البنتاغون يخطط لنقل الفوضى من جزيرة سقطري اليمنيّة حتى المغرب العربي وإفريقيا
سمير عبيد
سمير عبيد

مأرب برس – أوسلو - خاص

حسب القانون الطبيعي والمنطقي عندما يحدث خللا في الجسد أو في الآلة أو في المركبة أو في الطائرة أو في السفينة أو حتى في جزء من النظام السياسي سيسبب إرباكا في الجزء السليم والمتبقي صالحا، ويقود هذا في أغلب الأحيان الى حدوث عدم التوازن في ذلك الجسد أو الحيز أو الموقع الجغرافي، وبالتالي يسود الهلع والخوف، وحينها يتجسّد توقع المجهول، فيبدو ومن عمق هذه الفلسفة شعرت الولايات المتحدة بأنها إرتكبت أخطاء فادحة، ومصائب لا تحصى في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، و كانت سببا رئيسيا بعدم التوازن في تلك المنطقة، وبالتالي في جزء مهم من العالم، وكانت سببا رئيسا بإنتشار الهلع والخوف الذي يسود المنطقة و العالم، وربما العكس فأنها فرحة بتج
سيد الفوضى الخلاقة من وجهة نظرها في منطقة الشرق الأوسط، حيث قلبها النابض وهو العراق، كي تكون وجهتها نحو الجزء الآخر من العالم، وهو أفريقيا والى الجزء الآخر من الوطن العربي وهو المغرب العربي ورأس الخليج عند البحر الأحمر مشروعا و من أجل خلق حالة التوازن مع الشرق الأوسط المضطرب ،وأن التوازن هنا هو نقل الفوضى بعد أن عجزت الولايات المتحدة من إيقاف نزيف الدم وإيقاف الدمار والخراب في العراق و منطقة الشرق الأوسط ،لذا أصبح لزاما عليها ومن وجهة نظر مفكريها وهم مجموعة ( المحافظون الجدد) الشريرة نقل الفوضى صوب المغرب العربي وأفريقيا ليتساوى الجزء الأول والثاني من العالم، وضمن نظرية الحكم الديكتاتوري عندما يكون عادلا في توزيع الظلم على شعبه فقط ، وبالتالي فأن الولايات المتحدة تمارس نظاما ديكتاتوريا صارما على العالم، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، وها هي تريد نقل ديكتاتوريتها نحو دول المغرب العربي وأفريقيا ،وتحت نفس الحجة التي جاءت بها نحو العراق ومنطقة الشرق الأوسط ،وهي محاربة ما يسمى بــ ( الإرهاب) ولو جئنا للحقيقة فأن سبب أنتشار الإرهاب هي سياسات الولايات المتحدة غير المنصفة وغير العادلة، وهكذا هي سببا رئيسيا في نشر الفقر والبطالة والجريمة والمخدرات والرذيلة وتجارة الجنس، ونشر أساليب الحكم الكهنوتية وأنظمة القرون الوسطى وطبقات النبلاء الجُدد ، وخير مثال على ذلك ما حصل ويحصل في العراق، وهذه حقائق وليس نوعا من التجّني، وبهذا عملت الإدارة الأميركية جاهدة كي تبني حاجزا بينها وبين العالم، وتؤسس لإستراتيجية الكراهية العالمية نحو الولايات المتحدة، وللآن لم نجد التفسير العقلاني لهكذا سياسات ترسخ الكراهية وتنشر الغوغاء، وتطالب البشر بإتباع ذلك، وكأنها تريد إزالة عقول الناس لتضع مكانها آلة تسجيل مصصمه لقبول توجيهات المحافظون الجُدد في الإدارة الأميركية، وأن كانت هذه التوجيهات تقود نحو هلاكهم، وهذا بحد ذاته ينافي المنطق الإنساني، لأن الله خلق الإنسان حرا، وبهذا الإسلوب أيضا حطموا وبأنفسهم قيم الثورة الأميركية الجميلة التي كانت شعارا إنسانيا وحلما سرمديا، ولهذا فهناك إمتعاضا شديدا داخل الولايات المتحدة وفي أوساط النخب المهمة، ناهيك أن هناك إمتعاضا شديدا وكراهية في الشارع الأوربي ضد الإدارة الأميركية وتحديدا ضد مجموعة المحافظون الجُدد، أما في الشارع العربي والإسلامي فالقضية معقدة ،ولا يمكنك أن تطلب من إنسان يفقد أخيه وصديقه وأقرباءه ، وتنتهك أعراضه ويهدم بيته ويموت أطفاله من الجوع ونقص الدواء والقصف والخطف أن يكون وديعا ويهتف لأميركا وللرئيس بوش ، لذا فالدفاع وسيلة بايولوجية ونفسية وإنسانية وربانيّة وهبها الله للإنسان والحيوان وباقي الكائنات كي تحمي نفسها من الخطر والزوال، فحتى داخل جسم الإنسان هناك مقاومة للأمراض، لذا فالمقاومة مشروعة عندما يحل الظلم ويكون الإنسان مهددا بحياته وقوته وبيته وأرضه ومستقبل أولاده، لهذا ومن خلال التحليل لبواطن الأحداث والسيناريوهات الخاصة بالداخل الأميركي فاننا نتوقع حدوث سيناريو درامي بإتجاه الإدارة الأميركية من أجل إيقاف إندفاعها نحو مزيد من الأخطاء، وقد لا يكمل الرئيس الأميركي جورج بوش ما تبقى من ولايته، أو قد يُبعد الجناح المتشدد من المحافظين الجُدد عن الرئيس بوش، وذلك من أجل أنتشال سمعة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وأن تعذر ذلك ربما سيُجبر الرئيس بوش على تحريك عملية السلام بشكل واسع ومفاجىء للعالم ، ويكون حينها رجل سلام كي تٌنسى الأخطاء الجسيمة والكارثية التي سببها في أفغانستان والعراق والمنطقة، ولكن سشتعل الحرائق هذه المرة بإتجاه دول المغرب العربي وأفريقيا ،وعلى نفس الوتيرة والفلسفة والأهداف المائجة، وتحت نفس الشعار وهو محاربة الإرهاب وتنظيم القاعدة.

البنتاغون تقرّر إستحداث قيادة عسكرية وإقليمية للشؤون الإفريقية!

يبدو أن وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) تبحث عن نصر, بل عن أي نصر في أماكن أخرى من العالم، وتحديدا بعد فشلها الكبير في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى، حيث انها المسؤولة عن جميع الإخفاقات والفضائح هناك، وحتى هي المسؤولة عن الفبركات الكاذبة التي بررّت القيام بالعدوان على العراق وتحت ذرائع كاذبة، وبما أن الولايات المتحدة ووزارة الدفاع (البنتاغون) تحديدا لم تقم بحرب متكافئة، ولو بنسبة 40% لهذا هي تبحث عن المناطق الرخوة في العالم من أجل تسجيل الإنتصارات التي تنتشل سمعة الولايات المتحدة التي وصلت لمستويات متدنيّة عالميا، فالمتابع لحروب الولايات المتحدة، وخصوصا ما بعد النصف الثاني من القرن العشرين ولحد الآن، يجد أنها الحروب المزورة ،والحروب التي قُررّت على البلدان المنهكة إقتصاديا وعسكريا وسياسيا ، ومن غرينادا وهاييتي والصومال وأفغانستان وصولا للعراق وغيرها من قبل، ولا نغفل فأن الولايات المتحدة شريكة في إنهاك البلدان التي تنوي الهيمنة عليها إقتصاديا وسياسيا ،وذلك من خلال الحروب الإقتصادية والنفسية، وضمن إمكانيات هائلة، ولكن على الرغم من ذلك لم تنجح الولايات المتحدة عندما جربت حظها عسكريا في العراق، وبعد الإنتهاء من معركة التاريخ الأولى في أفغانستان وهي (معركة الدولة العظمى ضد الرجل الواحد)، أي معركة الولايات المتحدة ضد إسامة بن لادن الذي لا زال طليقا مقابل تقهقر سمعة الولايات المتحدة بنظر الشارع الأميركي قبل الشارع الأوربي والإسلامي والعربي، فنتيجة ذلك قررت وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) وضع أفريقيا في الخرائط الجديدة، ولهذا تم الإعلان عن إستحداث قيادة عسكرية وإقليمية تتولى الشؤون الإفريقية، وتكون على غرار قيادة المنطقة الوسطى ( الشرق الأوسط) وقيادة المحيط الهادىء، فيبدو أن وزارة الدفاع (البنتاغون) شعرت أن التقسيمات الماضية باتت لا تنفع، وذات طابع كلاسيكي لا يتماشى مع المرحلة ،وأنها تقسيمات إدارية بطيئة وذات طابع يقظوي تلائم مع الحرب الباردة، فترى وزارة الدفاع أن الأمر أصبح مختلفا حيث أصبح مسرح العمليات متحركا ومتموجا ومتقلبا، لذا لم تعد اليقظة وحدها كافية، ولم يعد كافيا وقوف القوات والأساطيل والطائرات في وضع اليقظة والإنتظار، خصوصا بعد الشروع بالحرب على (الإرهاب) والذي ليس له جغرافية محدّدة، وعلينا أن لا نغفل بأن هناك تقسيمات للقيادة في أفريقيا، ولقد بدأت في عقد التسعينات من القرن المنصرم حيث تقسّمت الشؤون العسكرية الإفريقية الى ثلاث قيادات هي (القيادة الوسطى ــ سينتكوم ـ مهمتها التنسيق العملياتي في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي ، وقيادة الهادىء ومهمتها تنسيق العمليات الحربية في مدغشقر وجزر المحيط ، وقيادة أوربا ــيوكوم ــ ومهمتها ما تبقى من القارة الإفريقية)، لهذا فأن تلك التقسيمات باتت لا تنفع من وجهة نظر كبار المستشارين في وزارة الدفاع (البنتاغون) وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تلك الأحداث التي إستطاعت أن تؤرخ لفاصلة فصلت بين قرن مضى وقرن بدأ، قرن مضى كان التهديد فيه لفظيا، وقرن بدأ أصبحت فيه التهديدات جديّة بل قادت الى حروب مختلفة ، ونتيجة ذلك قرروا إستحداث التقسيمات العسكرية والإستراتيجية العالمية الجديدة.

لهذا فأن وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) تريد من خلال تلك التقسيمات الجديدة للجغرافيات الجيوسياسية والعسكرية إتباع إستراتيجية الإستباق في أفريقيا خوفا من لجوء المنظمات التي يُطلق عليها صفة (الإرهابية) وضمن القاموس الأميركي نحو أفريقيا، وللعلم فأن هذا القاموس لا يفرّق بين المقاومة والإرهاب بل يعتبر المقاومة المشروعة إرهابا أيضا ، ويبقى الخوف الأكبر لدى الأميركان أن تكون تلك المنظمات ذراعا قويا بيد الأنظمة السياسية هناك، والتي هي في حالة صراع دائم فيما بينها، لذا فعند وصول تلك المنظمات الى الدول الإفريقية حتما ستكون ذراعا قويا في النزاعات، وهذا ما يُقلق الإدارة الأميركية ووزارة الدفاع تحديدا، ولهذا بدأت وزارة الدفاع بتأسيس المشروع الأميركي من خلال إستراتيجية ( الحزام الصحراوي) من موريتانيا غربا وشمالا الى القرن الأفريقي شرقا من أجل تأسيس الطوق الإستباقي لمنع قدوم الخلايا الإرهابية من مناطق مختلفة من العالم نحو أفريقيا، ومن ثم رصد تحرك المنظمات التي يُطلق عليها الأميركان صفة الإرهابية والتي هي موجودة أساسا في الدول الإفريقية ومحاولة تطويقها، ويبقى العامل الثالث هو منع أتصال الأنظمة الأفريقية مع هذه المنظمات من أجل الإستقواء على خصومها السياسيين في الداخل والخارج.

هكذا رسموا القواعد الأميركية المحتملة في إفريقيا!

لقد وضعت وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) خارطة مؤثرة ومثبتة ومعلومة لهذا الطوق أو الحزام من الناحية العسكرية والتعبوية والإستراتيجية، فالحزام الصحراوي عمل عبثي عندما لا توجد قواعد تديمه وتحرسه من الناحية العسكرية والإستراتيجية وحتى اللوجستية، لهذا فكر الخبراء الأميركان بإنشاء قواعد بسيطة ومتوسطة في بادىء الأمر، وهي بمثابة ( حلقات وصل) مع القواعد الأميركية العملاقة ووزارة الدفاع، ومهمتها ربط أفريقيا بالقيادة المركزية، وهي المهمة الرئيسية لتلك القواعد، أما المهمة الأخرى فهي مراكز للتدريب ومعينا لوجستيا للقوات الإفريقية من أجل إعدادها إعدادا عاليا،ولهذا هناك أهتمام كبير بمسح الدولة اليمنية، وإهتمام أكبر ببعض الجزر فيها ومنها ( جزيرة سقطري) التي تتوافد عليها الوفود الأميركية والغربية هذه الأيام، وتحت حجة البحث والصحافة والسياحة، ولكن القضية أكبر من ذلك وتتعلق بالمسح الجيلوجي والعسكري والإستراتيجي الذي يؤمن تأسيس القواعد الأميركية الثابتة، فهناك رغبة أميركية بالقواعد التي تكون قريبة من البحر والمدن، وكذلك الأماكن المحاطة بالمياه ( الجزر)، فالمسح جار على قدم وساق بين اليمن والصومال وجيبوتي، والهدف تأسيس القاعدة الرئيسية التي ترتبط بقواعد متوسطة في السنغال ، وفي ساوتومي وبرانسيب، وفي أوغندا، والهدف كي تكون تلك القواعد الثلاثة بمثابة مستودعات عسكرية معينة للقواعد الكبرى، وستكون قواعد إمداد ولوجست لأنها ستكون فيها مخازن المحروقات والأدوية وورش الإدامة الخاصة بالطائرات والدبابات والسفن والزوارق، وتكون قواعد للهبوط والإقلاع بالنسبة للطائرات.

فهناك تسريبات سرية لبعض المعاهد العسكرية والإستراتيجية في أوربا بأن إختيار الصومال وجيبوتي وبعض الشواطىء اليمنية لكي تتمتع القواعد بتسهيلات وامتيازات مرفئية وحيوية ،ويبقى الهاجس الأمني مهما بالنسبة لهم والذي فرض نفسه بعد العمليات التي إستهدفت بعض الوحدات والسفن العسكرية ،لهذا هم حريصون أن تكون قواعدهم محصنة بالماء ومن جهات مختلفة، مع وجود موطئ القدم على الأرض، وهناك خطا بيانيا لهذه القواعد والذي سيمتد إمتدادها من المغرب الى وسط أفريقيا، ومن أجل ذلك إنفتحت السفارة الأميركية في المغرب نحو التحرك والتدخل في ملفات حساسة في المغرب، وقابل ذلك زيادة كبيرة في وتيرة التعاون العسكري والإستخباري بين الرباط وواشنطن، وكان مصدر خلاف حاد بين الملك المغربي محمد السادس وولي عهده وهو شقيقه، مما أدى الأمر الى الفراق بينهما حسب التقارير الأخيرة، وقابل هذا تحركا ملموسا للسفارة الأميركية في اليمن ،فلقد أخذ رجالها هي الأخرى بالتحرك داخل اليمن والتدخل في ملفات خطيرة وداخلية ومنها عمليات شراء الأسلحة من محلات بيع الأسلحة، وهكذا من المواطنين وبعض القبائل ولقد نشرت تقارير صحفية وأقوال لبعض الشهود حول هذا الموضوع.

من الجانب الآخر باشرت وزارة الدفاع ( البنتاغون) بتجنيد الملييشيات وتكوين الجيوش وتوسيع الأخرى في بعض الدول الإفريقية وتحت حجة محاربة الإرهاب، ويبدو أن وزارة الدفاع استفادت من الموضوع العراقي كثيرا ، لهذا بدأت الشروع في المعركة ولكن بالإنابة وقبل مجىء الجيوش الأميركية، وذلك من خلال هذه المليشيات والجيوش التي ترعاها في أفريقيا والمغرب العربي ، وأن هذه الخطة لها أساس بدأ في العقود الأخيرة من القرن المنصرم، ولكنها كانت خطط شبه معتمدة أما اليوم فلقد رُصدت لها الأموال ووضعت لها الخطط والإستراتيجيات، وعُينت لها الساحات، وأصبحت هناك فرق معتمدة مهمتها مطاردة الخلايا الإرهابية لتنهكها وقبل مجيء القوات الأميركية.

خارطة المسح العسكري الأميركي وهدف تأمين وصول الطاقة الإفريقية..!

الأسئلة الإستراتيجية التي تُطرح هنا هي:

هل أن الإستراتيجية الأميركية نحو إفريقيا ودول المغرب العربي أغضبت بريطانيا وكانت سببا بالخلاف السري الذي جاء على أثره الإعلان عن إنسحاب القوات البريطانية من جنوب العراق؟

أم أن القضية هي تبادل أدوار بين بريطانيا وفرنسا، حيث كانت بريطانيا حليفا للولايات المتحدة بالحرب على العراق وأفغانستان، لذا ستكون فرنسا حليفا للولايات المتحدة بالسيناريوهات القادمة نحو المغرب العربي وإفريقيا؟

وهل ستعتمد الولايات المتحدة في هذه الإستراتيجية على فرنسا بديلا عن بريطانيا والسبب لأن معظم الدول الإفريقية وكذلك معظم الدول المغاربية ذات نفوذ فرنسي وعلى الأقل من الناحية الثقافية؟

وهل هذا سبب من الأسباب التي أبعدت المرشحة الإشتراكية الفرنسية وجاء بدلها ووسط ذهول الناس والمراقبين السيد ساركوزي؟.

فهل سيكون السيد ساركوزي ( بلير الفرنسي) وسيجر فرنسا لتكون ذيلا للولايات المتحدة بدلا من بريطانيا ومن ثم سيقحم فرنسا بملفات معقدة مثلما أقحم توني بلير بريطانيا من قبل؟

خصوصا وأن السيد ساركوزي قدم نفسه بديلا عن توني بلير البريطاني المنهك والمحاصر، ومن ثم قدم نفسه عضوا في نادي المحافظين الجُدد في الولايات المتحدة وأوربا، لأنه قدم نفسه وأعلن عن إيمانه الكامل بما طالبت به الولايات المتحدة، حتى كدنا نتوهم أنه أحد مساعدي وزيرة الخارجية الأميركية الآنسة ( كوندليزا رايس) لأنه قال كلامها و ردّد طلباتها بالنص والحرف وهي:

ــ ضرورة أن تنجز لجنة التحقيق الدولية عملها بحيث يتم العثور على قتلة الرئيس السابق رفيق الحريري رحمه الله ورفاقه ومحاكمتهم.

ــــ أن تقر سوريا وتعترف بحرية الدولة اللبنانية وسيادتها وإستقلالها.

ـــ أن يسلّم حزب الله سلاحه وأن يتحول الى تنظيم سياسي ويعيد النظر في علاقته مع إيران.

ــ أما عن إيران فقال : لا يمكن قبول إيران نووية ويجب عدم التردد في الذهاب الى أبعد من العقوبات ــ وهنا يعني التطوع بالحرب وهي بمثابة إشارة القبول بالأئتلاف مع واشنطن ضد إيران ــ

وكل هذا جاء في إطار المؤتمر الصحفي الكبير، وهو المؤتمر الأول من نوعه للسيد ساركوزي، حيث قدم فيه رؤيته لسياسة فرنسا الخارجية كونه مرشحا قويا.

فيبدو أن أن فرنسا واقعة تحت سياسة الترهيب والترغيب الأميركية، ومن خلال التلويح بموضوع الطاقة والإرهاب والنفوذ الإستراتيجي في الشرق الأوسط وإفريقيا ودول المغرب العربي... لذا فيبدو نحن بإنتظار ربط العربة الفرنسية بدلا من العربة البريطانية في القطار الأميركي الذاهب نحو دول المغرب وإفريقيا.

ولهذا فأن جميع الأسئلة التي وردت بحاجة الى أجوبة وليس من باب نظرية المؤامرة بل من باب التحليل، فلو جئنا للولايات المتحدة فنجدها متعطشة ومنذ زمن بعيد الى إفريقيا، ولهذا أرسلت بعض الفرق العسكرية والإستخبارية والسياسية لدراسة أوضاع القارة، والهدف معرفة مكامن الإقتصاد والطاقة، ومن ثم معرفة نقاط الضعف والقوة فيها كي تضع إستراتيجياتها على ضوء ما توصلت له هذه الفرق، ففي عام 2003 مثلا تجولت فرق كوماندوز أميركية في المنطقة وتحت حجة برنامج الغلاف الساحلي، وكان خاصا بالنيجر ومالي وتشاد وموريتانيا، وهكذا ففي عام 2005 عكفت وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاغون) على وضع خارطة خاصة لمحاربة ما يسمى بالإرهاب، وتعمدت أن تشمل المملكة المغربية وصولا الى غرب أفريقيا، ولقد تأسست وحدات عسكرية لهذا الغرض وبرعاية البنتاغون وضمن برنامج جدي ومكثف، وكان بمثابة غرفة عمليات متقدمة لوزارة الدفاع، ولهذا جاء إجتماع ( دكار) في السابع من شباط/ فبراير 2007 والذي شارك به رؤساء أركان تسع دول من المغرب والساحل، والهدف هو توجيههم لمساعدة قيادة أوربا، ويكونوا بمثابة مساعدين ( مخبرين) الى قائد قيادة أوربا، ولقد ناقشوا ملفا مهما والهدف كي يروا مدى جدية هؤلاء القادة، ومن ثم يروا نتائج العمل الجماعي فتم إختيار ملف ( الجماعة السلفية للدعوة والجهاد) في الجزائر، حيث تشير المعلومات التي سُربت أو التي تعمدوا على تسريبها بأن هذه الجماعة ماضية لتحويل نفسها الى جناح لتنظيم القاعدة فرع الجزائر وعلى غرار ( تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) في العراق.

فالولايات المتحدة الأميركية متوجسة جدا من هذه الشبكات والخلايا ،وبنفس الوقت هي سعيدة كونها ستتدخل في دول المغرب وإفريقيا تحت حجة مطاردة هذه الشبكات، وخصوصا التي ترتبط بفكر تنظيم القاعدة وتحت إستراتيجية المثل العربي العتيق ( يتركون الحصان ويضربوا بسرجه) مع احترامنا لجميع الأطراف، أي يتركوا تنظيم القاعدة الأصلي وقادته والذي بسببه غزوا أفغانستان والعراق ويطاردون الصغار وتحت تهمة هم نسجوها ضد هذه الحركات، ولكن الهدف الرئيسي ليس من أجل إنقاذ الدول والمجتمعات المعنية من هذه الحركات وفكرها ،وكذلك ليس الهدف من أجل عالم آمن ومنطقة أكثر أمانا، ولا حتى من أجل السلام والديموقراطية وحقوق الإنسان وحماية الناس، فأن هذه الأمور أصبحت في آخر أولويات الولايات المتحدة وعلى الأقل في عهد الرئيس جورج بوش الإبن، ولكن الهدف هو تأمين طرق النفط والغاز الإفريقيين، فإن الولايات المتحدة لديها إستراتيجية خاصة من ذلك وهي تأمين مصادر جديدة للطاقة وتكون رديفة للطاقة الموجودة والقادمة من الشرق الأوسط، فأن الولايات المتحدة تستورد 15% من الطاقة الإفريقية ولكنها تحاول أن تصل الى 25% في عام 2015، فأن هناك دراسات تثبت بأن الولايات المتحدة تراقب خليج غينيا ومنذ زمن بعيد كي يكون ضمن نفوذها، أي نحو نيجريا وغينيا الاستوائية والغابون وأنغولا كي تكون بلدان منتجة ومصدرة ولكن لخدمة الولايات المتحدة، خصوصا وأن نفوطها يحتوي على مادة ضعيفة من الكبريت، أما من الناحية اللوجستية والتكاليف وموضوع شركات التأمين فهي ممتازة لو قورنت بدول الشرق الأوسط لأن خليج غينيا لايبعد عن شمال أميركا إلا بــ 7 أيام ملاحة فقط، وهذا بحد ذاته يوفر للشركات مزيدا من الأرباح وتوفيرا للوقت مقابل دفع الرسوم المنخفضة الى شركات التأمين.

ومن ذلك نستشف أن القارة الإفريقية ليست بمأمن من الشر الأميركي، فلقد حسدت شعوب الشرق الأوسط بشكل عام والشعب العراقي بشكل خاص الشعوب الإفريقية كونها ليس في دولها النفط النحس، و الذي جلب جميع المصائب والمحن نحو العراق والمنطقة، ولكن هذه النعمة التي يراها العراقيون وبعض العرب في أفريقيا لن تدم طويلا على ما يبدو، والسبب هو النفط والغاز والمعادن التي هي في أفريقيا أيضا، لأنها أصبحت على الأجندة الأميركية، وبالتالي فهي مقبلة على الفوضى المدمرة، والعويل الذي لن ينقطع ،بسبب السياسات اللاإنسانية والتي ستمارسها الولايات المتحدة في دول المغرب وإفريقيا وعلى غرار ممارساتها في العراق وأفغانستان، لهذا فنحن مقبلون على ويلات إنسانية قادمة، ومن ثم نحن مقبلون على هجرات مليونية من دول المغرب وأفريقيا، والسبب بفعل ممارسات اليانكي الأميركي الذي يعتقد بأنه صاحب الدم النقي والسيد الذي يأمر والشعوب تطيع، ولكن هناك محصلة وحقيقة تاريخية تقول بأن أغلب الإمبراطوريات الكبرى التي سقطت فلقد سقطت بفعل غياب التواضع عند قادتها، وبفعل التآكل الذي يدب في جوفها وجسمها من الداخل.

كاتب ومحلل سياسي

مركز الشرق للبحوث والمعلومات ــ أوربا

http://www.samirobeid.net/news.php

 

 
في الجمعة 02 مارس - آذار 2007 04:20:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.com/articles.php?id=1242