من وحي خطاب صالح السبتمبري
عبدالقوي الشامي
عبدالقوي الشامي

بمناسبة الذكرى الـ 49 للثورة السبتمبرية, كان البعض ينتظر بشرى في الخطاب الرئاسي, ويمني النفس بان يكون يوم 25 سبتمبر هو المتمم لأيام حكم صالح التي تطاولت لأكثر من 11500 يوم .. ولكن هذا لم يحدث, واصيب بخيبة امل كل من راهن من المهتمين والمتابعين لتفاعلات الأحداث على الساحة اليمنية, على ان صالح من الرجال الذين يزفون السار من الاخبار, فلقد اثبت صالح بخطابة الباهت ذاك ان لمسئولين فقط هم من يرتقون الى مستوى الحدث في الموقف والقرار, اما هو فلم نعهد فيه هكذا مسئولية او قرار.فخطاباته مثل النفخ في المزمار تنتهي دئمآ بـ (طيط) !! 

لم تكن في وجه صالح وهو يخاطب الشعب الذي كان متلهفآ ليس للخطاب وانما لما كان يتوقعه منه في هذا الخطاب, الا ان كلماته لم تحمل جديدآ ولم تكن سوى اصداء لقذائف الدبابات ومضادات الطائرات التي تمزق اشلاء اليمنيين في الساحات, اعترف صالح: بان الازمة كبيرة وعظيمة, وتستحق من العقلاء ان يراجعوا مواقفهم, ولكنه لم يتمثل هكذا دعوة, جدد التزامة بالمبادرة الخليجية لكنه يرفض توقيعها, وصف الشباب بضحايا المحارق, لكنه لم يذكر بأنه هو من يدير تلك المحارق, ترحم على الشهدأ وتمنى للجرحى الشفاء العاجل ولكنه لم يقل: من يقف وراء ازهاق الارواح البريئة وسفك الدماء الزكية, اكد بأن ثورة سبتمبر واكتوبر و22 مايو منتصره, ولكنه لم يقل على من! .. لم يفت صالح ان يزجي التحية لجنود القوات المسلحة الا ان ما فاته هو ان يحدد اي قوات مسلحة هل هي تلك التي خرجت عن طوع جوره وتسلط ابنائه, ام تلك التي ما زالت قيادتها تأتمر لقرار الحرب على الشعب؟

 اطلالة صالح من خلف تل الورود ليقرأ خطابه الرئاسي, يذكر بالبائع المتجول الذي يفرش بسطته, امام معرض لتاجر شهير في شارع رئيس, يبيع ذات البضاعة التي يبيعها المعرض لا فرق بين الاثنين سوى أن الاول يدفع ايجار وقيمة ضرائب وتأمين وقيمة كهرباء وماء ويدفع ايجار الرخصة التجارية ورخصة البلدية وقيمة اجور العمال فيما الثاني صاحب البسطة (صالح) لا يكتفي بأنه لا يدفع من كل ذلك شيء بل فأنه يبيع ذات البضاعة لكنها مزوره.

 الناس تريد ان تصدقه بفعل هذا البؤس والعناء والدم, الذي اوصلهم اليه ولكن لا احد يتذكر واقعة واحدة كان فيها صالح صادقآ حتى مع نفسه, فالرجل يعاني من ازمة اخلاقية, فلسانه ونواياه يسيران بخطين متوازيين لا يلتقيان الا بأذن الله امام القضاء .. فما كان يقرأه, لم يعكس رؤية واعية للواقع المعاش, وانما كلام لم يكن يعبر عن موقف زعيم حزب حاكم, ورئيس دولة هي اصل العروبة, وانما كان يقرأ كلام لمدير اصلاحية تم انتدابه على عجل لمعالجة اوضاع بضعة مشاغبين في الأصلاحية .. لقد مر على معانات المواطن من قبيل: قطع الكهرباء والوقود والمياة, والتقطع في الطرقات, ونهب الذهب والمواد الغذائية ونشر الفوضى والارهاب في ابين والقتل في ارحب ونهم وفي كل ربوع اليمن, جاء على ذكر كل شيء ولكنه نسي ان يقول بأن كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق الوطن والمواطن, تحدث في عهد علي عبدالله صالح وليس في عهد سالمين او الحمدي الله يرحمهما.

كرر الدعوة الى الحوار اكثر من مرة وهي دعوة منسوفة من الاساس, ليس رفضآ لمبدأ الحوار, وانما لأن هناك تاريخ لحوارات علي عبدالله صالح مع خصومه السياسيين, منذ اللحظة الذي دعى فيها الرئيس الاسبق ابراهيم الحمدي الى عشاء حوار في منزل الرئيس السابق الغشمي العام 1979م, فحوارت صالح في الغالب نتيجتها النهائية اما القبر كما حدث للرئيس الحمدي او المنفى كما حدث للرئيس علي سالم البيض .. وبين الرئيسين وزراء ووجهاء وقادة عسكريين, فسجل الحوارات مع الرئيس صالح ضخم, يجعل من عملية التفاعل الايجابي معها, انتحار سياسي ان لم يكن بيلوجي وخطاباته دائمآ تأخذنا بعيد وتحلق بالجميع في سماءات الحلول ولكن مؤخرته تتمترس دائمآ فوق كرسي الرئاسة .. فلقد اثبت ان في جعبته الكثير من الوعود والاقوال, الا ان ليس لديه اي حل لأي ازمة سوى السلاح وقد تعود المراهنة على ملل الاخرين ليجني ثمارات ذالك الملل, فقد صاغ لنفسه برنامج استثمار رئاسي مدى الحياة يتراح بين وضع مريح يكون فيه الزعيم الأوحد الأحد, ووضع مازوم يكون فيه مديرالأصلاحية. 

كلمة (عصماء) الهمة الجوغة الرئاسية اليماني, الجندي, الشامي, البركاني والمعجزة المتنطع الصوفي وكتاب العرضحالات العرب من على شاكلة (شي لله, شي لله) الذي حذر اليمنيين ان هم اقدموا على شطب علي عبدالله صالح من المعادلة, لست ادري عن اي معادلة يتحدث مثل هذا, اهي معادلة (المقال مقابل الشيك) ام معادلة (الكلمة مقابل الدولار) كل مقال يكتبه هذا (العرضحالجي) مقابلة شيك رئاسي, رباعي الاصفار, مغمس بدم ودموع اطفال اليمن, هذا لكاتب صاحب نظرية (معالجة السرطان بالاسبرين) وان كان في سوريا قد تماهى مع السرطان الا انه في اليمن يتماهى مع الاسبرينه كما عهدناه منذ بداية ازمة اليمنيين مع الاسبرين العام 1992م.


في الأحد 02 أكتوبر-تشرين الأول 2011 06:05:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=11797