اليمن في انتظار معجزة امميه ..!
محمد سعيد الشرعبي
محمد سعيد الشرعبي

وحده علي صالح من يحضى بتدليل قوى اقليمية ودولية جعلة بمنأى عن السقوط المبكر بفعل ثورة شبابية شعبية سلمية تعم ربوع البلاد تتجاسر وتتصلب ارادة مكوناته في اسقاط عصابة حاكمة منحطه ،وكلما ضاق الخناق عليه أكثر ،يتحرك الخليج بمبادرته الميتة لإنقاذه وتثبيته كحاكم مغتصب للسلطة فقد شرعيته تماما ،وبعد اعلان وفاة هذه المبادرة "المؤامرة" وتشيعها في معظم مدن اليمن ،تمخضت التحركات الدولية عن قرار اممي غامض وغير ملزم قوبل بمرواغات سياسية لصالح ونائبه هادي ،كما قوبل قرار مجلس الأمن "رقم 2014 " بتصعيد عسكري غير مسبوق لقوات صالح ضد المعتصمين السلميين والمدنيين في عدة محافظات، تشير حصيلة أولية الى سقوط ما يزيد عن 94 شهيداً منهم عشر نساء 18 طفل،و800 جريحا ونزوح 340 أسرة ،وتضرر 124منزلا واستهداف 7 مساجد و6 منشآت عامة وتدمير 17سيارة وناقلة خلال ثلاثة اسابيع من صدور القرار الأممي ...

هذه حصيلة اولية شهد المبعوث الأممي جمال بن عمر فصل اخير من ويلاتها وبزيارته للمستشفى الميداني بساحة التغيير بصنعاء وبلقاءاته بعشرات من شباب الثورة من معظم ساحات الثورة وسماع شهادتهم ،ربما يخرج بن عمر بصورة اوضح عن وحشية صالح وقواته (امنية، عسكرية) في التعامل مع الثورة السلمية قبل وبعد صدور قرار مجلس الأمن، ويتمنى كثيرا من شباب الثورة ان يكون تقرير بن عمر الذي سيقدمه بعد يومين للمجلس أكثر وضوحا لكي القرار الأممي المنتظر اقوى وملزما لصالح سياسيا في توقيع تنفيذ التزاماته بتوقيع مبادرة الخليج وآلياتها ،والتوقف عن أي تصعيد عسكري أو امني ضد مناويه من شباب الثورة واحزاب المعارضة ،هذا ما يتمناه بعض اليمنيين ،مع قناعتي بألا جديد سيأتي سيطر ... على المشهد بالدخل ما لم تكف دولا خليجية وغربية عن تدليل صالح نكاية بالثورة ،وفي حال استمرت هذه الاطراف في تحركاتها وضغوطها على هذا النحو، ستتجه البلد نحو كارثة حقيقيه، ستلقي بتبعاتها على المنطقة برمتها ..

وبعيدا عن مخاوف عدمية لدول الخليج وتحديدا السعودية من مآلات الثورة التي تحرص مبادرتهم على تقزيمها الى "ازمة سياسية" ، ومادامت قناعة اطراف العمل السياسي اليمني بشقيه (سلطه ، معارضه) متوافقة في حل سياسي كمخرج آمن لإنتقال السلطة ،يفترض بدول الخليج تكثيف ضغوطها على صالح بغية انجاز مهمتهم بدلا من تصديهم بقيادة السعودية لتحركات مجلس الأمن وتدخلهم بتنسيم قرارته لا أكثر ،التي تمنح صالح فرص جديدة للإنتقام من شعب يطالبه بالرحيل فقط، دونما اكتراث بتطلعات شعب بأكمله لن ينهزم تحت أي ظرف ، بمعنى قد يتمكن صالح يحاول ادخال البلد في حرب غير مجدية قد تتمكن من اعاقة حاضر اليمن لكنها في نهاية الأمر لن يتمكن صالح بحروبه ومراوغاته من ايقاف اليمنيين من الوصول الى المستقبل الذي ينشده جميع ابناء اليمن بمختلف توجهاتهم بثورة تتويجا لإرادة ثورية سلمية ، وليت علمي ما حكمة الجيران في ايقاف طلوع نهار الثورة منذ خلطوا اوراقنا بمبادرتهم في ابريل الأسود ..

يدرك شعب اليمن بأن السعودية لاعب رئيس في كل ما يحدث له بقصد او دونما قصد ،في حين لم تستشعر المملكة انعكاسات سياسيتهم تجاه اليمن ،وما يعتبره كثيرا من المحللين بوجود أكثر من قطب داخل الأسرة السعودية الحاكمة تظهر جليا في سياساتهم ازاء اليمن فبين مؤيد لرحيل صالح ومؤيد بشرط الحفاظ على بقايا نظام صالح في يمن ما بعد صالح ،ويعتبرون التخبط السعودي بين التوجهين بعدم ثقتهم بولاء أي نظام بديل بقيادة احزاب المشترك المعارضة ،ما جعل من صالح وبقايا نظامه من الإشتغال على تلك المخاوف ليس طعما بمواصلة حكم شعب حسم خياره بإسقاطه ،بل للحصول على مزيدا من الضمانات له ولأسرته فقط ، وحصد مكاسب سياسية ومادية لا أكثر ..

ومع عمق اطلاع المملكة للوضع في اليمن وتضاعف مخاوفها مشروعة من جماعة الحوثي وارتباطاتها الاقليمية المناقض للتوجه السعودي في المنطقة، وهذا يعده البعض سبب للحفاظ على صالح من سقوط حتمي عقب كل تصعيد ثوري الى اجل غير معلوم ،وربما كان لوفاة ولي عهد المملكة سلطان بن عبدالعزيز اثره في اتخاذ موقف اخير وجدي من صالح ونظامه ،وفي مجمل توقعات المشهد الماثل في اليمن تثبت الايام بأن الابقاء على صالح ستثر اوراقها وتبدد حساباتها وبالذات المتصلة بمخاوفها من جماعة الحوثي التي تتمدد بشكل ملفت في جغرافيا شمال الشمال ، يقال بأن توسع نفوذها مؤخرا بدعم من غير معلن من علي صالح ،وفقا لاتهامات خصوم هذا الجماعة في الداخل ..

وهنا تتضح رؤية الداخل للمشهد في حين يبدو الوضع لدول الخليج ودول غربية اكثر ضبابية وهذا ليس نتيجة مخاوفهم من انتصار ثورتنا السلمية وحسب، بل لهدرهم للوقت في حسم انحيازهم لخيار ابقاء مؤقت لصالح على حساب شعب ثائر أكد للعالم حقه في الحياة وصموده في وجه التحديات حتى هذه اللحظة دليل على صدق نيته بأهداف ثورة اشعلها وصبر على امتحانها بنهج سلمي غير معادي لأحد في الداخل او الخارج ،وهذا ما لم تستوعبه المملكة التي يفترض بها التخلي عن صالح وما يمثل بقائه من خطر على اليمن ودول الخليج كون رأس مشاكل البلد وليس رئيسا لليمن ..

الآن بوسع المملكة التخلي عن صالح فالمبادرة لم تعد حلا مجديا لأي هدف ولدت من اجله ،ولو كان بلغ رهانها على صالح اقصى حدوده، فعليها ان ترفع يده وتكف عن تدخلاتها قبل أن تأتي رياح شمال الشمال ما يحمد عاقبته عليها وحدها، وبدلا من توفير مبررات للحوثين في استعداء اليمنيين عليها وعلى حلفائها في الداخل، قبل ان تعم صرخات العمائم السود حدودها الجنوبية دون منازع ،من المفترض ان ينحاز اقطاب المملكة لخيار الثورة السلمية فقط ،ليس لكونها حلا حقيقيا لكافة مشاكل اليمن وحدها وانما لدول الخليج وعلى رأسهم السعودية التي شاخ تفكيرها على ما يبدو ...

وبعيدا عن سر مأساة اليمن ومخاوفها الكارثية غير المبررة ،تلتفت انظار اليمنيين بمختلف اطيافهم صوب مجلس الأمن وما قد يعقب تقرير جمال بن عمر من قرار اممي سيكون معجزة بحد ذاتها في حال كفت السعودية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية عن تدخلاتها في الشأن اليمني ،ولو استوعبت الخليج والدول الغربية درس 30 يوما من مراوغات صالح والصمود السلمي لشباب الثورة والمدنيين في مواجهة آلته العسكرية البربرية التي تقطف ارواح اليمنيين على مرأى العالم ومسمع الخليج ...

لو اتخذ مجلس الأمن قرار جديا وصريحا ينحاز لخيارنا برحيل صالح وعائلته الحاكمة على غرار قراراتهم في سوريا مثلاً، او حظيت شعبنا بنزر من كرم مواقفهم كشعب ليبيا ،لا اتوقع هكذا كرم اممي اطلاقا، ومع هذا لا يساورني شك بممارسته لضغوط جدية تجاه صالح هذه المرة، من تهديده بفرض عقوبات او تجميد ارصدته المالية الخ ،بدون ما اسلفت ذكره لن يكف صالح عن عناده ولن يركع لأي قرار مادمنا عرفنا سر عناده وتهربه من توقيع مبادرة الخليج او تكليف نائبه هادي الذي لا يقل مكرا عنه ..

في الاخير لن أسرف أكثر في توقعاتي في انتظار ما لا تنتظر من عالم يتعامل مع اليمن من ثقب في برميل نفط السعودية ويبنى قرارته التي تخصنا كيمنيين ،كما لن أكون متسعودا أكثر آل سعود بما قد يلحقهم توجههم في المنطقة من خسارة في حال استمر تأييدهم لوهم الشرعية الدستورية لربيبهم المدلل علي صالح ،فقط اقول للجميع في نهاية المأساة سينتصر اليمن بصمود شعب عظيم اذهل العالم بسلمتيه وتمدنه وسيعترف الجميع يوما بقوة ارادته التي ستتكلل بنصر قريب بأذن الله ...


في الأحد 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 11:11:08 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=12402