الرئيس يتواصل مع الإرهابيين فما رد الأميركيين؟!

* منير الماوري

يقول سياسي أميركي متخصص في شؤون المنطقة العربية إن الرئيس اليمني علي ‏عبدالله صالح لا يحتاج إلى معارضة لأنه أفضل من يعارض نفسه بنفسه.‏ لم أدرك مغزى هذا القول إلا عندما قرأت إجابة الرئيس على سؤال لصحفي عربي ‏كبير عن حادث هروب معتلقي القاعدة من سجن الأمن السياسي حيث كشف الرئيس ‏أن "هناك تواصلاً يجري مع الفارين " وقد جاء بعضهم وسلم نفسه الى الأجهزة ‏الأمنية".‏ نعم هناك تواصل مع الفارين هذا الكلام قاله الرئيس ولم نسمعه من الأستاذ محمد ‏عبدالملك المتوكل أو من أي محلل سياسي مجتهد.‏ وعندما تابع الصحفي سؤاله باستغراب: كم عدد الذين سلموا أنفسهم؟ قال الرئيس: "حتى الآن ثلاثة، والبقية هناك تواصل معهم، وهم موجودون في الداخل ‏بحسب المعلومات المؤكدة التي لدينا ولم يغادروا اليمن، وهم يريدون ان يسلموا ‏انفسهم. ومعظمهم كان قد حكم عليه في القضاء وأمضى اكثر من نصف فترة الحكم، ‏والبعض لم يبق له إلا أشهر ويفرج عنه، وبعضهم قضيته منظورة أمام القضاء. ‏وهناك الآن تواصل مع جهازي الأمن السياسي والأمن القومي من أجل تسليم أنفسهم ‏للأجهزة الأمنية. ومن خلال مراقبتنا وتحرياتنا فإنهم ما زالوا في الداخل ". هل يعقل أن يقول هذا الكلام رئيس الدولة بنفسه ويعترف بأن هناك تواصل مع ‏مجموعة من الإرهابيين الخارجين عن القانون المحكوم عليهم فماذا تبقى للمعارضة أن تقول؟! ولا ندري كيف يمكن ‏أن يتم التواصل هذا؟ هل يتم عبر نفق يوصل إلى مخبأهم الجديد؟! أم عبر مشائخ ‏الإرهاب؟! وماذا يمكن أن نتوقع من السلطات الأميركية عندما تقرأ ترجمة ما قاله ‏الرئيس اليمني:‏ We Are in touch with them من المرجح أن يعود الهاربون إلى حاضنيهم مجدداً ولكن لن يكون بينهم مطلقاً الثلاثة ‏المعنيين من الهروب وهم جمال البدوي المتهم الرئيسي في قضية تفجير المدمرة ‏الأميركية (كول) و جابر البناء المطلوب من قبل السلطات الأميركية، وفواز الربيعي، ‏أحد أخطر العناصر المطلوبة.‏ هؤلاء الثلاثة يعرفون أسراراً كثيرة وقد يطيحون برؤوس كبيرة ولا يعقل أن يتم ‏السماح للفرنسيين أو الأميركيين أن يستجوبهم أو يتسلمونهم، لأن استجوابهم قد يعني ‏بالضرورة استجواب أو محاكمته شخصيات كبيرة في محاكم دولية ولذلك يجب إخفائهم من ‏على وجه الأرض . الرئيس علي عبدالله صالح مهما خانه ذكاؤه وأوقعه في زلات لسان خطيرة إلا ‏أنها غلطة الشاطر الذي لا يختلف اثنان على أنه يتمتع بذكاء فطري مشهود ‏ويتصرف بالطريقة الصحيحة في مناسبات أخرى كثيرة ويحب المفاجآت السارة . ‏ولهذا لا أظنه سيكون بمثل حماقة صدام أو سذاجة معاوية ولد الطايع بل بإمكانه أن ‏يميز بين خيارين لا ثالث لهما الأول: هو الانسحاب من الحياة السياسية في الوقت المناسب خلال هذا ‏العام والحفاظ بذلك على سمعته ومكانته التاريخية وتسجيل اسمه في سجل الخالدين ‏الذين تخلوا عن السلطة طوعاً وهذا ما أعلنه بالفعل. وحتى لا نظلم الرجل لم نجد منه ‏حتى الآن أي تغيير أو تراجع عن قراره التاريخي. أما الخيار الثاني فهو الإنصات ‏إلى ما سيقوله ذوو المصالح من حوله والبقاء في السلطة من أجلهم لتزداد الأوضاع ‏تردياً إلى أن يفقد ما تبقى له من مكانة ويجعل كل كاتب وصحفي ورجل شارع في ‏اليمن يقول للرئيس بملئ فمه دون خجل أو خوف " أنت كاذب ". أعتقد أن الرئيس ‏سوف يصدق وعده هذه المرة ولا أعتقد أنه يمكن أن يحقق أي شئ إضافي في حياته ‏السياسية فقد أصبح بين اليمنيين نصف إله يميت الأحياء ويرزق الأغنياء ويزيد الفقراء فقراً ويذل البلاد ‏وينكس رؤوس العباد، فماذا يمكنه أن يضيف إلى تاريخه؟!‏ لقد أصبحت هامته عالية لا تنحني ولكن بالمقابل أصبحت رؤوس مئات بل آلاف ‏اليمنيين منكسة ذليلة يتسولون الخبز في دول الجوار أو يبيعون كرامتهم في داخل ‏البلاد، ولم يعد هناك أمل في إصلاح الأوضاع إلا إذا حنى الرئيس هامته تواضعاً ‏للشعب المسكين الذي يعيش الرئيس على تقطيع أوصاله. ورئيسنا يعرف جيدا أنه ‏يستمد قوته من ضعف الآخرين فماذا سيفعل عندما يستفيق الآخرون؟! ‏ هؤلاء الآخرون لا يحتاجون إلى "حنين" طائرة أميركية ولا إلى "خرير" بارجة ‏فرنسية كي يستفيقوا بل ستجبرهم طرقات الجوع على الخروج للشوارع بحثا عن ‏وسيلة لإيقاف آلام الجوع. وسيضطر الأميركيون للتعامل مع من يتمكن في النهاية ‏من السيطرة على مسيرات الجائعين وليس مع من يقمعهم بالسلاح. ولن ترتفع هامة ‏أي قائد مالم ترتفع هامة شعبه بين الشعوب وهذا ما نطمح إلى تحقيقه في الفترة ‏الإنتقالية المقبلة عبر صناديق الإقتراع وعبر علي عبدالله صالح كأول رئيس عربي ‏يتخلى عن السلطة طواعية وهو في قمة مجدها


في الإثنين 13 مارس - آذار 2006 12:29:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=108