عما يجول في الخاطر، هي وسائل للتعبير عن الذات ومن حق أي إنسان، ما دامت لا تتعدى على حرية الآخرين، حتى وإن تقاطعت مع حرياتهم، وهذا ما يحدث عادةً ويتسبب بعدد كبير من الانتهاكات، كون هذه الحرية أو تلك لا تناسب فلانا برغم أنها لا تضره بشيء ولا تمسه على المستوى الشخصي.
فأنا ضد الليبرالي الذي يدعو للحرية الشخصية ليل نهار، ويرفض التعامل مع امرأة منقبة أو تشغيلها عنده بحجة أنها رجعية، ولا بد أن تكون كاشفة الوجه على أقل تقدير، أو ذاك الذي يطالب المجتمع بأن يتفهم أفكاره بينما تتغير ملامح وجهه ويرمي بكلمات لاذعة لزميلته التي رفضت مصافحته لاقتناعها بعدم جواز مصافحة الرجل الغريب.
وضد المتشدد الذي يتحدث عن سماحة الدين الإسلامي ولين رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يسمع كل الانتقادات والتجريح، ويشرح وجهة نظره، بينما يصرخ المتشدد في وجه من يناقشه، ويثور لأبسط كلمة تقال عن الديم، وينتفض غضباً لأي فتوى جديدة قد لا تتوافق مع قناعاته والإرث الفكري والفردي في معظم الأحيان الذي توارثه، والتي هي في الأصل قرارات وتفسيرات وضعها بشر كانت جزءا من منظومة، دينية سياسية اجتماعية، وشخصية في بعض الأحيان، ولا تمت للدين بصلة.
كم هو هين أن نتحدث عن الديمقراطية وحرية الرأي لنصفق لمن يمدح ويقدح، ونهين ونقصي من يعارض الرأي السائد، وقد يصل بنا الحال إلى أن نسجن ونظلم دونما رحمة!!!
كم هو مؤلم أن نهلل ونكبر عندما يعتنق غير مسلم ديننا الحنيف، ولا نحترم قناعة وعقلية مسلم يحاول أن يبحر ضد التيار الفكري المتجمد!!!
أن تكون حراً! هذا ما يطمح له كل صاحب مبدأ وفكر وعقيدة، وقبل كل هذا صاحب إنسانية عالية؛ لكن أن تتقبل الآخر وتحترم أفكاره وتسمع له، والأهم أن تضع نفسك مكانه؛ فهذا ما يرفع قدرك أكثر كإنسان؛ وإنسان لا غير!!.